دراسة: الدماغ يفضل الجهة اليسرى لسماع الأخبار السارة

اكتشف علماء أعصاب بالمعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا بلوزان (EPFL) ومستشفى جامعة لوزان وجامعة لوزان تحيزا غريبا في تصورنا للأصوات السارة.

ووفقا لمسح للدماغ شمل 13 شخصا بالغا، فإن الأصوات البشرية الإيجابية كالضحك تؤدي إلى نشاط عصبي أقوى في الجهاز السمعي للدماغ عندما يتم سماعها من الجانب الأيسر، ما يشير إلى أن القشرة السمعية البشرية مضبوطة خصيصا لاتجاه الأصوات التي تجعلنا سعداء. لكن ليس من الواضح سبب وجود تفضيل على الإطلاق؛ لذلك ركزت التجارب فقط على التغييرات بالنشاط في القشرة السمعية. إذ ان كيفية ترجمة مثل هذا التغيير إلى إدراك شخص ما لتلك الأصوات غير معروفة وسيحتاج إلى اختباره في البحث المستقبلي. علما ان الدراسات السابقة أظهرت أن الأذن اليسرى يمكنها بسهولة تحديد النغمة العاطفية في صوت شخص ما، الأمر الذي يشير إلى بعض التخصصات الأساسية.

ونظرا لأن الأذن اليسرى تغذي المعلومات إلى النصف الأيمن من القشرة السمعية أولا، فقد افترض أن الجانب الأيمن من الدماغ يجب أن يكون أفضل في معالجة المشاعر من الجانب الأيسر. غير ان النتائج الأخيرة تشير إلى أنه قد لا يكون الجواب الصحيح، وذلك وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي نقلا عن مجلة Frontiers in Neuroscience.

وعندما استمع المشاركون في الدراسة إلى أصوات بشرية سعيدة من ثلاثة اتجاهات مختلفة (إما اليسار أو الوسط أو اليمين) تم تنشيط كلا جانبي القشرة السمعية. لكن التسجيلات التي تم سماعها على الجانب الأيسر وحده أثارت استجابة عصبية أقوى بكثير.

التحدث إلى الأطفال الصغار يساعد في تشكيل بنية الدماغ

كشف الباحثون أن كمية الكلام التي تتنامى إلى مسامع الأطفال في سنواتهم الأولى من خلال الأشخاص البالغين قد تساعد في تشكيل بنية أدمغتهم، حسب صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وأشارت دراسات سابقة إلى وجود فوائد للتحدث مع الأطفال الصغار، وتشير الأبحاث إلى أنها يمكن أن تساعد في تحسين معالجة لغتهم وتعزيز مفرداتهم اللغوية. وقال الباحثون إنهم اكتشفوا أخيراً علاقة بين كمية الكلام التي يسمعها الأطفال من البالغين وتركيز مادة في الدماغ - تعرف باسم المايلين - تحيط بالأعصاب وتجعل الإشارات أكثر كفاءة.

في هذا السياق، قال المؤلف الرئيسي للدراسة، البروفسور جون سبنسر من جامعة إيست أنجليا بالمملكة المتحدة: «أعتقد أن الرسالة المستفادة هنا هي أن التحدث إلى أطفالك أمر مهم للغاية».

واستطرد قائلاً: «ما يلفت النظر هنا هو أنه يشكل حرفياً بنية الدماغ». تصف الأبحاث المنشورة في مجلة «علم الأعصاب» التي أعدها سبنسر وزملاؤه كيف استخدموا جهازاً مثبتاً داخل سترة لتسجيل كمية الكلام التي تعرض لها 87 طفلاً في سن 6 أشهر، و76 طفلاً في سن 30 شهراً في المنزل.

وسجل الفريق 6208 ساعات من البيانات اللغوية، ووجد أن الأطفال ذوي الأمهات المتعلمات قد تعرضوا لكميات أكبر من كلام البالغين، وأنهم أنفسهم باتوا يخرجون أصواتاً أكثر.

وبعد ذلك دعا الفريق 84 من الأطفال إلى المستشفى، حيث ناموا في غرفة هادئة خاصة. وقال سبنسر: «بمجرد أن نام الأطفال، تسللنا مثل النينجا ورفعناهم ووضعناهم في عربة ونقلناهم إلى غرفة فحص التصوير بالرنين المغناطيسي»، ثم استخدم الفريق فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي لقياس كمية المايلين في أدمغتهم. ومع نمو الدماغ، تزداد كمية المايلين. ومع ذلك، وجد الفريق، بالنسبة للأطفال في عمر 30 شهراً، أن كميات أكبر من كلام البالغين مرتبطة بوجود كميات أكبر من المايلين في المسارات المتعلقة باللغة في الدماغ.

ومن أجل المزيد من التوضيح، قالت عالمة الأعصاب ساندرا دا كوستا من EPFL «لا يحدث هذا عندما تأتي الأصوات الإيجابية من الأمام أو اليمين. ونظهر أيضا أن الأصوات ذات التكافؤ العاطفي المحايد أو السلبي، على سبيل المثال حروف العلة التي لا معنى لها أو الصرخات المرعبة، والأصوات الأخرى غير الأصوات البشرية لا ترتبط بالجانب الأيسر. فمن الواضح أن اتجاه الضوضاء يمكن أن يؤثر على جودة هذا الصوت».

