إيران تطوي حرب لبنان وتعود إلى سجال المال والنفط

لاريجاني يقول إن مشكلات الاقتصاد مزمنة... وقاليباف: لا نستطيع النمو 8 %

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال لقائه قادة في البحرية الإيرانية يوم 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال لقائه قادة في البحرية الإيرانية يوم 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

إيران تطوي حرب لبنان وتعود إلى سجال المال والنفط

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال لقائه قادة في البحرية الإيرانية يوم 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال لقائه قادة في البحرية الإيرانية يوم 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

رغم ترحيبها الرسمي، أظهرت طهران مواقف متحفظة من وقف النار في لبنان، وحتى مع تكرار تأكيدها الرد على إسرائيل، قالت إنها ستراعي «التطورات في المنطقة».

وبالتزامن، يتصاعد نقاش في الداخل الإيراني عن تحديات اقتصادية، عبّر عنها رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، بالقول إن إيران عاجزة عن إنتاج ونقل النفط إلى السوق العالمية، بينما قال علي لاريجاني، كبير مستشاري المرشد علي خامنئي، إن مشكلات الاقتصاد الإيراني «باتت مزمنة، ولن تختفي بسهولة».

حق الرد الإيراني

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأربعاء، إن إيران تحتفظ بحق الرد على الضربات الجوية التي شنتها إسرائيل، الشهر الماضي، لكنها تدرس أيضاً تطورات أخرى في المنطقة، مثل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان. وأبلغ عراقجي صحافيين في لشبونة أن بلاده ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، وتأمل في أن يؤدي إلى وقف دائم. وضربت إسرائيل أهدافاً في إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، رداً على هجوم صاروخي شنته طهران على إسرائيل في الأول من الشهر نفسه.

خامنئي دعا القوات المسلحة الإيرانية إلى رفع الجاهزية (أ.ف.ب)

رفع القوة القتالية

خلال لقائه قادة في القوات البحرية التابعة للجيش الإيراني، قال المرشد علي خامنئي: «لا بد من رفع القوة القتالية لدى قواتنا المسلحة لردع الأعداء من مهاجمة البلاد».

ولم يتطرق خامنئي إلى وقف النار في لبنان خلال لقاء ضباط البحرية، لكنه شدد على التوجه العام للقوات المسلحة، خاصة البحرية، في التركيز بجميع الأنشطة والتخطيطات على تعزيز الجاهزية والقدرات القتالية»؛ لأن «المهمة الأساسية هي جعل الأعداء يدركون بوضوح أن أي مواجهة ستكلفهم ثمناً باهظاً».

وخلال جلسة اعتيادية للبرلمان، قال رئيسه محمد باقر قاليباف، إن بلاده «لم تعد قادرة على تهديد العالم بغلق سوق النفط العالمية».

ووفقاً لوكالة «إيسنا» الإيرانية، فإن قاليباف أشار إلى أن «النفط كان أداة تهديدنا للأعداء، لكن هذا الوقت مضى، فأي نفط سنغلق؟ وأي سوق نملك؟».

وقال قاليباف إن إيران «غير قادرة اليوم على تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 8 في المائة»؛ لأن «كلفة استخراج المتر المكعب من الغاز مرهقة».

وتابع قاليباف: «يقول وزير النفط إن إيران حتى إذا كانت قادرة على إنتاج النفط، فإنها تواجه مشكلة في نقله».

وبحسب رئيس البرلمان الإيراني، فإن «مشكلات طهران أعقد من الحديث عن استخدام المازوت في محطات توليد الكهرباء أو عدم استخدامه».

رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف (رويترز)

خطة التنمية

ودعا قاليباف النواب الإصلاحيين والمحافظين إلى دعم مشروع «قانون خطة التنمية السابعة». وقال في هذا السياق، إن «المنظومة التشريعية متأخرة في تنفيذ الخطط وأحكام خطة التنمية».

