الصين وإيران: الشرق الأوسط ليس ساحة تنافس جيوسياسي

وانغ يي وعراقجي اتفقا على تعزيز العلاقات الاستراتيجية في مختلف المجالات

مشاورات وانغ يي وعراقجي في بكين (الخارجية الإيرانية)
مشاورات وانغ يي وعراقجي في بكين (الخارجية الإيرانية)
TT
20

الصين وإيران: الشرق الأوسط ليس ساحة تنافس جيوسياسي

مشاورات وانغ يي وعراقجي في بكين (الخارجية الإيرانية)
مشاورات وانغ يي وعراقجي في بكين (الخارجية الإيرانية)

اتفق كبار الدبلوماسيين في الصين وإيران، السبت، على أن الشرق الأوسط «ليس ساحة معركة للقوى الكبرى»، ولا ينبغي أن يكون ساحة للمنافسة الجيوسياسية بين الدول من خارج المنطقة.

وشدد وزير الخارجية الصيني وانغ يي، ونظيره الإيراني عباس عراقجي، خلال مشاوراتهما في بكين، على ضرورة أن يحترم «المجتمع الدولي سيادة دول الشرق الأوسط وأمنها واستقرارها ووحدتها وسلامة أراضيها»، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية الصينية.

وتعد هذه أول زيارة يقوم بها عراقجي إلى بكين منذ تعيينه وزيراً لخارجية إيران في أغسطس (آب) الماضي، وذلك تلبية لدعوة نظيره الصيني.

ورأى الوزيران، وفق المصدر نفسه، أن «الشرق الأوسط ملك لشعوبه، ويجب عدم التضحية بمصالح المنطقة بسبب تدخلال وأطماع الدول الأجنبية... ينبغي ألا يكون ضحية للتنافس الجيوسياسي والنزاعات بين دول تقع خارج المنطقة».

وأضاف البيان: «يجب على المجتمع الدولي احترام سيادة وأمن واستقرار ووحدة وسلامة أراضي دول الشرق الأوسط بشكل كامل، وأن يلعب دوراً بنَّاءً في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

وقال الوزيران إن «الطريق لتحقيق الاستقرار والهدوء في منطقة الشرق الأوسط هو الالتزام بالحل السياسي على أساس القانون الدولي، ودون تدخُّل خارجي»، حسبما أوردت «الخارجية الإيرانية».

وشدد البيان على «دعم استمرار تطوُّر العلاقات بين إيران والممكة العربية السعودية، واستمرار المشاورات والحوار بين دول المنطقة».

وأكد الشريكان التجاريان الكبيران على الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، وسحب القوات الإسرائيلية منها، وإرسال المساعدات الإنسانية، وتنفيذ وقف إطلاق النار بشكل مناسب في لبنان.

وفيما يتصل بالتطورات في سوريا، دعا الوزيران إلى العمل من أجل «مكافحة الإرهاب، و(تحقيق) المصالحة، و(تعزيز) العمليات الإنسانية».

وقال عراقجي للصحافيين في تسجيل مصوَّر نشره الإعلام الرسمي الإيراني لدى وصوله إلى بكين، الجمعة، إن الزيارة تجري في «وقت مناسب». وأضاف: «نواجه حالياً وضعاً حساساً سواء على المستوى الإقليمي أو على المستوى الدولي... وهناك كثير من المسائل على المستوى الدولي، كما أن قضية ملفنا النووي ستواجه في العام الجديد وضعاً يتطلب مزيداً من المشاورات»، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية»... وتابع أن «دعوة أصدقائنا الصينيين كانت للسبب نفسه؛ إذ إنه مع بداية عام جديد... علينا التفكير معاً، والتشاور والاستعداد للتحديات المقبلة».

وانغ يي يستقبل عراقجي في بكين (الخارجية الإيرانية)
وانغ يي يستقبل عراقجي في بكين (الخارجية الإيرانية)

وحذر عراقجي في مقال نشره الإعلام الصيني من «التدخل المدمّر» في مستقبل سوريا، مشيراً إلى أن القرارات «يجب أن تعود للشعب السوري وحده».

وكتب عراقجي في المقال الذي نشرته صحيفة «الشعب» باللغة الصينية، الجمعة، أن إيران «تعد صناعة القرارات المتعلقة بمستقبل سوريا مسؤولية الشعب وحده... من دون تدخُّل مدمّر أو إملاءات خارجية». وأشار إلى أن إيران «تحترم وحدة سوريا وسيادتها الوطنية وسلامة أراضيها». وكتب في مقاله أن إيران والصين تتشاركان الرؤية بأن الدعوة لوقف إطلاق النار تتصدر الأولويات بالنسبة للشرق الأوسط.

