التعرض للتمييز يرفع معدلات البدانة لدى الأطفال

دعت الدراسة الآباء إلى تقديم الدعم النفسي لأطفالهم ونصحهم بعدم السلبية في مواجهة التمييز (أدوبي ستوك)
دعت الدراسة الآباء إلى تقديم الدعم النفسي لأطفالهم ونصحهم بعدم السلبية في مواجهة التمييز (أدوبي ستوك)
TT

التعرض للتمييز يرفع معدلات البدانة لدى الأطفال

دعت الدراسة الآباء إلى تقديم الدعم النفسي لأطفالهم ونصحهم بعدم السلبية في مواجهة التمييز (أدوبي ستوك)
دعت الدراسة الآباء إلى تقديم الدعم النفسي لأطفالهم ونصحهم بعدم السلبية في مواجهة التمييز (أدوبي ستوك)

كشفت دراسة أميركية ارتباطاً بين التعرض للتمييز، على أساس اللون أو الدين أو العرق، وبين ارتفاع معدلات الإصابة بالسمنة لدى الأطفال في المجتمعات التي تضم أقليات عرقية أو مهاجرين ومواطنين من أصول مختلفة.

وعزت الدراسة التي دعمها المعهد الوطني الأميركي للتغذية National Institutes of Health، هذا الارتفاع إلى «عدم المساواة» في الرعاية الصحية في فترة مبكرة وهامة من عمر الأطفال، وهو الأمر الذي يؤدي إلى سوء التغذية والسمنة لاحقاً.

الدراسة قام بها باحثون من جامعتي «هارفارد» و«نيويورك» في الولايات المتحدة، ونُشرت في مجلة الرابطة الطبية الأميركية JAMA Network Open مطلع الشهر الحالي، أوضحت أن الأطفال الذين يعانون من التمييز أكثر عرضة لارتفاع مؤشر كتلة الجسم (وحدة قياس طبية تقسم الوزن بالكيلوغرامات على الطول بالمتر)، ويعانون من تركز الدهون حول محيط البطن.

تُعد بدانة الأطفال مشكلة صحية عالمية. وعلى وجه التقريب هناك واحد من كل 5 أطفال ومراهقين يعاني من البدانة أو زيادة الوزن حول العالم، وهذه النسب في ازدياد مستمر. ففي الولايات المتحدة وحدها هناك ما يقرب من 14.7 مليون طفل ومراهق يعانون من السمنة المفرطة، وهذه الأعداد كانت في الفترة من عام 2017 إلى عام 2020 (ما قبل جائحة «كورونا» وأثرها السلبي على زيادة الوزن نتيجة للعزلة في المنازل). وفي الأغلب يعاني الشباب من ذوي الأصول اللاتينية والإسبانية بشكل خاص من ارتفاع معدلات السمنة.

فحص الباحثون بيانات 6463 طفلاً من الجنسين تتراوح أعمارهم بين 9 و11 عاماً من جميع أنحاء الولايات المتحدة، وكانوا جميعاً قد شاركوا في دراسة لقياس التطور المعرفي لمخاخ المراهقين في الفترة من 2017 إلى 2019. ومن هؤلاء المشاركين، شكّل البيض 59.7% والمنحدرون من أصول لاتينية 18%، وذوو البشرة السمراء 10.5%، وبقية العينة من السكان الأصليين والأعراق المختلفة. وبالنسبة للوزن كانت هناك نسبة بلغت 20% تعاني زيادة في وزن الجسم، و10% تعاني البدانة الفعلية.

تجربة المراهقين مع التمييز جرى تقييمها من خلال سؤالهم عما إذا كانت قد عوملوا بشكل تعسفي أو غير عادل من قبل الآخرين على أساس العرق أو اللون أو الدين، سواء من الأقران أو المدرسين أو غيرهم من البالغين في الأماكن العامة أو المواصلات، وأيضاً مشاعرهم حينما تعرضوا لمثل هذه المواقف نتيجة إحساسهم بالتمييز وعدم القبول. وبعد مرور عام جرى قياس لمؤشر كتلة الجسم ومحيط الخصر لكل المشاركين.

