موسكو تجدد دعم طهران في إيجاد حلول لأزمة برنامجها النووي

السفير الروسي لدى إيران: التعاون وصل إلى مستوى غير مسبوق

عراقجی یسقتبل المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف في طهران الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)
عراقجی یسقتبل المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف في طهران الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)
TT

موسكو تجدد دعم طهران في إيجاد حلول لأزمة برنامجها النووي

عراقجی یسقتبل المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف في طهران الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)
عراقجی یسقتبل المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف في طهران الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)

قال السفير الروسي في طهران، أليكسي ديدوف، إن روسيا تواصل دعم إيران في البحث عن حلول لتسوية الأزمة المحيطة ببرنامجها النووي، مشدداً على أن موسكو تجري مشاورات مستمرة مع طهران على مستويات متعددة.

وتتمتع موسكو بعلاقات وثيقة مع طهران، ونددت بالضربات الأميركية والإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية في وقت سابق من هذا العام، التي كان هدفها المعلن منع طهران من امتلاك قنبلة نووية.

وأوضح ديدوف في مقابلة نشرتها وكالة «تاس»، اليوم الثلاثاء، أن «روسيا وإيران في اتصال مستمر بهدف معالجة الوضع الذي نشأ حول البرنامج النووي الإيراني نتيجة سياسات الدول الغربية»، وأضاف: «سنواصل تقديم دعم شامل لطهران من أجل التوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي طويل الأمد للأزمة الحالية».

وأضاف ديدوف: «كل ما يمكن القيام به يجري من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي فعال»، لافتاً إلى أن موسكو تعدّ الخطوات التي اتخذتها فرنسا وبريطانيا وألمانيا، بهدف إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن الدولي على إيران «باطلة من الناحية القانونية والإجرائية»، مضيفاً أن «محاولات الضغط على إيران لا تُشكل أي التزامات قانونية على الأطراف الملتزمة بالقانون الدولي».

ورفض مجلس الأمن في 26 سبتمبر (أيلول) مشروع قرار قدمته روسيا والصين لتجديد سريان القرار 2231 الداعم للاتفاق النووي الإيراني لمدة ستة أشهر إضافية. وفي 28 سبتمبر، دخلت العقوبات الأممية الجديدة على إيران حيز التنفيذ.

تعاون متعدد الأوجه

وأوضح ديدوف أن مستوى التعاون بين روسيا وإيران شهد تطوراً نوعياً خلال الأعوام الأخيرة، مع توسّع التبادل التجاري وبدء تنفيذ عدد من المشاريع الكبرى في مجالات متعددة. وقال: «في السنوات الأخيرة وصلت العلاقات إلى مستوى غير مسبوق، وقد تُوّج ذلك بتوقيع معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الدولتين، التي وقعها رئيسا البلدين في 17 يناير (كانون الثاني) 2025 خلال الزيارة التاريخية للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى موسكو».

أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاریجاني يصافح السفير الروسي لدى طهران أليكسي ديدوف على هامش لقائه مع المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف في طهران (جماران)

وأشار السفير إلى وجود «حوار شامل يقوم على الثقة وتوافق في معظم القضايا الثنائية والإقليمية والدولية» بين موسكو وطهران. وأضاف أن السنوات الثلاث الماضية شهدت نمواً واضحاً في حجم التبادل التجاري، وتزايد الاهتمام من قبل الأوساط الاقتصادية والثقافية في كلا البلدين بتوسيع التعاون، إلى جانب انطلاق مشاريع كبرى مشتركة في مجالات البنوك والنقل والطاقة والتقنيات النووية.

وذكر ديدوف من بين هذه المشاريع: استمرار دمج منظومتي المدفوعات الوطنيتين «مير» الروسية و«شتاب» الإيرانية و إنشاء خط السكك الحديدية رشت – آستارا ضمن مشروع ممر الشمال – الجنوب الدولي، و بناء الوحدتين الثانية والثالثة من محطة بوشهر النووية.

