جراحة لمخ جنين داخل الرحم

في سابقة هي الأولى من نوعها في العالم

جراحة لمخ جنين داخل الرحم
TT

جراحة لمخ جنين داخل الرحم

جراحة لمخ جنين داخل الرحم

في سابقة تعد الأولى من نوعها تم إجراء عملية جراحية ناجحة في المخ لجنين داخل رحم الأم منذ شهرين تقريباً، حيث كان الرضيع يعاني من عيب خلقي نادر في الأوعية الدموية، وهي حالة من كل 60 ألفا، يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تنتهي في الأغلب بالوفاة بعد الولادة بوقت قصير.

وعلى الرغم من أن الأطباء لم يستطيعوا تحديد احتمالية حدوث مضاعفات في المستقبل من عدمه، فإن نجاح العملية يعد إنجازا علميا كبيرا يمكن أن يصبح طريقة علاجية ناجحة في المستقبل لمثل هذه التشوهات الخلقية.

عيب خلقي نادر

الحالة التي تم علاجها تسمى تشوه وريد جالين vein of Galen malformation أو اختصاراً (VOGM)، وهي عبارة عن حالة ينتهي فيها تقاطع الشرايين مع الأوردة بشكل مباشر.

ويتم اتصال الشرايين بالأوردة عن طريق الشعيرات الدموية capillaries، وهي عبارة عن أوعية دموية صغيرة وضيقة تؤدي إلى إبطاء اندفاع الدم من الشرايين ذات الضغط العالي إلى الأوردة ذات الضغط المنخفض، وفي حالة عدم وجودها يتم تدفق الدم إلى القلب والرئتين بضغط هائل يؤدي إلى عدة مشاكل صحية كبيرة. وهذه الحالة يتم تشخيصها عن طريق الأشعة التلفزيونية للجنين في أواخر مراحل الحمل.

في الأغلب بعد الولادة مباشرة تحدث مضاعفات مثل فشل في القلب نتيجة للدم المتراكم بقوة congestive heart failure في غضون يومين على الأكثر، ويمكن أن يحدث تورم في المخ أيضا نتيجة لضغط الدم، كما يرتفع ضغط الدم في الشرايين الرئوية.

وقبل الجراحة الجديدة كان العلاج يتم عن طريق إجراء يسمى الإبطاء وعدم الحركة embolization، وهو عبارة عن محاولة لإبطاء تدفق الدم من الشرايين للأوردة من خلال استخدام القسطرة للأطفال حديثي الولادة حتى تصل إلى المخ ويتم حقن مواد خاصة لزجة تعمل على إغلاق الوصلات المباشرة بين الشرايين والأوردة، وبالتالي يحدث إبطاء اندفاع الدم.

المشكلة أنه قبل هذه العملية داخل الرحم كانت نسبة تصل إلى 40 % على الأقل من الأطفال المرضى يتوفون حتى بعد العلاج عن طريق القسطرة، فضلاً عن حدوث حالات الإعاقة نتيجة لتلف أجزاء من المخ، خاصة أن هذه الحالة النادرة كانت تعد مميتة لكل المصابين قبل التوصل إلى العلاج بالقسطرة. لذلك وفي حالة نجاح الطريقة الجديدة، أي العملية داخل الرحم، تكون بمثابة إنقاذ لهؤلاء الأطفال المصابين، وقد أوضح الفريق الطبي أنهم بصدد إجراء العملية لـ20 طفلاً قريباً، خاصة أن الطفلة التي تم إجراء الجراحة لها بصحة جيدة وأكملت أسبوعها السادس بشكل طبيعي تماماً.