وتلقت طهران تحذيراً من القيادة السورية الجديدة بشأن محاولات «بث الفوضى في البلاد». وذلك بعدما أفاد المرشد الإيراني علي خامنئي، الأسبوع الماضي، بأنه «يتوقع ظهور مجموعة من الشرفاء الأقوياء» في سوريا الذين سيقفون في مواجهة «انعدام الأمن». وأشار إلى أن على الشباب السوري الوقوف «بإرادة قوية أمام أولئك الذين خططوا، ونفّذوا لهذه الحالة من انعدام الأمن، وسيتغلب عليهم».

وأما عراقجي، فلفت في مقاله إلى أن دعم الشعب السوري هو «مبدأ محدد يتعين على جميع الجهات الفاعلة أخذه في الحسبان».

والصين وإيران كانتا داعمتين للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. وبكين هي أكبر شريك تجاري لإيران ومشترٍ رئيس لنفطها.

الشراكة الاستراتيجية الشاملة

من جهتها، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الجانبين أكدا على إرادة زعماء البلدين لتعزيز وتطوير العلاقات الاستراتيجية بينهما.

وأشارت الخارجية الإيرانية إلى أن مشاورات وانغ يي وعراقجي، تناولت آخر مستجدات العلاقات في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة والنقل، بالإضافة إلى سبل تعزيز التعاون الثنائي، وتوسيع التعاون في إطار برنامج التعاون الشامل بين البلدين.

وقيّم الجانبان بشكل «إيجابي» التقدم الذي تم إحرازه في تنفيذ بنود الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين إيران والصين في السنوات الأخيرة.

وبالنسبة إلى البرنامج النووي الإيراني، قالت «الخارجية الصينية» إثر اجتماع، السبت، إن بكين «تدعم إيران بقوة لجهة حماية حقوقها ومصالحها المشروعة».

وقال وانغ يي إن «الصين تعارض الاستخدام المتكرر للعقوبات والضغوط، وتدعم إيران بقوة في حماية حقوقها ومصالحها المشروعة».

وحضّ وانغ يي الجانب الإيراني على مواصلة دعم بعضهما في القضايا التي تمسّ مصالحهما الأساسية، ودفع التعاون العملي على نحو مطرد.

تعهّد الرئيس الصيني، شي جينبينغ في أكتوبر (تشرين الأول) تعزيز العلاقات مع إيران أثناء محادثات عقدها مع نظيره مسعود بزشكيان في روسيا على هامش قمة «بريكس».

والتقى عراقجي والوفد المرافق له، بأمين العام الجديد لمنظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي، نورلان يرمكبايف، حيث أشار الوزير الإيراني إلى الأهمية البالغة لمنظمة التعاون بسبب «ما تضمه من الدول الهامة والمؤثرة في التحولات الإقليمية والدولية، بما في ذلك دولتان دائمتان في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (روسيا والصين)، مع اقتصادات كبيرة وعدد من الفاعلين الإقليميين المهمين».

وقال عراقجي: «يمكن أن تلعب المنظمة دوراً مؤثراً ومتزايداً في تعزيز التعددية، وتقوية التعاون بين الدول الأعضاء في مختلف المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية».

وانضمت إيران إلى «منظمة شنغهاي» التي تضم 10 أعضاء رئيسيين، في يوليو (تموز) 2023.


مقالات ذات صلة

ترمب: نركز على الإفراج عن المحتجزين في غزة و«الأمور تمضي قدماً»

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب في حديقة البيت الأبيض خلال كلمة في «اليوم الوطني للصلاة» (أ.ف.ب)

ترمب: نركز على الإفراج عن المحتجزين في غزة و«الأمور تمضي قدماً»

قال الرئيس الأميركي، الخميس، إن «أي جهة تستورد النفط من إيران لن تستطيع القيام بأي أعمال» مع بلاده، وأشار إلى أن إدارته تركز على الإفراج عن المحتجزين في غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لدى لقائه نظيره الياباني إيوايا تاكيشي في الرياض الخميس (واس)

الرياض وطوكيو لتعميق العلاقة الاستراتيجية... والعمل معاً لأمن المنطقة

أكّدت السعودية واليابان عمق العلاقات الاستراتيجية والاقتصادية بين البلدين، وأهمية مواصلة التنسيق والتعاون على مختلف الأصعدة، بما يخدم مصالحهما وشعبيهما.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
شؤون إقليمية مايك والتز (يسار) مستشار الأمن القومي الأميركي وبيت هيغسيث (يمين) وزير الدفاع الأميركي (إ.ب.أ)

والتز يحذر إيران من تقويض المفاوضات

حذّر مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، إيران من محاولة تقويض جهود جولات التفاوض، مؤكداً أن الرئيس ترمب يسعى إلى السلام ومستعد لعقد صفقة.

