استشارات

استشارات
TT

استشارات

استشارات

جراحة ورم الدماغ

• هل ورم الدماغ من النوعية الظاهرة في صور تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي (المُرفقة)، يتطلب عملية جراحية؟

شي شيديب - بريد إلكتروني

- هذا السؤال هو ما فهمته من إرسالك فقط تقارير تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي لمريض في عمر 56 سنة، وصور ذلك الفحص. وإشارتك إلى أن الطبيب قرر إجراء عملية جراحية.

ولم تتضح لي ما هي الأعراض التي لدى المريض، والتي تطلبت إجراء هذا التصوير للدماغ. وخصوصاً هل ثمة إعاقات عصبية في قدرات الإبصار أو الحركة أو التوازن أو الإحساس؟ كما لم تتضح لي جوانب عدة من الحالة الصحية العامة للمريض، ومدى وجود أي أمراض مزمنة لديه. كما لم يتضح لي هل حالة المريض سمحت للطبيب بإجراء أخذ عينة خزعية من الورم قبل تقرير اللجوء إلى إجراء العملية الجراحية، أم ثمة ضرورة طبية مُلحّة للتوجه نحو إجراء العملية الجراحية مباشرة كعلاج مستعجل للحالة.

صورة مرفقة لورم الدماغ

ورم في الدماغ

ومع ذلك، ووفق ما ذكره تقرير تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي الذي أرسلته باللغة الفرنسية، فإن الترجمة إلى العربية في ملخصه تشير إلى «ظهور لعملية الورم الجداري القذالي الأيمن داخل المحور، محاطاً بمنطقة الوذمة، المسؤولة عن بداية تورط المنجل؛ مما يوحي في المقام الأول بوجود أصل دبقي عالي الدرجة، ليتم ربطه بالبيانات النسيجية. من غير المحتمل الإصابة بسرطان لمفاوي، بسبب الوذمة الكبيرة المحيطة بالآفة، وغياب اضطراب BBB أثناء التروية».

وهذا التقرير المُترجم من الفرنسية للعربية، معناه التالي:

ثمة ورم في الدماغ لدى المريض. ومكان هذا الورم هو في منطقة تجمع ما بين الفص الجداري للدماغ، والفص القذالي للدماغ. وللتوضيح، فإن الدماغ مكون من أربعة فصوص في كل جانب. وهذا الورم هو بحجم متقدم ليشمل مناطق من هذين الفصين للدماغ.

وثمة منطقة متورمة نتيجة تراكم السوائل فيها حول منطقة الورم، وهي ما تُسمى الوذمة. وهي التي تضغط على منطقة الغشاء المنجلي الشكل الذي يغلف مناطق من الدماغ.

ومن المظهر العام والدقيق لهذا التصوير بالرنين المغناطيسي، يظهر لواضع تقرير التصوير بالرنين المغناطيسي، أن نوعية الورم هي من فئة الورم الدِبقي. وأن التقرير يشير إلى أن هذا الورم ليس من نوع الأورام اللمفاوية. ويستدل على ذلك بعدم وجود عدد من التغيرات التي تُلاحظ غالباً في أورام الدماغ الليمفاوية، عند إجراء تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي.

وللتوضيح، فان الورم الدِبقي هو نمو غير منضبط لنوعية معينة من الخلايا تُسمى الخلايا الدِبقية. وهذا الورم قد يبدأ إما في الدماغ وإما في الحبل النخاعي. وتشبه خلايا الورم الدِّبقي في الشكل خلايا موجودة طبيعياً في الدماغ السليم، وتُسمى أيضاً الخلايا الدِّبقية. وهذه الخلايا الدِّبقية الطبيعية تُحيط بالخلايا العصبية للدماغ، وتساعدها على أداء وظائفها.

