خوارزمية تتنبأ بمرضى «جفاف الجلد»

اضطراب وراثي «نادر ومدمر»

مرضى «جفاف الجلد المصطبغ» يصابون بحالات تنكسية عصبية (بابلك دومين)
مرضى «جفاف الجلد المصطبغ» يصابون بحالات تنكسية عصبية (بابلك دومين)
TT

خوارزمية تتنبأ بمرضى «جفاف الجلد»

مرضى «جفاف الجلد المصطبغ» يصابون بحالات تنكسية عصبية (بابلك دومين)
مرضى «جفاف الجلد المصطبغ» يصابون بحالات تنكسية عصبية (بابلك دومين)

حقق باحثون من صندوق «جايز آند سانت توماس إن إتش إس فاونديشن تراست»، وهو من المؤسسات الصحية التابعة للخدمة الصحية الوطنية البريطانية، «اختراقاً» في الكشف المبكر عن أمراض التنكس العصبي التي تصيب الأطفال الذين يعانون من مرض «جفاف الجلد المصطبغ»، عبر خوارزمية أعلنوا عنها، أمس (الأحد)، في المؤتمر السنوي للجمعية الأوروبية لعلم الوراثة البشرية.

مرضى «جفاف الجلد المصطبغ» يصابون بحالات تنكسية عصبية (بابلك دومين)

و«جفاف الجلد المصطبغ»، اضطراب وراثي «نادر ومدمر»، يحول دون إصلاح تلف الجلد الناجم عن الأشعة فوق البنفسجية، ونتيجة لذلك يصاب المرضى عادة بسرطان الجلد في مرحلة الطفولة، وبمجرد تشخيصهم، يمكن حمايتهم عن طريق تجنب أشعة الشمس، وارتداء ملابس خاصة ونظارات شمسية واستخدام واقٍ من الشمس.

ويصاب البعض منهم بتنكسات عصبية مثل فقدان السمع، وفقدان الوظيفة الفكرية، وسوء التنسيق، والنوبات المرضية. ويعد اكتشاف سبب ذلك، إضافة إلى تحديد المرضى الذين من المحتمل أن يصابوا بمثل هذه الحالات، من أولويات الباحثين.

وعملت صوفي مؤمن، استشارية الأمراض الجلدية من صندوق «جايز آند سانت توماس إن إتش إس فاونديشن تراست»، على بحث لفهم الحالات العصبية التي تصيب هؤلاء المرضى، كما طورت مع فريقها خوارزمية الكشف المبكر للتنبؤ بالمرضى الذين قد يصابون بمثل هذا التنكس العصبي.

وحتى الآن، كان هناك القليل من الأبحاث في هذا المجال، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن مرض «جفاف الجلد المصطبغ»، هو حالة نادرة تؤثر على شخص واحد من بين مليون شخص؛ ولأن الدماغ من الصعب جداً إجراء الأبحاث عليه.

ولحل هذه المشكلة، أخذ الباحثون عينات دم من المرضى الذين يعانون من «جفاف الجلد المصطبغ» مع أو من دون تنكس عصبي، ومن أفراد الأسرة الذين ليس لديهم المرض، وقاموا بتحويل هذه العينات إلى خلايا جذعية متعددة القدرات (خلايا يمكن تحويلها إلى أنواع مختلفة من الخلايا)، وتمكن الباحثون بعد ذلك من تحديد الخلايا الجذعية التي ستصبح خلايا دماغية (خلايا عصبية).

وتقول صوفي مؤمن، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجمعية الأوروبية لعلم الوراثة البشرية (الأحد)، إنه «تم إجراء تجارب مختلفة على هذه الخلايا العصبية باستخدام تقنيات متعددة لمحاولة فهم سبب تطوير بعض مرضى (جفاف الجلد المصطبغ) تنكساً عصبياً، في حين لم يحدث ذلك لدى البعض الآخر، ومن هذا المنطلق، تمكنت الدراسة من تطوير خوارزمية، يمكن أن تكون مفيدة في التنبؤ بالمرضى الذين سيطورون أعراضاً تنكسية عصبية، ما سيكون مفيداً في إمكانية تقديم شيء ما للمرضى لمحاولة إبطاء أو وقف ظهور التنكس العصبي»، لافتة إلى أن «البحث كشف عن أهداف دوائية محتملة».


