دراسة أميركية: «يمكن الشفاء من التوحد»

العلاج المبكر يخفف أعراضه قبل سن الدراسة

دراسة أميركية: «يمكن الشفاء من التوحد»
TT

دراسة أميركية: «يمكن الشفاء من التوحد»

دراسة أميركية: «يمكن الشفاء من التوحد»

كشفت أحدث دراسة نُشرت في مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية لطب الأطفال JAMA Pediatrics، عن احتمالية اختفاء أعراض مرض التوحد autism في الأطفال المصابين به بعد علاجهم مبكراً.

وأوضحت أن أولئك الذين تم تشخيصهم بطيف التوحد ASDفي مرحلة الطفولة المبكرة ليس بالضرورة أن يستمروا مرضى طوال حياتهم. ويمكن تخلصهم من الخصائص المميزة للمرض قبل دخولهم المدرسة الابتدائية (بداية التعليم الإلزامي) أي في عمر يقارب الست سنوات.

دراسة مراجعة أميركية

أوضح الباحثون من مستشفى بوسطن بالولايات المتحدة أن هذه الدراسة كانت نتيجة لأوراق بحثية سابقة ونظريات علمية أشارت إلى إمكانية أن يلعب العلاج السلوكي الإدراكي المبكر دوراً كبيراً في تطور المرض وربما الشفاء منه بشكل كامل، وهو الأمر الذي حدث بالفعل في الدراسة الحالية، حيث وجد أن نسبة كبيرة بلغت نحو 37 في المائة تقريباً من الأطفال الذين تم تشخيصهم بالتوحد في مرحلة ما قبل الدراسة toddlers لم تنطبق عليهم أعراض المرض بعد أن أكملوا عامهم السادس.

لفتت الدراسة النظر إلى الأهمية الكبيرة للتشخيص المبكر لضرورة العلاج، وقالوا إن الهدف من البداية المبكرة هو تحسن أداء الطفل حتى في حالة عدم شفائه بشكل كامل، بمعنى أن الطفل يمكن أن يحتفظ بوجود بعض الخصائص التشخيصية لطيف التوحد بنسبة بسيطة.

وبذلك يمكن للأطفال الحصول على نتيجة جيدة سواء تم تشخيصهم بالمرض لاحقاً أم لا، ما يعنى أن التدخل السلوكي شديد الأهمية ولكنه لا يضمن الشفاء بالضرورة.

أكد الباحثون أن اختفاء خصائص التوحد لا يعني بالضرورة أن الطفل سوف يصبح مثاليا وطبيعيا، ولكنه يكون قد تخلص فقط من أعراض التوحد. وعلى سبيل المثال يمكن للطفل أن يعاني من حالة نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، أو القلق، ومن صعوبات في التعلم والتواصل، خاصة اللغات، ويمكن أيضاً أن يعاني من انخفاض درجات الذكاء ولكن مع المتابعة الطبية الدقيقة يمكن التعامل مع كل مشكلة تبعاً لدرجة تأثيرها على الطفل.

وجدت الدراسة أيضاً أن الأطفال أصحاب المستويات المنخفضة من مهارات التكيف المختلفة مع الأنشطة اليومية العادية، مثل التواصل مع الآخرين واتخاذ القرارات والعناية اليومية بالنظافة الشخصية وغيرها من المهارات البسيطة كانوا أكثر عرضة لاستمرار أعراض مرض التوحد من الآخرين.

قام الباحثون بتتبع 213 من الأطفال الذين تم تشخيصهم بالتوحد حينما كانت أعمارهم تتراوح بين عام واحد وثلاثة أعوام وجميعهم كانوا قد تلقوا علاجا سلوكيا حسب العمر، ثم خضعوا بعد ذلك لإعادة تقييم التشخيص في دراسة بحثية في عمر يتراوح بين خمس وسبع سنوات وذلك في الفترة من أغسطس (آب) 2018 وحتى يناير (كانون الثاني) 2022.

نتائج مشجعة

وكشفت النتائج عن وجود عدد من الأطفال بلغ 79 طفلا أي بنسبة 37 في المائة لم يعودوا مستوفين لمعايير التشخيص التي يمكن تلخيصها في ثلاث نقاط رئيسية: وجود صعوبة في التواصل مع الآخرين - سلوك تكراري معين - خلل في التفاعل العاطفي.

وأوضح الباحثون أن هناك نسبة بلغت 94 في المائة تم علاجها بالتحليل السلوكي التطبيقي applied behavior analysis الخاص بمرضى التوحد. وتبعاً للإحصاءات، كانت الفتيات أكثر من الذكور في الاستجابة للعلاج وعدم انطباق خصائص المرض عليهن، وكذلك الأطفال الذين تمتعوا بمهارات تكيفية عالية المستوى مثل قدرتهم على التواصل أكثر من غيرهم وتمكنهم من العناية بذواتهم بشكل معقول وكانت لديهم القدرة على اتخاذ قرارات بسيطة.