==============

قام الباحثون بتنفيذ العملية باستخدام تقنية مثل المستخدمة في عمليات القلب داخل الرحم ولكن في المخ، ما يمكن اعتباره قسطرة مصغرة

=============

قسطرة المخ

الجراحة الحالية قام بها أطباء من مستشفى بوسطن للأطفال Boston Children's Hospital في الولايات المتحدة، وحاولوا عمل نفس التقنية التي يتم استخدامها في الرضع حديثي الولادة لإبطاء سريان الدم ولكن داخل الرحم، ولذلك كان عليهم التنبؤ بمن من هذه الأجنة المصابة بالمرض سوف تتطور حالته للأسوأ أسرع من الآخرين لكي يبدأوا في إجراء الجراحة له. ولمعرفة ذلك قاموا باستخدام أشعة الرنين المغناطيسي للكشف على مخ الجنين داخل الرحم، وفي حالة رؤية تغيير في شكل أنسجة معينة للمخ يكون ذلك بمثابة مؤشر أن هذا الجنين سوف يتعرض لمضاعفات خطيرة بعد الولادة.

قام الباحثون بتنفيذ عملية الإبطاء embolization باستخدام تقنية مثل المستخدمة في عمليات القلب داخل الرحم ولكن في المخ، ما يمكن اعتباره قسطرة مصغرة micro-catheter عن طريق تمرير إبرة دقيقة الحجم عبر جدار الرحم ومن خلال بقعة لينة في مؤخرة جمجمة الجنين يتم إجراء العملية التي تكون موجهة بواسطة التصوير بالموجات فوق الصوتية وتحدث عملية الإبطاء ويتم الشفاء.

ونشر الجراحون تقريرا مفصلا عن العملية في مجلة السكتة الدماغية the journal Stroke مؤخراً، وأوضحوا أن الجنين كان يبلغ من العمر 34 أسبوعا ويومين وقت إجراء العملية، وكانت فرص إصابته بمضاعفات خطيرة بعد الولادة تصل إلى نسبة 99٪.

قال الأطباء إن العملية حدثت من دون مشاكل وكانت نتائجها فورية، حيث لاحظ الفريق الطبي من خلال التصوير حدوث انخفاض فوري في تدفق الدم الزائد خارج المخ وأيضاً انخفاض في ضغط الدم العائد للقلب ما يخفف الحمل الملقى على عضلة القلب. وقد تسبب الإجراء في تمزق الغشاء الذي يحيط بالجنين، ما استدعى ضرورة الولادة بعد ذلك بيومين فقط، وتم وضع الطفل في الحضانة. وتم الكشف على الرضيعة، وتبين أنها لم تكن تعاني من مشاكل في القلب، وبعد مرور 6 أسابيع أصبحت بصحة جيدة الآن وترضع بشكل طبيعي وتكتسب الوزن بمعدل طبيعي ولا تحتاج إلى أي أدوية ولا تظهر عليها علامات إصابة في المخ أو القلب.

وتم إجراء العملية تحت إشراف إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA). وذكر أطباء القلب أن الطفلة الآن لا تتعرض لأي مشكلات في القلب. وبالنسبة للنمو العصبي ما زال تحت الاختبار، لأنه كلما زاد عمر الطفلة أمكن رصد وجود خلل عصبي من عدمه. ولكن حتى الآن يبدو شكل المخ طبيعيا وتعمل التوصيلات العصبية بكفاءة تامة.

ومن المبكر الحكم على الإجراء بالنجاح أو الفشل، لكن نجاح العملية حافز لتكرار نفس التقنية على بقية الأجنة العشرين المرضى بنفس المرض، ويمكن أيضاً في حالة عدم حدوث مضاعفات في المستقبل أن تستخدم هذه التقنيات لعلاج العديد من العيوب الخلقية في الرحم.

* استشاري طب الأطفال.


