ثمة ضجة هائلة تحيط بمشروبات ومكملات الكولاجين collagen drinks and supplements، مع ترويج بعض المشاهير والمؤثرين لفوائد مذهلة لهذه المشروبات والمكملات للبشرة والشعر والأظافر. ونظراً لأن الكولاجين داخل أجسامنا يوفر دعماً حيوياً لهذه الأنسجة، يبدو من المنطقي أن تناول الكولاجين ربما يسهم في اكتساب مظهر شبابي متلألئ... لكن ماذا يقول العلم؟
الكولاجين
ما الكولاجين؟ الكولاجين عبارة عن بروتين هيكلي رئيسي يوجد داخل أنسجتنا. ويوجد الكولاجين في الجلد والشعر والأظافر والأوتار والغضاريف والعظام. ويعمل الكولاجين بالتعاون مع عناصر أخرى، مثل حمض الهيالورونيك والإيلاستين، للحفاظ على مرونة الجلد وحجمه ورطوبته. كما يسهم الكولاجين في تكوين بروتينات، مثل الكيراتين الذي يشكل الجلد والشعر والأظافر.
جديرٌ بالذكر أن أجسامنا تُنتج الكولاجين بشكل طبيعي، وذلك باستخدام أحماض أمينية من أطعمة غنية بالبروتين أو غنية بالكولاجين، مثل مرق العظام واللحوم والأسماك. إلا أن الشيخوخة والأضرار الناجمة عن التعرض لأشعة الشمس وتناول الكحوليات تقلل جميعها من إنتاج الكولاجين.
وفيما يخص مشروبات الكولاجين، فإنها غالباً ما تحتوي على كولاجين من مصادر كثيرة مختلفة، مثل الأسماك ولحوم الماشية والدجاج. وعادةً ما تحتوي مشروبات الكولاجين على الببتيدات، وهي عبارة عن سلاسل قصيرة من أحماض أمينية تساعد في تكوين بروتينات أساسية في الجسم، بما في ذلك الكولاجين نفسه والكيراتين.
العلم ومنتجات الكولاجين
ماذا يقول العلم عن مشروبات ومكملات الكولاجين؟ تتضمن الأبحاث التي جرت حول الجلد:
- مراجعة وتحليل 19 دراسة، نُشرت في الدورية الدولية للأمراض الجلدية، شارك بها 1125 شخصاً. وشعر من تناولوا مكملات الكولاجين بتحسن في مستوى تماسك وليونة البشرة، بينما بدت التجاعيد أقل وضوحاً. وتبدو هذه النتيجة واعدة، لكن من غير الواضح ما إذا كان هذا التحسن ناتجاً عن الكولاجين، ذلك أن غالبية التجارب استعانت بمكملات متاحة تجارياً احتوت أكثر من مجرد الكولاجين: فيتامينات ومعادن ومضادات أكسدة وإنزيم كيو10 وحمض الهيالورونيك وسلفات الكوندرويتين، من بين عناصر أخرى.
- يُظهر بعض التجارب العشوائية المنضبطة أن تناول مكملات الكولاجين التي تحوي كميات كبيرة من ببتيدات بروليهيدروكسيبرولين prolylhydroxyproline وهيدروكسيبروليلغليسين hydroxyprolylglycine يمكن أن يحسّن مستوى رطوبة الجلد ومرونته وتقليل التجاعيد والخشونة به. ومع ذلك، تبقى ثمة حاجة لإجراء دراسات رفيعة المستوى للتعرف على ما إذا كانت المنتجات المتاحة تجارياً مفيدة وآمنة للاستخدام على المدى الطويل.
في الواقع، يكاد لا يتوفر دليل على أن تناول الكولاجين يعزز صحة الشعر والأظافر. وخلصت دراسة صغيرة أُجريت عام 2017 على 25 شخصاً يعانون من هشاشة الأظافر، إلى أن تناول 2.5 غرام من الكولاجين يومياً على مدار 24 أسبوعاً أدى بالفعل لتقليل مستوى الهشاشة وتحسين نمو الأظافر. ومع ذلك، فإن هذه الدراسة الصغيرة لم تتضمن مجموعة منضبطة تتناول بلاسيبو لمقارنتها بالمجموعة التي تتناول مكملات الكولاجين.
