إيران: إحياء المفاوضات النووية الخيار الأكثر عقلانية

نائب لوزير الخارجية قلل من قدرة العقوبات على إحداث تغيير

غريب آبادي وعلى يمينه المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي خلال لقاء مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، أكتوبر الماضي (الذرية الدولية)
غريب آبادي وعلى يمينه المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي خلال لقاء مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، أكتوبر الماضي (الذرية الدولية)
TT

إيران: إحياء المفاوضات النووية الخيار الأكثر عقلانية

غريب آبادي وعلى يمينه المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي خلال لقاء مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، أكتوبر الماضي (الذرية الدولية)
غريب آبادي وعلى يمينه المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي خلال لقاء مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، أكتوبر الماضي (الذرية الدولية)

ألقت طهران بالكرة في ملعب القوى الغربية، معلنةً استعدادها لإحياء المسار التفاوضي بشأن برنامجها النووي المتقدم، بعدما تعثر قبل ثلاث سنوات، وفشل محاولات الوساطة لإنعاشها. وقال نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية إن بدء المحادثات بشأن البرنامج النووي لبلاد.

وأعلن كاظم غريب آبادي، اليوم (الثلاثاء)، عزم طهران مواصلة المحادثات مع القوى الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) قريباً، وذلك بعدما أجرى الطرفان جولة ثالثة من المحادثات الاستكشافية، الأسبوع الماضي، في جنيف.

وأضاف المسؤول الإيراني: «لقد اتفقنا على مواصلة المحادثات، وسنحدد الموعد المقبل من خلال المشاورات المشتركة».

ووصف الجانبان هذه المحادثات بأنّها «صريحة وبنّاءة». وقالت طهران إن الجولة الثالثة من المحادثات التي بدأت سبتمبر (أيلول) الماضي في نيويورك واستمرت لجولتين في جنيف أولها نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تهدف إلى مناقشة إمكانية العودة إلى طاولة المفاوضات.

وصرح غريب آبادي بأن «الطريق الأكثر عقلانية هو بدء محادثات رفع العقوبات والعودة إلى المسار الصحيح والسليم»، منبهاً لأن طهران «مستعدة لذلك إذا أبدت الأطراف الأخرى الاستعداد نفسه»، معرباً عن اعتقاده بأن «المفاوضات ستبدأ وستؤدي إلى نتائج»، وفقاً لوكالة «إيسنا» الحكومية.

وأصر غريب آبادي على إلقاء الكرة في ملعب الأطراف الأخرى، بقوله: «إذا رأينا سياسةً ونهجاً مختلفاً من الأطراف الأخرى، فإيران ستتخذ موقفاً مناسباً يتماشى مع تلك السياسات». وقال: «نعتقد أن هناك فرصاً مناسبةً للحوار والتفاهم، وهو أمر له سوابق معروفة. البرنامج النووي الإيراني سلمي، والعقوبات الأحادية وغير القانونية لم تحقق أهدافها».

ورأى أن العقوبات «هدفها إحداث تغييرات في الدول المستهدفة ليس في إيران فقط»، لكنها هوّن من تأثيرها على إيران، وقال: «لم يحققوا أهدافهم حتى الآن»، وأشار إلى تأثير العقوبات على المواطنين العاديين حصراً.

وتعثرت جولات من المفاوضات بين طهران والقوى الكبرى في فيينا، بعدما اندلعت الحرب الروسية - الأوكرانية قبل ثلاث سنوات. وشاركت الولايات المتحدة بشكل غير مباشر في المفاوضات. وبعد تعثر مفاوضات فيينا، واصلت طهران وإدارة جو بايدن مفاوضاتها عبر وساطة عمانية، لكنها لم تحرز اختراقاً في الخروج من المأزق النووي.

والأسبوع الماضي، وجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان رسالةً غير مباشرة إلى ترمب في حديث قناة أميركية، معلناً استعداد طهران للتفاوض غير المباشرة مع واشنطن بشأن البرنامج النووي، وحذر في الوقت نفسه من عواقب توجيه ضربة عسكرية ضد بلاده.

وتباين موقف بزشكيان جزئياً مع مسؤولين في إدارته، تحدثوا بثقة أكبر عن نيات طهران للتفاوض المباشر مع الإدارة الأميركية، خصوصاً كبير مستشاريه علي عبد العلي زاده، الذي أثار غضب المحافظين في إيران، بعدما تحدث عن إجماع بين حكام إيران على ضرورة التفاوض المباشر.

والاثنين، انتقد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، نهج جو بايدن في مواصلة سياسة ترمب في ولايته الأولى بشدة، لكنه أعرب عن أمل طهران في أن تتبنى إدارة ترمب الثانية سياسات «واقعية ومبنية على القانون الدولي» تجاه إيران.

