تباينت وسائل إعلام رسمية في إيران بشأن تقارير عن بدء اختبار صاروخي في عدة محافظات من البلاد، في وقت تتصاعد فيه التوترات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ويتواصل الخلاف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن مشاهدات ميدانية وتقارير واردة من مواطنين وقوع اختبار صاروخي في نقاط مختلفة من إيران.
ووفق تقرير الوكالة، شُوهدت صواريخ في كل من خرم آباد مركز محافظة لرستان، ومهاباد بمحافظة كردستان الغربية (غرب)، وأصفهان، وطهران (وسط)، ومشهد بمركز محافظة خراسان شمال شرقي البلاد، وهي مناطق تضم قواعد صاروخية تعرضت لضربات إسرائيلية مكثفة في حرب الـ12 يوماً.
ونشر كثير من المواقع والمنصات التابعة لـ«الحرس الثوري» صوراً تظهر الدخان الأبيض الناتج عن إطلاق صواريخ. كما أعادت صحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة مقطع فيديو من المناورات.
وفي وقت لاحق، نفى حساب التلفزيون الرسمي في بيان مقتضب على «تلغرام» إجراء أي مناورات صاروخية.
وأضاف البيان الذي لم ينشر على الموقع الرسمي للتلفزيون، أن الصور المتداولة عن «اختبار صاروخي» في بعض مناطق البلاد «غير صحيحة ولا تعود لأي تجربة صاروخية».
وأكدت المصادر أنه «لم يُجر اليوم أي اختبار صاروخي، موضحة أن الخط الأبيض الظاهر في السماء ناتج عن مسار طائرة على ارتفاع عالٍ».
وأتى النفي في وقت عرضت القناة الأولى في نشرتها الإخبارية تقريراً دعائياً عن الهجمات الصاروخية التي شنتها إيران رداً على الهجمات الإسرائيلية في يونيو (حزيران)، متوعدة إسرائيل بــ«الجحيم الصاروخي».
ولم يصدر تعليق من وكالة «فارس» التي نشرت المعلومات عن بدء المناورات الصاروخية لأول مرة.
وكشفت وسائل إعلام غربية الأحد عن رصد تحركات واسعة لـ«الحرس الثوري»، تشمل تحريك صواريخ وطائرات مسيّرة في مختلف أنحاء البلاد، تمهيداً لإجراء مناورات صاروخية.
وحذّرت إسرائيل الإدارة الأميركية من أن مناورة صاروخية ينفذها «الحرس الثوري» قد لا تكون تدريباً اعتيادياً، بل تعد غطاءً محتملاً لهجوم على إسرائيل، في وقت بدأ فيه الخطاب سواء العسكري أو السياسي في تل أبيب يتجه علناً نحو التلويح بإمكانية اندلاع مواجهة جديدة مع إيران.
«خارج طاولة التفاوض»
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن البرنامج الصاروخي الإيراني «دفاعي بحت» ولا يخضع لأي تفاوض، مشدداً على أن القدرات العسكرية لطهران طورت لأغراض «الردع».
وجاءت تصريحات بقائي خلال مؤتمر صحافي أسبوعي، قال فيه إن ما وصفه بمحاولات «رهاب إيران» واستغلال الملف الصاروخي «جزء من حرب مركّبة تقودها إسرائيل بدعم أميركي».

وأضاف أن «القدرات الدفاعية الإيرانية ليست موضع نقاش أو مساومة»، محمّلاً الولايات المتحدة وحلفاءها مسؤولية زعزعة الاستقرار الإقليمي عبر دعم إسرائيل. وتابع: «بالتالي، فإن القدرات الدفاعية الإيرانية المصممة لردع أي معتد، ليست مطروحة للنقاش»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».
وحذّر بقائي من أن إيران «سترد بالشكل المناسب» على أي اعتداء يستهدف مصالحها الوطنية، مضيفاً أن «الاستعداد العسكري يهدف إلى منع الحرب، لا السعي إليها».
الخلاف مع «الوكالة الذرية»
وفيما يتعلق بالملف النووي، أكد بقائي أن بلاده لا تزال ملتزمة بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، لكنها انتقدت بشدة أداء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا سيما عدم إدانتها الضربات الأميركية والإسرائيلية التي استهدفت منشآت نووية خاضعة لإشرافها.
وقال إن «قصف منشآت نووية سلمية يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، وضربة خطيرة لنظام عدم الانتشار»، محذراً من أن عدم الإدانة «قد يشجّع على تكرار مثل هذه الهجمات».
وأوضح أن إيران علّقت بعض أوجه التعاون مع الوكالة بعد الهجمات، وربطت عودة التعاون الكامل بتوفير ضمانات أمنية واحترام حقها في التخصيب، مشيراً إلى عدم وجود سابقة أو آلية واضحة لتفتيش منشآت تعرّضت لقصف عسكري.
ووجّه بقائي انتقادات للدول الأوروبية، داعياً إياها إلى «تحمّل مسؤولياتها القانونية» بدلاً من توجيه الاتهامات لطهران، ولا سيما فيما يتعلق بإعادة تفعيل مسارات العقوبات.
وقال إن أوروبا «أسهمت في تعقيد الملف النووي» عبر مواقف وصفها بأنها مسيّسة، مؤكداً أن أي حل مستدام يتطلب احترام الحقوق المنصوص عليها في معاهدة عدم الانتشار، وليس السعي إلى «تصفير التخصيب».
توقف الحوار مع واشنطن
وصرّح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الاثنين، بأن طهران «لا تستبعد» احتمال تعرضها لهجوم جديد، لكنها «مستعدة بالكامل، وأكثر من السابق»، مشدداً على أن الجاهزية تهدف إلى منع الحرب لا الترحيب بها، وأن إيران أعادت بناء ما تضرر خلال هجمات يونيو الماضي.
وأشار عراقجي إلى أنه أجرى في وقت سابق اتصالات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف بشأن الملف النووي، قبل أن تقرر طهران وقف هذه الاتصالات منذ عدة أشهر. وقال إن استهداف إيران «خلال مسار تفاوضي» شكَّل «تجربة مريرة»، مذكراً بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاق 2015 «دون مبرر منطقي». وأضاف أنه واصل تبادل وجهات النظر مع ويتكوف بعد الحرب الأخيرة، لكنه عدّ أن الإصرار الأميركي على استئناف المفاوضات جاء «بنهج خاطئ»، مشدداً على أن طهران «مستعدة لاتفاق عادل ومتوازن عبر التفاوض»، لكنها «غير مستعدة لقبول الإملاء».
وتطالب الولايات المتحدة بوقف كامل لتخصيب اليورانيوم، وتحجيم البرنامج الصاروخي الإيراني، وتقليص مدى الصواريخ إلى نحو 400 كيلومتر، فضلاً عن وقف الأنشطة الإقليمية، المتمثلة بدعم «الحرس الثوري» لجماعات مسلحة في المنطقة.
وتطرّق بقائي إلى ملف المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة، قائلاً إن إيران «لا ترفض التفاوض من حيث المبدأ»، لكنها لن تقبل «الإملاءات»، مشيراً إلى أن أي مسار تفاوضي يجب أن يقوم على «الاحترام المتبادل ورفع العقوبات مقابل بناء الثقة»، في إشارة إلى اتفاق 2015 الذي انسحبت منه واشنطن لاحقاً.
وأضاف أن استهداف إيران عسكرياً خلال فترة كانت تشهد اتصالات دبلوماسية شكّل «تجربة مريرة»، وأسهم في تقويض الثقة بأي مسار تفاوضي جديد.