وذكرت الدراسة أن جزءا كبيرا من تأخر العلاج يكون راجعا إلى عدم الاهتمام بالتشخيص. وعلى الرغم من أن خبراء التوحد أوضحوا أنه يمكن تحديد الحالة بشكل موثق بحلول عمر العامين، فإن العديد من الأطفال لا يتم تشخيصهم إلا بعد وقت طويل من بداية ظهور المرض حسب مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، الأميركية CDC، لأنهم لا يخضعون لعملية التقييم المبكر لطيف التوحد.

أشار الباحثون إلى أن التشخيص في هذه الدراسة تم إجراؤه بواسطة 44 مجموعة مختلفة من أطباء الأطفال المتخصصين في العلاج السلوكي المعرفي للتوحد بجانب أطباء نفسيين وليس مجرد طبيب واحد فقط أو حتى مجموعة صغيرة من الأطباء، سواء أكانوا أطباء الأسرة أو اختصاصيي الأطفال.

وتم استخدام مقياس معتمد في التقييم وهو جدول ملاحظة تشخيص مرض التوحد Autism Diagnostic Observation Schedule وذلك لأن الانتقاد الأساسي لنظرية إمكانية الشفاء من التوحد هو أن يكون هؤلاء الأطفال قد تم تشخيصهم بشكل خاطئ في البداية ولم يكونوا مرضى حقيقين.

أكد الباحثون ضرورة متابعة التقييم باستمرار للمرضى، وكذلك تقديم الدعم التعليمي حتى بعد اختفاء الخصائص المميزة؛ وذلك لأن هؤلاء الأطفال في الأغلب يعانون من عدم قدرتهم على إظهار مشاعرهم ويحتاجون إلى دعم نفسي ومعنوي بخلاف التدريب على المهارات المختلفة وتنمية المواهب. ويستفيد معظم المرضى من التدخلات العلاجية وأطفال هذه الدراسة احتاجوا لهذه التدخلات بعد تشخيصهم بنحو 18 شهراً.

وقال الخبراء إن الأمر يحتاج بالطبع إلى مزيد من الأبحاث لفهم ما إذا كان العلاج الحالي لمرض التوحد ناجحاً أم لا في مساعدة المرضى على الحياة بشكل أقرب للطبيعي وتنمية مهارات التواصل الاجتماعي والعاطفي لديهم وتنمية قدراتهم على تكوين العلاقات والحفاظ على استمراريتها.

ومع نتائج الدراسة الجديدة تجددت الآمال في إمكانية شفاء هؤلاء الأطفال، خاصة الذين يتمتعون بقدر أكبر من التواصل الاجتماعي مما يتطلب مجهودا كبيرا لتطوير أساليب العلاج.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

36 معملاً سعودياً لتعزيز الابتكارات في «صحة الإنسان»

يوميات الشرق المعامل الصحية تنتشر في نحو ٢٢ جهة تشمل الجامعات والمختبرات ومراكز الأبحاث في مناطق المملكة (واس)

36 معملاً سعودياً لتعزيز الابتكارات في «صحة الإنسان»

يعمل ‏36 معملاً صحياً في السعودية على دعم العقول المبتكرة الطامحة إلى تقديم حلول نوعية تضمن جودة حياة صحية، وتعزيز البنية التحتية البحثية.

عمر البدوي (الرياض)
صحتك إضافة تمارين القرفصاء إلى روتينك اليومي يمكن أن يكون لها تأثير عميق على صحتك (أ.ف.ب)

ماذا سيحدث لجسمك إذا مارست تمرين القرفصاء 100 مرة يومياً؟

أكد الخبراء أن إضافة تمارين القرفصاء إلى روتينك اليومي يمكن أن يكون لها تأثير عميق على صحتك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تعرف على فوائد القرفة... ومخاطرها

تعرف على فوائد القرفة... ومخاطرها

تعد القرفة من التوابل البارزة في الخريف وتظهر الأبحاث أنها يمكن أن تكون جيدة لصحتك أيضاً، ولكن الزيادة منها قد تؤدي إلى العديد من المشكلات الصحية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة تظهر الفرق في لون البشرة بين الشخص المعافى والشخص المصاب بمرض التهاب الكبد الفيروسي الألفي (الوكالة المركزية)

5 علامات تحذيرية مبكرة لتلف الكبد

يعرض التقرير العلامات التحذيرية الخمس الأكثر شيوعاً لأمراض الكبد، وما يجب فعله إذا لاحظتَ هذه المشكلات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الأشخاص الذين أبلغوا عن انخفاض استهلاك الكافيين كان لديهم خطر أكبر للإصابة بفقدان الذاكرة (رويترز)

دراسة تجد صلة بين ارتفاع استهلاك الكافيين وانخفاض خطر فقدان الذاكرة

وجدت دراسة جديدة أن كمية الكافيين التي يستهلكها الشخص يمكن أن تؤثر على خطر الإصابة بمرض ألزهايمر أو أشكال أخرى من الخرف.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