ولكن عندما ينمو الورم الدِّبقي، فإنه يكوِّن كتلة ورم من الخلايا التي لا مجال لها للوجود في الحالات الطبيعية ككتلة كبيرة داخل الدماغ؛ لأن حجم تجويف الجمجمة محدود ولا يتحمل وجودها. وسبب عدم تحمل الدماغ وجودها هو أنها ستضغط على أجزاء الدماغ الطبيعية وستُعيقها عن العمل. ولأنها أيضاً ستستمر في النمو والتغلغل داخل الدماغ. أي أنه يمكن للورم (إذا ما تُرك دونما معالجة) أن ينمو حتى يضغط على أنسجة مناطق عدة في الدماغ، مُسبباً أعراضاً عدة، وفق المناطق الدماغية التي يتسبب بالضرر عليها. ولذا فإن الأعراض ستعتمد على الجزء المصاب من الدماغ.

وتشير مصادر طب أورام الأعصاب إلى أن هناك كثيراً من أنواع الأورام الدِّبقية. بعضها ينمو ببطء ولا يُعدّ سرطانياً، بينما تُعدّ الأنواع الأخرى السريعة النمو منه، سرطانية. وهناك من أنواع الورم الدبقي ما يظهر غالباً بين البالغين، وأنواع أخرى تظهر غالباً بين الأطفال.

تصنيف الأورام الدبقية

وبالأساس، فإن جميع أنواع الأورام في الدماغ تُصنف وفق «مراحل». ولكن نوعية الأورام الدِّبقية تُصنف إلى «درجات» أربع في الغالب. وذلك وفق مدى «بطء» أو «سرعة» نموها وكبر حجمها.

ونوعية الورم الدِّبقي المذكور في تقرير تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي هو «عالي السرعة» في درجة النمو، لذلك يمكن أن يتغلغل سريعاً في أنسجة الدماغ السليمة.

ولاحظ معي أن أعراض الورم الدِّبقي بالعموم تختلف باختلاف مكان الورم. كما تعتمد كذلك بالعموم على نوع الورم الدِّبقي وحجمه وسرعة نموه. ولكن بالعموم أيضاً، ووفق ما تذكره المصادر الطبية، تشمل علامات الورم الدِّبقي وأعراضه الشائعة:

- الصداع، خصوصاً الذي يصل فيه الألم إلى ذروته في الصباح.

- الغثيان والقيء.

- التشوّش أو تدهور وظائف الدماغ، مثل مواجهة مشكلات في التفكير وفهم المعلومات.

- فقدان الذاكرة.

- التغيرات في الشخصية أو سهولة الاستثارة.

- مشكلات الإبصار، مثل تشوش الرؤية أو ازدواجها أو فقدان الرؤية المحيطية.

- صعوبات الكلام.

- نوبات الصرع، خصوصاً لدى الأشخاص الذين لم يصابوا بها من قبل.

ولذا؛ يتم إجراء الفحوص الإكلينيكية السريرية للمريض؛ لاختبار وظائف الأعصاب والدماغ. مثل فحص الرؤية والسمع والاتزان والتوافق الحركي والقوة وردود الأفعال.

معالجة واستئصال الورم

ووفق تقييم الطبيب للحالة الصحية للمريض، ومراجعته نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي، قد يقرر الطبيب أن لا حاجة إلى إجراء أخذ عينة الخزعة من الورم قبل الخضوع للجراحة، بل التوجه نحو إجرائها لاستئصال الورم كخطوة أولى. وذلك لأن الجراحة حينها قد تكون هي العلاج الوحيد اللازم وفق تقدير الطبيب، إذا أمكن استئصال الورم الدِبقي بالكامل.

وإذا تبين للجراح خلال العملية الجراحية أن ليس بالإمكان استئصال الورم الدِبقي بالكامل، فإن الجراح عندئذ قد يستأصل خلال العملية الجراحية أكبر قدر يمكنه استئصاله من الورم الدِبقي، أي الاستئصال الجزئي. لأن استئصال جزء من الورم، قد يساعد على تقليل الأعراض.

وآنذاك، أي بعد الاستئصال الجزئي، قد ينصح الطبيب باستخدام العلاج الإشعاعي. ويهدف العلاج بالإشعاع القضاء على أي خلايا من الورم الدِبقي قد تكون باقية بعد الجراحة.