وتخشى إيران من ترمب إلى سياسة «الضغوط القصوى» لإجبارها على تعديل سلوكها الإقليمي، خصوصاً مع تقدّم برنامجها النووي لمستويات تخصيب قريبة من إنتاج الأسلحة. وتُثار تساؤلات حول نهجه تجاه طهران، حيث أرسل كلا الطرفين إشارات متباينة بشأن المواجهة أو التفاهم الدبلوماسي.

ولم يتضح بعد موقف ترمب من المحادثات النووية التي بدأتها إدارة بايدن؛ إذ تعهّد بنهج أكثر تصعيداً وتحالف وثيق مع إسرائيل، التي تعارض الاتفاق.


مقالات ذات صلة

هل فريق ترمب منقسم بشأن إيران؟

شؤون إقليمية ترمب يؤدي التحية عند نزوله من الطائرة الرئاسية «مارين ون» في نيوجيرسي السبت الماضي (أ.ف.ب)

هل فريق ترمب منقسم بشأن إيران؟

يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب تناقضات في استراتيجيته تجاه إيران؛ حيث يجمع بين التهديدات العسكرية وعروض التفاوض بشأن البرنامج النووي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس الأركان محمد باقري وقائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده خلال الكشف عن ترسانة باليستية  (التلفزيون الرسمي)

«الحرس الثوري» يكشف عن ترسانة صاروخية جديدة وسط التوتر مع واشنطن

كشف «الحرس الثوري» الإيراني عن ترسانة «صواريخ باليستية» جديدة تحت الأرض، وسط تصاعد التوترات مع واشنطن، التي استأنفت استراتيجية «الضغوط القصوى» على طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية غروسي يستمع إلى كاظم غريب آبادي على هامش مباحثاتهما في فيينا 17 مارس الحالي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

غروسي: محادثاتنا مع إيران لم تحقق تقدماً

أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي أن آخر جولة محادثات مع مسؤول إيراني رفيع لم تسفر عن تقدم يُذكر في التحقيق النووي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عراقجي في مؤتمر صحافي مشترك في بريفان مع نظيره الأرميني أرارات ميرزويان (د.ب.أ)

إيران تجهّز ردها على رسالة ترمب وتراهن على «المقاومة المستمرة»

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن إيران تعكف على إعداد ردّ على رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن إجراء محادثات نووية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية العلمان الأميركي والإيراني يظهران خلف الرئيس دونالد ترمب ضمن صورة مركبة (رويترز)

واشنطن تفرض عقوبات على 3 إيرانيين متورطين في اختفاء ليفنسون

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على ثلاثة أفراد مرتبطين بوزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية بزعم تورطهم في اختفاء روبرت ليفنسون المحقق الخاص السابق في «إف بي آي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الجيش الإسرائيلي يعدّ هجوم «داعش» على قواته انعطافاً في الجبهة السورية

جندي إسرائيلي يقف عند نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان المحتلة والمطلة على جنوب سوريا 25 مارس (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يقف عند نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان المحتلة والمطلة على جنوب سوريا 25 مارس (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يعدّ هجوم «داعش» على قواته انعطافاً في الجبهة السورية

جندي إسرائيلي يقف عند نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان المحتلة والمطلة على جنوب سوريا 25 مارس (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يقف عند نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان المحتلة والمطلة على جنوب سوريا 25 مارس (أ.ف.ب)

خرجت قيادة الجيش الإسرائيلي في اللواء الشمالي باستنتاج من التحقيقات الأولية، أن عناصر «داعش» هي التي أطلقت النار الكثيفة على قواته في الجنوب السوري. واعتبرت هذا التصرف «واقعاً جديداً يشكل انعطافاً للتحديات في هذه المنطقة ويحتاج إلى تغيير في أسلوب العمل».

وجاء في مشاورات عقدت في اللواء الشمالي للجيش، أن هذه العملية تجعله يزيد من وتيرة العمل على إقامة الشريط الحدودي الثاني شرق الجولان، وتكثيف المراقبة في المنطقة الجنوبية من مرتفعات الجولان والمنطقة المقابلة لها في سوريا. واعتبرتها المنطقة الأصعب على هذه الحدود، إذ إنها ذات طوبوغرافيا صعبة، فيها تلال راسية حادة ووديان عميقة والكثير من المغارات، وعرفت في عهد نظام بشار الأسد دفيئة لقوات «داعش». فللحركات الإسلامية هناك سيطرة واضحة، وكانوا يوفرون بيئة حاضنة لتنظيم «داعش». وبما أن إسرائيل تنظر إلى «هيئة تحرير الشام»، الحاكمة حالياً، على أنها جزء من هذا التيار، فإنها تعتبر المكان خاضعاً للحكومة الجديدة، وأي اعتداء يقع فيه تتحمل الحكومة مسؤوليته.

