إيران تعوّل على «آستانة» لحفظ نفوذها في سوريا

مصادر: طهران على تواصل مباشر مع فصائل في القيادة الجديدة

رجل إيراني يقرأ صحيفة «همشهري» التي توجه انتقادات لبشار الأسد في عنوانها الرئيسي
رجل إيراني يقرأ صحيفة «همشهري» التي توجه انتقادات لبشار الأسد في عنوانها الرئيسي
TT

إيران تعوّل على «آستانة» لحفظ نفوذها في سوريا

رجل إيراني يقرأ صحيفة «همشهري» التي توجه انتقادات لبشار الأسد في عنوانها الرئيسي
رجل إيراني يقرأ صحيفة «همشهري» التي توجه انتقادات لبشار الأسد في عنوانها الرئيسي

تعوّل طهران على إبقاء ما تبقى من نفوذها في سوريا عبر «مسار آستانة»، وذلك بعد الإطاحة بحليفها الأبرز في المنطقة، بشار الأسد.

وأبلغ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، نواب البرلمان، بتمسك بلاده باستمرار محادثات «آستانة» حول الأزمة السورية، لكنه قال إن المسار الدبلوماسي يعتمد على تطورات الوضع في سوريا وقرارات الأطراف الثلاثة؛ إيران وروسيا وتركيا.

وقالت إيران، الأحد، إنها تتوقع استمرار العلاقات مع دمشق على أساس «نهج حكيم وبعيد النظر»، ودعت إلى تشكيل حكومة شاملة تمثل كل فئات المجتمع السوري.

وأجاب عراقجي، في جلسة مغلقة على أسئلة نواب البرلمان حول تطورات الوضع السوري. وقالت وسائل إعلام حكومية إنه قدم تقريراً عن الأنشطة الدبلوماسية خلال الأيام القليلة الماضية، خصوصاً «اجتماع الدوحة»، عشية سقوط نظام بشار الأسد.

وقال للصحافيين: «في هذه الجلسة طرح النواب أسئلة حول مسار وسرعة التطورات في سوريا، وأجبنا عليها وناقشنا بعض النقاط. بشكل عام، كان الاجتماع فرصة جيدة لتبادل الآراء».

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من مشاركة عراقجي في جلسة مغلقة اليوم

وبشأن ما إذا كانت المعارضة السورية ستعترف بـ«مسار آستانة»، وتشارك في الجولة الجديدة، قال عراقجي: «في الأساس، الحكومة السورية لم تشارك أبداً في محادثات مسار آستانة، حيث كانت هذه العمليّة بين إيران وتركيا وروسيا. مسألة استمرار هذا المسار في المستقبل تعتمد على التطورات وقرارات الدول الثلاث. أما باقي الدول العربية فلم تكن أبداً جزءاً من مسار آستانة».

وقال عراقجي للتلفزيون الرسمي، مساء الأحد، إن بشار الأسد أبلغه «استغرابه وشكواه من أداء الجيش السوري».

وأن الاستخبارات الإيرانية والسورية كانتا على علم بتحركات إدلب، وتم إبلاغ الحكومة السورية بذلك. وأشار إلى أن ضعف الجيش السوري وسرعة التطورات كانا أسباباً لعامل المفاجأة.

وأنفق حكام إيران من رجال الدين مليارات الدولارات على دعم الأسد خلال «الحرب الأهلية» التي اندلعت في سوريا عام 2011، ونشروا فيها الحرس الثوري لإبقاء حليفهم في السلطة، والحفاظ على «محور المقاومة» الإيراني في مواجهة إسرائيل ونفوذ الولايات المتحدة بالشرق الأوسط.

وسقوط الأسد يكسر حلقة مهمة في سلسلة المقاومة الإيرانية بالمنطقة، التي كانت بمثابة طريق عبور مهم تزود طهران من خلاله حلفاءها، خصوصاً «حزب الله»، بالأسلحة والتمويل.

