«شراكة شاملة» بين موسكو وطهران تشمل «الدفاع المشترك»

يزشكيان يزور موسكو قبل نهاية 2024 لتوقيع الاتفاق

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» الأربعاء (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» الأربعاء (رويترز)
TT

«شراكة شاملة» بين موسكو وطهران تشمل «الدفاع المشترك»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» الأربعاء (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» الأربعاء (رويترز)

كشف وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف جانباً من بنود اتفاق الشراكة الشاملة مع إيران، التي تعكف بلاده على وضع اللمسات الأخيرة عليها، تمهيداً لتوقيعها «في أقرب وقت».

وقال الوزير الروسي خلال مشاركته في مؤتمر حول الأمن في الفضاء الأوراسي، الخميس، إن الاتفاق الجديد سوف تضمن «تطوير التعاون الوثيق في المجال الدفاعي».

وهذه المرة الأولى التي يتطرق فيها مسؤول روسي بارز بشكل رسمي، إلى مسألة تضمين الوثيقة المعدَّة للتوقيع بنداً حول الدفاع المشترك والتعاون العسكري. ويعيد ذلك التذكير بوثيقة مماثلة وقَّعتها موسكو منتصف العام الحالي مع كوريا الشمالية.

شراكة كاملة

وقال لافروف، إنه «من المقرر أن توقِّع روسيا وإيران قريباً جداً على اتفاقية شراكة شاملة، تشمل التعاون الوثيق في مجال الدفاع».

وأوضح الوزير الروسي أن «رغبة الطرفين في تعاون أوثق في مجال الدفاع والتفاعل لصالح ضمان السلام والأمن على المستويين الإقليمي والدولي سيتم تأكيدها في الوثيقة».

وبحسب لافروف، فإن هذا الاتفاق سيصبح «عاملاً جدياً في تعزيز العلاقات الروسية الإيرانية فترات طويلة مقبلة».

ويثير التعاون العسكري الثنائي بين موسكو وطهران قلقاً عميقاً في الغرب، بما في ذلك إسرائيل. وسيتم إبرام الاتفاق في ظروف تصاعد الاتهامات الغربية لطهران بإمداد موسكو بمسيرات وتقنيات عسكرية أخرى لاستخدامها في أوكرانيا.

كما يأتي التطور وسط تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، وتبادل ضربات صاروخية ما ينذر بتوسيع رقعة المواجهة.

وكانت موسكو قد أعلنت في يوليو (تموز) الماضي أن الطرفين وضعا اللمسات الأخيرة على الاتفاقية، وباتت جاهزة للتوقيع.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (إ.ب.أ)

«مشاروات مثمرة»

قال نائب وزير الخارجية أندريه رودنيكو إن الصياغة النهائية للوثيقة باتت مكتملة بعد «مشاورات مثمرة» بين خبراء من الإدارات القانونية والإقليمية لوزارتي الخارجية الروسية والإيرانية في موسكو.

وبدأت صياغة الاتفاقية التي وصفها الطرفان بأنها تضع أساساً لتعاون وثيق بين البلدين لعقود مقبلة، في مطلع عام 2022 في عهد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

وشهدت المناقشات حولها مراحل صعبة برزت خلالها تباينات في الرأي ما أَجَّلَ استكمال وضع الوثيقة بصياغتها النهائية لأشهر طويلة.

وكتبت وكالة أنباء «إرنا»، منتصف الشهر الماضي، أنه تم التخطيط لتوقيع الاتفاقية خلال قمة مجموعة «بريكس» التي انعقدت في مدينة قازان الروسية بين يومي 22 و24 من الشهر الماضي.

لكن السفير الإيراني لدى روسيا الاتحادية كاظم جلالي أعلن في وقت لاحق، أن الطرفين سيوقِّعان اتفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة خلال زيارة منفصلة لرئيس الجمهورية مسعود بزشكيان إلى موسكو.

