خامنئي: استمرار القواعد الأميركية في سوريا مستحيل

دافع عن استراتيجية سليماني بعد غزو أفغانستان والعراق

خامنئي يلقي خطاباً في مراسم الذكرى الخامسة للجنرال قاسم سليماني (موقع المرشد)
خامنئي يلقي خطاباً في مراسم الذكرى الخامسة للجنرال قاسم سليماني (موقع المرشد)
TT

خامنئي: استمرار القواعد الأميركية في سوريا مستحيل

خامنئي يلقي خطاباً في مراسم الذكرى الخامسة للجنرال قاسم سليماني (موقع المرشد)
خامنئي يلقي خطاباً في مراسم الذكرى الخامسة للجنرال قاسم سليماني (موقع المرشد)

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، إن استمرار وجود القوات الأميركية في سوريا «أمر مستحيل»، وحذرها من «الدهس تحت أقدام الشباب السوري». ومن جهة ثانية، قال: «الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق، قبل نحو 25 عاماً، كان «مؤامرة ضد إيران أحبطها الجنرال قاسم سليماني بدخوله ساحة القتال».

وباشر مكتب خامنئي، اليوم، مراسم الذكرى السنوية الخامسة لمقتل الجنرال قاسم سليماني، مهندس الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، الذي قُتل بغارة جوية أميركية في بغداد بأمر من الرئيس دونالد ترمب خلال ولايته الأولى.

وتطرق خامنئي في خطابه أمام مجموعة من عائلات قتلى «قوات الحرس الثوري» في سوريا والعراق، إلى التطورات السورية الراهنة، مكرراً مواقفه السابقة بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت منذ 2011 بعض «قوات الحرس الثوري» إلى سوريا لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

ونقل موقعه الرسمي قوله: «سينتصر الشعب السوري، عاجلاً أم آجلاً، على المحتلين، وستستمر مقاومة اليمن وفلسطين ولبنان»، متحدثاً عن «بناء متتالي» للقواعد الأميركية في سوريا. وأضاف: «يجب على المعتدي أن يخرج من أرض الأمة، وإلا فسيتم طرده؛ لذا فإن القواعد العسكرية الأميركية ستُداس تحت أقدام الشباب السوري».

صورة نشرها موقع المرشد الإيراني من مدير مكتبه محمد غلبيغاني وبجواره قائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني

وقال خامنئي إن «سوريا ملك لشعب سوريا، والذين يعتدون على أرضها لا شك أنهم سيضطرون للتراجع أمام قوة الشباب الغيور السوري».

وسحب «الحرس الثوري» الإيراني قواته من سوريا قبل أيام من سقوط الأسد، وقال قائد تلك القوات، حسين سلامي، إن قواته «كانت آخر المنسحبين من خط القتال». وقال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن بلاده أجلت 4 آلاف عسكري إيراني عبر مطار حميميم، أبرز قواعد القوات الروسية في سوريا.

وأشار خامنئي ضمناً إلى الحوثيين في اليمن، و«حزب الله» في لبنان، وقال: «سيجبر المعتدون، وعلى رأسهم أميركا الطامعة والمجرمة، على ترك المنطقة».

ودافع خامنئي عن حضور إيران الإقليمي، بما في ذلك «المدافعين عن الأضرحة»، وهي إحدى التسميات التي أطلقها المسؤولون الإيرانيون على قواتهم في سوريا. وجاء ذلك، بعدما قال خامنئي في خطاب سابق إن دور قواته كان «استشارياً».

وقال خامنئي: «كان سليماني يعدّ إيران حرماً (ضريحاً) أيضاً، لولا تلك الدماء (...) لما بقى اليوم أثر من المراقد المقدسة».

وفي 11 ديسمبر (كانون الأول)، عزا خامنئي سقوط الأسد إلى «خطة أميركية - إسرائيلية»، و«دولة جارة لسوريا»، في إشارة ضمنية إلى تركيا.

وفي 17 ديسمبر، قال خامنئي إنه «من خلال التحرك الذي حدث في سوريا، والجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني وأميركا (...)، ظنوا أن قضية المقاومة قد انتهت في المنطقة». وصرح: «مخطئون بشدة».