الاتصالات مع القيادة السورية

ونسبت وكالة «رويترز»، الاثنين، إلى مسؤول إيراني كبير، أن طهران فتحت قناة مباشرة للتواصل مع فصائل في القيادة الجديدة في سوريا. وأضاف أن هذا يمثل محاولة «لمنع مسار عدائي» بين البلدين.

ولا شك أن إيران تشعر بالقلق من أن تؤثر طريقة تغيير السلطة في دمشق على نفوذها في سوريا؛ العمود الفقري لنفوذها في المنطقة.

وقال ثلاثة مسؤولين إيرانيين لـ«رويترز» إن الأمر لا يدعو للذعر، وإن طهران ستتبع السبل الدبلوماسية للتواصل مع أشخاص وصفهم أحد المسؤولين بأنهم «داخل الجماعات الحاكمة الجديدة في سوريا الذين تقترب آراؤهم من (وجهات نظر) إيران».

وقال مسؤول إيراني ثان: «القلق الرئيسي بالنسبة لإيران هو ما إذا كان خليفة الأسد سيدفع سوريا للدوران بعيداً عن فلك طهران... هذا السيناريو تحرص إيران على تجنبه».

أشخاص يمشون أمام لوحة دعائية لصاروخ «فتاح» فرط الصوتي تحت شعار «إيران على خط المواجهة» في طهران

وإذا أصبحت سوريا ما بعد الأسد دولة معادية، فستحرم جماعة «حزب الله» اللبنانية من طريق الإمداد البري الوحيد لها، وستمنع إيران من الوصول إلى البحر المتوسط ​​و«خط المواجهة» مع إسرائيل.

وقال أحد المسؤولين الكبار إن حكام إيران، الذين يواجهون الآن فقدان حليف مهم في دمشق وعودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، منفتحون على التعامل مع القادة السوريين الجدد.

وأضاف: «هذا التواصل مفتاح لاستقرار العلاقات، وتجنب مزيد من التوترات الإقليمية».

وقال المسؤول إن إيران أقامت اتصالات مع جماعتين في القيادة الجديدة، وستقيم مستوى التفاعل في الأيام المقبلة بعد اجتماع في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وهو جهاز أمني كبير.

وذكر مسؤولان إيرانيان أن طهران تخشى من أن يستغل ترمب سقوط الأسد في زيادة الضغوط الاقتصادية والسياسية على إيران «إما لإجبارها على تقديم تنازلات أو لزعزعة استقرارها».

أسئلة وسيناريوهات

وتباينت عناوين الصحف الإيرانية حول سقوط بشار الأسد، لكنها حاولت الإجابة على جملة من الأسئلة المتعددة التي أجاب عليها الخبراء، من بينها سيناريوهات المرحلة المقبلة، وكيفية إعادة الأموال الذي أنفقتها إيران في تمويل حكومة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، فضلاً عن مستقبل نفوذ إيران.

وتحت عنوان «الفوضى تعم سوريا»، عدت صحيفة «كيهان» المحسوبة على مكتب المرشد الإيراني، سقوط الأسد، «نهاية مهمة الإرهابيين وبداية السلطة الأميركية». وقالت: «نتيجة هذا الحراك (...) ستكون بداية فوضى أساسية، ومن المحتمل مطولة». وفي إشارة إلى «هيئة تحرير الشام»، قالت «كيهان» إن «هذه المجموعة الإرهابية المكونة من 37 مجموعة أخرى، وتعمل تحت أمرة أميركا وإسرائيل، بدأت بنهب مختلف الأماكن من الساعات الأولى لسقوط دمشق».

أما صحيفة «همشهري»، التابعة لبلدية طهران، فقد أشارت إلى «التوصية التي لم تسمع». وأشارت إلى تحذير المرشد الإيراني علي خامنئي في نهاية مايو (آيار) الماضي بشأن «محاولات إقصاء سوريا من المعادلات الإقليمية».

من جانبها، عنونت صحيفة «آكاه» التابعة لمنظمة الدعاية في مكتب المرشد الإيراني، بـ«ثمن عدم خوض الحرب»، وقالت إن «سقوط دمشق تظهر أن الهزيمة نتيجة الامتناع عن المقاومة»، في إشارة ضمنية للانتقادات التي طالت الأسد بسبب موقفه من الحرب الإسرائيلية مع «حزب الله» و«حماس».

