ترمب يشكك في إمكانية إقناع طهران بوقف التخصيب النووي

روسيا تعرض إزالة اليورانيوم الإيراني وتحويله إلى وقود نووي مدني

ترمب يتحدث إلى وسائل الإعلام في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض الثلاثاء (أ.ب)
ترمب يتحدث إلى وسائل الإعلام في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض الثلاثاء (أ.ب)
TT

ترمب يشكك في إمكانية إقناع طهران بوقف التخصيب النووي

ترمب يتحدث إلى وسائل الإعلام في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض الثلاثاء (أ.ب)
ترمب يتحدث إلى وسائل الإعلام في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض الثلاثاء (أ.ب)

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مقابلة أُذيعت الأربعاء، إن ثقته بإمكانية التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران تتراجع تدريجياً، معبّراً عن شكوكه في قبول طهران بوقف تخصيب اليورانيوم. ويسعى ترمب إلى التوصل إلى اتفاق نووي جديد يفرض قيوداً صارمة على الأنشطة النووية الإيرانية، وقد هدّد طهران مراراً بشن ضربات عسكرية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

ومن المتوقع أن تقدم إيران مقترحاً مضاداً لعرض أميركي سابق لاتفاق نووي رفضته طهران. وقال ترمب، الثلاثاء إن إيران أصبحت «أكثر عدوانية» في المحادثات النووية.

ورداً على سؤال في بودكاست «بود فورس وان»، يوم الاثنين، بشأن ما إذا كان يعتقد أنه يستطيع إقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي، قال ترمب: «لا أعرف. كنت أعتقد ذلك بالفعل، لكن ثقتي تتراجع شيئاً فشيئاً».

وقال للصحافيين في البيت الأبيض، الاثنين، إنه ناقش الملف الإيراني مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واصفاً المفاوضات مع طهران بأنها «صعبة».

وفي المقابلة نفسها، اتهم ترمب إيران باستخدام أساليب المماطلة، مضيفاً: «ثقتي الآن أقل مما كانت عليه قبل شهرين. هناك شيء ما تغيّر... لقد تراجعت ثقتي بشكل كبير في إمكانية التوصل إلى اتفاق».

وجدد ترمب تأكيده أن واشنطن لن تسمح لطهران بتطوير سلاح نووي عبر تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية من النقاء الانشطاري، سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا. وقال: «لكن سيكون من الأفضل تحقيق ذلك دون حرب ودون سقوط قتلى، فهذا أفضل بكثير... لا أعتقد أنهم يبدون الحماس ذاته للتوصل إلى اتفاق».

وهناك خلاف بين طهران وواشنطن على مسألة تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية، وهو ما تعدّه القوى الغربية سبيلاً محتملاً لتطوير سلاح نووي. وتصر إيران على أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط، مثل توليد الكهرباء والمشاريع المدنية.

وتُخصّب إيران اليورانيوم بالفعل إلى درجة نقاء تصل إلى 60 في المائة، ويُمكن رفع هذه النسبة بسهولة إلى نحو 90 في المائة، وهي الدرجة اللازمة لصنع الأسلحة. ويُظهر معيار «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» أن إيران لديها كمية من المواد عند هذا المستوى تكفي لصنع عشرة أسلحة نووية إذا واصلت تخصيبها.

وتقول «الوكالة الذرية» إنها لا تستطيع حالياً «تقديم ضمانات بأن برنامج إيران النووي سلميّ تماماً»، مؤكدةً أنه لا يوجد بلد آخر خصَّب اليورانيوم إلى هذا المستوى العالي دون إنتاج أسلحة نووية. وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في منشور على منصة «إكس»، الأربعاء: «مع استئناف المحادثات يوم الأحد، يتضح أن التوصل إلى اتفاق يضمن استمرار الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني بات ممكناً، ويمكن التوصل إليه سريعاً». ويشكل برنامج الصواريخ الإيراني نقطة خلاف أخرى في المحادثات. وتعد الصواريخ الباليستية جزءاً مهماً من ترسانة إيران. وقال نصير زاده إن طهران اختبرت في الآونة الأخيرة صاروخاً برأس حربي يزن طنين، وإنها لا تقبل القيود على برامجها الصاروخية.