وكان قاليباف يتحدث على هامش جلسة البرلمان إلى الصحافيين عن تطورات مناقشة مشروع قانون الموازنة، وحل مشكلة ضريبة الدخل، وإصلاح موازنة وسائل الإعلام، وفقاً لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».

وكان من اللافت أن تتطرق جلسة قاليباف الصحافية عن «العقيدة النووية للبلاد»، و«جوهر صراع إيران مع النظام الاستبدادي»، بينما أشار إلى أهمية تعزيز «مجلس البحوث»؛ لتنبيه الحكومة على مشكلات المجتمع، في حين أنها تحتاج إلى ما وصفه بـ«العقلانية الثورية».

عقوبات وأمراض الاقتصاد

يقر علي لاريجاني، كبير مستشاري المرشد الإيراني، بأن الاقتصاد الإيراني «مصاب بأمراض مزمنة»، وأن «العقوبات الغربية لا تتحمل وحدها كل هذا».

وظهر لاريجاني في مقابلة مسجلة لمدة 100 دقيقة، لوكالة «تسنيم»، مر فيها سريعاً على الوضع في لبنان وفلسطين، دون الإشارة إلى مصير «المقاومة» و«وحدة الساحات».

وقال لاريجاني إنه لم يصدق بعد «بأن حسن نصر الله (أمين حزب الله اللبناني) قد اغتيل حقاً»، وإن «وقع الخبر عليه مماثل لما حدث بعد اغتيال قاسم سليماني».

وركز لاريجاني في معظم مقابلته المطولة على بنية النظام السياسي، والجدل حول الإصلاح، واستغرق في تفسير الحريات والعدالة والليبرالية وقدرة الحركات الإسلامية على التكيف.

صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني

«أحوالنا لن تتغير»

لكن حالة الاقتصاد والمال في إيران أخذت حيزاً كبيراً في المقابلة. وقال لاريجاني: «إذا لم يمر الاقتصاد الإيراني بتغييرات جدية بفكر بعيد النظر، فإن أحوالنا الاقتصادية لن تتغير بسهولة».

وأضاف: «لدينا سلسلة من المشكلات المزمنة إلى حد ما، وكل حكومة قادمة ستحمل معها هذا التراكم».

وأوضح لاريجاني أن «هناك استياءً متزايداً من اختلال التوازن في الموازنة المالية». ومع ذلك، فإن «هذا الاستياء من النقص في بعض القضايا لا يحل رغم أنه غير مرتبط بالعقوبات».

وكان لافتاً أن يدفع المرشد علي خامنئي بلاريجاني، المحسوب على التيار الإصلاحي، إلى واجهة الأحداث في الشرق الأوسط الملتهب، خصوصاً حين أوفده قبل أسبوعين إلى لبنان وسوريا، حاملاً رسالة قال إنها ستغير مسار الأحداث.

وقال لاريجاني لـ«تسنيم»: «الغضب ليس له معنى في السياسة (...)، وأحياناً نتجاهل جوهر الثورة التي أحدثت تحولاً في إيران».


مقالات ذات صلة

إيران تحتفظ بحق الرد على ضربات إسرائيل وترحّب بوقف النار في لبنان

شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يُقدّم إحاطة على هامش فعالية للأمم المتحدة في لشبونة 27 نوفمبر 2024 (رويترز)

إيران تحتفظ بحق الرد على ضربات إسرائيل وترحّب بوقف النار في لبنان

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الأربعاء، إن طهران تحتفظ بحق الرد على الضربات الجوية التي شنّتها إسرائيل الشهر الماضي على أراضيها.

