ما تفاصيل «خطة بلير» لحكم غزة للسنوات الخمس المقبلة؟

تغييب السلطة الفلسطينية وإيكال إدارة القطاع لـ«سلطة دولية انتقالية» بصلاحيات شاملة

الدخان يتصاعد عقب هجوم إسرائيلي على مدينة غزة في لقطة مأخوذة من وسط القطاع يوم الثلاثاء (أ.ب)
الدخان يتصاعد عقب هجوم إسرائيلي على مدينة غزة في لقطة مأخوذة من وسط القطاع يوم الثلاثاء (أ.ب)
TT

ما تفاصيل «خطة بلير» لحكم غزة للسنوات الخمس المقبلة؟

الدخان يتصاعد عقب هجوم إسرائيلي على مدينة غزة في لقطة مأخوذة من وسط القطاع يوم الثلاثاء (أ.ب)
الدخان يتصاعد عقب هجوم إسرائيلي على مدينة غزة في لقطة مأخوذة من وسط القطاع يوم الثلاثاء (أ.ب)

فيما انطلقت، الاثنين، مفاوضات في مدينة شرم الشيخ المصرية بشأن تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، المكونة من 20 مادة، لتشكل إطاراً عاماً يرسم مستقبل غزة، بدأ البحث يتركز على ما يسمى «اليوم التالي»، أي مستقبل القطاع بجوانبه كافة، من مسائل تتعلق بمصير «حماس»، ونزع السلاح، والحوكمة، وإعادة الإعمار، والعلاقة بين غزة والضفة الغربية، وبينها وبين السلطة الفلسطينية.

وفي هذا السياق، برز الدور الذي لعبه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، إذ أظهرت المعلومات المتقاطعة أن «خطة ترمب» وُلدت من خلال مناقشات جرت في البيت الأبيض، نهاية أغسطس (آب) الماضي، بمشاركة الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر، الذي عاد مؤخراً إلى الواجهة الدبلوماسية، ولكن من غير صفة رسمية، كما كان حاله خلال ولاية ترمب الأولى، وبمشاركة بلير.

وتفيد معلومات أخرى أن «معهد توني بلير للتغيير العالمي» البحثي الذي أطلقه رئيس الوزراء الأسبق منذ عدة سنوات هو من تولى صياغة الخطة التي شكّلت نواة لمقترحات ترمب. ومنذ 18 سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأت موادها بالتسرب.

وعرضت صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية الخطة بشيء من التفصيل، يوم الاثنين، وذلك بعد تطرق وسائل إعلام إسرائيلية وبريطانية لجوانب من بنودها.

ومن الجدير بالذكر أن البند التاسع من «خطة ترمب»، الخاص بحكم غزة، يشير إلى قيام «سلطة انتقالية» تعمل تحت إشراف «لجنة السلام»، المفترض أن يترأسها ترمب نفسه. وبلير هو الاسم الآخر الوحيد الوارد في هذا البند، ما يعني أن الطرف الأميركي يعدّه لترؤس هذه السلطة.

رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير مجتمعاً مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في العاصمة الأردنية عمان يوم 13 يوليو 2025 (أ.ف.ب)

وبحسب «لو فيغاور»، فإن الخطة التي جاءت في 21 صفحة، تنيط إدارة القطاع بـ«السلطة الدولية الانتقالية لغزة». وتقول الصحيفة إنها أُعدت «من قِبل فريق مرتبط بمكتب توني بلير ودوائر أميركية - إسرائيلية مقربة من إدارة ترمب»، وستتراوح مدتها الزمنية ما بين 3 و 5 سنوات.

وتقول مصادر أخرى إنها تستوحي، إلى حد ما، نماذج من الإدارات الانتقالية التي أنشأتها الأمم المتحدة في غرب غينيا الجديدة وكمبوديا وكوسوفو وتيمور الشرقية.

السلطة الدولية الانتقالية لغزة

تمثل «السلطة الدولية الانتقالية لغزة» (GITA) حجر الأساس لحكم القطاع ومستقبله، وفق الوثيقة المنشورة التي يراد منها أن تكون شاملة متكاملة.

وتقول الوثيقة إن السلطة الدولية الانتقالية «تمارس كافة الصلاحيات التنفيذية، والتشريعية، والقضائية. كما أنها تعيّن القضاة والوزراء ورؤساء الأجهزة الأمنية، وتتخذ قراراتها باسم السلطة الدولية. ولا يمكن لأي جهة فلسطينية إلغاء قراراتها»، أي أن مصير القطاع في كافة المناحي مرهون بما ترتئيه، وبعيداً عن أي تدخل لسكانه في المسائل الأساسية.