وأعربت روسيا، الأربعاء، عن استعدادها لإزالة اليورانيوم عالي التخصيب من إيران وتحويله إلى وقود للمفاعلات النووية المدنية، في خطوة تهدف لتقليص فجوة الخلاف بين واشنطن وطهران.

وقال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي والمسؤول عن قضايا مراقبة الأسلحة والعلاقات مع الولايات المتحدة، إن موسكو مستعدة لتقديم مساعدات عملية، إلى جانب المقترحات السياسية، متحدثاً عن ضرورة مضاعفة الجهود المبذولة للتوصل إلى حل.

وأضاف في تصريحات لوسائل إعلام روسية: «نحن مستعدون لتقديم الدعم لكل من واشنطن وطهران، ليس فقط من خلال الأفكار التي قد تساعد في المفاوضات، بل أيضاً عملياً عبر تصدير المواد النووية الزائدة التي تنتجها إيران، ومعالجتها لإنتاج وقود للمفاعلات، على سبيل المثال».

ولم يوضح ريابكوف ما إذا كان الوقود النووي الناتج سيُعاد لاحقاً إلى إيران لاستخدامه في برنامجها السلمي للطاقة النووية، الذي تساهم موسكو في تطويره.

وتطالب الولايات المتحدة بنقل جميع كميات اليورانيوم عالي التخصيب إلى خارج إيران، بينما تقول طهران إنها مستعدة فقط لإخراج الكميات التي تتجاوز سقف الاتفاق النووي المبرم عام 2015، مؤكدة أنها لا يمكنها التخلي كلياً عن التخصيب.

من جهته، أكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، استعداد روسيا لقبول اليورانيوم الإيراني، وقال: «من المهم أن نوضح أن روسيا ستكون مستعدة لتقديم هذه الخدمات إذا طُلب منها ذلك، وإذا رأت الأطراف المعنية أنه أمر ضروري».

وكان الكرملين قد ذكر الأسبوع الماضي أن الرئيس فلاديمير بوتين أبلغ ترمب، خلال مكالمة هاتفية، باستعداده لتوظيف علاقات بلاده الوثيقة مع طهران للمساعدة في دفع المفاوضات النووية إلى الأمام.

ورغم معارضة موسكو امتلاك إيران سلاحاً نووياً، فإنها تعتبر أن من حق طهران تطوير برنامج نووي لأغراض مدنية، وترى أن أي تدخل عسكري ضدها سيكون غير قانوني وغير مقبول.

يُذكر أن روسيا، التي تُعد أكبر قوة نووية في العالم، أبرمت في وقت سابق من العام الحالي اتفاق شراكة استراتيجية لمدة 20 عاماً مع إيران، واشترت منها أسلحة لاستخدامها في الحرب الدائرة في أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

شؤون إقليمية صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
خاص وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يبكي على نعش قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي خلال تشييع عسكريين كبار قتلوا في الضربات الإسرائيلية في طهران يوم 28 يونيو الماضي (أرشيفية- أ.ف.ب)

خاص «مطرقة الليل» في 2025... ترمب ينهي «أنصاف الحلول» في إيران

مع عودة دونالد ترمب إلى المكتب البيضاوي في مطلع 2025، لم تحتج استراتيجيته المحدثة لـ«الضغوط القصوى» سوى أقل من عام كي تفرض إيقاعها الكامل على إيران.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إيرانيون يمرون بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة فلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)

إيران تربط التعاون النووي بإدانة قصف منشآتها

رهنت طهران أي تعاون جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا سيما ما يتعلق بإعادة تفتيش المنشآت النووية التي تعرضت للقصف، بإدانة واضحة وصريحة من الوكالة.