محطات طاقة

وأفاد ديدوف بأن العمل جارٍ على مشروع محطة الطاقة النووية «هرمز» في إيران، حيث تم تحديد مفهوم المشروع والاتفاق على خريطة طريق للتعاقد، فيما يجري التحضير لتوقيع أول عقد.

وقال ديدوف: «في إطار مشروع محطة كبيرة القدرة، بدأ تنفيذ أعمال عملية بالفعل: تم الاتفاق على مفهوم المشروع، وأُعدت خريطة طريق للتعاقد وتم التوافق عليها بين الجانبين، ويجري حالياً إعداد أول عقد يتعلق بالوثائق الهندسية للمشروع».

وأضاف السفير أن موسكو وطهران تعملان بالتوازي على مشروع محطات طاقة نووية صغيرة القدرة، في إطار مذكرة التفاهم والتعاون الموقّعة لإنشاء تلك المحطات في إيران. وأوضح: «هناك مشاورات جارية حالياً لاستكمال بروتوكول التعاون الحكومي حول إنشاء محطات الطاقة النووية الصغيرة على الأراضي الإيرانية، وسيشكّل التوقيع على هذه الوثيقة نقطة الانطلاق للبدء بالمرحلة التنفيذية النشطة للمشروع».

وكانت شركة «روس آتوم» قد أعلنت في 24 سبتمبر (أيلول) أن وفداً روسياً وآخر إيرانياً وقّعا مذكرة تفاهم حول التعاون في بناء محطات نووية صغيرة القدرة داخل إيران، وتتضمن الوثيقة خطوات عملية لتنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي.

وقال ديدوف، إن التعاون بين موسكو وطهران ما يزال يملك إمكانات كبيرة غير مستغلة في مجالات السياحة والثقافة والتعليم، موضحاً أنه يمكن تعزيز تدفق السياح عبر فتح خطوط جوية جديدة وزيادة عدد الرحلات، إضافة إلى تفعيل التبادلات الثقافية والفنية. وأشار إلى أن الاعتراف المتبادل بالشهادات ما زال يشكّل عقبة أمام التعاون الأكاديمي، رغم وجود أكثر من 9 آلاف طالب إيراني في الجامعات الروسية، مؤكداً استمرار الجهود لحل الحواجز الإدارية والعقوبات التي تعطل التعاون الاقتصادي بين الجانبين.

وفي السياق الثقافي، كشف ديدوف عن أن روسيا وإيران تعملان على اتفاق للإنتاج السينمائي المشترك، لافتاً إلى أن المسلسل الروسي «من الصعب أن تكون إلهاً» صُوّر جزء منه في إيران هذا العام، وأن أفلاماً إيرانية ستشارك في جائزة السينما الأوراسية المفتوحة «الفراشة الماسية» التي سيقام حفلها الأول في موسكو. وأكد أن الاتفاق السينمائي قيد الدراسة لدى طهران وسيُسهم في إطلاق مرحلة أوسع من التعاون الثقافي بين البلدين.

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصلان لحضور حفل توقيع بعد محادثاتهما بموسكو في 17 يناير (أ.ب)

انتقادات إيرانية لموسكو

وتأتي تأكيدات السفير الروسي على مواصلة التعاون، بعد ثلاثة أيام من انتقادات وجهها رئيس البرلمان السابق محمد باقر قاليباف إلى الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، متهماً إياهما بالإضرار بالعلاقات الاستراتيجية بين طهران وموسكو.

وبعد ذلك بأيام تبادل مسؤولون روس وإيرانيون كبار الزيارات، لبحث مسار اتفاق التعاون الاستراتيجي الموقع بين البلدين في يناير (كانون الثاني) الماضي. ووجّه روحاني وظريف في الأسابيع الأخيرة انتقادات لمواقف روسيا في المفاوضات، وكذلك العقوبات على البرنامج النووي الإيراني. وانتقد روحاني مؤخراً التعويل على الصين وروسيا، مشيراً إلى أنهما لم تعارضا ستة قرارات أممية فرضت عقوبات على إيران.