ودون الإشارة إلى الدور الإيراني في سوريا، قالت صحيفة «دنياي اقتصاد»، في مقالها الافتتاحي، إن أحداث سوريا «أظهرت مرة أخرى أن القوة السياسية دون دعم شعبي تكون غير مستقرة... رغم أنه يبدو أن كل شيء تحت السيطرة، فإن عدم الاستقرار المحتمل قد يتحوّل فجأة إلى واقع».

وأضافت: «سوريا الآن في واحدة من تلك اللحظات الحرجة التي إذا التزم حكامها الجدد بنظرة وطنية شاملة تركز على التنمية والانفتاح، وأدرجوا اقتصادهم في سلسلة القيمة العالمية، يمكنهم إنقاذ ملايين المواطنين من حياتهم الحالية». وحذرت من أن عدم حدوث ذلك، يضع «الشعب السوري تحت رحمة ديكتاتورية جديدة، وستستمر المعاناة المظلمة لشعب الشام».

وأشارت الصحيفة تحت عنوانها الرئيسي «نهاية شام الأسد» إلى عدة أسباب لسقوط بشار، منها غياب «حزب الله» نتيجة الحرب الأخيرة، وانخفاض المقاتلات الجوية الروسية المنشغلة بالحرب الأوكرانية. ورأت الصحيفة أنهما كانا أساسيين في سيطرة قوات الجيش السوري على حلب قبل سبع سنوات.

وبرز عنوان «سقوط الأسد» على أولى صفحات صحيفة «سازندكي» الناطقة باسم فصيل الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وقال وكيل أمين عام حزب «كاركزاران سازندكي» إن سوريا قد تشهد سيناريو مماثلاً لعراق ما بعد صدام حسين، متوقعاً صعود هيكل سياسي يضم المكونات العرقية والطوائف بما يشمل العلويين وأهل السنة والأكراد، محذراً من أن انهيار هذا النهج «سيزعزع النظام الإقليمي في المنطقة».

طغى الحدث السوري وتأثيره على إيران في غالبية الصحف الصادرة في طهران صباح الاثنين (أ.ف.ب)

وكان لافتاً أن الصحيفة أشارت إلى التوقعات بشأن الموقف العربي والروسي والإسرائيلي حيال سوريا الجديدة، دون التطرق للموقف الإيراني.

وقال المحلل السياسي أحمد زيد آبادي في افتتاحية صحيفة «هم ميهن» الإصلاحية إن «الأسد انتهى لكنها بداية لإيران». ودعا إلى إجابة صريحة وواضحة بشأن «الأخطاء التي وقعت وما أنفقته إيران»، داعياً إلى تشكيل مجموعة عمل تضم خبراء مستقلين للإجابة على هذا السؤال.

وأضاف: «إيران وحيدة تماماً، يبدو أن جميع الأطراف المعنية كانت تعلم ما سيحدث في سوريا باستثناء إيران».

وأشار إلى مقال نشرته وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» صباح الأحد. وكتب زيد آبادي: «منبر خبري عسكري حمّل المسؤولية للرئيس بشار الأسد لتبرير الهزيمة»، وكتب: «رئيس الجمهورية السورية لم يُظهر اهتماماً كافياً بتوصيات الجمهورية الإسلامية بشأن الديمقراطية والدفاع الشعبي».

ديون إيران

بدوره، دعا النائب السابق حشمت الله فلاحت بيشه، الذي ترأس لجنة الأمن القومي سابقاً، إلى إقامة قنوات تواصل مع القوى السورية، لافتاً إلى أنه حذر المسؤولين الإيرانيين بعد زيارته إلى دمشق بشأن ضرورة استعادة الأموال الإيرانية خشية سقوط النظام.

وترأس فلاحت بيشه وفداً برلمانياً إيرانياً في يناير (كانون الثاني) 2019، وأجرى حينها مباحثات مع بشار الأسد لتوسيع العلاقات.