مقالات ذات صلة

4 أمور يفعلها أطباء الأورام بانتظام لتقليل خطر الإصابة بالسرطان

صحتك البالغون الذين يمارسون نشاطاً بدنياً لديهم «خطر أقل بكثير» للإصابة بأنواع السرطان الشائعة (رويترز)

4 أمور يفعلها أطباء الأورام بانتظام لتقليل خطر الإصابة بالسرطان

يتم تشخيص أكثر من مليوني حالة سرطان جديدة كل عام في الولايات المتحدة، ويعد السرطان السبب الرئيسي الثاني للوفاة في البلاد، وفقاً لما ذكره موقع «هيلث» الصحي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الباحثون لم يجدوا فوائد صحية للوقوف لفترات طويلة لكنهم أكدوا أن الجلوس لأكثر من 10 ساعات يومياً يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب (رويترز)

هل تقف لفترات طويلة؟ دراسة قد تدفعك لتغيير نمط حياتك

توصلت دراسة جديدة إلى أن الوقوف على المدى الطويل لا يحسن صحة القلب والأوعية الدموية مقارنة بالجلوس وقد يزيد في الواقع من خطر الإصابة بمشاكل الدورة الدموية.

«الشرق الأوسط» (كانبيرا)
يوميات الشرق ثمة دائماً مَن يُصغي (الجمعية)

«مقعد متحدِّث» للدعم النفسي في بريطانيا

رُكِّب «مقعدٌ متحدِّثٌ» بميناء بريستول في بريطانيا؛ للتشجيع على خوض محادثات تتعلّق بالصحة العقلية، أملاً في الحؤول دون وقوع حوادث انتحار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك «ملتقى الصحة العالمي» يستعرض الفرص الواعدة للاستثمار في القطاع بالسعودية (واس)

رحلة التحول الصحي السعودي في ملتقى عالمي

يشهد «ملتقى الصحة العالمي»، الذي تستضيفه الرياض خلال الفترة بين 21 و23 أكتوبر الحالي، تحت شعار «استثمر في الصحة»، استعراض مستجدات القطاع، ومناقشة أبرز موضوعاته.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك السعودية على أبواب ثورة في التشخيص الطبي المتقدم

السعودية على أبواب ثورة في التشخيص الطبي المتقدم

يشهد القطاع الصحي في العالم تطوراً ملحوظاً، مدفوعاً بالتقدم التكنولوجي السريع والابتكارات المستمرة في مجالات التشخيص والعلاج.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (الرياض)

4 أمور يفعلها أطباء الأورام بانتظام لتقليل خطر الإصابة بالسرطان

البالغون الذين يمارسون نشاطاً بدنياً لديهم «خطر أقل بكثير» للإصابة بأنواع السرطان الشائعة (رويترز)
البالغون الذين يمارسون نشاطاً بدنياً لديهم «خطر أقل بكثير» للإصابة بأنواع السرطان الشائعة (رويترز)
TT

4 أمور يفعلها أطباء الأورام بانتظام لتقليل خطر الإصابة بالسرطان

البالغون الذين يمارسون نشاطاً بدنياً لديهم «خطر أقل بكثير» للإصابة بأنواع السرطان الشائعة (رويترز)
البالغون الذين يمارسون نشاطاً بدنياً لديهم «خطر أقل بكثير» للإصابة بأنواع السرطان الشائعة (رويترز)

يتم تشخيص أكثر من مليوني حالة سرطان جديدة كل عام في الولايات المتحدة، ويعد السرطان السبب الرئيسي الثاني للوفاة في البلاد، وفقاً لما ذكره موقع «هيلث» المختص بأخبار الصحة.

وفي حين أن غالبية حالات السرطان ناجمة عن عوامل خارجة عن إرادتك، فإن 42 في المائة على الأقل من الحالات الجديدة من المحتمل تجنبها، وفقاً لجمعية السرطان الأميركية.

ولحسن الحظ، فإن معظم الاستراتيجيات التي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالسرطان يمكنها أيضاً تحسين صحتك العامة.