«الشرق الأوسط» (لندن - نيويورك - طهران)
شؤون إقليمية بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)

الحكومة الإيرانية تعرض موازنة تتجاوز 107 مليارات دولار

قدّمت الحكومة الإيرانية الثلاثاء مشروع موازنة العام الجديد إلى البرلمان بقيمة تتجاوز 107 مليارات دولار

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي خلال حوار ويبدو خلفه ملصق لأجهزة الطرد المركزي (دفاع برس)

«الأركان الإيرانية»: جاهزون لكل السيناريوهات

قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لمواجهة أي سيناريو يفرضه العدو».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

إسرائيل: تشكيل وحدة تدخل سريع جديدة لمنع حدوث توغلات برية على غرار هجوم «حماس»

سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)
سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل: تشكيل وحدة تدخل سريع جديدة لمنع حدوث توغلات برية على غرار هجوم «حماس»

سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)
سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)

كشف سلاح الجو الإسرائيلي، اليوم الخميس، عن وحدته الجديدة نسبياً المخصصة لمنع حدوث توغلات برية إلى إسرائيل على غرار هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في أعقاب حالة عدم الجاهزية الكاملة التي شهدتها البلاد للقيام بهذا الدور عام 2023.

ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، على المستوى النظري، تقوم الفكرة على ضرورة إتاحة نشر المروحيات، بعضها في غضون دقائق قليلة وأخرى في غضون ساعة، لسحق وقصف الغزاة، بما يضمن عدم ترك منظومات الدفاع البرية على الحدود دون دعم، وفقاً لما ذكرته صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية.

وتعد الوحدة الجديدة ضمن تحول أوسع يقوده البريجادير جنرال جلعاد بار تال، ويقضي بأن يتم إعادة توجيه مهام رئيسية لوحدات المروحيات في سلاح الجو الإسرائيلي نحو الدفاعات الحدودية.

ويشمل هذا التحول أيضاً زيادة عدد المروحيات والطائرات المسيرة والمقاتلات، التي تكون في حالة جاهزية دائمة للدفاع عن الحدود، مع توسيع نطاق تكليفها بمهام الدفاع الحدودي.

إضافة إلى ذلك، يشمل هذا التحول زيادة أكبر بكثير في عدد مروحيات سلاح الجو القادرة على التدخل خلال دقائق معدودة، وزيادة كمية القنابل التي يمكن لسلاح الجو الإسرائيلي إلقاؤها خلال ساعة واحدة، مقارنة بالسابق.

علاوة على ذلك، تمنح قواعد الاشتباك الخاصة بالمروحيات حالياً هامشاً أوسع بكثير للطيارين لفتح النار استناداً إلى تقدير كل طيار على حدة لطبيعة التهديد على الأرض، مقارنة بما كان معمولاً به قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول).


تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)

على الرغم من تصاعد لهجة الخطاب السياسي بين إسرائيل وتركيا، وما حملته من تلميحات متبادلة رافقت حراكاً سياسياً وعسكرياً في بحر إيجه، رأى البعض أن هذا جزء من ضغوط لإبرام «صفقة تبادل مصالح»، تحديداً في سوريا وغزة؛ مستبعدين الانزلاق إلى هوة حرب أو مواجهة عسكرية.

وقالت مصادر سياسية في إسرائيل إن كلا الطرفين يعرف كيف يُفعّل الضوابط التي تمنع التدهور بينهما إلى صدام، خصوصاً مع وجود دونالد ترمب في سدة الرئاسة الأميركية، إذ من المعروف أن له روابط قوية مع الجانبين.

ومع ذلك، حذر الدبلوماسي المخضرم ألون ليئيل، المدير العام السابق لوزارة الخارجية بإسرائيل والذي كان سفيراً لها لدى تركيا، من أن يتسبب العداء المستحكم بين الجانبين في خطأ ما، أو في سوء تقدير يؤدي إلى تدهور العلاقات.

سفن حربية تركية خلال تدريب في البحر المتوسط 23 ديسمبر (الدفاع التركية - إكس)

كانت إسرائيل قد أقدمت على إجراءات لإقامة تحالف ثلاثي مع اليونان وقبرص، شمل تدريبات عسكرية مشتركة، وتُوج بلقاء في القدس الغربية، يوم الاثنين الماضي، بين رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس.

وفي مؤتمر صحافي عقب اللقاء، وجَّه نتنياهو إشارة ضمنية إلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قائلاً: «إلى أولئك الذين يتوهمون قدرتهم على إقامة إمبراطوريات والسيطرة على بلادنا، أقول: انسوا الأمر. لن يحدث. لا تفكروا فيه حتى. نحن ملتزمون وقادرون على الدفاع عن أنفسنا، والتعاون يُعزز قدراتنا».

