«حزب إردوغان» يستعيد قاعدته مستفيداً من أخطاء «الشعب الجمهوري»

المعارضة التركية تهدر مكاسبها بالتركيز على الانتخابات المبكرة... وبهشلي يقود «حملة تطبيع»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ملوحاً لأعضاء حزب «العدالة والتنمية» خلال مؤتمره السبت (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ملوحاً لأعضاء حزب «العدالة والتنمية» خلال مؤتمره السبت (الرئاسة التركية)
TT

«حزب إردوغان» يستعيد قاعدته مستفيداً من أخطاء «الشعب الجمهوري»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ملوحاً لأعضاء حزب «العدالة والتنمية» خلال مؤتمره السبت (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ملوحاً لأعضاء حزب «العدالة والتنمية» خلال مؤتمره السبت (الرئاسة التركية)

كشفت استطلاعات حديثة للرأي في تركيا عن استعادة حزب «العدالة والتنمية» الحاكم برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، جانباً من مؤيديه الذين فقدهم بالانتخابات المحلية الأخيرة في 31 مارس (آذار) الماضي، وتضييق الفارق مع حزب «الشعب الجمهوري» الذي تفوق في تلك الانتخابات.

وبحسب آخر هذه الاستطلاعات، الذي أجرته شركة «أكصوي»، أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، ونُشرت نتائجه الاثنين، حافظ حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، على المرتبة الأولى بنسبة 32.6 في المائة، وجاء حزب «العدالة والتنمية» الحاكم بالمرتبة الثانية بنسبة 30.5 في المائة، مضيفاً الفارق إلى أقل من 2 في المائة، وجاء حزب «الحركة القومية» في المرتبة الثالثة بنسبة 9.9 في المائة، متقدماً على حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، والذي تراجع إلى المرتبة الرابعة بنسبة 8.3 في المائة، وواصل حزب «الجيد» تراجعه مسجلاً 4.7 في المائة، بينما رفع حزب «الرفاه من جديد» نسبة تأييده إلى 4.3 في المائة، وحزب «النصر» القومي إلى 3.5 في المائة.

وعلق عبد الله غولر، رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، قائلاً: «نرى أن الناخبين يعودون إلى حزبنا مرة أخرى».

أخطاء المعارضة

بدوره، قال المحلل السياسي، مراد يتكين، إنه بينما تضغط المعارضة من أجل التوجه إلى الانتخابات المبكرة، فإن الرئيس رجب طيب إردوغان حسم الأمر بقوله: «نحن كحكومة و(تحالف الشعب: العدالة والتنمية، الحركة القومية، الوحدة الكبرى وهدى بار) نضع جميع خططنا لعام 2028، ونرى أن النقاشات حول الانتخابات المبكرة من جانب المعارضة هدفها التغطية على صراعاتها الداخلية».

قضية إمام أوغلو أهم المشاكل التي تواجه حزب «الشعب الجمهوري» حالياً (موقع الحزب)

ورأى يتكين أن حزب «الشعب الجمهوري» على وشك أن يعود إلى مرتبة الحزب الثاني مرة أخرى، من خلال إهدار مكاسبه في الانتخابات المحلية الأخيرة بإهدار كبير، وأن استطلاعات الرأي تظهر أن الفجوة مع حزب «العدالة والتنمية» تقلصت، على الرغم من أن الأزمة المالية والمعيشية الناجمة عن الأزمة الاقتصادية لا تزال هي المشكلة الأولى للمواطنين في جميع الدراسات الاستقصائية.

وعدّ السبب الرئيسي لذلك أن حزب «الشعب الجمهوري» فقد ترتيب أولوياته بسبب قصر النظر السياسي الذي لا يستطيع رؤية المشكلة الأكثر خطورة أمامه، سواء على مستوى الإدارة أو مع الصراعات التي لا نهاية لها داخل الحزب، ولذلك فإن حزب «العدالة والتنمية» يستعيد ناخبيه من دون بذل مجهود كبير.

وأضاف أن أكبر مشكلة تواجه حزب «الشعب الجمهوري» اليوم هي احتمال تأييد محكمة الاستئناف الحكم الصادر في ديسمبر (كانون الأول) 2022، بحبس رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، وحظر نشاطه السياسي لإدانته في قضية إهانة أعضاء اللجنة العليا للانتخابات، وليس سراً أن هناك مجموعة من أعضاء الحزب نفسه تترقب بفارغ الصبر أن يتم تأييد قرار الحظر السياسي ضد إمام أوغلو، الذي يعد السلاح السياسي الأكثر أهمية في يد الحزب، إلى جانب رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش.

وذهب يتكين إلى أن سياسة الحوار، التي يعرفها رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، بـ«التطبيع»، أفقدت الحزب منظور القوة لدى قاعدة المعارضة، لأن غالبية ناخبي الحزب، والمعارضة بشكل عام، يريدون سياسة موجهة نحو النتائج، وليس رد الفعل.

لقاء بين إردوغان وأوزال بمقر حزب «العدالة والتنمية» في مايو الماضي في إطار التطبيع السياسي بتركيا (الرئاسة التركية)

وأوضح أن المشكلة هي أن أوزال زاد من جرعة التطبيع من خلال فتح الطريق طوعاً أمام إردوغان، ليصبح مرشحاً للرئاسة مرة أخرى بالحديث عن الانتخابات المبكرة، حتى تتم الإطاحة به قبل إكمال مدة رئاسته؛ وكان هذا هو الخطأ ذاته الذي ارتكبه سلفه كمال كيليتشدار أوغلو بخطابه «سوف نفوز في صندوق الاقتراع».

حملة بهشلي

في الوقت ذاته، بدا أن رئيس حزب «الحركة القومية»، حليف حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، دولت بهشلي، يتحرك بطريقة مغايرة لخطاباته وتصريحاته الحادة التي تحمل انتقادات قاسية للمعارضة.

