العرق صمام الأمان للحياة في حرارة الصيف

ملايين الغدد العرقية تعمل على تبريد الجسم

العرق صمام الأمان للحياة في حرارة الصيف
TT

العرق صمام الأمان للحياة في حرارة الصيف

العرق صمام الأمان للحياة في حرارة الصيف

يظل نشاط عمليات إفراز العرق، مقارنة بأي شيء آخر قد يقوم به الجسم، هو الخطوة الأهم في تبريد نفسه. ولذا يُعد التعرّق صمام الأمان للحياة أثناء الوجود في الأجواء المناخية الشديدة الحرارة. وكلما كانت كفاءة الجسم في إنتاج كمية العرق اللازمة لحفظ درجة حرارته الداخلية ضمن النطاق الطبيعي استطاع المرء البقاء والعيش في الأجواء الحارة.

وبالمقابل، كلما تراكمت الظروف التي تعيق إنتاج الكمية اللازمة من العرق لتبريد الجسم، أو التي تعيق إتمام تبخر العرق عن سطح الجلد، اختلت عملية التبريد اللازمة للجسم.

ملايين الغدد العرقية

ولكن يتسبب حر الصيف وضرورة نشاط الغدد العرقية لتبريد الجسم في مشكلة للبعض، وهي زيادة إفراز العرق مع القيام بأدنى قدر من المجهود البدني. ما قد يتسبب في إحراج ظهور البلل على الملابس. كما قد يرافق هذا وجود تغيّر في رائحة الجسم بصفة غير مُحببة.

والإنسان البالغ لديه ما يتراوح بين 2 و4 ملايين غدة عرقية، تتوزع في جميع مناطق الجلد، ما عدا جلد الشفتين والحلمتين والأعضاء التناسلية الخارجية. وتوجد الغدد العرقية في طبقة الأدمة، التي تحت طبقة البشرة الخارجية للجلد. وذلك بقرب كل من بُصيلات الشعر ونهايات الشبكة العصبية للجلد ونهايات الشعيرات الدموية.

ويتكون تركيب الغدد التشريحي من أنبوب طويل مجوف. والجزء السفلي من هذا الأنبوب يكون بشكل ملفوف. وفي هذا الجزء يتم إنتاج سائل العرق، ثم يصعد من خلال الجزء المستقيم (من أنبوب الغدة العرقية)، وصولاً إلى فتحات المسام على طبقة البشرة الجلدية، كي يخرج العرق من خلالها إلى سطح الجلد. وأحد أهم العوامل التي تتحكم في إفراز الغدد العرقية لسائل العرق هو الجهاز العصبي اللاإرادي، ما يعني أن إفراز العرق عملية تتم بشكل لاإرادي.

أنواع الغدد العرقية

الغدد العرقية ليست نوعاً واحداً، بل ثلاثة أنواع. ثالثها هو نوع متحور يوجد في القناة الخارجية للأذن، ومهمته إفراز شمع الأذن. والنوعان الآخران مهمتهما إفراز سائل العرق، وهما: «الغدد العرقية المُفْترزة»، و«الغدد العرقية الفارزة». ووفق ما تشير إليه مصادر فسيولوجيا علم وظائف الجسم، فإنهما تختلفان في وقت بدء نشاطهما، وفي توزيعهما على مناطق الجلد المختلفة، وفي طبيعية عملهما، وفي مكان خروج سائل العرق منهما، وفي مكونات سائل العرق الذي تنتجه كل منهما.

* وللتوضيح، فإن «الغدد العرقية الفارزة» Eccrine Sweat Glands تنتشر في جميع مناطق الجلد، ولكن تتركز بشكل أكبر في راحة اليدين وباطن القدمين والجبين والصدر. ويبدأ تكوّنها في وقت مبكّر جداً من عمر الإنسان، وتحديداً في عمر أربعة أشهر للجنين، وهو في رحم أمه. وتمتاز بأن مسامها تفتح مباشرة على سطح الجلد، ليخرج العرق من خلالها مباشرة، وينتشر على سطح الجلد. وسائل العرق الذي تنتجه هذه النوعية من الغدد العرقية هو بالأصل سائل لا رائحة له ولا لون، ويحتوي على ماء وأملاح فقط.