وكان فلاحت بيشه قد طالب المسؤولين الإيرانيين باستعادة «عشرات المليارات من الدولارات» من الديون الإيرانية لدى سوريا.

أما صحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة فقد اقتبست عنوانها من تصريح الرئيس المدعوم من الإصلاحيين مسعود بزشيكان: «إيران تدعم حق الانتخاب للشعب السوري».

رواية إيرانية

نفى مكتب علي لاريجاني، الذي نقل رسالتين من المرشد الإيراني إلى بشار الأسد، رواية محلل سياسي كشف تفاصيل الساعات الأخيرة على انسحاب القوات الإيرانية من ساحة المعركة في سوريا.

وقال المحلل مصطفى خوش جشم، في تصريح للقناة الرسمية الثانية، إن لاريجاني التقى بشار الأسد، الجمعة، وسأله عن أسباب عدم التقديم بطلب لإرسال قوات إيرانية إلى سوريا.

وفي المقابلة التي أعادت بثها وكالة «مهر» الحكومية، صرح خوش جشم بأن الأسد قال للاريجاني: «أرسلوا قوات لكنني لا يمكنني إعادة معنويات هذا الجيش». وأوضح المحلل أن «تصريح الأسد كان اعترافاً منه وكرره عدة مرات»، وتابع: «ماذا يعني ذلك، عندما قال بصراحة: تقرر أن يتدخل الجيش ويعمل لمدة يومين حتى تصل القوات الإيرانية ومستشاروها، وهو ما حدث جزئياً»، ولفت إلى أن «جماعات (محور المقاومة) هي التي تسببت في إيقاف زحف المسلحين في حمص لبعض الساعات»، وأضاف في السياق نفسه: «لكن عندما كانت أفضل قواتنا تعمل هناك، الجيش توقف عن العمل، وانضمت له وحدات الدفاع الشعبي السورية، ونحن بقينا وحدنا، حتى لم يقفوا يوماً واحداً لكي نبقى».

لافتة للجنرال الإيراني قاسم سليماني في مدخل السفارة الإيرانية في دمشق (أ.ب)

أكبر المتضررين

وقال المحلل نوذر شفيعي لوكالة «إيلنا» الإصلاحية إن إيران «الأكبر تضرراً في سوريا»، قائلاً: «لا دولة تكبدت تكلفة أكبر منا في سوريا». وأوضح أن المبرر بأن «التيار الحاكم في سوريا لن يؤذي الشيعة لا يُبرر الخسارة»، مطالباً بمراجعة سياسة إيران تجاه سوريا ومحاسبة المسؤولين عنها.

وأشار إلى أن «الحكومة السورية الجديدة قد لا تكون داعمةً لإيران، وإذا اكتفت بعلاقات عادية وصداقة معها سيكون ذلك إنجازاً». وقال إن تطورات سوريا يجب أن تكون «درساً تاريخياً عميقاً» لإيران، محذراً من أن بعض المسؤولين يتعاملون مع ذلك بـ«سطحية».

وأضاف أن «الوضع يحتاج إلى تحول عميق في السياسة الخارجية الإيرانية لتجنب المزيد من المشكلات».

كما تحدث عن احتمال نشوء نظام إقليمي جديد بعد التطورات في سوريا، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل «ستكونان المستفيدتين الرئيسيتين». وتوقع تراجع دور «حزب الله».

ورأى شفيعي أنه إذا اختارت إيران الأمن المستند إلى السلام بدلاً من القوة، ستكون قادرة على الحفاظ على مصالحها الوطنية وتعزيزها. ولكن إذا استمرت في رؤية النظام الإقليمي من منطلق القوة ودعمه، فإن هذا سيزيد من تكاليفها.