واللافت أن الوثيقة لا تشير إلى الجهة التي يعود إليها تشكيل هذه «السلطة»، إذ مجلس الأمن لا يظهر في الصورة، ولا أي جهة دولية رسمية. كذلك ليست هناك إشارة دقيقة للمدة الزمنية الممنوحة لها حيث الوثيقة تتحدث عن 3 إلى 5 سنوات، وليس معروفاً ما إذا كان سيتم تمديدها.

والحال أن دولاً، يُراد لها أن تكون جزءاً من «القوة الدولية» التي ستتولى الأمن في غزة ومهمات أخرى، مثل نزع سلاح الفصائل المسلحة، خلال المرحلة الانتقالية، تصرّ على أن يكون انتدابها نتيجة قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، وهو أمر غير وارد في الوثيقة.

من الناحية العملية، يتكون «الطابق الأول» من الخطة من «مجلس إدارة دولي»، بإشراف بلير شخصياً بصفته منسقاً عاماً أو رئيساً تنفيذياً، يضم من 7 إلى 10 أعضاء يتم اختيارهم من رجال أعمال ودبلوماسيين وخبراء اقتصاديين.

ويتمتع مجلس الإدارة الأشبه بـ«مجلس حكم» بصلاحيات موسعة، إذ تعود إليه مسؤولية «اتخاذ القرارات الأساسية في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد». ويُقترح أن يبقى مقره خارج غزة، إما في العاصمة القطرية الدوحة أو في العريش المصرية.

توني بلير في صورة أرشيفية مصافحاً الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في مقر رئاسة الحكومة البريطانية في لندن يوم 4 مايو عام 1998 (أ.ف.ب)

ومن الأسماء المقترحة، إلى جانب بلير رئيساً للسلطة الانتقالية، الهولندية سيغريد كاغ نائبة للرئيس للشؤون الإنسانية، والأميركي مارك روان رئيساً لصندوق إعادة الإعمار، والمصري نجيب ساويرس مسؤولاً عن الاستثمارات الإقليمية، والإسرائيلي الأميركي آرييه لايتستون ممثلاً عن اتفاقات إبراهيم، وأخيراً تشير الوثيقة إلى «ممثل» فلسطيني مجهول الهوية وغير متمتع بأي صلاحية.

وتقترح الخطة «طبقة ثانية»، قوامها اختيار «مديرين» فلسطينيين «محايدين من بين شخصيات مهنية غير حزبية». ومهمة هؤلاء إدارة القطاعات العامة ويعملون تحت إشراف مباشر من المجلس الدولي. ولمزيد من الضمانات، تشير الخطة إلى أنهم «سيخضعون لتدقيق دوري من لجنة دولية».

أما «الطبقة الثالثة» فتتألف من «مجلس استشاري محلي» تشارك فيه شخصيات فلسطينية من غزة والضفة، ويكون دوره استشارياً فقط، ومن غير أي صلاحيات تنفيذية.

المكون الاقتصادي

بالنظر للدمار غير المسبوق في القطاع، سيكون الجانب الاقتصادي بالغ الأهمية لأن مهمته ستنصب على إعادة تأهيل القطاع ليكون مكاناً يحسن العيش فيه.

من هنا تجيء أهمية إنشاء الصندوق الدولي تحت مسمى «صندوق تعافي غزة والاستثمار» الذي سيديره الأشخاص المذكورون سابقاً. ومن المفترض تمويله من التبرعات الخارجية، إضافة إلى الاستثمارات الغربية والقروض المضمونة دولياً، بحسب تقرير «لو فيغارو».

وثمة ملاحظتان رئيسيتان؛ الأولى أنه لا إشارة مطلقاً لمسؤولية إسرائيل عن تدمير غزة ومساهمتها في إعادة بناء ما هدّمته طائراتها ودباباتها وجرافاتها؛ والثانية أن «مشاريع إعادة الإعمار سوف تتم وفق نموذج تجاري ربحي، عملاً بمبدأ أن الشركات تستثمر وتشارك في الأرباح».

الجانب الأمني والسياسي

تقترح الخطة إنشاء قوة أمنية متعددة الجنسيات تحت إشراف الأمم المتحدة، أو تحالف بقيادة الولايات المتحدة، كما أنها تؤكد بشكل قاطع على «حظر كامل لأي فصيل فلسطيني مسلح داخل غزة خلال الفترة الانتقالية». ومن بين مهمات هذه القوة «إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية الفلسطينية تحت إشراف دولي».