مقالات ذات صلة

الضوضاء المهنية... تهديد غير مرئي لصحة السمع في بيئات العمل

صحتك جانب من ورشة العمل لفحص السمع الدماغي باستخدام أجهزة السمع (الشرق الأوسط)

الضوضاء المهنية... تهديد غير مرئي لصحة السمع في بيئات العمل

تعد الضوضاء المهنية من أشد المخاطر الصحية غير المرئية التي لا تحظى بالاهتمام الكافي، على الرغم من تأثيرها الكبير في قوة سمع العاملين في جميع أنحاء العالم.

أسماء الغابري (جدة)
صحتك المشاعر والأفكار السلبية غالباً ما تحاصر عقولنا في الليل (رويترز)

لماذا تظهر أعراض الاكتئاب في الليل؟

يلاحظ كثير من الأشخاص أن المشاعر السلبية غالباً ما تحاصر عقولهم في الليل، حيث قد تسيطر الأفكار السيئة والحزينة على تفكيرهم مما يجعل النوم صعباً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك قلة النوم أثناء الحمل يمكن أن يكون لها العديد من الآثار السلبية على الطفل (رويترز)

قلة النوم أثناء الحمل قد تؤثر على النمو العصبي للطفل

كشفت دراسة جديدة أن قلة النوم أثناء الحمل يمكن أن يكون لها العديد من الآثار السلبية على الطفل، بما في ذلك تأخير نموه العصبي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك المدخنون لديهم مستوى أعلى من البكتيريا الضارة في الفم مقارنة بغير المدخنين (رويترز)

دراسة: المدخنون لديهم مستوى أعلى من البكتيريا الضارة في أفواههم

كشفت دراسة علمية جديدة أن المدخنين لديهم مستوى أعلى من البكتيريا الضارة في الفم مقارنة بغير المدخنين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحصول على قسط قليل جداً من النوم يمكن أن يسبب تأثيرات سلبية كثيرة (أرشيفية - رويترز)

ما مقدار النوم المناسب لصحتنا كل يوم؟

من المعروف أن النوم له فوائد صحية مذهلة ولكن ما مقدار النوم الذي يعد أكثر من اللازم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)

الضوضاء المهنية... تهديد غير مرئي لصحة السمع في بيئات العمل

جانب من ورشة العمل لفحص السمع الدماغي باستخدام أجهزة السمع (الشرق الأوسط)
جانب من ورشة العمل لفحص السمع الدماغي باستخدام أجهزة السمع (الشرق الأوسط)
TT

الضوضاء المهنية... تهديد غير مرئي لصحة السمع في بيئات العمل

جانب من ورشة العمل لفحص السمع الدماغي باستخدام أجهزة السمع (الشرق الأوسط)
جانب من ورشة العمل لفحص السمع الدماغي باستخدام أجهزة السمع (الشرق الأوسط)

تعد الضوضاء المهنية من أشد المخاطر الصحية غير المرئية التي لا تحظى بالاهتمام الكافي، على الرغم من تأثيرها الكبير في صحة السمع لدى العاملين في جميع أنحاء العالم.

ومن المعروف أن المنخرطين في بيئات العمل، خصوصاً تلك التي تشهد مستويات مرتفعة من الضجيج، يواجهون تهديداً مستمراً يؤثر في سلامتهم الصحية. وفي المملكة العربية السعودية، سلَّطت دراسة بحثية الضوء على أهمية الوقاية من ضعف السمع الناجم عن التعرض المستمر للضوضاء في بيئات العمل، وتحديداً في مدينة جدة. وتُبرز الدراسة البحثية أهمية أجهزة حماية السمع مثل سدادات الأذن، والسماعات الوقائية، حيث تمثِّل تلك الأجهزة خط الدفاع الأول ضد التأثيرات السلبية لهذا الخطر. ومع ذلك، تواجه المملكة تحديات كبيرة نتيجة ممارسات خاطئة بشأن استخدام هذه الأجهزة؛ ما يحد من فاعليتها.

واستندت الدراسة التي قام بها الفريق البحثي المكون من (سارة النوري – روان السقاف - روان باطرفي) إلى تحليل عينة مكونة من 200 عامل تتراوح أعمارهم ما بين 18 و55 عاماً، تعرَّضوا للضوضاء في مواقع العمل لمدة لا تقل عن 6 أشهر. وأظهرت النتائج أن 39.5 في المائة من المشاركين لم يجتازوا الفحص السمعي المبدئي؛ ما يشير إلى انتشار نسبة ضعف السمع بينهم مقارنةً بالمعدل العالمي.