والهدف الرئيسي من إنتاجها هو تبريد الجسم عند التعرّض للأجواء الحارة. والإنسان البالغ، ودون أن يشعر، ينتج كمية 700 ملّيلتر باليوم من هذا العرق عند وجوده في أجواء معتدلة الحرارة. وتزيد تلك الكمية إلى حوالي 6 أضعافها أو أكثر، عند الوجود في ظروف الحرارة الشديدة.

* أما «الغدد العرقية المُفْترزة» Apocrine Sweat Glands فهي تشريحياً أكبر حجماً من «الغدد العرقية الفارزة». ويتركز حصرياً انتشارها في مناطق الإبطين والأعضاء التناسلية والجلد حول فتحة الشرج وجلد منطقة السرة وفروة الرأس وأطراف الجفون. أي في أماكن جلدية يغزر فيها نمو الشعر.

وإضافة إلى كبر حجمها، فإن مسامها لا تفتح مباشرة على سطح الجلد، بل تفتح مسامها داخل بُصيلة الشعر. وبالتالي فإن عرقها يخرج مع ساق الشعرة نفسها. وبخلاف «الغدد العرقية الفارزة» التي تتكون وتعمل لدى الإنسان أثناء مرحلته الجنينية، فإن «الغدد العرقية المُفْترزة» لا تبدأ في إفراز العرق إلا مع بلوغ مرحلة المراهقة، تحت تأثير التغيرات في الهرمونات الجنسية. وتفيد مصادر فسيولوجيا وظائف الجسم بأن نشاط إفراز هذه الغدد العرقية يزيد سريعاً مع ارتفاع مستوى هرمون الأدرينالين. ولذا يزيد إفراز العرق في مناطق وجودها، عند معايشة حالة من التوتر النفسي أو الإحساس بالألم أو الانفعال العاطفي الجسدي.

اختلافات سائل العرق

والفارق الخامس بين «الغدد العرقية المُفْترزة» و«الغدد العرقية الفارزة»، هو أن سائل عرقها يحتوي على ماء وأملاح و«بروتينات ودهون». وبالرغم من أنه سائل لا رائحة ولا لون له عند «لحظة» إفرازه على الجلد، فإن وجود البروتينات والدهون ضمن مكوناته، وانتشارهما على سطح الجلد في مناطق وجودها (في الإبطين والمناطق التناسلية) يُحفز البكتيريا (الموجودة بالأصل في منطقة الإبطين والأعضاء التناسلية) على القيام بتفتيت تلك الدهون والبروتينات التي في العرق، واستخدامهما غذاء للبكتيريا تلك.

وهذا يتطلب من البكتيريا إفراز عدد من المواد الكيميائية، التي تغيّر رائحة العرق في تلك المناطق من الجسم. ولذا فإن إحدى الحقائق الطبية هي أن تنظيف مناطق الإبطين بالماء والصابون «العادي»، هو أفضل وسيلة للتغلب على رائحة العرق، عبر إزالة البكتيريا المتسببة في تكوين تلك المركبات الكيميائية ذات الرائحة.

ولمزيد من التوضيح حول دور «الدهون والبروتينات» في سائل العرق، ودور البكتيريا على سطح الجلد في تكوين رائحة غير مُحببة للعرق، فإن سائل العرق في مناطق الجبين والظهر والساعدين والأفخاذ لا رائحة له، حتى في وجود البكتيريا على سطح جلد هذه المناطق. والسبب أن العرق في هذه المناطق (التي تفرزه الغدد العرقية الفارزة) هو عرق لا يحتوي على دهون أو بروتينات كي تتفاعل البكتيريا معهما. ومع ذلك، فإن وجود مواد كيميائية على سطح الجلد، مثل التي يفرزها الجسم عند تناول الثوم أو البهارات، قد تتبخر مع سائل العرق، وتتسبب برائحة غير مُحببة. وعكس ذلك عند وجود مركبات العطور على سطح الجلد، فإن تبخر العرق (الذي لا رائحة له بالأصل) مع تلك المركبات، يكوّن عبيراً محبباً حول الجسم حتى في الأجواء الحارة.