جندي إسرائيلي على دبابة «ميركافا» في الجولان السوري يوم 25 الحالي (أ.ف.ب)

يذكر أن هذه المنطقة شهدت حادثاً أمنياً قاسياً، صبيحة الثلاثاء. فقد كانت قوة إسرائيلية من وحدة «كتائب الصحراء»، تجري دورية داخل المنطقة التي تحتلها في الجنوب السوري، فتعرضت لإطلاق كثيف من النيران من جهة قريبة من قرية الكويا. وتم رصد من 5 إلى 8 عناصر مسلحة، في موقع إطلاق النار. فقامت طائرات مسيّرة من جهة وقوة مدفعية من جهة ثانية بإطلاق نار كثيف عليهم وقتلت تسعة أشخاص، بينهم المسلحون.

والوحدة التي تعمل في هذه المنطقة، وتحمل اسم «كتاب الصحراء»، تضم 70 مقاتلاً. وكانت قد عملت في الماضي في جنوب الضفة الغربية. وفي السنة الماضية، تم حلها بسبب تصرفات جنودها العنيفة مع الفلسطينيين. واضطر الجيش لتفكيكها في حينه. وتبين أنها تضم جنوداً من «شبيبة التلال» في المستوطنات، المعروفين باعتداءاتهم على المدنيين وتهجير المزارعين وقتل مواشيهم.

جندي إسرائيلي يقف عند نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان المحتلة والمطلة على جنوب سوريا 25 مارس (أ.ف.ب)

لكن، بسبب النقص في عدد الجنود بالجيش الإسرائيلي، أعيد بناؤها من جديد لتعمل في الجنوب اللبناني وفي الجنوب السوري. وتمت إقامة موقع لها قرب عين زيوان، القرية السورية التي تم تهجير سكانها أثناء احتلال الجولان سنة 1967. والموقع يطل على بلدات المنطقة.

ويقول قائدها الرائد إيتان لف آري، إن الوحدة الجديدة تضم مجموعة من المقاتلين المميزين المعروفين بحبهم العظيم لأرض إسرائيل، والذين يعرفون أن مهمتهم الأساسية هي منع السوريين من تنفيذ هجوم على مستوطنات الجولان شبيه بهجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وبحسب مصادر عسكرية، فإنه بأعجوبة فقط لم تقع إصابات في صفوف الجنود الإسرائيليين، حيث إنهم كانوا يسيرون في دورية مكشوفة في النهار ولم تتوفر لهم معلومات استخبارية عن احتمال التعرض لهجوم.

تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تعيد بناء قوتها في سوريا، وفق العقيدة القتالية الجديدة للجيش، تحت قيادة رئيس الأركان الجديد، إيال زامير، تسمى بعقيدة الدوائر الثلاث. الدائرة الأولى دفاعية، ويتم من خلالها تعزيز الحدود بقوات كبيرة ومواقع ثابتة ومتحركة وإقامة جدار إلكتروني حديث ومزدوج، الخط الأول على الحدود الرسمية لوقف إطلاق النار، والثاني يقع شرق الحدود في قلب الأراضي السورية، وسيتم إنجازه في غضون بضعة شهور، والدائرة الثانية وهي تنص على إقامة حزام أمني على طول الحدود بين البلدين، يحظر أن يوجد فيه أي شخص والثالثة هي المنطقة المنزوعة السلاح، وتمتد من دمشق وحتى جميع النقاط الحدودية على الحدود مع الأردن والعراق من جهة وبين إسرائيل ودمشق من جهة ثانية.

أحد أفراد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة عند برج مراقبة يُطل على جنوب سوريا في مرتفعات الجولان المحتلة في 25 مارس (أ.ف.ب)

وتحتل إسرائيل حالياً، كل مرتفعات الجولان، التي كانت قد ضمتها خلال حرب 1967 وقامت بتوسيع احتلالها ومضاعفته، ليشمل كل الجولان شرقاً وغرباً، وجميع قمم جبل الشيخ وسفوحه بما يعادل 400 كيلومتر مربع. وقد حاول وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، قبل أسبوعين، إحضار مواطنين دروز من المناطق السورية التي احتلتها إسرائيل بعد سقوط نظام الأسد، من أجل العمل في مستوطنات هضبة الجولان المحتلة، أو في بلدات عربية في الجولان، إلا أن هذه الخطة لم تنفذ حتى الآن بسبب خلافات بين كاتس والقيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي. كما يؤيد وزير الداخلية الإسرائيلي، موشيه أربيل، موقف الجيش ويمتنع عن التوقيع على تصاريح تسمح بدخول العمال السوريين إلى الجولان المحتل.