أبلغ وزير الخارجية عباس عراقجي نظيره المصري بدر عبد العاطي استعداد طهران لوضع إطار جديد للتعاون بين طهران و«الوكالة الدولية للطاقة الذرية» في ظل الظروف الجديدة، وذلك بعد ثلاثة أشهر من تعرض المنشآت النووية الإيرانية لهجمات أميركية وإسرائيلية.
وبدأ عراقجي مباحثاته النووية في القاهرة مع عبد العاطي، قبل أن يلتحق بهما المدير العام للوكالة التابعة للأمم المتحدة، رافائيل غروسي.
وتوجه غروسي إلى العاصمة المصرية، عشية جلسة مخصصة لإيران، في إطار الاجتماع الفصلي لمجلس محافظي الوكالة الذرية، في فيينا الذي بدأ أعماله، الاثنين.
وذكرت الخارجية الإيرانية في بيان أن عراقجي شدد في لقاء مع نظيره المصري على «الموقف المبدئي لإيران في الدفاع عن حقوقها ومصالحها ضمن إطار معاهدة حظر الانتشار النووي»، معتبراً الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل على إيران في يونيو (حزيران) «تمثل انتهاكاً صارخاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي».
وأفاد بيان للخارجية الإيرانية بأن عراقجي أشار إلى مسؤوليات الوكالة الذرية في ضمان حقوق الدول الأعضاء في المعاهدة، معلناً استعداد إيران لوضع إطار تعاون واضح مع الوكالة، «استناداً إلى القانون الذي أقره البرلمان، وفي ظل الوضع الجديد الناجم عن الهجمات الأميركية والإسرائيلية».
وانخرطت إيران في محادثات مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة، بعدما قررت دول «الترويكا الأوروبية» (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) المضي قدماً في آلية العودة السريعة «سناب باك» للعقوبات الأممية على طهران، في نهاية سبتمبر (أيلول)، إذا لم تسمح طهران لمفتشي الأمم المتحدة بالعودة إلى المنشآت النووية الثلاث التي تعرَّضت لقصف أميركي - إسرائيلي في يونيو الماضي، وكذلك تقديم معلومات دقيقة بشأن نحو 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة، والانخراط في مفاوضات مباشرة مع واشنطن بهدف التوصل لاتفاق نووي جديد.
وقال المتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي، في بيان صحافي، إن لقاء عراقجي وغروسي يأتي «من أجل استكمال المفاوضات الخاصة بالصياغة النهائية لآلية جديدة لتنظيم تعامل إيران مع الوكالة».
وبالتوازي ذكرت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» أن لقاء عراقجي مع غروسي في القاهرة «يحظى بأهمية كبيرة»، ونقلت الوكالة عن «مصدر مطلع» قوله إنه «لم يُحسم شيء بعد، ولكن من المرجح التوصل إلى اتفاق بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية».
ولم تتضح نتائج مباحثات غروسي وعراقجي على الفور.
وسيعقد عراقجي لقاءات منفصلة خلال زيارته، التي تستغرق يوماً واحداً، مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووزير الخارجية بدر عبد العاطي، لبحث العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية، حسبما أعلن المتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي.
وأضافت وكالة «إرنا» أن عراقجي، وهو المفاوض النووي الرئيسي من الجانب الإيراني، سيقوم أيضاً بزيارة لتونس.
لكنَّ غروسي قال في مؤتمر صحافي، الاثنين، إن ذلك لا يُغير من التزامات إيران بالسماح بإجراءات التحقق، مثل عمليات التفتيش، بصفتها طرفاً في معاهدة حظر الانتشار النووي.
وقال النائب حسين علي حاجي دليغاني، في جلسة الاثنين، إن وزير الخارجية الإيراني يزور القاهرة لتوقيع اتفاق مع غروسي، محذراً عراقجي من تجاهل قانون البرلمان بشأن تعليق التعاون مع الوكالة.
وتلقي طهران باللوم على الوكالة التابعة للأمم المتحدة، لعدم إدانتها الحرب غير المسبوقة التي شنّتها إسرائيل ابتداء من 13 يونيو.
وقصفت إسرائيل منشآت نووية وعسكرية ومناطق سكنية، مما أدى إلى مقتل أكثر من ألف شخص.
وتدخلت الولايات المتحدة الحليفة لإسرائيل في الحرب وقصفت ثلاث منشآت نووية في فوردو وأصفهان ونطنز.
وأتى الهجوم الإسرائيلي على إيران في وقت كانت الأخيرة تُجري مفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن إبرام اتفاق جديد بشأن برنامجها النووي. وانسحبت طهران من المباحثات بعد الهجوم.
وأكدت طهران عقب الحرب أن التعاون مع الوكالة الدولية سيتخذ «شكلاً جديداً».
وقال عراقجي، السبت، إن بلاده تعمل على صياغة إطار عمل جديد للتعاون بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، من دون تحديد موعد لاستئناف عمليات التفتيش.
كان غروسي قد دعا مراراً لإعادة النظر في طبيعة التفتيش نظراً إلى توسع البرنامج النووي الإيراني بعدما قررت طهران التخلي عن التزامات اتفاق 2015 رداً على العقوبات الأميركية.
وفي هذا الصدد قال غروسي الاثنين، إن الاتفاق النووي «صُمم بعناية لينطبق على برنامج نووي إيراني مختلف تماماً عمَّا هو عليه الآن». وأضاف: «حتى لو أردتَ إحياء الاتفاق، فلن يكون كافياً؛ لأن إيران تمتلك الآن تقنيات جديدة. ولهذا قلتُ إننا بحاجة إلى شيء جديد».
وفي أواخر أغسطس (آب)، عاد فريق من مفتشي الوكالة الدولية لفترة وجيزة إلى إيران للإشراف على استبدال الوقود في بوشهر، محطة الطاقة النووية الرئيسية في الجمهورية الإسلامية. لكن عراقجي أشار إلى أن عودتهم لا تعني استئناف التعاون الكامل مع الوكالة.
وبينما لم تستأنف واشنطن وطهران المفاوضات، أجرت طهران مباحثات بشأن ملفها مع الدول الأوروبية الثلاث المنضوية في اتفاق 2015 (فرنسا وبريطانيا وألمانيا).
وفعَّلت دول الترويكا الأوروبية أواخر أغسطس آلية «سناب باك» المدرجة في الاتفاق، التي تسمح بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران. وأمهلت الدول الثلاث إيران ثلاثين يوماً لإبرام تسوية قبل إعادة فرض العقوبات.
وتشتبه الدول الغربية في سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية، لكنّها تنفي ذلك وتدافع عن حقها في تطوير برنامج نووي لأغراض مدنية.
وتقول الوكالة الدولية إن مخزون إيران من اليورانيوم بنسبة 60 في المائة فقط يكفي لعشر قنابل نووية، إذا رفعت نسبة التخصيب إلى 90 في المائة.
ونبّه غروسي الاثنين، إلى أن الوكالة «لا تتهم إيران بامتلاك سلاح نووي، لكنها لا تملك القدرة على استبعاد هذا الاحتمال بسبب نقص الشفافية». وحرص على توضيح أن الوكالة لا تتبنى مواقف سياسية أو تُطلق اتهامات، لكنها تعتمد فقط على التحقيق الفني والوقائع. وشدد على أهمية التعاون الكامل من إيران، وأشار إلى وجود ترابط بين الوضع داخل الوكالة والمفاوضات الجارية حول الاتفاق النووي.