«الشرق الأوسط» (لشبونة)
شؤون إقليمية قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا (رويترز)

الجيش الأميركي يعلن استهداف مخزن أسلحة لفصائل موالية لإيران في سوريا

أعلنت القيادة المركزية الأميركية، أنها شنت الثلاثاء ضربة على مخزن أسلحة في سوريا، رداً على هجوم نفذته فصائل مدعومة من إيران استهدف قوات أميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي (أرشيفية - وكالة مهر الإيرانية)

إيران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

  قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في بيان اليوم (الأربعاء)، إن بلاده ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني (موقع جماران)

طهران: مستعدون للتفاوض مع واشنطن

أكدت الحكومة الإيرانية، أمس (الثلاثاء)، استعدادها للتفاوض مع واشنطن ودول غربية، لكنها حددت لذلك شرطي «إثبات الثقة» و«الالتزام بأوامر المرشد» علي خامنئي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (رويترز)

إيران تقول إنها ستشغل عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة

أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اليوم الثلاثاء أن بلاده ستقوم بتشغيل عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

«الشرق الأوسط» (طهران)

تركيا تقلص صفقة «إف - 16» مع أميركا وتتحدث عن تطور يخص «إف - 35»

المقاتلة الأميركية «إف - 16 بلوك 70» (موقع شركة لوكهيد مارتن)
المقاتلة الأميركية «إف - 16 بلوك 70» (موقع شركة لوكهيد مارتن)
TT

تركيا تقلص صفقة «إف - 16» مع أميركا وتتحدث عن تطور يخص «إف - 35»

المقاتلة الأميركية «إف - 16 بلوك 70» (موقع شركة لوكهيد مارتن)
المقاتلة الأميركية «إف - 16 بلوك 70» (موقع شركة لوكهيد مارتن)

قرَّرت تركيا تقليص صفقة شراء مقاتلات «إف - 16» الأميركية في الوقت الذي أعلنت فيه أن أميركا أعادت تقييم موقفها من حصولها على مقاتلات «إف - 35» الشبحية بعد إجرائها التجارب على طائرتها من الجيل الخامس (كآن).

من ناحية أخرى، أيَّد الرئيس رجب طيب إردوغان دعوة حليفه رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، بشأن عقد لقاءات لنواب أكراد بالبرلمان التركي مع زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، إن تركيا قلَّصت الصفقة التي تبلغ قيمتها 23 مليار دولار لشراء مقاتلات «إف - 16 بلوك 70»، وألغت شراء 79 مجموعة من معدات التحديث لأسطولها الحالي القديم من طراز «فايبر».

ووافقت أميركا، بعد طول انتظار، على طلب تركيا الحصول على الطائرات ومعدات التحديث، بعدما عاقبتها بإخراجها من برنامج تطوير متعدد الأطراف، تحت إشراف حلف شمال الأطلسي (ناتو) لإنتاج وتحديث مقاتلات «إف - 35» بسبب حصولها على منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس - 400»، صيف عام 2019، بعد سداد 1.4 مليار دولار للحصول على 100 طائرة من هذا الطراز.

وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال مناقشة موازنة وزارة الدفاع بالبرلمان التركي (وزارة الدفاع التركية)

وقال غولر، خلال مناقشة موازنة وزارة الدفاع لعام 2025 في لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان التركي: «تخلينا عن مجموعات التحديث الـ79؛ لأن مرافق شركة صناعات الطيران والفضاء التركية (توساش) قادرة على تنفيذ هذا التحديث بنفسها؛ لذلك تركنا الأمر لهم».

تحول أميركي

وأضاف أن أفكار الأميركيين تغيرت قليلاً بشأن حصول تركيا على مقاتلات «إف - 35» بعدما رأوا أن بإمكاننا تصنيع طائرة من الجيل الخامس، هي طائرة «كآن» وأنها تطير الآن، وقالوا إنهم يمكن أن يزودونا بـ«إف - 35»، لكن لم يحدث أي تطور حتى الآن.