وحمّل لافروف، ظريف، مسؤولية إدارة آلية «سناب باك» في الاتفاق النووي، ووصفها بـ«الفخ القانوني الواضح». ومن جانبه، اتهم ظريف روسيا بإجبار إيران للدفع لآلية «سناب باك» التي أعيد بموجبها العقوبات على طهران، وذلك بعدما طرح نظيراه الفرنسي والروسي مشروعاً آخر خلال مفاوضات 2015 للتصويت على الاتفاق النووي في مجلس الأمن كل ستة أشهر.

وجدد ظريف الشهر الماضي، انتقادات سابقة لروسيا، بسبب «استدراج» قاسم سليماني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» لزيارة موسكو، بهدف عرقلة الاتفاق النووي، ومسار تحسين العلاقات بين طهران والقوى الغربية. وألقى باللوم على الروس في كشف الزيارة. كما شملت انتقادات بيع الطائرات المسيّرة لروسيا.

ويعد ظريف من بين أبرز المسؤولين الذين يوجهون انتقادات إلى موسكو، ويصر في خطابات على توصية المسؤولين بتوخي الحذر في التعامل مع روسيا. وتربط ظريف وروحاني صلات وثيقة بأطراف معادية لروسيا، الذين يتهمون مسؤولين آخرين بالولاء الشديد إلى موسكو وحماية مصالحها في إيران، وتطلق عليهم وسائل الإعلام الإصلاحية تسمية «روسوفيلية».

ماذا يقول المحللون الإيرانيون؟

وقال المحلل الإيراني والدبلوماسي السابق، عبد الرضا فرجي راد، إن «انتقادات قاليباف لروحاني وظريف كانت رسالة من النظام إلى روسيا»، حسبما أورد موقع «رويداد 24» الإخباري المحلي.

وأوضح فرجي راد أن روحاني وظريف «شخصيتان بارزتان على الساحة الدولية، وتصريحاتهما تتابع خارج البلاد. والنظام، في الظرف الراهن، لا يريد أن تُثار أي شكوك حول متانة تحالفه مع روسيا؛ لذلك فإن موقف قاليباف تجاه روحاني وظريف لم يكن حديثاً ارتجالياً أو رأياً شخصياً، بل جاء منسقاً مع الجهات الحاكمة».

ووصف فرجي راد ما تلاه قاليباف في جلسة صباح الأحد بأنه «رسالة سياسية منسقة» موجّهة إلى روسيا والصين، للتأكيد على أن «الجمهورية الإسلامية ما زالت شريكاً استراتيجياً لهما، وأن ما يصدر عن مسؤولين سابقين لا يُعبّر عن الموقف الرسمي للدولة».

ومن جهته، قال النائب الأسبق، حشمت الله فلاحت بيشه، لموقع «نامه نيوز» التحليلي إن «روسيا لا تتعامل مع إيران كشريك استراتيجي». مضيفاً أن «الروس تصرفوا بذكاء جعل خيارات إيران في السياسة الخارجية تتقلص إلى الحد الأدنى، وقد عاد ملف إيران في مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع، في وضع فرضت فيه موسكو رؤية أحادية على طهران».

وكان فلاحت بيشه رئيساً للجنة الأمن القومي خلال المفاوضات النووية لعام 2015، وتحول في السنوات الأخيرة إلى أبرز منتقدي روسيا وحلفائها في إيران.

وقال فلاحت بيشه الذي يعرف بانتقاداته الحادة لروسيا إنه «حتى في الفترات التي كانت فيها لإيران خيارات متعددة ولم تكن منهمكة في الحرب، لم تنظر روسيا قط إلى العلاقة معها بوصفها علاقة استراتيجية، إذ لم تقدّم لطهران أسلحة استراتيجية في أي وقت، وظلت تترك إيران وحيدة في الحرب والسياسة على حد سواء».