مقالات ذات صلة

فرنسا تنظر بإيجابية إلى التحولات الجارية في سوريا

المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره السوري أحمد الشرع يتصافحان بعد انتهاء مؤتمرهما الصحافي المشترك في قصر الإليزيه يوم 7 مايو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)

فرنسا تنظر بإيجابية إلى التحولات الجارية في سوريا

بعد عام على سقوط بشار الأسد، تنظر فرنسا بإيجابية للتطورات الحاصلة في دمشق، وتعتبر أن سوريا مستقرة ضرورة للتوازن الإقليمي والدولي.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي عنصر من القوات السورية الجديدة بالقرب من صورة للرئيس المخلوع بشار الأسد وشقيقه ماهر في مقر الفرقة الرابعة بدمشق يناير الماضي (رويترز)

من منفاهما في روسيا... رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد يخططان لانتفاضتين

كشف تحقيق عن أن اثنين كانا ذات يوم من أقرب رجال بشار الأسد وفرَّا من سوريا بعد سقوطه، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي شابان سوريان يقفان على تلة في داريا مُطلّة على القصر الرئاسي الفسيح للرئيس السابق بشار الأسد في دمشق أواخر أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

في داريا قرب دمشق... سوريون يعيدون بناء حياتهم وأحيائهم المدمرة

لداريا مكانة خاصة في تاريخ الثورة السورية. تقع على مسافة سبعة كيلومترات فقط من العاصمة دمشق، وعلى مرمى البصر من القصر الرئاسي الفسيح للرئيس السابق بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (داريا (سوريا))
شؤون إقليمية قائد قوات «قسد» مظلوم عبدي والرئيسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلهام أحمد خلال لقاء مع السياسي الكردي التركي عثمان بادمير نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

أنقرة ترفض زيارة أي مسؤول من «الإدارة الذاتية» أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتهم

رفضت تركيا الحديث عن زيارة أي مسؤول من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتها وتنفذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي آلية إسرائيلية في ريف القنيطرة (سانا)

سوريا: 16 آلية عسكرية إسرائيلية تقيم حاجزاً وتفتش المارة بريف القنطيرة

توغلت القوات الإسرائيلية اليوم (الثلاثاء)، في قرية الصمدانية الشرقية بريف القنيطرة الشمالي، بجنوب سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.


أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
TT

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

تواجه «عملية السلام» في تركيا، التي تستوجب حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم الحزب عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي غرب البلاد.

وتفجّرت خلافات بين نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وحزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، خلال اجتماع لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» في البرلمان، المعنية باقتراح الإطار القانوني لنزع السلاح وعملية السلام، التي خُصّصت الخميس للاستماع لتقرير حول لقاء الوفد بأوجلان.

تقرير مجتزأ

وأعلن نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، أن التقرير الذي قُدّم خلال الجلسة، والذي لخّص محضر لقاء الوفد مع أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أخرج المحضر من سياقه، واجتزأه لينحرف عن المضمون الذي أراده أوجلان.

نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعب» الأعضاء في اللجنة البرلمانية (حساب الحزب في «إكس»)

وقال النواب الخمسة، غولستان كيليتش كوتشيغيت وميرال دانيش بيشتاش وحقي صاروهان أولوتش وجلال فرات وجنكيز تشيشيك، في بيان، إنه جرى استخدام جمل خارجة عن السياق، واقتباسات غير كاملة تفتح الباب أمام تكهنات عديدة.

وجاء في البيان أن «نشر محتوى الاجتماع بين أوجلان، الفاعل الرئيسي في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، ووفد اللجنة بشكل مجتزأ، مع تفسيرات ناقصة وذاتية، يُخاطر في المقام الأول بتضييق نطاق الدور (التاريخي) لأوجلان في هذه العملية وفتحه للنقاش، وهذا يتعارض مع النهج والوعود والتعريفات والمسؤوليات الأساسية للعملية المستمرة منذ أكثر من عام».

وطالب البيان -الذي نشره الحزب على حسابه في منصّة «إكس»- بنشر محضر الاجتماع مع أوجلان ومشاركته مع جميع أعضاء اللجنة البرلمانية والجمهور بطريقة «وافية وموضوعية وكاملة وصادقة»، ووضع آلية شفافة لضمان دقة المعلومات العامة.