وفاجأت تحركات بهشلي الأسبوع الماضي، المراقبين لتطور الوضع السياسي بالبلاد في هذه الفترة التي تضغط فيها المعارضة من أجل الانتخابات المبكرة، بينما يريد إردوغان وبهشلي التركيز على طرح مشروع الدستور الجديد على البرلمان.

إردوغان التقى بهشلي بمنزله في أنقرة الخميس الماضي (الرئاسة التركية)

وقام بهشلي بـ«حملة مصافحات»، مثيرة للجدل، في افتتاح العام التشريعي الجديد للبرلمان، بدأت بزعيم المعارضة، أوزغور أوزال، الذي هاجمه بعنف قبلها بساعات، قائلاً: «آمل في ألا نجرح مشاعر بعضنا، فهناك تصريحات ندلي بها من باب السياسة لا أكثر». وبرر أوزال قبوله مصافحته بـ«مراعاته كبر سنه».

كما صافح بهشلي رئيس حزب «المستقبل»، أحمد داود أوغلو، الذي سبق أن هاجمه وسخر منه بشدة، مؤكداً له أن تركيا بحاجة ماسة إلى خبراته وتجاربه في هذه المرحلة.

مصافحة بهشلي لنواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» الكردي بالبرلمان أحدثت جدلاً كبيراً (إعلام تركي)

أما الأكثر إثارة للدهشة والتعجب، فكان توجه بهشلي إلى نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، والذي يعد ألد خصومه، ومصافحتهم وتهنئتهم بانطلاق الدورة التشريعية الجديدة.

ورأى مراقبون وكتّاب بالصحف التركية أن هذا التغيير المفاجئ في سلوك بهشلي يهدف إلى تمهيد الأرضية للحوار مع المعارضة بشأن الدستور الجديد، بإيعاز من إردوغان، وكذلك السعي إلى تعزيز الجبهة الداخلية بتركيا في ظل التوتر بمنطقة الشرق الأوسط والتهديدات الخارجية لتركيا.


مقالات ذات صلة

تركيا: انطلاق لقاءات مع أوجلان في سجنه خلال أيام بموافقة إردوغان

شؤون إقليمية مظاهرة لأنصار أوجلان في تركيا للمطالبة بالإفراج عنه (أرشيفية - رويترز)

تركيا: انطلاق لقاءات مع أوجلان في سجنه خلال أيام بموافقة إردوغان

أعلن حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في تركيا أن لقاءات مع زعيم حزب العمال الكردستاني السجين مدى الحياة عبد الله أوجلان ستنطلق هذا الأسبوع.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مظاهرة دعم لـ«قسد» في القامشلي بمحافظة الحسكة ضد التصعيد التركي (أ.ف.ب)

صدام أميركي تركي حول دعم «الوحدات الكردية»... وإردوغان يتعهد بتصفيتها

تصاعدت الخلافات التركية الأميركية حول التعامل مع «وحدات حماية الشعب الكردية»، في حين أكد الرئيس إردوغان أن التنظيمات الإرهابية لن تجد من يدعمها في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال حضوره قمة الدول الثماني النامية بالقاهرة (المكتب الإعلامي للرئاسة التركية-إ.ب.أ)

إردوغان يدعو إلى القضاء على «داعش» وحزب العمال الكردستاني في سوريا

دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الجمعة، إلى «القضاء» على «المنظمات الإرهابية» في سوريا، مشيراً إلى تنظيم «داعش»، وأيضاً حزب العمال الكردستاني.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية على إكس)

إردوغان يدعو إلى «القضاء على المنظمات الإرهابية» في سوريا

دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الجمعة، إلى «القضاء على المنظمات الإرهابية في سوريا»، مشيراً إلى تنظيم «داعش» وأيضاً حزب العمال الكردستاني.

«الشرق الأوسط»
شؤون إقليمية جانب من اجتماع لمجلس الأمن القومي برئاسة إردوغان في 5 ديسمبر (الرئاسة التركية على «إكس»)

تركيا تحدث وثيقة «الأمن القومي» للمرة السادسة في عهد إردوغان

انتهت تركيا من تحديث وثيقة الأمن القومي التي توصف بأنها «الدستور السري» للدولة، والمعروفة علناً بـ«الكتاب الأحمر».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إسرائيل تدرس خيارات الرد على الحوثيين

خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)
خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)
TT

إسرائيل تدرس خيارات الرد على الحوثيين

خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)
خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)

تجاوز صاروخ أطلقه الحوثيون الدفاعات الإسرائيلية التي فشلت في اعتراضه وسقط في تل أبيب أمس. وقال مسعفون إنَّ 16 شخصاً أصيبوا بجروح طفيفة نتيجة شظايا الزجاج، بينما أصيب 14 شخصاً بكدمات أثناء هرعهم إلى الملاجئ.

وتدرس إسرائيل خياراتها للرد على الهجمات الحوثية المتكررة ضدها في الأيام القليلة الماضية، ووفقاً لما ورد في الإعلام الإسرائيلي، فإنَّ البداية ستكون «رسم الصورة الاستخباراتية».

وباتت صواريخ الحوثيين أكثر خطورة على إسرائيل، وهو ما يثير المخاوف من توسيع تل أبيب هجماتها الانتقامية، على نحو يتجاوز الضربات المحدودة التي استهدف أحدثها 3 موانٍ في الحديدة، ومحطتي كهرباء بصنعاء، الخميس الماضي.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، «أفيخاي أدرعي»، إنَّه عقب إطلاق صاروخ من اليمن وتفعيل إنذارات وسط إسرائيل، جرت محاولات اعتراض غير ناجحة.