والأسبوع الماضي، قال خامنئي إن إيران ليس لديها «وكلاء» في المنطقة، و«لن تحتاج إلى قوات تعمل بالنيابة إذا ما أرادت اتخاذ إجراء في المنطقة».

السيارة التي كان يستقلها سليماني مشتعلة بعد استهدافها بصواريخ أميركية في 3 يناير 2020 (أرشيفية - أ.ف.ب)

استراتيجية سليماني

واستعرض خامنئي استراتيجية بلاده الإقليمية على مدى 25 عاماً، التي أشرف عليها قاسم سليماني حتى لحظة مقتله. ووصفه بـ«المقاتل الكبير والصديق العزيز والمقرب»، لافتاً إلى أن «تقدمه وحضوره السريع في الميدان من أبرز خصائصه».

وقدم خامنئي روايته عن الغزو الأميركي للعراق وأفغانستان، ودور سليماني في تلك السنوات.

وقال إنه «منذ عام 2001 كان يوجد في ساحة القتال ضد شرور أميركا في أفغانستان والعراق». وأضاف: «كان الهدف الرئيسي لأميركا من احتلال هذين البلدين هو إيران، لكن سليماني دخل الساحة (...) وفي نهاية المطاف انتهى ذلك الاحتلال بهزيمة أميركا وإحباط تلك المؤامرة الكبرى». ولفت إلى أن «هناك معلومات كثيرة في هذا المجال يجب توثيقها لكي تنقل إلى الأجيال اللاحقة».

وتعد تصريحات خامنئي هذه اعترافاً نادراً من خامنئي، صاحب كلمة الفصل في البلاد، بعد خمس سنوات من مقتل سليماني الذي كاد يشعل حرباً بين إيران والولايات المتحدة.

وقال ترمب لدى إعلانه مسؤوليته عن قرار الضربة في 3 يناير 2020، إن «سليماني كان مسؤولاً عن مقتل عدد من الأميركيين وغيرهم»، عادّاً أن الخطوة قد تأخرت 20 عاماً. واتهم مسؤولون أميركيون سليماني بأنه «عدو تلطخت يديه بدماء أميركيين» منهم المئات من الجنود الذين قتلوا في حرب العراق التي بدأت في 2003 بعبوات ناسفة إيرانية الصنع.

وقال مسؤولون أميركيون إن قرار ترمب جاء بناءً على معلومات مخابراتية تستوجب التحرك بأن سليماني (62 عاماً) يخطط لهجمات وشيكة ضد دبلوماسيين أميركيين، والقوات المسلحة في العراق ولبنان وسوريا وأنحاء أخرى من الشرق الأوسط.

قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس (رويترز)

إيران في العراق

وعن بداية الحضور الإيراني أثناء الغزو الأميركي للعراق، قال خامنئي إن «مجموعة من الشباب العراقي العُزّل كانوا مجتمعين في ضريح الإمام علي في النجف، دون سلاح أثناء الغزو الأميركي، والجنرال شعر بالمسؤولية وتواصل بسرعة مع هؤلاء الشباب، وأنقذهم حيث المرجعية أيضاً قامت بخطوة استثنائية وفعالة في تلك القضية».

وأردف: «سليماني ورفاقه لعبوا دوراً أساسياً في تمكين الشعب العراقي من تقرير مصيره من خلال عملية معقدة وطويلة وحرب هجينة سياسية وعسكرية وإعلامية وثقافية».

وتحاشى خامنئي الإشارة إلى «فيلق بدر»، الفصيل العسكري المسلح الذي تأسس في إيران بداية الثمانينات، واتخذها ملاذاً حتى دخوله للعراق في بداية الغزو الأميركي.

كما عدّ خامنئي ظهور تنظيم «داعش» في 2014، من أسباب الحضور «السريع والمصيري» لقاسم سليماني في ساحة القتال ضد التنظيم. وأشار إلى «فتوى المرجعية التي دفعت آلاف من الشباب للقتال ضد (داعش)، ودور سليماني في تنظيمهم وتزويدهم بالسلاح والتدريب».

وبذلك، قال خامنئي إن «سليماني لعب دوراً حاسماً في هزيمة (داعش) الأميركية»، وأضاف أن استراتيجية سليماني كانت «إحياء جبهة المقاومة» باستخدام «القوى الوطنية والشباب» في سوريا ولبنان والعراق.