إزالة رائحة الإبطين وإفراز العرق

ثمة فرق بين «مزيلات رائحة العرق» Deodorants وبين المستحضرات المضادة للتعرّق Antiperspirant؛ إذ إن «مزيلات رائحة العرق» مستحضرات تهدف إلى التخلص من الرائحة الكريهة. وتُضاف إليها، أو لا تُضاف، مواد معطّرة. كما يحتوي غالبها على كحول أو مواد أخرى لديها قدرة القضاء على البكتيريا بشكل مؤقت. أما «مضادات التعرّق الموضعية» فإنها تعمل على تكوين سدادة هلامية لقناة الغدة العرقية، وبالتالي تمنع إفراز السائل.

وتشمل مضادات التعرّق مركبات الألمنيوم التي تُضاف في المستحضرات الموضعية المضادة للتعرّق، ومجموعة من الأدوية التي يُمكن الحصول عليها من دون وصفة طبية أو يتطلب الحصول عليها وصفة طبية. ولكن تلك السدادة تزول بمرور الوقت، ما يتطلب إعادة استخدام «مضادات التعرّق الموضعية». وثمة مستحضرات تحتوي على كل من: مزيل رائحة العرق مع مُضاد التعرّق.

وتجدر ملاحظة أن البقع الصفراء، التي تظهر على أجزاء القمصان البيضاء التي تغطي منطقة الإبطين، ليس مصدرها العرق نفسه. بل هي ناتجة عن تفاعل كيميائي بين كل من: مكونات المستحضرات المضادة للتعرّق وألياف قماش الملابس والعرق. أي أن تلك البقع الصفراء ناجمة بالأصل عن وجود عنصر الألمنيوم في مكونات مضادات التعرق. والألمنيوم مكون نشط في كثير من مضادات التعرق، ويُضاف بهدف التحكم في إفراز الغدد العرقية للعرق أو منعها تماماً من ذلك. وعندما يمتزج الألمنيوم مع الملح في العرق الطبيعي، تظهر بقع صفراء، وتلتصق على القميص.

ويلخص أطباء «كليفلاند كلينك» خطوات التعامل مع رائحة الإبطين بقولهم ما يلي:

- حافظ على نظافة البشرة من خلال الاستحمام اليومي، خصوصاً تنظيف منطقة الإبطين والأعضاء التناسلية.

- احرص على غسل الملابس بانتظام وعلى ارتداء ملابس نظيفة.

- قلل من تناول الأطعمة الغنية بالتوابل العطرية والثوم واللحوم الحمراء.

- استخدم مضادات التعرق الموضعية.

- حافظ على إزالة شعر الإبطين لتسهيل تبخر العرق بسرعة أكبر وعدم إعطاء البكتيريا وقتاً طويلاً للتفاعل مع مكوناته.

- ارتد ملابس مصنوعة من ألياف طبيعية (صوف أو قطن أو حرير) تسمح للجلد بالتنفس ولتبخر العرق بالنفاذ من خلالها.

- يمكن للحقن الصغيرة من البوتوكس، في الإبطين أن تمنع لفترة مؤقتة تأثير المواد الكيميائية التي تحفز التعرق.

- يمكن استخدام الأدوية الموصوفة لمنع التعرق، ولكن يجب استخدامها بعناية لأن الجسم قد لا تكون لديه القدرة على تبريد نفسه عند الحاجة بوسيلة إفراز العرق.

- يمكن للجراحة إزالة الغدد العرقية من تحت الذراعين أو منع وصول الإشارات العصبية إلى الغدد العرقية عبر عملية جراحية تسمى استئصال العصب الودي Sympathectomy.

آلية تبريد الجسم بإفراز العرق

لإدراك آلية تبريد الجسم بإفراز العرق، تجدر ملاحظة أن تبخر الماء يرافقه امتصاص الحرارة من الأسطح التي يوجد فيها، وبالتالي تبرد تلك الأسطح. وهو ما يُسمى بعملية «تبريد التبخير» Evaporative Cooling.

وعند توفر كمية من سائل العرق على سطح الجلد في الأماكن المكشوفة والمُعرضّة للهواء الطلق، فإن تبخره يُسهم في خفض درجة حرارة الجسم بواسطة تلك العملية، عبر خفض حرارة الدم في الأوعية الدموية فيه. وبعد تبخّر سائل العرق تبقى الأملاح على بشرة الجلد.