ولهذا السبب يحاول عدد من أطباء الأورام بذل ما في وسعهم للالتزام بهذه الاستراتيجيات. وقام موقع «هيلث» باستشارة 4 من أطباء الأورام لمعرفة المزيد عن استراتيجياتهم الشخصية لتقليل خطر الإصابة بالسرطان. وهذا ما قالوه.

تناول الأطعمة الطازجة

ربطت الأبحاث مراراً وتكراراً بين الأطعمة فائقة المعالجة (التي تحتوي على مواد غير موجودة في الطعام الطازج، بما في ذلك النكهات المضافة والمحليات والألوان والمستحلبات) وارتفاع خطر الإصابة بالسرطان، إلى جانب مشكلات صحية أخرى.

على الجانب الآخر، وجدت الدراسات أن تناول نظام غذائي غني بالفواكه والخضراوات يمكن أن يساعد في تقليل خطر الإصابة بالسرطان.

لهذا السبب، أخبر الطبيب إرنست هوك، رئيس قسم الوقاية من السرطان في مركز السرطان بجامعة تكساس الأميركية، مجلة «هيلث» أنه يحاول تناول عدد أقل من الأطعمة الجاهزة والمزيد من الفواكه والخضراوات مع كل وجبة.

اليقظة الذهنية

تعد ممارسة النشاط البدني بانتظام وتجنب الأطعمة المصنعة أمراً مهماً بالنسبة للطبيب أنطون بيلشيك من معهد «بروفيدانس سانت جون» للسرطان في كاليفورنيا. لكنه قال أيضاً إنه يحاول جاهداً تقليل مستويات التوتر في حياته.

وأوضح أنه «من المعروف أن التوتر واضطراب أنماط النوم لهما تأثير كبير على الجهاز المناعي، وهذا يزيد من خطر الإصابة بالسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية».

وأكد أنه يفعل ما في وسعه للتخلص من التوتر. وقال: «لقد بدأت في إيلاء الكثير من الاهتمام للذهن... لم أعتقد أبداً أنني سأحاول ممارسة التأمل بين العمليات الجراحية الصعبة، لكنني أفعل ذلك». وأشار أيضاً إلى أنه يتوقف عن التفكير في العمل عندما يغادره، ويتوقف أيضاً عن التحقق من رسائل البريد الإلكتروني.

ممارسة الرياضة

وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأميركية، فإن البالغين النشطين بدنياً لديهم «خطر أقل بكثير» للإصابة بالكثير من أنواع السرطان الشائعة، بما في ذلك سرطان الثدي والقولون وبطانة الرحم والرئة والمعدة.

وتؤكد الطبيبة كريستين تيل، مديرة مركز رعاية الثدي في كلية الطب بجامعة جورج واشنطن، أهمية البقاء نشطاً، قائلة: «أحاول ممارسة الرياضة أربعة أيام على الأقل في الأسبوع، ويفضل خمسة».

وتمارس تيل التمارين بالأوزان في الصالة الرياضية، كما تقوم بالركض والمشي قدر استطاعتها، وقالت إنها تعلمت ألا تندم أبداً على ممارسة التمارين الرياضية، بل إنها تشعر دائماً بالسعادة لأنها قامت بها.

«أمارس ما أنصح به»‏

هناك الكثير من الطرق المختلفة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان، ويقول جاك جاكوب، طبيب الأورام في معهد «ميموريال كير» للسرطان في كاليفورنيا، إنه يحاول التركيز على الكثير منهم.

ويضيف: «أحاول أن أمارس ما أنصح به». ويبدأ ذلك بالحفاظ على وزن صحي. وقال: «نظراً لأن السمنة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتطور أنواع معينة من السرطان، أحاول الحفاظ على وزني من خلال ممارسة الرياضة وتعديل النظام الغذائي».

ويمارس جاكوب الرياضة، ولا يشرب الكحول ولا يدخن، ويحاول تجنب اللحوم المصنّعة ويتناول المزيد من الفواكه والخضراوات والمكسرات.