انقسام حول قدرة أوجلان على حلّ «الكردستاني»... وتشكيك في نيات إردوغان

بين رفض للحوار معه واستبعاد عملية جديدة لحل المشكلة الكردية بتركيا

أكراد في ألمانيا خلال مظاهرة تطالب بالإفراج عن أوجلان مارس 2023 (د.ب.أ)
أكراد في ألمانيا خلال مظاهرة تطالب بالإفراج عن أوجلان مارس 2023 (د.ب.أ)
TT

انقسام حول قدرة أوجلان على حلّ «الكردستاني»... وتشكيك في نيات إردوغان

أكراد في ألمانيا خلال مظاهرة تطالب بالإفراج عن أوجلان مارس 2023 (د.ب.أ)
أكراد في ألمانيا خلال مظاهرة تطالب بالإفراج عن أوجلان مارس 2023 (د.ب.أ)

فجّر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين في تركيا، عبد الله أوجلان، بمبادرة من رئيس حزب «الحركة القومية» حليف الرئيس رجب طيب إردوغان، انقساماً وجدلاً واسعين. وعُدّت المبادرة مقدّمة لعملية سلام جديدة لحل المشكلة الكردية.

وعقب اللقاء بين وفد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، الذي ضمّ نائبي إسطنبول سري ثريا أوندر، ووان (شرق تركيا) بروين بولدان، وأوجلان في محبسه المنعزل في جزيرة إيمرالي، ثارت تساؤلات كثيرة حول قدرة أوجلان على إلزام حزب «العمال الكردستاني» على حل نفسه وإلقاء سلاحه.

وصدرت أيضاً ردود فعل حادة على اللجوء مرة أخرى إلى أوجلان، بعد فشل عملية السلام الداخلي لحل المشكلة الكردية في تركيا، التي عرفت بـ«عملية الحل»، والتي جرت مفاوضاتها ابتداء من عام 2009 حتى الوصول إلى مرحلة المفاوضات بين ما عرف بـ«وفد إيمرالي»، الذي ضم نواباً من حزب «السلام والديمقراطية» المؤيد للأكراد، سري ثريا أوندر، وبروين بولدان وإدريس بالوكين، في الفترة بين عامي 2013 و2015.

سري ثريا أوندر يتلو إعلان «دولمه بهشه» في 2015 وعلى يمينه نائب رئيس الوزراء التركي يالتشين أكودوغان وعلى يساره النائب الكردي السابق إدريس بالوكين (غيتي)

وانتهت المفاوضات آنذاك بإعلان الرئيس رجب طيب إردوغان عدم اعترافه بـ«إعلان دولمه بهشه»، الذي صدر في ختام المفاوضات بين وفد إيمرالي والحكومة، وأنه «لا توجد مشكلة كردية في تركيا».

رفض الحوار

وفي هذا الإطار، شنّ رئيس حزب «النصر» القومي التركي المعارض، أوميت أوزداغ، هجوماً حاداً على «تحالف الشعب» المؤلّف من حزبي «العدالة والتنمية» الحاكم، برئاسة إردوغان، و«الحركة القومية» برئاسة دولت بهشلي، واصفاً إياه بأنه أصبح «تحالف العار».

رئيس حزب «النصر» التركي أوميت أوزداغ في مؤتمر سابق (من حسابه عبر إكس)

وقال أوزداغ تعليقاً على لقاء النائبين مع أوجلان، السبت الماضي في إطار مبادرة أطلقها بهشلي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي: «أنت (إردوغان) تدّعي أنك حقّقت النصر في سوريا، وتلعب دور (فاتح دمشق). إذا كنت فتحت سوريا، فلماذا تحتاج إلى وساطة مجرم تم تسليمه إليك قبل 25 عاماً، وتسبّب في قتل أكثر من 40 ألفاً، وذبح النساء الحوامل والأطفال؟».

إردوغان وبهشلي (الرئاسة التركية)

وأضاف: «يلجأون الآن إلى أوجلان حتى يكون شريكاً لهم في الدولة التي يريدونها، وحتى يتم تعديل الدستور بدعم من نواب حزب (الديمقراطية والمساواة للشعوب)».