المقاتلة التركية من الجيل الخامس «كآن» (موقع شركة توساش)

ولفت غولر إلى أن تركيا تقدمت، منذ عام 1991، بطلبات إلى كل دولة في العالم لديها نظام دفاع جوي، ولم تتمكن من الحصول على رد إيجابي، وفي النهاية تم شراء منظومة» إس - 400» الروسية، بما يتماشى مع الاحتياجات.

وعن عدم تفعيل المنظومة الروسية حتى الآن، قال غولر إن الأماكن التي ستوضع فيها، بما في ذلك الأقبية الموجودة تحتها، كلها جاهزة، وبمجرد إعطاء الأوامر ستنقل إلى المنطقة، ويتم تقبيب النظام بالكامل وتفعيله خلال 12 ساعة فقط.

منظومة «إس - 400» الروسية للدفاع الجوي (إعلام تركي)

وفيما يتعلق بشراء طائرات مقاتلة من طراز «يوروفايتر تايفون:، ذكر غولر أن ألمانيا أصدرت التصاريح اللازمة للشراء، وأن الدراسات حول هذه المسألة مستمرة.

إردوغان يدعم بهشلي

على صعيد آخر، أيَّد الرئيس رجب طيب إردوغان الدعوة التي أطلقها حليفه دولت بهشلي، رئيس حزب الحركة القومية، شريك حزب العدالة والتنمية في «تحالف الشعب»، لعقد لقاءات مباشرة بين نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» للقاء زعيم منظمة حزب العمال الكردستاني السجين مدى الحياة في تركيا، في خطوة تهدف إلى إنهاء الإرهاب في البلاد.

وقال إردوغان، في كلمة خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، الأربعاء: «لقد قدَّم السيد بهشلي عرضاً جريئاً، نيابة عن (تحالف الشعب) غيَّر قواعد اللعبة».

وأضاف إردوغان أنه «على الرغم من كل الصعوبات، فإننا ندرس ما يمكن القيام به من منظور طويل المدى لا يركز على اليوم فحسب، بل على المستقبل أيضاً، في إطار أولويات الأمن القومي والدبلوماسية لبلادنا».

إردوغان متحدثاً خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لـ«العدالة والتنمية» الأربعاء (الرئاسة التركية)

ولفت إلى أن قياديي حزب العمال الكردستاني قالوا في الماضي إنهم سيدفنون الأسلحة، بمجرد أن يدفونها سيمهد ذلك الطريق لهم، أما إذا استمروا في تفجير القنابل في كل مكان، فإن يد الدولة ستضربهم بقوة.

وتابع أن الدولة ستواصل اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد جميع أنواع المخاطر بسبب ما يحدث في المنطقة التي تقع فيها تركيا، وأن المناقشات الأخيرة لن تسبب أي ضعف في «الحرب ضد الإرهاب» وستقيم تركيا حزاماً أمنياً على حدودها يمتد من البحر المتوسط وحتى إيران.

ودعا بهشلي، الثلاثاء، إلى قعد لقاءات مباشرة بين المجموعة البرلمانية لحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، المؤيد للأكراد، وإيمرالي (السجن المحتجز به عبد الله أوجلان في بحر مرمرة غرب تركيا) واتخاذ خطوة للأمام تمهد لحضوره إلى البرلمان وإعلان حل منظمة حزب العمال الكردستاني وانتهاء الإرهاب في تركيا.

مظاهرة للمطالبة بكسر عزلة أوجلان (رويترز)

وعلى الفور تقدم حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب بطلب إلى وزارة العدل للموافقة على زيارة أوجلان في إيمرالي.

ورداً على أسئلة الصحافيين عقب اجتماع المجموعة البرلمانية، عن تقييمه دعوة بهشلي لهذه اللقاءات، قال إردوغان، بعد فترة صمت: «يلتقون».

بدوره، قال وزير العدل يلماظ تونتش: «نحن نقوم بتقييم الطلب المقدم من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، وسيتم تقديم الإجابة خلال فترة زمنية معقولة».