إلى جانب ذلك، لم تُجرَ أي دراسات على البشر لفحص فوائد مكملات الكولاجين على الشعر. في الوقت الراهن، ليس ثمة دليل طبي يدعم الادعاءات التسويقية التي تقول بأن مكملات أو مشروبات الكولاجين يمكنها تحسين معدل نمو الشعر ولمعانه وحجمه وسمكه.
مكملات ومشروبات
والآن، هل ينبغي لك تجريب تناول مكملات أو مشروبات الكولاجين؟
في الوقت الراهن، لا يوجد دليل كافٍ على أن تناول أقراص أو مشروبات الكولاجين يخلق فوارق فيما يخص صحة الجلد أو الشعر أو الأظافر. الحقيقة أن أجسامنا ليس بإمكانها تناول الكولاجين في صورته الكاملة. ومن أجل أن يدخل مجرى الدم، يجب تكسير الكولاجين إلى ببتيدات حتى يتمكن الجسم من امتصاصه عبر الأمعاء.
ويمكن تكسير هذه الببتيدات بدورها إلى اللبنات الأساسية التي تصنع البروتينات مثل الكيراتين، والتي تسهم في تكوين الجلد والشعر والأظافر. أو قد تشكل الببتيدات الكولاجين الذي يترسب بأجزاء أخرى من الجسم، مثل الغضاريف أو العظام أو العضلات أو الأوتار. وحتى هذه اللحظة، لم تُثبت أي دراسات بشرية بوضوح أن الكولاجين الذي تتناوله عن طريق الفم سينتهي به المطاف في جلدك أو شعرك أو أظافرك.
إذا كنت تسعى لتحسين ملمس البشرة ومرونتها وتقليل التجاعيد، من الأفضل لك التركيز على الحماية من أشعة الشمس واستخدام الرتينويدات الموضعية topical retinoids. جدير بالذكر أن أبحاثاً مكثفة في هذا الشأن أثبتت بالفعل أن هذه الإجراءات فاعلة.
إذا اخترت تجريب مكملات أو مشروبات الكولاجين، تنبغي لك مراجعة قائمة المكونات والمعلومات الخاصة بالبروتين. تجنب المكملات التي تحتوي على الكثير من المواد المضافة. تحقق المنتجات التي تحتوي على كميات عالية من بروليهيدروكسيبرولين وهيدروكسيبروليلغليسين، أداءً أفضل في تقليل التجاعيد وتحسين مستوى رطوبة الجلد.
وعليك استشارة طبيبك قبل الشروع في تناول أي مكملات جديدة. ويجب على الأشخاص المعرضين للإصابة بالنقرس أو الذين يعانون من حالات طبية أخرى تتطلب منهم الحد من البروتين، الامتناع عن تناول مكملات أو مشروبات الكولاجين.
الخلاصة
لا تتوفر تجارب واسعة النطاق لتقييم فوائد مكملات الكولاجين التي يجري تناولها عن طريق الفم لصحة الجلد والشعر. إذا كنت تشعر بالقلق بخصوص شعر خفيف أو باهت، أو أظافر هشة، أو ترغب في الحفاظ على بشرة ناعمة وصحية، تحدث إلى طبيبك أو طبيب أمراض جلدية للحصول على المشورة بشأن مجموعة الخيارات المتاحة أمامك.
علاوة على ذلك، يمكن أن تفيدك الإرشادات التالية:
- اتبع أسلوب حياة صحياً، واتبع نظاماً غذائياً متوازناً يتضمن أطعمة غنية بالبروتين.
- إذا كنت تدخن، عليك الإقلاع عن التدخين.
- عليك تقليل تناول الكحوليات.
- احرص على استخدام كريم واقٍ من الشمس يومياً، وتذكر إعادة وضعه كل ساعتين.
- ارتد قبعات وملابس واسعة أو واقية من الأشعة فوق البنفسجية، عندما تقضي وقتاً طويلاً في الشمس.
* مدونات هارفارد الصحية
- خدمات «تريبيون ميديا»