ووفقاً له، فإن الاتفاق كان جاهزاً للتوقيع في قمة «بريكس»، لكن رئيسي البلدين اتفقا في اجتماع في عشق آباد على أنه سيتم إبرامه خلال مناسبة ثنائية، وليس على هامش فعالية متعددة الأطراف، ولذلك دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزشكيان لزيارة العاصمة الروسية في وقت لاحق.

وبات معلوماً، الجمعة، أن الطرفين يحضران للزيارة التي ستتم قبل نهاية العام الحالي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلتقي نظيره الإيراني مسعود بزشكيان في عشق آباد - تركمانستان 11 أكتوبر 2024 (رويترز)

تغييرات إقليمية

مع الإشارة غير المسبوقة إلى البعد العسكري الدفاعي في الوثيقة، فإن الاتفاق تضع إطاراً شاملاً للتعاون في كل المجالات.

ووفقاً لخبراء فإن الاتفاق الجديد «تراعي التغيرات التي طرأت على العلاقات الثنائية وعلى الوضعين الإقليمي والدولي» منذ أن وقَّعه الطرفان اتفاق «أسس العلاقات ومبادئ التعاون» في عام 2001.

في هذا الإطار، أشار خبراء إلى إزالة «عقبات كثيرة أمام توسيع التفاعل التجاري والاقتصادي بين البلدين. ودخول التعاون الثنائي قطاعات ومجالات لم تكن مفتوحة أمامهما سابقاً».

ولفتت وسائل إعلام روسية إلى أن موسكو وطهران أطلقتا خلال الأشهر الأخيرة نشاطاً مكثفاً، لتعزيز التنسيق في كل المجالات.

وعقد الجانبان سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى لوضع الترتيبات النهائية لتوقيع الاتفاقية، وأيضاً لإقرار مجموعة واسعة من الاتفاقات المشتركة التي كان أبرزها اتفاقاً لتسريع صفقات التنقيب عن الغاز وإنتاجه وبيعه بقيمة 40 مليار دولار.

وسوف يكون لروسيا، إلى جانب الصين، الخيار الأول في حقول الغاز الرئيسية في إيران.

وخلال الشهرين الماضيين، تبادل الطرفان زيارات مكثفة على مختلف المستويات، وزار طهران في إطار هذه التحركات رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين وسكرتير مجلس الأمن القومي سيرغي شويغو.

كما عمل البلدان أيضاً على تكثيف التحرك لاستخدام العملات المحلية في المعاملات. ويعود ذلك إلى الرغبة في تقليل الاعتماد على الدولار وتعزيز مكانته في الاقتصاد العالمي.

وتعمل إيران وروسيا على تسريع وتيرة إنشاء قناة توفر التواصل المباشر بين البلدين. ويمكن أن تصبح هذه القناة أيضاً جزءاً من ممر شمال جنوب الذي يبذل البلدان جهوداً كبرى لاستكماله.


مقالات ذات صلة

إيران تُصعّد بـ6 آلاف طارد مركزي

شؤون إقليمية مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة في منشأة «نطنز» في 8 أغسطس (أ.ب)

إيران تُصعّد بـ6 آلاف طارد مركزي

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنَّ طهران «تنوي بالفعل نصب أجهزة طرد مركزي جديدة».

راغدة بهنام (برلين) «الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023 play-circle 01:37

«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

وصول إيران إلى القنبلة النووية يمر بطريق طويل، عبر نصب الآلاف من أجهزة الطرد المركزي، بمعدل يفوق الحد المسموح في اتفاق حظر الانتشار النووي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)

خاص لقاء جنيف... الخلاف يتسع بين أوروبا وإيران

اعترف دبلوماسي أوروبي رفيع لـ«الشرق الأوسط» بأن «مدى الخلافات» مع إيران يتسع، وذلك بعد لقاءات أوروبية - إيرانية عقدت في جنيف لمناقشة مسائل خلافية.