ورغم أن 82 في المائة من المشاركين كانوا مدركين خطورة الضوضاء على السمع، فإن 35 في المائة فقط كانوا على علم بتأثيرها السلبي الدائم. وفيما يتعلق باستخدام أجهزة حماية السمع، أكد 49 في المائة من المشاركين حرصهم على استخدامها في أثناء العمل، إلا أن ما يقرب من نصف هؤلاء المستخدمين أرجعوا السبب في ذلك إلى فرض جهة العمل تلك الاحتياطات جزءاً من السياسات المتبعة؛ ما يؤكد أهمية تطبيق السياسات والقوانين التي تفرضها مقرات العمل لضمان سلامة العاملين.

وفي حديث لها مع «الشرق الأوسط»، قالت الدكتورة حنين ريس الأستاذ المساعد بكلية علوم التأهيل الطبي قسم أمراض التخاطب والسمع في جامعة الملك عبد العزيز، والمشرفة على البحث: «إن ضعف السمع الناجم عن الضوضاء المهنية هو النوع الوحيد من ضعف السمع الحسي العصبي الذي يمكن الوقاية منه، ناهيك عن أن تأثيره السلبي في جودة الحياة مرتبط بشكل مباشر بانخفاض الإنتاجية، وارتفاع النفقات الصحية؛ الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر في الاقتصاد».

وأكدت الدراسة وجود حاجة مُلحة لتعزيز الوعي بأهمية الاستخدام الصحيح لأجهزة حماية السمع، كما تدعو إلى تطوير برامج فعالة للحفاظ على صحة السمع في بيئات العمل الضوضائية، كما أبرزت دور اختصاصي السمع في تقديم الحلول العملية من خلال التعاون مع الجهات المعنية لتطبيق القوانين واللوائح الوقائية بشكل صارم؛ ما يضمن حماية صحة العاملين، ويعزز جودة حياتهم.

الدكتور تشارلز هاينز في أثناء برنامجه التدريبي عن تشخيص عسر القراءة واضطرابات اللغة النمائية (الشرق الأوسط)

جاء ذلك في أثناء انعقاد المؤتمر العلمي السنوي الثالث والعشرين في مركز جدة للنطق والسمع «جش»، بالتعاون مع الجمعية السعودية لأمراض السمع والتخاطب تحت شعار: «معاً ندرب معاً نحقق الإنجاز»، بمشاركة مجموعة من الأطباء والاختصاصيين بمحاضرات علمية وورش تدريبية. ومن جهته أوضح المهندس عمر محمود من شركة «رزان» الطبية، أن الأجهزة السمعية شهدت تحولاً جذرياً، ولم تعد مجرد أدوات تقليدية لتحسين السمع، بل أصبحت قادرة بفضل التقنيات المتقدمة التي تشهدها مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي أن تقدم تجارب سمعية متكاملة.

وكشف محمود أن السماعات الطبية أصبحت تستخدم تقنيات مثل «Bluetooth» للتواصل مع الهواتف الذكية والأجهزة الأخرى؛ ما يتيح للمستخدمين التحكم في إعداداتها، كما أن كثيراً من السماعات تأتي مزودة بتطبيقات مخصصة تتيح للمستخدمين تعديل مستويات الصوت والتوازن وفقًا لاحتياجاتهم الشخصية، كما أن الذكاء الاصطناعي يعد أحد العوامل الرئيسية التي تسهم في تحسين أداء السماعات الطبية؛ حيث تستخدم هذه الأجهزة خوارزميات معقدة لتحليل الأصوات المحيطة؛ ما يساعد على تحسين جودة الصوت، وخفض الضوضاء الخلفية. ونوه، في الوقت نفسه، بأن نسبة استخدام السماعات الطبية تزداد مع تقدُّم العمر؛ حيث إن نسبة 40 في المائة من المستخدمين هم من فئة كبار السن، فوق 60 سنة، أما الأطفال فتبلغ نسبتهم 30 في المائة، بينما توزع الـ30 في المائة المتبقية بين الفئة العمرية من 15 إلى 50 سنة، وأشار إلى إن أنواع السماعات الطبية تختلف باختلاف درجة ضعف السمع، وأيضاً باختلاف الفئة العمرية. كما شدد على أن التصدي لمشكلة الضوضاء المهنية يتطلب جهداً جماعياً من الشركات والجهات والعاملين أنفسهم لضمان وجود بيئة عمل آمنة وصحية.