وتفيد مصادر فسيولوجيا وظائف الأعضاء بأن طاقة الجسم في استخدام الغدد العرقية بكفاءة لإتمام مهمة تبريد الجسم، تعتمد على عوامل داخل الجسم وعوامل في البيئة الخارجية المحيطة بالجسم. وأهم ثلاثة عوامل داخلية هي: وجود عدد طبيعي من الغدد العرقية في المناطق الجلدية المفتوحة على البيئة المحيطة بالجسم، وتوفر السوائل في الجسم، وكفاءة عمل الجهاز العصبي في مراقبة تغيرات حرارة الجسم وعمليات إفراز العرق.

وأهم عاملين خارجيين هما: مستوى رطوبة الهواء المحيط بالجسم، وتدفق الهواء على سطح الجلد الذي يوجد عليه العرق.

وعند ارتفاع الرطوبة، كما في أجواء المناطق الساحلية، تقل فرص تبخر العرق، وبالتالي تتدنى قدرة تبريد الجسم. كما أن عدد الغدد العرقية لدى كبار السن والأطفال الصغار جداً ومنْ لديهم حروق بالجلد، هو أقل مما لدى متوسطي العمر. وبالتالي تتدنى قدرتهم على تحمّل حرارة الأجواء. وعندما تكون ثمة أمراض في أعصاب الجلد، وفي الأوعية الدموية في الجلد، مثل اضطرابات عمل الجهاز العصبي المركزي أو الطرفي، كما في الجلطات الدماغية ومرض باركنسون وتلف الأعصاب لدى مرضى السكري، تقل فرص إنتاج العرق لتبريد الجسم. وجفاف الجسم عن السوائل، بعدم شرب الكميات الكافية منها، لا يُعطي الجسم وفرة من الماء كي يُنتج كميات كافية من العرق. ومع ارتداء ملابس ثقيلة تغطي أجزاء الجلد التي يجب أن يتبخر سائل العرق عن سطحها، تتدنى قدرة تبريد الجسم.

ولكن تجدر ملاحظة أن ثمة ظروفاً أخرى، غير مقدار درجة حرارة الأجواء، ترفع من زيادة إنتاج كمية إفراز العرق. ومنها زيادة وزن الجسم. وأبسط تفسيرات هذا الأمر هو أن الكتلة الكبيرة للجسم تتطلب إفراز كمية أكبر من العرق لحفظ معدلات حرارته ضمن النطاق الطبيعي. ولذا فإن خفض وزن الجسم إحدى وسائل تخفيف كمية إفراز العرق.

وبذل المجهود البدني هو عامل آخر يزيد من إفراز العرق، خصوصاً لدى الأشخاص الذين لا يُمارسون الرياضة بانتظام. ولذا يُقلل من كمية العرق التي يفرزها الجسم عند بذل المجهود البدني ممارسة الرياضة وزيادة لياقة الجسم. وأبسط تفسيرات هذا الأمر هو أن رفع لياقة الجسم، يزيد من قدرة الجسم على ضبط حرارته حال بذل الجهد البدني، مما يُقلل من اضطراره إلى إفراز مزيد من العرق للتبريد.


مقالات ذات صلة

صحتك هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

لتطوير علاجات مضادة للهرم

د. أنتوني كوماروف (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك جانب من الحضور في المؤتمر

تدشين أول «صيدلية افتراضية» ومعرض رقمي تفاعلي للخدمات الصحية

بحضور نحو 2000 مهتم ومتخصص في الشأن الصحي.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك انتظام النوم قد يكون أكثر أهمية من مدة النوم الكافية (أرشيفية- رويترز)

دراسة جديدة تكشف عن مخاطر صحية لعدم انتظام مواعيد النوم

أفادت دراسة جديدة بأن الأشخاص الذين لا يلتزمون بمواعيد النوم المنتظمة، معرضون لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية والنوبات القلبية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)
صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)
TT

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)
صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

وتشير نتائج الدراسة إلى أن الأدوية قد تقلل من خطر تدهور الكلى وفشلها، بغض النظر عما إذا كان الشخص مصاباً بمرض السكري أم لا.

ووفقاً للبحث، كان الانخفاض الإجمالي في خطر الفشل الكلوي وتدهور وظائف الكلى والوفاة بسبب أمراض الكلى بنسبة 19 في المائة.