كما أنه غالباً ما يتم الجمع بين العلاج بالإشعاع والمعالجة الكيميائية؛ وذلك لإتمام القضاء على خلايا الورم المتبقية. وهي غالباً عبارة عن أدوية تؤخذ في هيئة أقراص أو عن طريق الحقن في الوريد.

وثمة -بالإضافة إلى الأنواع الثلاثة للمعالجة (الجراحي، والإشعاعي، الكيميائي)- معالجات متقدمة أخرى يتم اللجوء إليها وفق حالة المريض، ومدى الاستجابة، ونتائج التصوير بالأشعة للدماغ، ومدى توفر تلك المعالجات لدى الطبيب. مثل العلاج بـ«الحقول الكهربائية»، عبر استخدام الطاقة الكهربائية لإتلاف خلايا الورم الدِّبقي وإيقاف تكاثر خلايا الورم الدِبقي.

وثمة أيضاً علاجات متقدمة أخرى في بعض المراكز الطبية تُسمى «العلاجات الاستهدافية». وهي تتوجه نحو إعاقة عمل عدد من المواد الكيميائية المحددة التي توجد في الخلايا السرطانية، والتي تلعب دوراً أساسياً في تنشيط قدرات الخلايا السرطانية على التكاثر والنمو. أي أن إعاقة عمل هذه المواد الكيميائية هو بهدف وقف نمو الخلايا السرطانية والقضاء عليها.



سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام
TT

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

مؤشرات وزن الجسم

يستخدم «مؤشر كتلة الجسم» BMI الذي يحسب مقدار وزن الجسم بالكيلوغرامات، مع الأخذ بالاعتبار مقدار طول الجسم بالمتر، ليعطينا «رقماً» يفصل بين 3 حالات: الحالة الطبيعية، وزيادة الوزن، والسمنة.

ونلجأ كذلك إلى قياس «محيط الخصر» WC بعدد السنتيمترات بوصفه «رقماً» يميز وجود سمنة البطن من عدم ذلك.

في السنوات الأخيرة ازداد ظهور أمراض ذات صلة بالسلوكيات غير الصحية في نمط عيش الحياة اليومية، وعادات الأكل السيئة، وتداعيات التقدم التكنولوجي الذي يفصل الناس عن ممارسة النشاط البدني. وقد ثبت تجريبياً أن العواقب الصحية السلبية لذلك تنمو على مستوى العالم بمعدل مثير للقلق. وهي تشمل السمنة Obesity، ومرض السكري من النوع 2، وأمراض القلب.

وإلى جانب ظهور «أمراض نمط الحياة» هذه، هناك انتشار زائد لمتلازمة التمثيل الغذائي Metabolic Syndrome، وهي مجموعة من الاضطرابات الأيضية في العمليات الكيميائية الحيوية التي تجري في الجسم، وترتبط بمقاومة الجسم لمفعول الإنسولين، ونشوء عمليات بطيئة ومستمرة في الالتهابات، واضطرابات الدهون في الدم (خصوصاً ارتفاع الدهون الثلاثية)، وارتفاع ضغط الدم.

«سمنة مركزية» ووزن طبيعي

ومن بين كل ذلك، تطفو السمنة البطنية (السمنة المركزية Central Obesity)، التي تتميز بزيادة كمية الأنسجة الشحمية (الشحوم الصفراء) داخل البطن، بوصفها علامة مميزة في كثير من تلك الحالات.