راغدة بهنام (برلين)
شؤون إقليمية نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي (حسابه على منصة إكس)

دبلوماسي إيراني: سنواصل الحوار مع القوى الأوروبية «في المستقبل القريب»

أفاد دبلوماسي إيراني بعد محادثات سرية في جنيف، بأنّ إيران وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة «ستواصل محادثاتها الدبلوماسية في المستقبل القريب».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية خلال عملية إطلاق صاروخ «باليستي» إيراني في مكان غير معلن في إيران... صورة منشورة في 25 مايو 2023 (رويترز)

رئيسا المخابرات الفرنسية والبريطانية: «النووي» الإيراني هو «التهديد العالمي الأكثر خطورة»

قال رئيسا المخابرات الفرنسية والبريطانية، اليوم (الجمعة)، إن تعزيز النشاط النووي الإيراني هو «التهديد العالمي الأكثر خطورة» في الوقت الراهن.

«الشرق الأوسط» (باريس)

57 % من الإسرائيليين يريدون حرباً على إيران

رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي وخلفه طائرة «إف 35» إسرائيلية (آدير) في إحدى القواعد الجوية (أرشيفية - موقع الجيش الإسرائيلي)
رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي وخلفه طائرة «إف 35» إسرائيلية (آدير) في إحدى القواعد الجوية (أرشيفية - موقع الجيش الإسرائيلي)
TT

57 % من الإسرائيليين يريدون حرباً على إيران

رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي وخلفه طائرة «إف 35» إسرائيلية (آدير) في إحدى القواعد الجوية (أرشيفية - موقع الجيش الإسرائيلي)
رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي وخلفه طائرة «إف 35» إسرائيلية (آدير) في إحدى القواعد الجوية (أرشيفية - موقع الجيش الإسرائيلي)

دلت نتائج استطلاع للرأي على أن 57 في المائة من الإسرائيليين يؤيدون تصريحات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، التي هدد فيها بشن هجمات حربية على إيران، وفقط 20 في المائة يعارضون ذلك.

وفيما يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، قال 57 في المائة إنهم يعتقدون أنه لن يصمد، بينما رأى 25 في المائة فقط أنه سيصمد.

وقد جاءت هذه المعطيات في الاستطلاع الأسبوعي الذي تنشره صحيفة «معاريف» في كل يوم جمعة. وسئل فيه الجمهور عن رأيهم في الحرب على غزة، فأكد 59 في المائة تأييدهم للجنوح إلى اتفاق تبادل أسرى، ووقف الحرب. وبلغت نسبة المعارضين 33 في المائة. ووافق 85 في المائة من ناخبي أحزاب المعارضة (بمن في ذلك الناخبون العرب) على أنه يجب السعي إلى وقف إطلاق نار بقطاع غزة في موازاة صفقة تبادل أسرى، بينما عدّ 65 في المائة من ناخبي أحزاب الائتلاف أنه تنبغي مواصلة «الضغط العسكري» في القطاع.

جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)

وسئل المستطلعون كيف كانوا سيصوتون لو أن الانتخابات جرت اليوم. وعلى الرغم من أن الجمهور الإسرائيلي غيّر موقفه وأصبح أكثر تأييداً لاتفاق تهدئة مع لبنان، فإن وضع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لم يتحسن في استطلاعات الرأي، بل هبط مقعداً إضافياً من 25 مقعداً في الأسبوع الماضي، إلى 24 مقعداً اليوم. لكن حزب «الصهيونية الدينية» المتطرف بقيادة بتسلئيل سموتريتش سيتجاوز نسبة الحسم هذا الأسبوع وعاد الكنيست، مع أن معظم الاستطلاعات توقعت له في الشهور الأخيرة عدم تجاوز نسبة الحسم.