وتُعرف هذه الأدوية باسم «محفزات مستقبلات (جي إل بي - 1)»، وهي تحاكي عمل هرمون يسمى «الببتيد» الشبيه بـ«الجلوكاغون 1»، والذي يحفز إنتاج الإنسولين ويخفض مستويات السكر في الدم، وقد تم تطويرها في الأصل لعلاج مرض السكري.

ومؤخراً، ظهرت هذه الأدوية علاجات فعالة للسمنة، وإبطاء عملية الهضم، وزيادة الشعور بالشبع وتقليل الجوع.

وقال المؤلف الرئيس للدراسة البروفسور سونيل بادفي، زميل معهد جورج للصحة العالمية وجامعة نيو ساوث ويلز في سيدني، إن الدراسة وسعت المعرفة الحالية حول الأدوية في مجالات رئيسة، بما في ذلك الفوائد للأشخاص المصابين بأمراض الكلى المزمنة، والأشخاص المصابين بالسكري وغير المصابين به.

وقال بادفي: «هذه هي أول دراسة تظهر فائدة واضحة لمستقبلات (جي إل بي - 1) في الفشل الكلوي أو مرض الكلى في المرحلة النهائية، مما يشير إلى أنها تلعب دوراً رئيساً في العلاج الوقائي للكلى والقلب للمرضى الذين يعانون من حالات طبية شائعة مثل مرض السكري من النوع الثاني، أو زيادة الوزن أو السمنة مع أمراض القلب والأوعية الدموية».

وتابع المؤلف الرئيس للدراسة: «هذه النتائج مهمة بشكل خاص للمرضى الذين يعانون من أمراض الكلى المزمنة. إنه تقدم يؤدي في النهاية إلى الفشل الكلوي الذي يتطلب غسيل الكلى أو زرع الكلى، والمرتبط بالوفاة المبكرة، ومعظمها بسبب أمراض القلب. ولها تأثير كبير على نوعية حياة المرضى وتتسبب في تكاليف رعاية صحية كبيرة».

وفي الدراسة التي نشرت بمجلة «لانسيت»، أجرى الباحثون تحليلاً لـ11 تجربة سريرية واسعة النطاق لمستقبلات «جي إل بي - 1» شملت ما مجموعه 85373 شخصاً.

وتم التحقيق في 7 مستقبلات «جي إل بي - 1» مختلفة من بين التجارب، بما في ذلك «سيماغلوتيد» (semaglutide) بصفته دواءً لعلاج مرض السكري من النوع الثاني، وجرى تسويقه لأول مرة باسم «أوزمبيك».

وأظهرت النتائج أنه مقارنة بالأدوية الوهمية، فإن مستقبلات «جي إلى بي - 1»، قللت من خطر الفشل الكلوي بنسبة 16 في المائة، وتدهور وظائف الكلى بنسبة 22 في المائة.

وأكد التحليل أيضاً النتائج السابقة التي تفيد بأن الأدوية تحمي صحة القلب، مع انخفاض بنسبة 14 في المائة بخطر الوفاة القلبية، والنوبات القلبية غير المميتة، والسكتة الدماغية غير المميتة، مقارنة بالدواء الوهمي. وكانت الوفاة لأي سبب أقل بنسبة 13 في المائة بين المرضى الذين عولجوا بمستقبلات «جي إل بي - 1».

وقال البروفسور فلادو بيركوفيتش، زميل الأستاذ في معهد جورج، وعميد جامعة نيو ساوث ويلز بسيدني والمشارك في الدراسة: «يُظهر هذا البحث أن مستقبلات (جي إل بي - 1) يمكن أن تلعب دوراً مهماً في معالجة العبء العالمي للأمراض غير المعدية». وأردف: «سيكون لدراستنا تأثير كبير على المبادئ التوجيهية السريرية لإدارة أمراض الكلى المزمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية لدى الأشخاص المصابين بالسكري وغير المصابين به».

وتابع بيركوفيتش: «هناك حاجة الآن إلى مزيد من العمل لتطبيق نتائج هذه الدراسة في الممارسة السريرية وتحسين الوصول إلى مستقبلات (جي إل بي - 1) للأشخاص الذين سيستفيدون منها».