قصف مدينة غزة متواصل الثلاثاء رغم المفاوضات الجارية في شرم الشيخ المصرية منذ يوم الاثنين (إ.ب.أ)

أما بالنسبة لمرحلية عمل «السلطة الانتقالية» وأهدافها، فإنها تنص على مرحلة تأسيسية أولى تمتد 3 أشهر، يتم خلالها إطلاقها واختيار أعضائها الذين سيبقون خارج القطاع. والمرحلة الثانية المسماة «الانتشار الأولي» يُفترض أن تدوم 6 أشهر لإطلاق الإدارة الجديدة وتأمين الوضع الأمني. بعدها، يتعين أن تنطلق مرحلة إعادة الإعمار بالتركيز على مشاريع البنية التحتية، التي ستدوم من سنتين إلى 3 سنوات.

وأخيراً، تشير الخطة إلى بدء «النقل التدريجي» للمسؤوليات إلى «السلطة الفلسطينية المعدلة»، في إشارة إلى ما جاء في خطة ترمب.

ومن الملاحظ في الخطة أنها تُغيّب السكان. ورغم تناولها مسألة إعادة الإعمار، لا يظهر الفلسطينيون المهجَّرون والمدمرة بيوتهم، على الأقل في ما تسرب من هذه الخطة التي تتسم بتهميش المؤسسات الفلسطينية، وتوكل المسؤولية الأمنية بأكملها لقوى غير فلسطينية طيلة سنوات، وتربط إلى حد كبير إعادة الإعمار بقيام شركات ربحية. وبكلام آخر، سيكون مصير القطاع للسنوات الخمس المقبلة، في حال تم تنفيذ «الخطة» كما هي منشورة، لقيادة خارجية.

والسؤال المطروح؛ هل سيتم العمل بـ«خطة بلير» الذي أعيد إلى المسرح الشرق أوسطي بإرادة أميركية، علماً بأن السنوات التي قضاها مندوباً لـ«اللجنة الرباعية» لم تشهد أي تقدم أو أي إنجاز يحسب له؟


مقالات ذات صلة

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس براك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم براك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

عدَّت مصر التصريحات الإسرائيلية الأخيرة عن فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لخروج سكان قطاع غزة فقط، دون الدخول، عودة لمخطط التهجير المرفوض لديها.

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي مقاتلون من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» يقفون حراساً أثناء البحث عن جثث رهائن إسرائيليين إلى جانب عمال الصليب الأحمر وسط أنقاض مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة يوم 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ) play-circle

إسرائيل تعلن مقتل 40 مسلحاً محاصراً من «حماس» في أنفاق تحت رفح

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، إنه قُتل نحو 40 من مسلحي حركة «حماس» الذين كانوا محاصرين في أنفاق تحت رفح بجنوب قطاع غزة داخل منطقة تسيطر عليها إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي القيادي الفلسطيني ياسر أبو شباب (وسائل التواصل) play-circle

مقتل ياسر أبو شباب في غزة

قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، نقلاً عن مصادر أمنية، إن ياسر أبو شباب أبرز زعماء العشائر المناهضة لحركة «حماس» في قطاع غزة توفي متأثراً بجراحه.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أطفال فلسطينيون يستدفئون بالنار في خان يونس (رويترز) play-circle 00:36

5 قتلى وعشرات المصابين في غارات إسرائيلية على خان يونس

قُتل 5 فلسطينيين على الأقل وأصيب آخرون، مساء الأربعاء، في قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على جنوب وشرق قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
TT

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

وأضاف التقرير، أن «الحرس الثوري» شبه العسكري أطلق الصواريخ من عمق البر الرئيسي في إيران، وأصاب أهدافاً في بحر عمان ومنطقة مجاورة بالقرب من مضيق هرمز في تدريبات بدأت الخميس، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

صورة نشرتها قوات «الحرس الثوري» 5 ديسمبر 2025 تظهر قارباً نفاثاً يشارك في مناورة عسكرية بالمياه قبالة سواحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

وحدد الصواريخ بأنها صواريخ كروز، طراز قدر 110- وقدر380- وغدير، يصل مداها إلى ألفي كيلومتر. وأضاف أن «الحرس الثوري» أطلق أيضاً صاروخاً باليستياً هو 303، من دون أن يدل بمزيد من التفاصيل.