والسؤال الذي يتبادر للذهن: هل الأمر في شأن الأضرار الصحية مرتبط بالسمنة بوصفها حالة عامة في زيادة كتلة عموم الجسم أم أن الأمر مرتبط على وجه الخصوص بزيادة تراكم الشحوم في البطن (محيط منطقة الوسط)؟

والأدق أيضاً في طرح هذا السؤال عندما يكون لدى المرء حالة «الوزن الطبيعي مع سمنة بطنية» NWCO، أي عندما يكون وزن الجسم طبيعياً لدى الشخص بالنسبة لطوله، ولكن في الوقت نفسه لديه سمنة بطنية... هل من الممكن أن يكون هذا الشيء ضاراً ويمثل خطراً صحياً؟

والإجابة عن هذا السؤال تحتاج بداية إلى التساؤل بالأصل: هل ثمة «مشروعية طبية» لطرح مثل هذا السؤال؟

والإجابة نعم بالتأكيد، أن ثمة مشروعية طبية في طرح هذا السؤال لدواع شتى، أهمها اثنان، هما:

- الداعي الأول أن هناك أمثلة من سمنة أجزاء معينة في الجسم، ثبت أن ليس لها ضرر صحي واضح، حتى لو كان لدى الشخص ارتفاع في مقدار وزن الجسم، وارتفاع في مؤشر كتلة الجسم. وتحديداً أفادت نتائج دراسات عدة بأن سمنة شحوم الأرداف بحد ذاتها لدى النساء، ليس لها تأثير صحي ضار يوازي وجود سمنة تراكم شحوم البطن لديهن. وكذلك ثبت أن سمنة كتلة عضلات الجسم (زيادة مقدار وزن الجسم بسبب زيادة وزن كتلة العضلات فيه وليس زيادة تراكم الشحوم)، التي قد تزيد في مقدار مؤشر كتلة الجسم لتجعله ضمن نطاق السمنة، ليس لها تأثيرات سلبية مقارنة مع سمنة زيادة كتلة الشحوم في الجسم بالعموم وفي البطن على وجه الخصوص. وثبت أيضاً أن سمنة الوزن الطبيعي، مع تدني حجم كتلة العضلات، وارتفاع كتلة الشحوم Sarcopenic Obesity، لها تأثيرات ضارة لا تقل عن سمنة زيادة مؤشر كتلة الجسم.

- الداعي الآخر أن نحو 25 في المائة من البالغين ذوي الوزن الطبيعي، يُصنفون بالفعل على أن لديهم سمنة تراكم شحوم البطن، وفي الوقت نفسه يكون وزن أجسامهم طبيعياً، وفق «المجلة الطبية البريطانية BMJ» عدد 26 أبريل (نيسان) 2017. وهذه النسبة مقاربة جداً للإحصاءات الطبية في الولايات المتحدة. وفي مجتمعات أخرى ثبت أنها أعلى وفق نتائج دراسات طبية فيها. وهي نسبة مهمة بين عموم البالغين الذين قد يعتقدون أن كون مقدار وزن جسمهم طبيعياً يعني تلقائياً أنه لا ضرر متوقعاً عليهم من تراكم الشحوم في بطونهم.

دراسات سمنة البطن

والملاحظ أن الأوساط الطبية تأخرت كثيراً في الاهتمام بهذه الوضعية الصحية ومعرفة آثارها. وأيضاً تأخرت في وضع إرشادات ونصائح طبية للتعامل معها. وفي دراسة مشتركة لباحثين من جامعة آيوا، ومن كلية ألبرت آينشتاين للطب بنيويورك، ومن جامعة كاليفورنيا، ومن كلية الطب بجامعة هارفارد، ومن مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان في سياتل، تم طرح الأمر في دراسة بعنوان: «ارتباط السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بالوفيات بين النساء». ونشر ضمن عدد 24 يوليو (تموز) 2019 من مجلة «شبكة جاما المفتوحة» JAMA NETWORK Open، الصادرة عن «الجمعية الطبية الأميركية» AMA.

وقال فيها الباحثون: «السمنة المركزية، التي تتميز بتراكم الشحوم في منطقة البطن بشكل مرتفع نسبياً، ارتبطت بارتفاع خطر الوفاة، بغض النظر عن مقدار مؤشر كتلة الجسم. ومع ذلك، فإن الأفراد الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي مع السمنة المركزية يتم إهمالهم عادة في الإرشادات الإكلينيكية. وعلاوة على ذلك لا يحظى الأفراد الذين يعانون من السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي باهتمام كبير في وضع استراتيجيات الحد من المخاطر، مثل تعديلات نمط الحياة والتدخلات الأخرى».