كما انتقد أوزداغ موقف زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، الذي رحّب بأي خطوات تقود إلى حل المشكلة الكردية، بشرط أن تكون من خلال البرلمان، قائلاً: «لا يمكنك الدفاع عن النموذج الذي أسسه أتاتورك من خلال التفاوض مع الإرهاب، واستخدام البرلمان عنواناً للمساومة، ولكن يمكنك أن تصبح شريكاً لإردوغان وبهشلي وأوجلان».

أوجلان أثناء ترحيله من كينيا إلى تركيا عقب القبض عليه عام 1999 (أرشيفية - إعلام تركي)

وعبّر عسكريون أتراك متقاعدون عن استنكارهم للحوار مع أوجلان. وقال الأميرال المتقاعد، جهاد يايجي، إن «ما تقوم به الحكومة حالياً هو أمر لا يمكن أن يستوعبه عقل. ما فائدة المفاوضات مع أوجلان، السجين منذ 25 عاماً؟ هل يعتقدون أنه لا يزال يسيطر على منظمة حزب (العمال الكردستاني)؟ لن نستغرب بعد الآن أن تغير الحكومة والمعارضة أيضاً وصف أوجلان من زعيم الإرهاب، والقاتل، وأن يُتعامل معه على أنه رجل سلام يُتفاوض معه لحل مشاكل البلاد».

حل المشكلة الكردية

وإلى جانب ردود الفعل على اللقاء مع أوجلان، تدور أسئلة كثيرة حول ما إذا كان الحوار معه سيقود إلى «عملية حل» جديدة للمشكلة الكردية في تركيا، على الرغم من تأكيد بهشلي، الذي أطلق الدعوة لعقد اللقاءات مع أوجلان، أنه لا يجب النظر إلى العملية الجارية على أنها مبادرة للحل أو عملية سلام.

ورأى نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «الشعوب الديمقراطية»، عضو «وفد إيمرالي» السابق، إدريس بالوكين، أنه من السابق لأوانه الحديث عن عملية حل جديدة.

بالوكين يتوسط سري ثريا أوندر (يسار) وبروين بولدان (يمين) خلال مؤتمر صحافي عقب لقاء أوجلان مارس 2014 (أرشيفية)

وقال بالوكين، الذي حُكم عليه بالسجن بين عامي 2016 و2023 بتهم مختلفة، بما في ذلك «العضوية في منظمة إرهابية» حزب (العمال الكردستاني)، وبقي في السجن لمدة تقترب من 7 سنوات، إن «تركيز أوجلان في رسالته التي أعلنها وفد إيمرالي الجديد، على الديمقراطية والسلام والأخوة والتحول الديمقراطي، وتأكيده على الشفافية ودور البرلمان ودور المعارضة بوصف ذلك أساساً للحل، بما يتماشى مع النموذج الجديد المدعوم من إردوغان وبهشلي، هو أمر مهم جداً».

وأضاف أن مشكلة عملية الحل الأولى كانت في «الأسس القانونية والشرعية، حيث لم تجر من خلال البرلمان. وكانت الحكومة مترددة أو غير راغبة في ضم المعارضة إلى العملية». وعدّ أن إشارة أوجلان إلى التطورات الإقليمية في غزة وسوريا مهمة جداً، لافتاً إلى أن «هناك انسداداً خطيراً للغاية. وعندما ننظر إلى القضايا الإقليمية من منظور القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحقوق والحريات الأساسية والحق في الحياة، فإننا في الواقع نرى أن هذه العملية ملحة وضرورية في إطار اتخاذ تركيا الاحتياطات اللازمة في مواجهة هذه النار في المنطقة».

ولفت الكاتب في صحيفة «حرييت» القريبة من الحكومة، عبد القادر سيلفي، إلى أن قيادات «العمال الكردستاني» في جبل قنديل شمال العراق، تحاول التشكيك في عملية الحوار الجديدة مع أوجلان، على الرغم من تأكيد التزامها بما سيتم إقراره.