خامنئي يلقي خطاباً في مراسم الذكرى الخامسة للجنرال قاسم سليماني (موقع المرشد)

الانتقادات لتدخل إيران

وفي جزء من خطابه، انتقد خامنئي الانتقادات الداخلية لحضور إيران في سوريا، التي خرجت للعلن بعد سقوط بشار الأسد.

وقال إن «بعض الأشخاص بسبب افتقارهم للفهم وقلة الوعي والتحليل الصحيح للقضايا يقولون إن الدماء التي أريقت في سبيل الدفاع عن الأضرحة قد ذهبت هدراً». وأضاف: «هذا التصور خطأ كبير لأنه لولا قتال الجنرال سليماني ومدافعي الأضرحة لما بقي أثر من المراقد المقدسة، سواء السيدة زينب أو حتى كربلاء والنجف».

وقال خامنئي إن «الحفاظ على عوامل القوة أمر ضروري لاستمرار الصمود والقوة الوطنية في أي دولة»، وأضاف: «مجموعة الشباب المؤمنين والمستعدين للتضحية هم أهم عوامل استقرار وقوة البلد، ولا ينبغي إخراج هؤلاء الشباب من الساحة».

وقال: «في فترة ما كان هناك بعض الإهمال في سامراء، وقام المتشددون بدعم أميركي بتدمير قبة وضريح الإمامين العسكريين».

أما بشأن القضايا الداخلية الإيرانية، قال خامنئي، إن سليماني «كان تحليله من منظور عالمي، وتجنب النظرة الضيقة والمحدودة للأمور». وأضاف: «كان يؤمن بأن كل حادثة مهمة على الصعيدين الإقليمي والعالمي تؤثر على قضايا بلادنا، بناء على هذا التحليل كان يكتشف الخطر من خارج الحدود ويتخذ التدابير اللازمة للوقاية والعلاج».


مقالات ذات صلة

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

شؤون إقليمية عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

تخشى الولايات المتحدة من محاولات إيران لاستعادة حضورها العسكري في سوريا، بما في ذلك خط إمداد «حزب الله»، حسبما أوردت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن)
شؤون إقليمية عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)

عراقجي: هزيمة الجيش السوري جرس إنذار لنا

عدّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي «هزيمة» الجيش السوري والإطاحة بنظام بشار الأسد «جرس إنذار» لبلاده وقواتها المسلحة.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
تحليل إخباري الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته فرنسوا بايرو في أثناء حضورهما تجمعاً بمناسبة مرور 10 سنوات على الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة وسوبر ماركت يهودي في باريس (رويترز)

تحليل إخباري فرنسا لمواجهة «التحدي الاستراتيجي» الإيراني

استكمل وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو «مضبطة الاتهامات» ضد إيران التي طرحها ماكرون، مبرزاً الإحباط بسبب فشل باريس في الإفراج عن الرهائن الذين تحتزهم طهران.

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء بالسفارة الإيرانية في دمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

تسجيل مسرب: جنرال في «الحرس الثوري» يلوم روسيا على انهيار نظام الأسد

كشف تسجيل صوتي منسوب لأحد كبار قادة «الحرس الثوري» في سوريا عن تفاصيل الأيام الأخيرة لقيادي كبير في «الحرس الثوري»، متحدثاً عن انهيار نظام بشار الأسد

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية وقفة تضامنية مع فرنسيين تحتجزهم إيران 28 يناير 2024 (أ.ب)

فرنسا تدعو رعاياها لعدم التوجه إلى إيران حتى إطلاق سراح «رهائنها»

دعا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، اليوم (الثلاثاء)، الرعايا الفرنسيين إلى عدم التوجه إلى إيران، إلى حين «الإفراج الكامل» عن الفرنسيين المعتقلين هناك.

«الشرق الأوسط» (باريس)

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)
TT

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، بالتزامن مع مباحثات مع رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد، بمقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة.

وجاءت زيارة بارزاني لأنقرة، الثلاثاء، بدعوة من إردوغان، في وقت يجري فيه التلويح بتحرك عسكري تركي لإنهاء وجود حزب «العمال الكردستاني» في شمال العراق، ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا، وكذلك مع انطلاق عملية جديدة في تركيا تهدف إلى حل حزب «العمال الكردستاني»، المصنف منظمةً إرهابية.