دراسة تجد صلة بين ارتفاع استهلاك الكافيين وانخفاض خطر فقدان الذاكرة

الأشخاص الذين أبلغوا عن انخفاض استهلاك الكافيين كان لديهم خطر أكبر للإصابة بفقدان الذاكرة (رويترز)
الأشخاص الذين أبلغوا عن انخفاض استهلاك الكافيين كان لديهم خطر أكبر للإصابة بفقدان الذاكرة (رويترز)
TT

دراسة تجد صلة بين ارتفاع استهلاك الكافيين وانخفاض خطر فقدان الذاكرة

الأشخاص الذين أبلغوا عن انخفاض استهلاك الكافيين كان لديهم خطر أكبر للإصابة بفقدان الذاكرة (رويترز)
الأشخاص الذين أبلغوا عن انخفاض استهلاك الكافيين كان لديهم خطر أكبر للإصابة بفقدان الذاكرة (رويترز)

وجدت دراسة جديدة أن كمية الكافيين التي يستهلكها الشخص يمكن أن تؤثر على خطر الإصابة بمرض ألزهايمر أو أشكال أخرى من الخرف.

البحث الذي نُشر في أغسطس (آب) في مجلة «ألزهايمر والخرف» – الصادرة عن «جمعية ألزهايمر» الصحية التطوعية غير الربحية، التي تركز على المرض ودعم أبحاثه، والتي يقع مقرها الرئيسي في شيكاغو – هو الأول من نوعه الذي يجد علاقة قوية بين استهلاك الكافيين وخطر الإصابة بالخرف، وفق ما ذكره موقع «هيلث» المختص بأخبار الصحة.

ووجد فريق البحث أن المشاركين الذين أبلغوا عن انخفاض استهلاك الكافيين لديهم خطر أكبر للإصابة بفقدان الذاكرة بما يتوافق مع مرض ألزهايمر.

وقالت الدكتورة كلير سيكستون، مديرة البرامج العلمية والتوعية في «جمعية ألزهايمر»، لصحيفة «هيلث»: «لقد تنوعت الدراسات السابقة التي بحثت العلاقة بين استهلاك الكافيين وخطر الإصابة بالخرف ومرض ألزهايمر». وأضافت: «أظهرت بعض الدراسات أن الكافيين قد يقلل من خطر الإصابة بالخرف بكمية صغيرة، بينما لم تُظهر دراسات أخرى أي تأثير أو زيادة طفيفة في الخطر».

وفي حين أن الدراسة الجديدة تضيف إلى فهمنا لتأثيرات الكافيين على الدماغ، فإنها لا تشير بالضرورة إلى أنه يجب على الأشخاص زيادة تناولهم للكافيين.

وقالت سيكستون: «من المهم أن ندرك أن الكافيين يمكن استهلاكه بطرق متنوعة، بما في ذلك القهوة والشاي والشوكولاتة ومشروبات الطاقة». وأضافت: «يحتوي بعضها على مستويات عالية من السكريات والمحليات الصناعية والمكونات الأخرى التي قد تقلل من أي فائدة محتملة للكافيين».

العلاقة بين الكافيين والخرف

تم تأليف الدراسة الجديدة من قبل باحثين في فرنسا أكملوا دراسة مقطعية باستخدام بيانات من 263 شخصاً يعانون من ضعف إدراكي خفيف أو مرض ألزهايمر بين عامي 2010 و2015. وأكمل المشاركون استطلاعاً حول تناولهم المعتاد للكافيين. كما خضعوا أيضاً لتقييمات سريرية وعصبية وبيولوجية عندما التحقوا بالدراسة.

وتم تقسيم المشاركين إلى فئتين اعتماداً على متوسط ​​استهلاكهم للكافيين، الذين لديهم متوسط ​​استهلاك للكافيين يساوي 216 ملليغراماً أو أقل منه يومياً، تم وضعهم في مجموعة «استهلاك الكافيين المنخفض»، أما أولئك الذين لديهم متوسط ​​استهلاك للكافيين أعلى من 216 ملليغراماً يومياً، فتم وضعهم في مجموعة «الاستهلاك العالي للكافيين».

وبعد تعديل عوامل مثل العمر والجنس وحالة التدخين وغير ذلك، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين شربوا كميات أقل من الكافيين لديهم خطر أكبر للإصابة بمخاطر فقدان الذاكرة.

وفي الوقت الحالي، ليس من الواضح سبب تأثير الكافيين على خطر الإصابة بألزهايمر أو الخرف، على الرغم من أن الخبراء لديهم نظريات.

هل يمكن تقليل خطر الإصابة بألزهايمر؟

قال الخبراء إنه من السابق لأوانه اقتراح أنه يجب على الناس إضافة مزيد من الكافيين إلى روتينهم اليومي كوسيلة للوقاية من مرض ألزهايمر أو الخرف. وأوضح الأطباء أنهم قد يوصون بتغييرات في استهلاك الكافيين «في حالة القلق أو الأرق، لكن هذه التوصيات لا تعتمد على خطر الإصابة بالخرف».

وباستثناء اتّباع نمط حياة صحي، لا يعرف الباحثون كثيراً عن كيفية الوقاية من مرض ألزهايمر.