وأظهرت لقطات تلفزيونية إطلاق الصواريخ وإصابة أهدافها.

صورة تم توزيعها 5 ديسمبر 2025 من قِبل «الحرس الثوري» الإيراني تظهِر صاروخاً يتم إطلاقه أثناء تدريب عسكري في المياه قبالة ساحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

والمناورات هي الثانية في أعقاب الحرب بين إسرائيل وإيران في يونيو (حزيران)، التي أسفرت عن مقتل نحو 1100 شخص في إيران، من بينهم قادة عسكريون وعلماء نوويون. وأسفرت الهجمات الصاروخية من قِبل إيران عن مقتل 28 شخصاً في إسرائيل.


تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
TT

تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)

قُوبل قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعيين سكرتيره العسكري، رومان غوفمان، رئيساً جديداً لـ«الموساد» بخيبة أمل داخل الجهاز، وفقاً لما قاله مسؤولون حاليون وسابقون على الرغم من أن كثيرين قالوا إن الاختيار لم يكن مفاجئاً، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.

وقال المسؤولون إن نتنياهو تجاوز مرشحي «الموساد» المدعومين منه لتعيين رومان غوفمان، مما أثار مخاوف بشأن افتقاره للخبرة الاستخباراتية واحتمالية استقالته، بينما يقول حلفاؤه إن ولاءه وحكمته وفكره العدواني تناسب منصبه.

وبعد أن اختار نتنياهو شخصاً من خارج جهاز «الشاباك»، وهو ديفيد زيني، لقيادته في وقت سابق من هذا العام، توقع كبار مسؤولي «الموساد» أن يتبع نفس النهج: اختيار شخصيات من خارج الجهاز يراها عدوانية وموالية ومتوافقة آيديولوجياً معه.

ويقول المنتقدون إن هذه الخطوة تعكس معركة نتنياهو الأوسع ضد ما يسميه «النخب» و«الدولة العميقة»، ويقول المؤيدون إن غوفمان موثوق به، وكتوم، ومخلص.

وزعم بعض المسؤولين المطلعين على عملية التعيين أن غوفمان خضع لـ«مقابلة» غير رسمية مع زوجة نتنياهو، سارة، قبل اتخاذ القرار- وهو ادعاء نفاه مكتب رئيس الوزراء ووصفه بأنه «كاذب تماماً».

من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع يسرائيل كاتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء اللواء رومان غوفمان وبنيامين نتنياهو ورئيس ديوان مكتبه تساحي برافرمان والقائم بأعمال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يظهرون بمركز قيادة خلال الغارات في قطر (الشاباك)

وأشار آخرون إلى إتقانه للغة الروسية ولغته الإنجليزية المحدودة، مما قد يُعقّد التواصل الدبلوماسي، مع أن حلفاءه يجادلون بأن إتقان اللغة الإنجليزية ليس جوهرياً في مهام «الموساد» الأساسية وتوقع العديد من كبار مسؤولي الدفاع موجة استقالات داخل الجهاز عقب الإعلان.

وتجاوز نتنياهو المرشحين الذين أوصى بهم مدير الموساد المنتهية ولايته، ديفيد برنياع، واختار غوفمان بدلاً منه، الذي لم يرتقِ في دوائر الاستخبارات الإسرائيلية. وقال المطلعون على تفكير رئيس الوزراء إن قراره كان مدفوعاً بولائه وحكمته ووصفه مسؤول دفاعي كبير سابق بأنه «مخلص بشدة لنتنياهو» ووصف التعيين بأنه «محير».

ويقول زملاؤه إن غوفمان ضابط جاد ومنضبط وقارئ نهم للتاريخ والاستراتيجيات العسكرية.

ولفت بعض مسؤولي الأمن السابقين إلى أنه قد يكون متهوراً أيضاً، وأشاروا إلى قضية من فترة عمله قائداً للفرقة 210 «باشان»، حيث زُعم أنه أذن باستخدام شاب مدني يبلغ من العمر 17 عاماً، يُدعى أوري ألماكايس، في عملية غير مصرح بها وهي قضية أدت لاحقاً إلى اعتقال المراهق واحتجازه لفترة طويلة قبل إسقاط التهم عنه.

بنيامين نتنياهو ومدير «الموساد» ديفيد برنياع في القدس (د.ب.أ)

وقال ضابط كبير سابق في الاستخبارات العسكرية إنه على الرغم من أن غوفمان «شخص ماكر وشجاع»، فإنه يفتقر إلى الخلفية الاستخباراتية العملياتية المتوقعة عادةً من مدير الموساد.