وفي هذه الأجواء، زار بارزاني أنقرة للمرة الثانية في أقل من 3 أشهر، حيث زارها في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتقى إردوغان، قبل أيام قليلة من الانتخابات التشريعية في كردستان التي أجريت في الـ20 من الشهر ذاته.

جانب من لقاء إردوغان وبارزاني بحضور وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الرئاسة التركية)

وأجرى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مباحثات مع بارزاني سبقت لقاءه مع إردوغان.

وبالتزامن مع مباحثات بارزاني مع إردوغان وفيدان، التقى نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماظ، رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد، بمقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة.

وأعلنت وزارة الخارجية التركية، عبر حسابها في «إكس»، عن انعقاد اللقاء دون ذكر أي معلومات عما دار فيه.

نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماظ خلال استقباله رئيس حزب «حراك الجيل الجديد» شاسوار عبد الواحد (الخارجية التركية)

ويتزعم عبد الواحد، وهو رجل أعمال من السليمانية، حزب «حراك الجيل الجديد»، أكبر أحزاب المعارضة في إقليم كردستان العراق، وحل الحزب في المركز الثالث بعد حزبي «الديمقراطي الكردستاني»، و«الاتحاد الوطني الكردستاني»، وحصل على 15 مقعداً من أصل 100 في برلمان الإقليم.

موقف حكومة أربيل

وبحسب مصادر تركية، تناولت مباحثات إردوغان وبارزاني، التي حضرها فيدان أيضاً، العلاقات بين أنقرة وأربيل، والوضع في كردستان، والجهود المبذولة لتشكيل الحكومة الجديدة عقب الانتخابات التي أجريت في أكتوبر الماضي، إلى جانب التعاون في مكافحة نشاط حزب العمال الكردستاني.

وفقد الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، بزعامة مسعود بارزاني، الأغلبية، التي كان يتمتع بها سابقاً، رغم حصوله على 39 مقعداً، فيما حصل «الاتحاد الوطني الكردستاني»، برئاسة بافل طالباني، على 23 مقعداً.

ولم يتم تشكيل حكومة جديدة في كردستان، حتى الآن، ويواجه الحزبان صعوبة في عقد تحالفات مع المعارضة التي أعلنت رفضها المشاركة في أي حكومة تقودها الأحزاب التقليدية.

ويتطلب تشكيل الحكومة تنازلات متبادلة بين الأحزاب، في ظل سعي كل حزب لتحقيق أقصى مكاسب ممكنة.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مباحثاته مع بارزاني (الخارجية التركية)

وتقول أنقرة، إن حزب «العمال الكردستاني» قاد حملة لدعم «الاتحاد الوطني الكردستاني»، بقيادة بافل طالباني، في انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق المقبلة.

كما تتهم طالباني، بدعم وجود «العمال الكردستاني» في محافظة السليمانية وفي سوريا، بعد توليه قيادة «الاتحاد الوطني الكردستاني»، وأغلقت في 3 أبريل (نيسان) 2023 مجالها الجوي أمام الطائرات من وإلى مطار «السليمانية»، متهمة حزب «العمال الكردستاني» باختراق المطار، وتهديد الأمن الجوي، بحسب ما ذكرت وزارة الخارجية التركية وقتها.

ومددت تركيا، الاثنين، حظر الرحلات الجوية من وإلى مطار السليمانية، للمرة الثالثة. وقال مدير المطار، هندرين هيوا، إن تركيا مددت حظر الرحلات الجوية لـ6 أشهر إضافية، قبل يوم من انتهاء الحظر.

وكان يعمل في السليمانية نحو 176 مكتباً سياحياً تعلن عن رحلات يومية إلى تركيا اضطر معظمها لتعليق عمله، بعد قرار الحظر التركي.

وبينما تشيد تركيا بموقف أربيل، تهدد بفرض مزيد من الإجراءات ضد السليمانية، إذا لم يوقف طالباني دعمه لـ«العمال الكردستاني».