مقالات ذات صلة

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

شؤون إقليمية بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مركز كيندي سيكون مقراً لسحب قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن (رويترز)

إيران ستحضر قرعة كأس العالم بعد التلويح بالمقاطعة بسبب التأشيرات

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم (الخميس)، أن وفداً إيرانيّاً سيحضر قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 غداً (الجمعة) رغم إعلان إيران سابقاً مقاطعة الحفل المقرر بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

إيران تدعو وزير خارجية لبنان لزيارتها ومناقشة العلاقات الثنائية

قالت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الخميس، إن الوزير عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني يوسف رجي لزيارة طهران قريباً لمناقشة العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (طهران)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)
شؤون إقليمية زوارق سريعة لـ«الحرس الثوري» خلال مناورات سابقة في مضيق هرمز (أرشيفية - تسنيم)

مناورات بحرية لـ«الحرس الثوري» الإيراني

أعلنت القوة البحرية لـ«الحرس الثوري» الإيراني، الأربعاء، عن إجراء مناورات في مياه الخليج العربي، «ابتداءً من الخميس ولمدة يومين، وتشمل مناطق الخليج وجزر نازعات…

«الشرق الأوسط» (طهران)

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار)، بزيادة على 90 مليار شيقل كانت مُدرجة في مسودة سابقة، وفقاً لوكالة «رويترز».

واتفق كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على إطار الإنفاق الدفاعي، حيث بدأ مجلس الوزراء مناقشة ميزانية العام المقبل، والتي تجب الموافقة عليها بحلول مارس (آذار)، وإلا قد تؤدي إلى انتخابات جديدة.

وبدأ الوزراء ما يُعرف بجلسة ماراثونية يوم الخميس قبل التصويت الذي قد يُجرى صباح الجمعة. وفي حال إقرارها، ستُعرض على البرلمان للتصويت الأولي.

وأكد كاتس أن الجيش سيواصل جهوده لتلبية احتياجات مقاتليه وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط.

ونقل مكتبه عنه قوله: «سنواصل العمل بحزم لتعزيز جيش الدفاع الإسرائيلي، وتلبية احتياجات المقاتلين بشكل كامل، وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط - من أجل ضمان أمن دولة إسرائيل على جميع الجبهات».

وكانت حرب غزة مكلفة لإسرائيل، التي أنفقت 31 مليار دولار في عام 2024 على صراعاتها العسكرية مع «حماس» و«حزب الله» في لبنان.

ومنذ ذلك الحين، أبرمت إسرائيل اتفاقيات لوقف إطلاق النار مع الجماعتين المسلحتين. وصرح مكتب سموتريتش بأن ميزانية الدفاع لعام 2026، شهدت زيادة قدرها 47 مليار شيقل مقارنة بعام 2023 عشية الحرب. وقال سموتريتش، وفقاً لمكتبه: «نخصص ميزانية ضخمة لتعزيز الجيش هذا العام، ولكنها أيضاً ميزانية تسمح لنا بإعادة دولة إسرائيل إلى مسار النمو والراحة للمواطنين».


لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
TT

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.

وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.

رئيس البرلمان التركي نعمان كوتولموش (حساب البرلمان في إكس)

وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».

مرحلة حساسة

وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.

وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».

وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان وهو يقرأ نداءه لحزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي خلال احتفالات عيد النوروز في تركيا في 21 مارس (رويترز)

وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.

وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».

موقف أوجلان

وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.

وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.

بروين بولدان ومدحدت سانجار عضوا وفد إيمرالي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.

وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (من حسابه في إكس)

في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.


«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
TT

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها. لكن ما لم يكن المواطنون يدركونه هو أنّ المسؤولين الحكوميين ومؤيدي النظام يستخدمون الموقع نفسه، رغم أنّه محظور داخل إيران.

وقد كُشف عن هذا الأمر بعد أن أطلقت منصة «إكس»، التي يملكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، تحديثاً يُظهر موقع كل مستخدم.

وفضح التحديث وزراء حكوميين، وشخصيات في وسائل الإعلام الرسمية، ومسؤولين سياسيين، وحسابات موالية للنظام، إذ ظهر أنهم يدخلون إلى المنصة المحظورة من داخل إيران باستخدام شرائح «وايت سيم» (الشرائح البيضاء) الخاصة.

كان من المفترض أن تساعد ميزة تحديد الموقع الجديدة على رصد الحسابات الوهمية، لكنها بدلاً من ذلك كشفت عن الفجوة الرقمية في إيران، التي تُعد إحدى أكثر دول العالم خضوعاً للرقابة، وفق ما ذكرت صحيفة «التلغراف» البريطانية.