وجد الباحثون أن الأطفال الذين عانوا من تمييز لأي سبب، سواء اللون أو الدين أو الانتماء العرقي، كان مؤشر كتلة الجسم لديهم أعلى وأيضاً محيط الخصر كان أكبر، وذلك حتى بعد تثبيت بقية العوامل التي يمكن أن تكون السبب في زيادة الوزن مثل العامل الجيني والجنس ونوعية الغذاء لكل مشارك ودخل الأسرة ومستواها التعليمي والاجتماعي، وأيضاً الأدوية التي يمكن أن تسبب زيادة الوزن وممارسة الرياضة بانتظام حتى يمكن الحكم بحيادية على دور التمييز فقط في زيادة الوزن والسمنة.

العامل النفسي والضغوط الاقتصادية

ذكرت الدراسة أن التمييز يمكن أن يسبب البدانة للكثير من العوامل، ومنها العامل النفسي عن طريق رفع معدلات الاكتئاب بين الطلاب من الأقليات نتيجة لتعرضهم في كثير من الأحيان لعدم المساواة في التعامل في المدارس والمجتمعات المختلفة مع إمكانية تعرضهم للتنمر لاختلاف لون بشرتهم أو اختلاف ثقافتهم مثل السكان الأصليين في الولايات المتحدة وكندا، فضلاً على الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها أسر هؤلاء الطلاب لأنهم في الأغلب يعانون من قلة الدخل؛ ما يؤدي إلى عدم الاهتمام بالتغذية الصحية، والاعتماد على الأطعمة الغنية بالنشويات والدهون.

أوضح الباحثون أن الدراسة تلفت النظر لخطورة التمييز على الأطفال ليس فقط لتأثيرها السلبي على الصحة النفسية، لكن أيضاً على الصحة العضوية في مرحلة التكوين، خصوصاً مع ازدياد الهجرة في كل المجتمعات تقريباً، لأن المشكلات النفسية مثل القلق والخوف وصعوبات النوم وارتفاع مستويات الكورتيزول في الدم والأكل العاطفي emotional eating تؤدي بالضرورة إلى زيادة الوزن والأخطار الصحية المترتبة عليها وأهمها مرض السكري من النوع الثاني.

أوضح الباحثون أن الدراسة لا تعني بالضرورة أن كل طفل يتعرض للتمييز سيعاني من البدانة، لكن يجب على الأسرة أن تضع في الحسبان أهمية التغذية الصحية للطفل، حتى الأسر ذات الدخل المنخفض لأن نوعية الغذاء وليس كميته أو ارتفاع سعره هو المحدد لقيمته الغذائية.

ودعت الدراسة الآباء إلى تقديم الدعم النفسي لأطفالهم ونصحهم بعدم السلبية والشكوى في حالة تعرضهم لعدم المساواة نتيجة اختلافهم في الشكل، أو طريقة النطق، أو الخلفية العرقية، أو غيرها. ونصحت بضرورة مكافحة التمييز، وسن القوانين التي تجرمه، والتعامل بوعي مع مشكلات الطلاب، ومحاولة حلها.


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)
ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)
TT

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)
ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟ وهل هناك أي شيء يمكننا القيام به لإدارة هذا؟

في معرض تسليط الضوء على بعض عواقب الطقس البارد، قالت كارولين أبراهامز، مديرة مؤسسة «إيدج يو كي» لـ«وكالة الأنباء البريطانية»: «يرفع البرد ضغط الدم، مما يزيد بدوره من خطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، كما أن استنشاق الهواء البارد يمكن أن يزيد أيضاً من خطر الإصابة بأمراض خطرة وتأثيراتها مثل الإنفلونزا والالتهاب الرئوي».

ويمكن أن يسبب الطقس البارد تغيرات في الأوعية الدموية وهرمونات التوتر؛ مما قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.

ويلاحظ كثير من المرضى ارتفاع ضغط الدم لديهم في فصل الشتاء، حين تتسبب درجات الحرارة الباردة في انقباض الأوعية الدموية؛ مما يزيد من مقاومة تدفق الدم ويرفع ضغط الدم، وفق ما يوضح الدكتور مارتن ثورنتون، الطبيب العام والمسؤول الطبي الرئيسي في شركة الفحص الصحي «بلوكريست ويلنيس».