مظاهرة تطالب بالإفراج عن أوجلان (إعلام تركي)

وأضاف أن «قيادات قنديل» تدعو إلى المقاومة الشاملة من أجل تقوية يد أوجلان في المفاوضات مع الدولة التركية، عادّاً أنهم يعيشون حالة انفصال عن الواقع والتطورات الجارية في المنطقة. وقال سيلفي إنه «في نهاية هذه العملية، لن (...) تتم أي مفاوضات، لأن هذه العملية ليست عملية أخذ وعطاء، الهدف هنا هو إلقاء حزب (العمال الكردستاني) سلاحه، ولا توجد طريقة أو نتيجة أخرى غير هذه».


مقالات ذات صلة

تركيا تكشف عن 4 مطالب دولية في سوريا

المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تكشف عن 4 مطالب دولية في سوريا

كشفت تركيا عن إجماع دولي على 4 شروط يجب أن تتحقق في سوريا في مرحلة ما بعد بشار الأسد وهددت بتنفيذ عملية عسكرية ضد القوات الكردية في شمال سوريا وسط دعم من ترمب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، بالتزامن مع زيارة رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من لقاء رئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو ووفد إيمرالي (موقع الحزب)

تركيا: مطالبة بإنهاء عزلة أوجلان لحل المشكلة الكردية

أعلن حزب مؤيد للأكراد أن عملية الحوار مع زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان لحل المشكلة الكردية في تركيا لن تؤدي إلى نتيجة دون إنهاء عزلته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

اعتقال ثالث متهم في قضية الاعتداء على صحافي إيراني في لندن

صورة نشرتها قناة «إيران إنترناشيونال» بعد تشديد الحراسة حول مقرها السابق في غرب لندن نوفمبر 2022 (أرشيفية)
صورة نشرتها قناة «إيران إنترناشيونال» بعد تشديد الحراسة حول مقرها السابق في غرب لندن نوفمبر 2022 (أرشيفية)
TT

اعتقال ثالث متهم في قضية الاعتداء على صحافي إيراني في لندن

صورة نشرتها قناة «إيران إنترناشيونال» بعد تشديد الحراسة حول مقرها السابق في غرب لندن نوفمبر 2022 (أرشيفية)
صورة نشرتها قناة «إيران إنترناشيونال» بعد تشديد الحراسة حول مقرها السابق في غرب لندن نوفمبر 2022 (أرشيفية)

قالت الشرطة البريطانية، الأربعاء، إنها ألقت القبض على متهم ثالث فيما يتعلّق بطعن صحافي يعمل لدى مؤسسة إعلامية ناطقة بالفارسية في لندن خلال مارس (آذار) من العام الماضي.

وأُصيب بوريا زراعتي، وهو صحافي بريطاني من أصل إيراني يعمل في قناة «إيران إنترناشيونال»، بجروح في ساقه بعد تعرضه للطعن بالقرب من منزله في ويمبلدون بجنوب غربي لندن.

وتقود شرطة مكافحة الإرهاب التحقيق في الهجوم خوفاً من أن يكون الصحافي مستهدفاً بسبب عمله في شبكة الأخبار التلفزيونية التي تنتقد الحكومة الإيرانية.

طعن بوريا زراعتي وهو مقدم برنامج في قناة «إيران إنترناشيونال» في ساقه 29 مارس 2024 (منصة «إكس»)

ووجّهت هيئة الادعاء الملكية البريطانية بالفعل لرجلين رومانيين، هما نانديتو باديا (20 عاماً) وجورج ستانا (24 عاماً)، تهمة الإصابة بقصد التسبب في أذى جسدي خطير، ومن المقرر أن يمثلا أمام محكمة أولد بيلي في لندن يوم 17 يناير (كانون الثاني).

وقالت شرطة لندن في بيان، إنها اعتقلت رجلاً ثالثاً (40 عاماً) الثلاثاء، للاشتباه في أنه تآمر للتسبب في أذى جسدي خطير. وأُفرج عنه بكفالة على ذمة التحقيق حتى أبريل (نيسان).

وقامت الشرطة أيضاً بتفتيش 4 أماكن في منطقتي كريكلوود وفينشلي بشمال لندن في إطار التحقيق.

وحذّرت الشرطة البريطانية ومسؤولو أمن وسياسيون مما قالوا إنه تزايد استخدام إيران لمجرمين لتنفيذ هجمات في الخارج، وهو ما تنفيه طهران.