ويصف منتقدو النظام هذه الفجوة بأنها نوع من «الفصل العنصري الرقمي»، حيث لا يستطيع الوصول الحر إلى الإنترنت إلا مجموعات معينة.

الإيرانيون العاديون

متسوقون في بازار بشمال طهران (أرشيفية - أ.ف.ب)

في المقابل، يضطر الإيرانيون العاديون إلى استخدام تطبيقات «في بي إن» (VPN) التي تُخفي موقعهم الحقيقي، لتجاوز الحظر. وإذا ضُبطوا وهم ينشرون على منصة «إكس» فإن السلطات الإيرانية تعاقبهم، وإن كانت منشوراتهم مناهضة لإيران أو مؤيدة لإسرائيل، فهم يواجهون الإعدام أو أحكاماً بالسجن.

أما الحسابات الحكومية والموالية للنظام فتستخدم شرائح الـ«وايت سيم» للحصول على دخول غير مقيّد إلى الإنترنت وتجاوز القيود التي يفرضونها هم أنفسهم.

أحمد بخشايش أردستاني، وهو سياسي إيراني وعضو في لجنة الأمن القومي، انتقد استخدام هذه الشرائح، قائلاً: «كثير من الناس يريدون استمرار الحجب لأنهم يريدون تطبيقات (في بي إن) والمتاجرة فيها».

وأضاف أن سوق هذه التطبيقات المستخدمة من قبل المواطنين العاديين «حجمها المالي كبير، وتتحكم به عصابات مافيا».

وعند الدخول إلى منصة «إكس» باستخدام تطبيقات «في بي إن»، يظهر الموقع الجغرافي للدولة التي يوجد فيها الخادم (Server) وليس الموقع الحقيقي للشخص المستخدم.

ومن المنصات المحظورة الأخرى في إيران: «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«تلغرام». وقال أحد المواطنين الإيرانيين لصحيفة البريطانية إن «هذا تمييز واضح في الحقوق العامة ويتعارض مع النص الصريح للدستور»، في إشارة إلى ضمان الدستور الإيراني للمساواة بين المواطنين.

وقال آخر: «عندما تستخدمون أنتم أنفسكم شرائح (وايت سيم) الخاصة، فكيف يمكن أن نتوقع منكم أن تفهموا معاناتنا مع الحجب؟ وكيف نتوقع منكم السعي لرفعه؟».

شخصيات وحسابات مستثناة

أرشيفية لوزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف خلال حضوره تأبيناً لدبلوماسيين إيرانيين (تسنيم)

وزير الاتصالات ستّار هاشمي، ووزير الخارجية السابق جواد ظريف، والمتحدثة الحكومية فاطمة مهاجراني، إضافة إلى عشرات الصحافيين العاملين في وسائل إعلام رسمية.

كما كُشف أيضاً عن شخصيات سياسية، ومنشدين دينيين يمدحون النظام الإيراني في المناسبات الرسمية، وحسابات ادّعت عبر الإنترنت أنها معارضة، بما في ذلك صفحات مَلَكية وانفصالية تعمل من داخل إيران على ما يبدو بموافقة رسمية.

ويقول محللون إن الهدف هو إبقاء أجزاء من الخطاب المعارض - الصفحات المَلَكية والانفصالية - تحت سيطرة المؤسسة الدينية الحاكمة. وكانت الفضيحة محرجة بشكل خاص للمسؤولين الذين سبق أن عارضوا علناً الامتيازات في الوصول إلى الإنترنت.

فقد ادّعت مهاجراني أنها تستخدم برامج «في بي إن»، مثلها مثل المواطنين العاديين، قائلة: «الإنترنت الطبقي لا أساس قانونياً له، ولن يكون أبداً على جدول أعمال الحكومة».

وقال مهدي طباطبائي، نائب وزير الاتصالات وله دور في متابعة رفع حجب الإنترنت، إن «تقسيم المجتمع إلى أبيض وأسود هو لعب في ملعب العدو». وشبّه الصحافي ياشار سلطاني الوضع برواية جورج أورويل «مزرعة الحيوان»، قائلاً: «عندما تُقنّن الحرية، فهي لم تعد حرية – إنها تمييز بنيوي».