هبة القدسي (واشنطن)
شؤون إقليمية عناصر شرطة وصحافيون أمام مدخل سفارة سلطنة عمان في روما حيث جرت جولة التفاوض الثانية بين الولايات المتحدة وإيران (أ.ب)

تأجيل المحادثات الإيرانية - الأميركية لدواعٍ «لوجيستية»

تبادل الطرفان الأميركي والإيراني التحذيرات قبيل الجولة الرابعة من المحادثات غير المباشرة حول برنامج طهران النووي بوساطة عمانية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتحدث للصحافيين على هامش اجتماع الحكومة اليوم (الرئاسة الإيرانية)

استئناف الحوار النووي بين إيران والترويكا الأوروبية الجمعة

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن بلاده ستستأنف محادثات نووية في روما يوم الجمعة مع دول الترويكا الأوروبية عشية الجولة الرابعة من مفاوضاتها مع أميركا.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)

غالبية الإسرائيليين يتخوفون من المستقبل

جنود إسرائيليون يبكون جندي احتياط قُتل في عملية برية بقطاع غزة هذا الأسبوع (أ.ب)
جنود إسرائيليون يبكون جندي احتياط قُتل في عملية برية بقطاع غزة هذا الأسبوع (أ.ب)
TT
20

غالبية الإسرائيليين يتخوفون من المستقبل

جنود إسرائيليون يبكون جندي احتياط قُتل في عملية برية بقطاع غزة هذا الأسبوع (أ.ب)
جنود إسرائيليون يبكون جندي احتياط قُتل في عملية برية بقطاع غزة هذا الأسبوع (أ.ب)

أظهر استطلاع للرأي، نُشر، اليوم الخميس، أن معظم الإسرائيليين قلقون إزاء مستقبل إسرائيل بحلول الذكرى المائة لتأسيسها في عام 2048، وتوقعوا أن يكون المجتمع داخلها منقسماً، وأشد محافظة، ويخلو من جهاز إنفاذ قانون ناجع؛ بينما أظهرت بيانات رسمية تراجعاً واضحاً في التحمس للانضمام للوحدات القتالية في الجيش.

ففي الاستطلاع الذي أُجري لصالح منظمة «المعسكر الإسرائيلي»، التي تُعرّف نفسها بأنها منظمة من دون ميول سياسية، ونشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» بمناسبة «يوم استقلال إسرائيل» الذي يصادف، الخميس، سُئل المشاركون كيف ستبدو إسرائيل في عام 2048 عندما يبلغ عمرها 100 عام، فقال 37.4 في المائة إنها ستكون «متنافرة اجتماعياً وثقافياً»، وتوقع 21.5 في المائة أن تكون مقسمة إلى سلطات مستقلة، في حين قال 23.8 في المائة إنها ستجتمع حول قيم مشتركة. ولم يُعبّر 17.3 في المائة عن رأيهم.

وبدا من الاستطلاع أن نحو نصف الجمهور يائس من مكافحة الفساد ويشعر بأنه سيظل يرافقه عشرات السنين. فقد رأى نحو 42 في المائة أنه في عام 2048، لن يكون في إسرائيل جهاز إنفاذ قانون قادر على مواجهة الفساد، بينما توقع 36.7 في المائة وجود جهاز إنفاذ للقانون قادر على مواجهة الفساد ويمنع تسييسه. ولم يُعبّر 21.6 في المائة عن رأيهم.

وتوقع 33.1 في المائة أن تكون إسرائيل في عام 2048 دولة محافظة بالقدر نفسه على ما هي عليه اليوم، في حين رأى 33.7 في المائة أنها ستكون أشد محافظة من الآن، وقال 18.8 في المائة إنها ستكون ليبرالية أكثر، ولم يعبر 15.4 في المائة عن توقعهم.

من جهة ثانية، نشر الجيش بيانات رسمية حول مدى التحمس والاستعداد للانضمام للخدمة الاحتياطية في وحداته القتالية، بعد مضي 18 شهراً على اندلاع الحرب في غزة.

وأظهرت الأرقام أن 66.3 في المائة ممن هم في جيل الخدمة الاحتياطية مستعدون للالتحاق بالوحدات القتالية (21 عاماً فأكثر)، وكانت النسبة بين النساء 40 في المائة. وقالت هيئة حرية المعلومات إن هذه هي أدنى نسبة منذ حرب لبنان، حين بلغت النسبة 65 في المائة.

وكانت النسبة في سنة 2010 نحو 80 في المائة.