وأضاف المسؤول: «إنه يتحدث الروسية والعبرية فقط، ولا ينطق بكلمة إنجليزية واحدة لقد شغل منصب لواء لمدة عام واحد فقط ولم يسبق له إدارة منظمة بهذا الحجم».

وفي المقابل، رفضت مصادر مقربة من نتنياهو بشدة الانتقادات لتعيين غوفمان، واصفةً إياه بالتعيين الممتاز، وقالوا إن إتقانه للغة الروسية وفهمه الإقليمي جعلاه لا يُقدر بثمن في مهمات حساسة في موسكو، وأشاروا إلى أنه أصبح، بصفته السكرتير العسكري، أقرب مستشار أمني لنتنياهو، وأضافوا أنه لعب دوراً في عمليات سرية مهمة، بما في ذلك اغتيالات لكبار شخصيات «حزب الله»، ومهام موجهة ضد إيران خلال الصراع معها في وقت سابق من هذا العام.

ويصف المسؤولون الذين عملوا معه من كثب غوفمان بأنه مفكر عدواني وغير تقليدي «ويقاتل بسكين بين أسنانه ويتفوق في الخداع، ويُحاط بالمعلومات الحساسة، وهي سمات يعتبرونها أساسية للموساد»، وقال أحدهم: «إنه المساعد الأمني ​​الأكثر ثقة لرئيس الوزراء. ليس رئيس الأركان، ولا وزير الدفاع - بل كان غوفمان».

وفي حين يشير البعض إلى قلة لغته الإنجليزية كمصدر قلق، يجادل مؤيدوه بأن ساحات الموساد الرئيسية - إيران وسوريا ولبنان - لا تتطلب إتقان اللغة الإنجليزية بينما تعتبر لغته الروسية ميزة نظراً لعلاقات موسكو مع إيران وغيرها من الجهات المعادية.

وكان رئيس الأركان إيال زامير التقى بغوفمان هذا الأسبوع وهنأه، قائلاً إن الجيش سيدعمه في انتقاله إلى المنصب، وأكد «الموساد» أن برنياع تحدث مع غوفمان وتمنى له النجاح، فيما ذكر نتنياهو أنه اختار غوفمان بعد مقابلات مع عدد من المرشحين، وأشاد بـ«قدراته المهنية الاستثنائية»، مشيراً إلى دوره في مواجهة هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما غادر منزله لقتال مسلحي «حماس» وأصيب بجروح بالغة.


إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار)، بزيادة على 90 مليار شيقل كانت مُدرجة في مسودة سابقة، وفقاً لوكالة «رويترز».

واتفق كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على إطار الإنفاق الدفاعي، حيث بدأ مجلس الوزراء مناقشة ميزانية العام المقبل، والتي تجب الموافقة عليها بحلول مارس (آذار)، وإلا قد تؤدي إلى انتخابات جديدة.

وبدأ الوزراء ما يُعرف بجلسة ماراثونية يوم الخميس قبل التصويت الذي قد يُجرى صباح الجمعة. وفي حال إقرارها، ستُعرض على البرلمان للتصويت الأولي.

وأكد كاتس أن الجيش سيواصل جهوده لتلبية احتياجات مقاتليه وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط.

ونقل مكتبه عنه قوله: «سنواصل العمل بحزم لتعزيز جيش الدفاع الإسرائيلي، وتلبية احتياجات المقاتلين بشكل كامل، وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط - من أجل ضمان أمن دولة إسرائيل على جميع الجبهات».

وكانت حرب غزة مكلفة لإسرائيل، التي أنفقت 31 مليار دولار في عام 2024 على صراعاتها العسكرية مع «حماس» و«حزب الله» في لبنان.

ومنذ ذلك الحين، أبرمت إسرائيل اتفاقيات لوقف إطلاق النار مع الجماعتين المسلحتين. وصرح مكتب سموتريتش بأن ميزانية الدفاع لعام 2026، شهدت زيادة قدرها 47 مليار شيقل مقارنة بعام 2023 عشية الحرب. وقال سموتريتش، وفقاً لمكتبه: «نخصص ميزانية ضخمة لتعزيز الجيش هذا العام، ولكنها أيضاً ميزانية تسمح لنا بإعادة دولة إسرائيل إلى مسار النمو والراحة للمواطنين».