جاء ذلك في معرض رده على سؤال عما إذا كان التعاون مع اليونان وقبرص موجهاً ضد تركيا، وقال: «لا نريد استعداء أحد»، ثم تابع: «في الماضي، احتلتنا إمبراطوريات، وإذا كان لا يزال لدى أي شخص مثل هذه النيات، فعليه أن ينسى الأمر».

جانب من مباحثات نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس في إسرائيل 22 ديسمبر (د.ب.أ)

وعن الهدف من مثل هذه التحالفات الإقليمية قال نتنياهو: «لقد ثبَّتنا مكانتنا قوةً إقليميةً عظمى في مجالات معينة. هذا يقرّبنا من دول عديدة. هي تأتي إلينا لأنها استوعبت قاعدة مهمة، ألا وهي أن التحالفات تُعقد مع القَويّ وليس مع الضعيف، وأن السلام يُصنع مع القويّ وليس مع الضعيف».

«التهديد الأول»

نقل نتنياهو أيضاً رسالة أخرى موجهة مباشرةً إلى ترمب بالنسبة إلى صفقة بيع طائرات الشبح «إف-35» لتركيا ومشتريات أخرى من طائرات سلاح الجو قائلاً: «أود أن أوضح أن التفوق الجوي الإسرائيلي في الشرق الأوسط هو حجر أساس أمننا القومي».

وفي اليوم التالي من انعقاد القمة الثلاثية، نشرت صحيفة «يني شفق» التركية مقالاً على صفحتها الأولى بعنوان صارخ: «ابتداءً من اليوم، إسرائيل هي التهديد الأول».

وأشار المقال إلى انعقاد القمة، وإلى تبادل إطلاق النار في حلب السورية بين قوات النظام والقوات الكردية المعروفة باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، على أنهما من مظاهر العداء؛ وأورد أن إسرائيل قامت خلال القمة بـ«تفعيل» القوات الكردية لإحراج الوفد التركي في سوريا.

وأضافت الصحيفة: «جميع المؤسسات التركية الأمنية تَعدّ إسرائيل تهديداً رئيسياً»، بل حددت المؤسسات الحكومية التي ستنظر إلى إسرائيل من الآن فصاعداً على أنها «التهديد الأول»: وزارة الدفاع، ووزارة الخارجية، وجهاز المخابرات التركي.

الرد التركي الرسمي

أما الرئيس التركي إردوغان، فقد وجَّه رسالة إلى الدول الثلاث، إسرائيل واليونان وقبرص، خلال اجتماع رؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الأربعاء، قائلاً: «ليعلم الجميع أننا لن ننتزع حقوق أحد، ولن نسمح لأحد بأن ينتزع حقوقنا».

وأضاف: «سنواصل التمسك بمبادئنا التاريخية والتصرف بكرامة وحكمة وعقلانية وهدوء، بما يليق بخبرتنا وتقاليدنا العريقة ولن نستسلم للاستفزازات».

إردوغان متحدثاً خلال اجتماع لرؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» في أنقرة 24 ديسمبر (الرئاسة التركية)

وقالت وزارة الدفاع التركية إنها تتابع من كثب مبادرات التعاون والبيانات التي صدرت عن الأطراف الثلاثة عقب القمة يوم الاثنين. وشدد المتحدث باسم الوزارة زكي أكتورك، على أن بلاده تؤكد التزامها بالحفاظ على الاستقرار واستمرار الحوار في المنطقة.

وقال أكتورك، خلال إفادة أسبوعية لوزارة الدفاع، الخميس، إن تركيا تؤيد الحوار البنّاء في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط انطلاقاً من علاقات التحالف في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو).

لكنه استطرد: «يجب أن يُفهم أن الخطوات المخالفة لروح التحالف لن تُغير الوضع على أرض الواقع، وأن موقف تركيا من أمن جمهورية شمال قبرص التركية (غير معترف بها دولياً) وحقوقها، واضح وثابت، ولن تتردد تركيا في استخدام الصلاحيات الممنوحة لها بموجب وضعها، بوصفها أحد الضامنين في المفاوضات بشأن الجزيرة القبرصية».