وقال مسؤولون في الحزب إن التقرير أُعدّ بالطريقة التي أرادها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، لكن «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي هي عملية «جادة وتاريخية»، ويجب أن تُدار بشكل «موضوعي وشفاف، ولا يخضع للتفسيرات الشخصية».

صدام بين الحكومة والمعارضة

وخلال اجتماع اللجنة للاستماع إلى التقرير، احتجّ نواب من حزب «الشعب الجمهوري»، متسائلين عما إذا كان «جهاز المخابرات قد أعدّ التقرير»، وهل سيعمل نواب البرلمان تحت «رقابة جهاز المخابرات الوطني؟». وطالبوا بعرض محضر الاجتماع كاملاً.

جانب من اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - «إكس»)

وقال نواب المعارضة إنه «يتم إخفاء (تفاصيل التقرير) ليس فقط عن الجمهور، بل حتى عن البرلمان». وردّ نائب حزب «العدالة والتنمية»، محمد شاهين على هذه الانتقادات بالقول: «لو أردتم أن تعرفوا ما جرى بالكامل، كان عليكم المشاركة في الوفد الذي زار إيمرالي».

ورفض حزب «الشعب الجمهوري» إرسال أحد نوابه ضمن وفد اللجنة البرلمانية إلى إيمرالي، عادّاً أنه كان يمكن عقد الاجتماع عبر دائرة اتصال تلفزيونية مغلقة لتجنب الحساسيات التي تثيرها زيارة أوجلان.

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل (حساب الحزب في «إكس»)

وانتقد رئيس الحزب، أوغور أوزيل، ما جرى خلال اجتماع اللجنة، مطالباً بالشفافية في كل ما يتعلق بهذه العملية. وقال أوزيل، في مقابلة تلفزيونية، تعليقاً على رفض ذهاب نواب حزبه إلى إيمرالي: «إذا ذهبنا فسنذهب بصراحة، وسنتحدث بصراحة، وسنعود بصراحة، ولن نخفي شيئاً»، متسائلاً عن أسباب إخفاء محضر الاجتماع، وعدم إطلاع نواب اللجنة البرلمانية والرأي العام عليه.

«الكردستاني» يتمسك بموقفه

وفي خضم هذا التوتر، انتقد متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان، زاغروس هيوا، عمل اللجنة البرلمانية واكتفاء الحكومة التركية بـ«التصريحات فقط، دون اتخاذ خطوات حقيقية في إطار عملية السلام، على الرغم من اتخاذ حزب (العمال الكردستاني) العديد من الخطوات الأحادية».

وقال هيوا، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية الجمعة: «إننا لم نكن يوماً مسؤولين عن تخريب عملية السلام، وإن الدولة هي التي اتخذت القرار في عام 2015 بإنهاء العملية السابقة. ولهذا السبب، بدأوا بتجربة أساليب جديدة، ولم يتضح بعد ما إذا كانوا قد غيّروا حقّاً عقليتهم وسياساتهم تجاه الأكراد، أم أنهم يستعدون لموجة جديدة من الهجمات».

متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان زاغروس هيوا (إعلام تركي)

وقال هيوا إن «المفاوضات لم تبدأ بعد»، وإن لقاء أعضاء من اللجنة البرلمانية مع أوجلان في إيمرالي هي «عملية حوار».

وتابع: «لكي تبدأ المفاوضات، يجب أن يلتقي الطرفان على قدم المساواة، وأهم عنصر في هذه المفاوضات هي حرية أوجلان»، الذي وصفه بـ«كبير مفاوضي حزب (العمال الكردستاني)».

وأضاف: «يجب أن تراعي هذه العملية الاندماج الديمقراطي للأكراد وحركة الحرية الكردية في جمهورية تركيا، وتضمن مشاركتهم الحرة في الحياة السياسية الديمقراطية، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق في ظل الدستور الحالي الذي ينكر وجود الأكراد، بل جميع المجموعات العرقية في تركيا».