وفي هذا الاطار، أظهرت الدراسات السابقة أن الأصوات التي تلوح في الأفق غالبا ما يُنظر إليها على أنها أكثر خطورة وإثارة من الأصوات المتراجعة. فيما تشير الدلائل إلى أن إثارة الشخص أسهل عندما يأتي الصوت من الخلف. إذ يوجد للحساسية المتزايدة لضوضاء معينة قادمة من اتجاهات معينة معنى تطوري واسع». لكن التحيز اليساري تجاه المشاعر في الأصوات البشرية لا يمكن تفسيره بسهولة.

جدير بالذكر، أن بعض وظائف الدماغ توجد في الجانب الأيسر من الدماغ أكثر من الجانب الأيمن، والعكس صحيح، ولكن في هذه الحالة بالذات، لا يبدو أن هذا يفسر النتائج. في حين أظهر النصف الأيمن من القشرة السمعية استجابة أقوى للأصوات البشرية السعيدة في منطقة واحدة تسمى L3، حيث تم تنشيط جانبي الدماغ بواسطة الأصوات في التجارب.

وتخلص كلارك الى القول «من غير المعروف حاليا متى يظهر تفضيل القشرة السمعية الأولية للنطق البشري الإيجابي من اليسار أثناء التطور البشري، وهل كانت هذه سمة إنسانية فريدة؟ وبمجرد أن نفهم هذا سنتوقع ما إذا كان مرتبطا بتفضيل اليد أو الترتيبات غير المتكافئة للأعضاء الداخلية».

الدماغ يقود مهمة إعادة التدوير بعد الصيام

يؤدي الصوم إلى تشغيل عملية تسمى «البلعمة الذاتية»، حيث يقوم الجسم بتشغيل نظام التخلص من النفايات في الخلايا، ويكتسب طاقة جديدة. وأظهر باحثون في معهد «ماكس بلانك» لأبحاث التمثيل الغذائي في كولونيا بألمانيا، أن الدماغ يلعب دوراً حاسماً في هذه العملية.
والمعروف أن خلايا الكبد هي المسؤولة عن هذه العملية، ولكن الدراسة المنشورة الثلاثاء في دورية «سيل ميتابوليزم» تكشف لأول مرة عن الدور الذي يقوم به الدماغ، حيث وجدت أنه «حتى بعد فترة قصيرة من الصيام، يقوم الدماغ بإفراز هرمون (الكورتيكوستيرون)، الذي يحفز الكبد على بداية عملية البلعمة الذاتية».
و«البلعمة الذاتية» ضرورية للبقاء على قيد الحياة، حيث يتم تمزيق الجزيئات المعيبة أو التالفة وتدميرها بواسطة نظام التخلص من النفايات الخاص بالخلية ويتم توليد طاقة جديدة من ذلك، وهذا النوع من إزالة السموم من الجسم يحافظ على لياقة الجسم.
ويوضح ويي تشين، باحث ما بعد الدكتوراه في معهد «ماكس بلانك» لأبحاث التمثيل الغذائي، والباحث الرئيسي، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعهد بالتزامن مع نشر الدراسة: «كنا نعتقد أن خلايا أجسامنا تشعر بأنفسها بشكل أساسي عندما تكون منخفضة الطاقة ثم تعزز الالتهام الذاتي، لكننا وجدنا الآن في تجارب على الفئران أن الدماغ يلعب دوراً حاسماً».
وفي دراستهم، لم يطعم الباحثون الفئران لمدة أربع ساعات، في الوقت الذي تأكل فيه كثيراً في العادة، ثم درسوا كيف استجابت العصبونات (AgRP)، وهي مجموعة من 3 آلاف خلية عصبية في مركز الجوع بمنطقة ما تحت المهاد بالدماغ، لهذا الصيام، والمثير للدهشة أنهم وجدوا أنه أثناء الصيام، لا يرسل الدماغ إشارات تحفز الكائن الحي على الأكل فحسب، بل يرسل أيضاً إشارات تنشط الالتهام الذاتي.
وتمكن الباحثون أيضاً من تحديد كيفية تواصل الدماغ مع الكبد، فعندما تكون مستويات الطاقة منخفضة، تحفز الخلايا العصبية إطلاق هرمون الكورتيكوستيرون، الذي يحفز بعد ذلك تنشيط الالتهام الذاتي في خلايا الكبد، وقد تمكنوا أيضاً من توضيح المسارات الدقيقة التي تنتقل بها الإشارة في الدماغ بالتفصيل، بالتالي تحديد الخلايا العصبية التي تشارك في العملية.
وتمكنوا أيضاً من إثبات أن منع إرسال هذه الإشارة يؤدي إلى عدم اندفاع الالتهام الذاتي على الرغم من الصيام، ويفترض الباحثون أن الدماغ يعطي أول إشارة أولية لبدء الالتهام الذاتي بسرعة، ويعتقدون أن الخلايا في الكبد ستبدأ أيضاً في نظام إعادة التدوير بنفسها، ولكن في مرحلة لاحقة فقط.
ويقول ينس برونينغ، مدير معهد ماكس بلانك لأبحاث التمثيل الغذائي: «تظهر دراستنا أن الالتهام الذاتي لا تديره خلايا الجسم بنفسها، ولكن من خلال الدماغ، وعلى المدى الطويل، نود معرفة ما إذا كانت هذه الآلية المكتشفة حديثاً في الدماغ تسهم في التأثيرات الإيجابية للصيام».
ويقول خالد شلبي، استشاري الباطنة بوزارة الصحة المصرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «النتائج التي توصل إليها الفريق البحثي، يمكن أن تكون مفيدة بعد إثباتها من خلال تجارب سريرية على البشر، في التحديد الدقيق لفترة الصيام المطلوبة لتشغيل آلية الالتهام الذاتي، وبالتالي يمكن أن تتم التوصية بنظام غذائي يومي يساعد على تشغيل تلك الآلية».