المتحدث باسم وزارة الدفاع التركي زكي أكتورك خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الخميس (الدفاع التركية - إكس)

وأضاف أن تركيا «ليست هي من يصعّد التوترات في بحر إيجه وشرق المتوسط، بل الخطوات والنهج الإقصائي والأحادي الذي يهدف إلى فرض أمر واقع، بينما تُفضّل تركيا أن تكون المنطقة حوضاً للتعاون والاستقرار، لا ساحة صراع».

الصفقة المنشودة

وقال الخبير الإسرائيلي في الشؤون التركية، ليئيل، في حديث مع موقع «واي نت» العبري: «أعلم أن تركيا تستعد للحرب، وأرى استعداداتها عبر تعزيز الدفاعات الجوية وتقوية القوات الجوية وتخصيص ميزانيات ضخمة لهذا الغرض. إنهم في حالة ذعرٍ حقيقي من احتمال هجومنا عليهم، ويأخذون الأمر على محمل الجد».

وأشار إلى أن الأتراك «يُسلّحون أنفسهم بطائرات (إف-35) الجديدة، ويُغيّرون قواتهم الجوية بالكامل». وتابع: «لديهم قوة بحرية ومشاة قوية، ويُضاعفون إنتاج الطائرات المسيّرة».

وواصل حديثه قائلاً: «إذا لم نتوصل إلى اتفاق مع سوريا، فستكون أولى المواجهات العسكرية على الأراضي السورية. لن يجرؤ إردوغان على مهاجمة الأراضي الإسرائيلية، ولن نجرؤ نحن على مهاجمة تركيا. لكن كلا البلدين يمتلك جيشاً في سوريا، وإذا لم نتوصل إلى اتفاق ثلاثي أو رباعي مع السوريين والأميركيين، فستقع حوادث مع تركيا في وقت قريب».

أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فقد قدّر ليئيل أن واشنطن، على عكس الماضي، لم تعد تشعر بالذعر إزاء أي خلاف إسرائيلي - تركي، وباتت ترى أن الطرفين يمارسان ضغوطاً كي تسارع إلى إبرام صفقة بينهما، تقبل إسرائيل بموجبها بدور تركي في غزة، وتقبل تركيا بدور إسرائيلي في سوريا.

وتواترت في الآونة الأخيرة تقارير يونانية وإسرائيلية عن تحركات في شرق البحر المتوسط وعن أن إسرائيل تدرس، بالتعاون مع اليونان وقبرص، إمكانية إنشاء قوة تدخّل سريع مشتركة تضم وحدات من القوات المسلحة للدول الثلاث، بهدف تعزيز التعاون العسكري الاستراتيجي وردع الأنشطة العسكرية التركية في شرق المتوسط، لا سيما مع سعي تركيا لتعزيز نفوذها الإقليمي، بما في ذلك نشر أنظمة دفاع جوي في سوريا، ومحاولة المشاركة في القوة متعددة الجنسيات في غزة، وإجراء محادثات مع الحكومتين المتنافستين في ليبيا للتوصل لتوقيع اتفاقيات بحرية جديدة قد تمنحها دوراً مهيمناً في شمال وشرق البحر المتوسط.


إسرائيل تلوح بضربة إذا لم يقيد برنامج إيران الباليستي

استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تلوح بضربة إذا لم يقيد برنامج إيران الباليستي

استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الهجوم على إيران «لا مفر منه» إذا لم يتوصل الأميركيون إلى اتفاق يقيد برنامج طهران للصواريخ الباليستية.

ونقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن المسؤول قوله إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيطلع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على معلومات استخباراتية تتعلق بهذا التهديد، خلال لقاء مرتقب بينهما الاثنين المقبل.

وأشار إلى أن إسرائيل قد تضطر للتحرك إذا فشلت الجهود الدبلوماسية في التوصل إلى اتفاق، مشدداً على أن التهديد الذي تمثله الصواريخ الباليستية الإيرانية «بالغ الخطورة».