وزيرا الدفاع العراقي والتركي يوقّعان مذكرة تفاهم لإنهاء خطر «العمال الكردستاني» (الخارجية التركية)

واتفقت أنقرة وبغداد على التنسيق ضد حزب «العمال الكردستاني»، عبر مذكرة تفاهم للتعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب، وقعها وزير الدفاع التركي يشار غولر ونظيره العراقي ثابت العباسي، في ختام الاجتماع الرابع لآلية التعاون الأمني رفيع المستوى بين البلدين، عُدّت جزءاً من استكمال التفاهمات التركية - العراقية بشأن تثبيت الأمن على الحدود بين البلدين، والتعاون في تحييد حزب «العمال الكردستاني» ومقاتليه.

موقف ضد «العمال الكردستاني»

وأعلنت بغداد «العمال الكردستاني» «تنظيماً محظوراً»، بالتزامن مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لبغداد وأربيل في أبريل (نسيان) الماضي، إلا أن تركيا لا تزال تنتظر من بغداد إعلانه «منظمة إرهابية»، كما هو الحال في تركيا والاتحاد الأوروبي وأميركا.

وعشية زيارة بارزاني لأنقرة، هدد إردوغان بدفن المسلحين الأكراد بأسلحتهم إن لم يقوموا هم بدفن هذه الأسلحة، ملوحاً بعملية عسكرية تركية خارج الحدود، إذا كان هناك تهديد لحدود تركيا. وقال إن على جميع الأطراف أن تجري حساباتها على هذا الأساس.

كما انتقد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الذي حضر لقاء إردوغان وبارزاني، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي عقب مباحثاتهما في أنقرة، الاثنين، السماح بوجود عناصر حزب «العمال الكردستاني» في سنجار، قائلاً إنه ربما يتغير الوضع قريباً.

حوار مع أوجلان

وجاءت زيارة بارزاني في أجواء عملية جديدة بمبادرة من رئيس حزب «الحركة القومية»، حليف حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، دولت بهشلي، تضمنت دعوة زعيم «العمال الكردستاني»، السجين مدى الحياة في تركيا، عبد الله أوجلان، للحديث في البرلمان وإعلان حل الحزب، والتخلي عن أسلحته، وانتهاء الإرهاب في تركيا، مقابل النظر في إطلاق سراحه، مبرراً ذلك بالتطورات في المنطقة.

وأيد إردوغان دعوة حليفه، لكنه تجنب تماماً الإشارة إلى إمكانية إطلاق سراح أوجلان، الذي سمح لوفد من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في تركيا، بلقائه في سجنه في جزيرة إيمرالي ببحر مرمرة غرب البلاد، واختتم «وفد إيمرالي»، الذي يضم كلاً من نائبي حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» سري ثريا أوندر، وبروين بولدان، والسياسي الكردي المخضرم أحمد تورك، الثلاثاء، جولة على الأحزاب السياسية، عقب اللقاء الذي تم مع أوجلان في سجن إيمرالي في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، للتباحث حول ما جاء، والتصور المروح لحل المشكلة الكردية في تركيا، وإنهاء الإرهاب وحل حزب «العمال الكردستاني».

جانب من لقاء رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوغور أوزال مع وفد إيمرالي (موقع الحزب)

وبدأت الجولة بلقاء رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، ورئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، الخميس الماضي، ثم لقاءات مع رئيسي حزبي «المستقبل» أحمد داود أوغلو، و«السعادة» محمود أريكان، ورئيس المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم عبد الله غولر، وعدد من نواب رئيس الحزب، الاثنين، ثم لقاء رؤساء أحزاب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، أوزغور أوزال، و«الديمقراطية والتقدم»، علي باباجان، و«الرفاه من جديد» فاتح أربكان، الثلاثاء.

واستثني من اللقاءات حزب «الجيد» القومي، الذي رفض أي مفاوضات مع أوجلان.

ورحبت الأحزاب التركية بالعملية الجديدة، مشترطة أن تتسم بالشفافية، وأن تجرى من خلال البرلمان، وأن تحظى بأكبر مشاركة مجتمعية في كل مراحلها.

وشهدت تركيا في الفترة بين عامي 2013 و2015 عملية مماثلة استهدفت حل المشكلة الكردية، حظيت بدعم من مسعود بارزاني، الذي زار مدينة ديار بكر، كبرى المدن ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، بصحبة إردوغان الذي كان رئيساً للوزراء في 2013، قبل أن يعلن إردوغان نفسه في 2015 عدم الاعتراف بعملية الحل، قائلاً إنه لا يوجد مشكلة كردية في تركيا.