ولكن حتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي، قد يكون أولئك الذين يعانون من السمنة المركزية مُعرّضين لخطر زائد للوفاة بسبب تراكم الشحوم المفرط في البطن. وفي نتائج دراستهم التي شملت أكثر من 160 ألف امرأة أفادوا بالقول: «ارتبطت السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والوفاة بالسرطان، مقارنة بالوزن الطبيعي دون السمنة المركزية».

عوامل خطر أيضية قلبية

ومن ثمّ بدأت تصدر دراسات طبية من مناطق مختلفة من العالم حول هذا الأمر. وعلى سبيل المثال، نذكر دراسة حديثة من الصين، وأخرى من بنما.

وفي دراسة بعنوان: «ارتباط السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بارتفاع ضغط الدم»، تم نشرها العام الماضي، عدد 8 مارس (آذار) 2023 من مجلة «BMC» لاضطرابات القلب والأوعية الدموية، لباحثين من الصين، أفادوا بالقول: «السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي (NWCO) هي حالة أيضية تم وصفها أخيراً في عدد قليل من الدراسات. ويتم تجاهل الأفراد المصابين بها بسهولة في الرعاية الصحية الروتينية، بسبب التركيز الصارم على مؤشر كتلة الجسم».

وأضافوا: «قد يكون لدى الفرد ذي الوزن الطبيعي نسبة شحوم كبيرة في الجسم، وهو ما لا يظهر عندما يكون مقدار مؤشر كتلة الجسم طبيعياً. وتشير الأدلة الموجودة إلى أن السمنة المركزية، التي تتميز بالتراكم المرتفع نسبياً للشحوم في البطن، ترتبط ارتباطاً أقوى بعوامل الخطر الأيضية القلبية من السمنة العامة، وحتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي». وخلصوا في نتائجهم إلى القول: «ترتبط السمنة المركزية، كما هو محدد بواسطة محيط الخصر، بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى البالغين ذوي مؤشر كتلة الجسم الطبيعي».

وضمن عدد يونيو (حزيران) 2022 من مجلة «لانسيت للصحة الإقليمية - بالأميركتين» The Lancet Regional Health - Americas، نشر باحثون من كلية الطب بجامعة بنما، حول انتشار السمنة المركزية والتعرف على مدى وجود عوامل الخطر القلبية الأيضية Cardiometabolic risk لديهم.

ويتم تعريف مخاطر القلب والأيض على أنها مجموعة من التشوهات في العمليات الأيضية الكيميائية الحيوية، وفي القلب، وفي الأوعية الدموية، بما في ذلك السمنة البطنية، ومقاومة الإنسولين، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات الكولسترول، ودهون الدم، وتصلب الشرايين، التي تجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، والأوعية الدموية، ومرض السكري من النوع 2.

ولاحظوا أن باستخدام مؤشر «نسبة الخصر إلى الطول»WHtR، كان معدل انتشار السمنة البطنية نحو 44 في المائة بين الذين بالأساس لديهم مؤشر كتلة الجسم طبيعياً. وقالوا في نتائجهم: «ارتبطت السمنة البطنية مع الوزن الطبيعي للجسم بعوامل الخطر القلبية الوعائية، خصوصاً مع ارتفاع تركيز الدهون الثلاثية. قد يكون تقييم السمنة البطنية على مستوى الرعاية الصحية الأولية تقنية مفيدة لتحديد الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي مع خصائص السمنة الأيضية».

ولذا إذا أردنا ألا نفقد متابعة هذه الفئة من الناس، فيجدر قياس محيط الوسط مع قياس وزن الجسم وحساب مؤشر كتلة الجسم، والالتفات إلى كليهما في التقييم الإكلينيكي. وللتوضيح، على الرغم من حقيقة أن مؤشر كتلة الجسم يتم استخدامه على نطاق واسع لتحديد السمنة في الممارسة الإكلينيكية، فإن أحد القيود المهمة لمؤشر كتلة الجسم هو أنه لا يميز بين أشكال مكونات تركيبات أجزاء الجسم المختلفة، حيث قد يكون لدى الفرد ذي الوزن الطبيعي نسبة شحوم متزايدة في منطقة من الجسم، ولكنها قد تكون مخفية بالقيمة الطبيعية لمؤشر كتلة الجسم.

وحتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي، فإن أولئك الذين لديهم نسبة عالية من الشحوم في الجسم، لديهم انتشار أعلى لمتلازمة التمثيل الغذائي ومكوناتها من أولئك الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي، ونسبة شحوم في الجسم طبيعية.

25 % من البالغين ذوي الوزن الطبيعي لديهم سمنة تراكم شحوم البطن

تشخيص السمنة بالأساس مجرد حسابات من الأرقام

* عند التكلم عن السمنة في جانب التشخيص، علينا ابتداءً استخدام لغة الأرقام. ومن بين عدة «طرق» مطروحة لدى الأوساط العلمية والطبية، يظل «الأشهر»، و«الأقرب» هو الطرق الأربع التالية في تقييم وزن الجسم والسمنة:

- حساب «مؤشر كتلة الجسم» BMI يتم بقسمة مقدار الوزن بالكيلوغرامات على مربع طول الجسم بالمتر. و«الطبيعي» أن يكون مؤشر كتلة الجسم ما بين 20 إلى 25، أما ما بين 25 و30 فهو «زيادة في الوزن»، وما بين 30 إلى 35 فهو «سمنة»، وما بين 35 و40 فهو «سمنة شديدة»، وما فوق ذلك هو «سمنة مفرطة».

- حساب محيط الخصر Waist Circumference هو طريقة مهمة في تقييم سمنة البطن بالذات. وبدقة، يتم قياس محيط الخصر عند مستوى منتصف المسافة بين أدنى ضلع ملموس وبين الحافة الحرقفية لأعلى قوس عظمة الحوض، وذلك تقريباً أعلى قليلاً من السرّة، بعد إخراج هواء الزفير من النفس، أي قياس محيط أصغر جزء من الخصر. ولكن تجدر ملاحظة أن محيط الخصر يختلف في المجتمعات الجغرافية المختلفة وفق متوسط الطول فيها وعموم حجم الجسم.

ووفقاً للمعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة NIH، فإن محيط الخصر الذي يزيد على 102 سنتيمتر (40 بوصة) للرجال ويزيد على 88 سنتيمتراً (35 بوصة) للنساء (غير الحوامل)، هو سمنة البطن. بينما لدى ذوي الأصول من جنوب شرقي آسيا، فإن الطبيعي نحو 94 سنتيمتراً (37 بوصة) للرجال و80 سنتيمتراً (31 بوصة) للنساء. ولذا تحتاج المجتمعات المختلفة دراسات لتقييم الطبيعي وغير الطبيعي في ذلك.

- حساب نسبة محيط الخصر إلى محيط الورك WHR. ومحيط الورك Hip Circumference يختلف عن محيط الخصر، حيث إن محيط الورك هو قياس محيط الجزء الأكبر من الوركين، أي الجزء الأوسع من كتلة الأرداف. والطبيعي أن تكون تلك النسبة أقل من 0.95 للرجال، وأقل من 0.80 للنساء. وما فوق ذلك فهو سمنة. وهي طريقة يتم بها التغلب على وجود حجم أكبر في الأرداف التي تكون الشحوم فيها مختلفة عن نوعية الشحوم التي في البطن. وتحديداً شحوم بيضاء في الأرداف، وشحوم صفراء في البطن.

- حساب نسبة الخصر إلى الطول WHtR: يكون بقسمة مقدار محيط الخصر على مقدار الطول. والطبيعي أن يكون أقل من 0.5، وما فوق ذلك هو سمنة. وهي طريقة يتم من خلالها التغلب على الاختلافات العرقية في متوسط الطول لدى غالبية الناس في المجتمعات المختلفة.