وعندما سئل الجمهور كيف سيصوت لو أُجريت الانتخابات اليوم، بدا أن نتنياهو عاد ليتراجع عن قوته، هو وحزبه «الليكود»، لكن ائتلافه يزداد مقعداً ويصبح 51 مقعداً، مقابل 59 للمعارضة اليهودية، يضاف إليها 10 نواب من الأحزاب العربية. وفي حالة كهذه، لن يستطيع نتنياهو تشكيل حكومة. ولكن، في حال قيام حزب جديد بقيادة رئيس الوزراء الأسبق، نفتالي بنيت، قبل الانتخابات، فإن نتنياهو يبتعد أكثر عن القدرة على تشكيل حكومة. إذ إن حزب بنيت سيحصل على 25 مقعداً (بزيادة مقعد واحد على الأسبوع الماضي)، بينما يهبط نتنياهو إلى 21 مقعداً. ويهبط ائتلافه الحاكم إلى 44 مقعداً. وتحصل أحزاب المعارضة اليهودية على 66 مقعداً، إضافة إلى 10 مقاعد للأحزاب العربية. وبهذه النتائج، فإن حكومة نتنياهو تسقط بشكل مؤكد.

جانب من عملية إطلاق سابقة لمسيرات إيرانية الصنع (أرشيفية - إكس)

وجاء في الاستطلاع الأسبوعي، الذي يجريه معهد «لزار للبحوث» برئاسة د. مناحم لزار وبمشاركة «Panel4All»، وتنشره صحيفة «معاريف» في كل يوم جمعة، ليوضح مزاج الجمهور إزاء قيادته السياسية. وسئل المواطنون فيه: «لو أجريت الانتخابات للكنيست اليوم وبقيت الخريطة الحزبية كما هي، لمن كنت ستصوت؟»، وكانت الأجوبة على النحو التالي: «الليكود» برئاسة نتنياهو 24 مقعداً (أي أنه يخسر أكثر من خُمس قوته الحالية المؤلفة من 32 مقعداً)، حزب «المعسكر الرسمي» بقيادة بيني غانتس 19 (له اليوم 8 مقاعد، لكن الاستطلاعات منحته 41 مقعداً قبل سنة)، وحزب «يوجد مستقبل» بقيادة يائير لبيد 15 مقعداً (له اليوم 24)، وحزب اليهود الروس «يسرائيل بيتنا» بقيادة أفيغدور ليبرمان 14 مقعداً (له اليوم 6 مقاعد)، وحزب اليسار الصهيوني «الديمقراطيون» برئاسة الجنرال يائير جولان 11 (له اليوم 4 مقاعد)، وحزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين بقيادة أرييه درعي 9 (له اليوم 10)، وحزب «عظمة يهودية» بقيادة إيتمار بن غفير 7 (له اليوم 6 مقاعد)، وحزب «يهودوت هتوراه» للمتدينين الأشكيناز 7 (له اليوم 7)، وتكتل الحزبين العربيين، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير، بقيادة النائبين أيمن عودة وأحمد الطيبي 5، والقائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية بقيادة النائب منصور عباس 5، أي أنهما يحافظان على قوتهما، وحزب «الصهيونية الدينية» بقيادة سموتريتش 4 (له اليوم 8 مقاعد).

وفي هذه الحالة تحصل كتلة ائتلاف نتنياهو على 51 مقعداً، وتحصل كتل المعارضة على 69 مقعداً، منها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وأما في حالة تنافس حزب برئاسة نفتالي بنيت، فإن النتائج ستكون على النحو التالي: بنيت 25، «الليكود» 21، «المعسكر الرسمي» 13، «يوجد مستقبل» 12، «الديمقراطيون» 9، «شاس» 8، «يهودوت هتوراه» 8، «إسرائيل بيتنا» 7، «عظمة يهودية» 7، الجبهة - العربية 5، الموحدة 5. وفي هذه الحالة يكون مجموع كتل الائتلاف 44 مقعداً مقابل 76 مقعداً للمعارضة، بينها 10 مقاعد للأحزاب العربية. ويسقط حزب سموتريتش.