وقال المسؤول إن إطلاق عدد كبير من هذه الصواريخ باتجاه إسرائيل «قد يسبب أضراراً تضاهي تأثير قنبلة نووية صغيرة»، وذلك بعد تقارير أفادت بأن إيران تستعد لإنتاج أعداد كبيرة من الصواريخ، بهدف شن هجمات بمئات الصواريخ في كل مرة لردع إسرائيل في حال تجددت الحرب.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، إن إسرائيل «على علم» بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة، مضيفاً أنه سيبحث الأنشطة الإيرانية مع الرئيس الأميركي.

وحذر نتنياهو من أن أي تحرك إيراني سيقابَل برد «قاسٍ للغاية»، في ظل قلق إسرائيلي من أن التحركات الصاروخية قد تكون جزءاً من جهود لإعادة ترميم الترسانة الباليستية بعد حرب يونيو (حزيران) التي استمرت 12 يوماً.

وجاءت تصريحات نتنياهو بعدما أفادت تقارير داخل إيران باختبارات أو مناورات صاروخية في عدة محافظات، قبل أن ينفي التلفزيون الرسمي إجراء أي مناورات أو تجارب، وذلك بعد أن نشرت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تقريراً عن رؤية دخان أبيض نُسب إلى مناورات صاروخية في عدة مناطق. وجاء ذلك في وقت عرضت القناة الأولى تقريراً دعائياً عن هجمات يونيو وتوعّدت إسرائيل بـ«الجحيم الصاروخي».

والاثنين، لمح رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق أول إيال زامير، إلى احتمال استهداف إيران مجدداً، قائلاً إن الجيش سيضرب أعداء إسرائيل «حيثما يتطلب الأمر، على الجبهات القريبة والبعيدة على حد سواء».

وقال زامير إن الحملة ضد إيران تقف في صميم «أطول وأعقد حرب» في تاريخ إسرائيل، معتبراً أن طهران موّلت وسلّحت أطرافاً طوقت إسرائيل على جبهات متعددة.

صاروخ باليستي إيراني يُعرض في شارع وسط طهران بجوار لافتة تحمل صورة المسؤول السابق للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني ومسؤول البرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زادة الذي قُتل بضربة إسرائيلية في يونيو الماضي (رويترز)

وفي المقابل، قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، الثلاثاء، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لمواجهة أي سيناريو يفرضه العدو»، مضيفاً أن جزءاً كبيراً منها «لم يستخدم بعد».

وكان تقرير لموقع «أكسيوس» قد أفاد الأحد الماضي بأن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا إدارة ترمب خلال عطلة نهاية الأسبوع أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة تثير قلقاً متزايداً، رغم أن المعلومات الاستخباراتية المتوافرة لا تظهر حتى الآن سوى تحركات قوات داخل إيران.

وأشار التقرير إلى أن هامش تحمّل المخاطر لدى الجيش الإسرائيلي بات أدنى بكثير مما كان عليه في السابق، بعد تداعيات هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ونقل «أكسيوس» عن مصدر إسرائيلي قوله إن «احتمالات الهجوم الإيراني تقل عن 50 في المائة، لكن لا أحد مستعد لتحمّل المخاطرة والاكتفاء بالقول إنها مجرد مناورة».

ونبّهت مصادر إسرائيلية وأميركية إلى أن سوء تقدير متبادل قد يقود إلى حرب غير مقصودة، إذا اعتقد كل طرف أن الآخر يستعد للهجوم وسعى إلى استباقه.

وترى الاستخبارات الإسرائيلية مؤشرات مبكرة على استئناف إيران بناء قدراتها الصاروخية بزخم متسارع مقارنة بفترة ما بعد حرب الأيام الاثني عشر في يونيو، وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن إيران خرجت من تلك الحرب وهي تمتلك نحو 1500 صاروخ، مقارنة بنحو 3000 صاروخ قبلها، إضافة إلى 200 منصة إطلاق من أصل 400 كانت بحوزتها.

وشنّت إسرائيل في 13 يونيو هجوماً واسعاً على منشآت استراتيجية داخل إيران، أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري» ومسؤولين وعلماء مرتبطين بالبرنامج النووي. وانضمت الولايات المتحدة إلى الحرب عبر توجيه ضربات إلى مواقع نووية إيرانية.

عاجل ترمب: أميركا شنت ضربة قوية ضد «داعش» في شمال غرب نيجيريا