وأضاف ثورنتون: «يمكن أن يؤدي التعرض للبرد أيضاً إلى إطلاق هرمونات التوتر مثل الأدرينالين؛ مما قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب».

كما يمكن أن يلعب انخفاض ضوء النهار في هذا الوقت من العام، والتغييرات اللاحقة في نمط الحياة، دوراً في هذا أيضاً، ويتابع ثورنتون: «يمكن أن تؤثر ساعات النهار الأقصر، والتغيرات الموسمية أيضاً، على الحالة المزاجية ومستويات التوتر؛ مما قد يؤثر بشكل غير مباشر على ضغط الدم. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما يكون الأشخاص أقل نشاطاً بدنياً في الطقس البارد».

ويوضح ثورنتون، وفق صحيفة «إندبندنت» البريطانية: «يجد كثيرون أنفسهم يستهلكون مزيداً من الأطعمة المريحة ذات السعرات الحرارية العالية، أو يمارسون التمارين الرياضية بشكل أقل، مما قد يساهم في ارتفاع مستويات ضغط الدم».

وعلى العكس من ذلك، يجد كثير من الأشخاص أن ضغط دمهم أقل خلال فصل الصيف.

ويشرح ثورنتون: «يمكن أن تتسبب درجات الحرارة الأكثر دفئاً في تمدد وتوسع الأوعية الدموية، مما يقلل من مقاومة تدفق الدم، فيؤدي ذلك بدوره إلى انخفاض ضغط الدم. يميل كثيرون أيضاً إلى أن يكونوا أكثر نشاطاً بدنياً في الطقس الأعلى دفئاً؛ مما قد يساهم أيضاً في خفض ضغط الدم».

بعض علامات ارتفاع ضغط الدم

في هذا الصدد، يقول الدكتور أشوين شارما: «غالباً لا تظهر أعراض ارتفاع ضغط الدم بشكل ملحوظ، ولهذا السبب يشار إليه غالباً باسم (الحالة الصامتة). ومع ذلك، في بعض الحالات النادرة، يمكن أن يتجلى عبر أعراض مثل الصداع، أو عدم الوضوح في الرؤية، أو ألم في الصدر، لذا يجب عليك استشارة اختصاصي الرعاية الصحية إذا كنت تعاني من صداع متكرر، أو عدم وضوح في الرؤية، أو ألم متقطع في الصدر، أو أي أعراض أخرى تشك في أنها قد تكون مرتبطة بارتفاع ضغط الدم».

كيف يمكننا إدارة مستويات ضغط الدم لدينا خلال فصل الشتاء؟

1- ابقَ نشيطاً في الداخل

يرى ثورنتون أن «الإجهاد المفرط في الطقس البارد يمكن أن يفرض ضغطاً إضافياً على القلب؛ لذا جرب التمارين الرياضية في المنزل، مثل اليوغا أو تمارين بيلاتس».

2- ارتدِ ملابس مدفئة

كما يرى ثورنتون أن «التعرض المفاجئ للبرد الشديد يمكن أن يضيق الأوعية الدموية»، ولذا ينصح بـ«تقليل الضغط الذي تفرضه درجات الحرارة الباردة على قلبك عبر ارتداء طبقات ملابس مناسبة».

3- راقب ضغط دمك بانتظام

يشدد ثورنتون: «إذا كنت تعاني بالفعل من ارتفاع ضغط الدم أو كنت معرضاً للخطر، فعليك مراقبة ضغط دمك بانتظام».

4- اتبع نظاماً غذائياً متوازناً

يقول شارما إن «الحفاظ على نظام غذائي صحي، وتجنب الأطعمة الغنية بالملح والدهون، يمكن أن يساعدا في منع ارتفاع ضغط الدم».

5- إدارة التوتر

«استخدم تقنيات الاسترخاء، مثل التأمل أو تمارين التنفس، وانتبه إلى محفزات التوتر الشائعة»، كما يقترح ثورنتون.

6- حافظ على الدفء داخل المنزل

يقول شارما: «من المهم أن تحافظ على دفئك ودفء منزلك لتقليل فقدان الحرارة ومساعدة الدم على الدوران بشكل أفضل حول الجسم».