مسؤولان إسرائيليان كبيران يهدّدان باغتيال خامنئي

مفاوضات بين تل أبيب وواشنطن لتقييد الرد على موجة الصواريخ: موجع... لكن بلا تدهور إلى حرب

صورة منشورة على وزارة الدفاع الإسرائيلية من سرب مقاتلات «إف - 22» و«إف - 35» خلال مهمة حربية (أرشيفية)
صورة منشورة على وزارة الدفاع الإسرائيلية من سرب مقاتلات «إف - 22» و«إف - 35» خلال مهمة حربية (أرشيفية)
TT

مسؤولان إسرائيليان كبيران يهدّدان باغتيال خامنئي

صورة منشورة على وزارة الدفاع الإسرائيلية من سرب مقاتلات «إف - 22» و«إف - 35» خلال مهمة حربية (أرشيفية)
صورة منشورة على وزارة الدفاع الإسرائيلية من سرب مقاتلات «إف - 22» و«إف - 35» خلال مهمة حربية (أرشيفية)

في الوقت الذي تدير فيه تل أبيب وواشنطن حواراً حول سبل الرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير، «يكون موجعاً، لكن بمقدار لا يؤدي إلى التدهور لحرب»، خرج وزير في حكومة بنيامين نتنياهو بمنشور يوحي بالتهديد باغتيال المرشد الإيراني، علي خامنئي.

والوزير المقصود، يعدّ هامشياً. إذ إنه وزير شؤون الشتات ومكافحة العداء للسامية، عميحاي شيكلي، وتصريحه جاء رداً على ما كتبه المرشد الإيراني، علي خامنئي، بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل بموجة قصف بنحو 200 صاروخ باليستي؛ إذ كتب عبر صفحته الرسمية على منصة «إكس»، بعد دقائق من الضربة، يقول: «نصر من الله وفتح قريب... النصر حليف أهل الحق». ونشر خامنئي صوراً من لقاءاته المتعددة مع قائد «الحرس الثوري» الإيراني السابق قاسم سليماني والذي قُتل في ضربة جوية أميركية مطلع 2020، ولقطات أيضاً من لقاءاته مع إسماعيل هنية وصوراً للأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، ثم أظهرت اللقطات الضربات الإيرانية ضد إسرائيل ومشاهد من خطابات سابقة لـخامنئي». وكتب: «بعون الله ستصبح ضربات الجبهة أقوى وأشد إيلاماً على جسد النظام الإسرائيلي المتهالك».

ورد الوزير شيكلي على المنصة نفسها يقول: «أنت أصل كل المشكلات في منطقتنا، لكن ذلك لن يستمر طويلاً». وقد ربط المراقبون بين هذا المنشور وبين تهديدين سابقين سُمعا من مسؤولين أكثر جدية من الوزير شيكلي. فقد سبقه رئيس الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، أمير أوحانا، بمنشور، الأربعاء، خاطب فيه خامنئي، قائلاً إن نهايته اقتربت. وقال: لخامنئي: «قل مرحباً بنهايتك».

وأما التهديد الآخر فجاء على لسان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، الذي كان أكثر ضبابية. فقال، خلال زيارته لقاعدة سلاح الجو «هار نوف»، ولقائه الطيارين الإسرائيليين الذين نفذوا الاغتيالات والغارات الأخيرة على لبنان، وبينها اغتيال حسن نصر الله والمسؤول الكبير في «الحرس الثوري» الإيراني الذي رافقه، عباس نيلفروشان: «هذا ليس آخر ما في جعبتنا... الرسالة بسيطة... أي شخص يهدّد مواطني إسرائيل سنعرف كيف نصل إليه». وتابع: «أود التشديد مجدداً في نهاية المطاف على أننا في جهوزية تامة على كل جبهاتنا. على جميع قواتنا أن تضمن مزامنة كاملة وجهوزية تامة، بما في ذلك بالتنسيق مع أجهزة أخرى».

وفي أعقاب الهجوم الإيراني على إسرائيل، أفادت وكالة «رويترز»، بأنه جرى نقل علي خامنئي إلى مكان آمن وسري، وفقاً لمصدر مسؤول، مؤكداً أن المرشد الإيراني هو من أصدر الأمر بإطلاق الصواريخ على إسرائيل.

ومع أن إيران حرصت على توجيه رسالة تقول فيها إنها بالهجوم الصاروخي ترد على مقتل نصر الله وهنية ونيلفروشان، وبكلمات أخرى تقفل دائرة الانتقام، إلا أن القيادة الإسرائيلية أعلنت إصرارها على إبقاء الحساب مفتوحاً والرد بقسوة على هذا الهجوم.

ومنذ يوم الهجوم، الثلاثاء، ينشغل العالم بكيفية الرد الإسرائيلي. وانشغل الإسرائيليون في تسريب «معلومات» و«بالونات اختبار»، فتحدثت عن أن الرد سيكون بضربة ذات بعد استراتيجي وأن هناك بنك أهداف ضخماً في إيران لمواقع يمكن قصفها وبينها المنشآت النووية وآبار النفط واغتيال مسؤولين إيرانيين على طريقة اغتيال هنية.

لوحة دعائية معلقة على مبنى في طهران مكتوب عليها بالفارسية «بداية النهاية للصهاينة» الخميس (إ.ب.أ)

لكن الإدارة الأميركية تدخلت وراحت تؤكد، في السر وفي العلن، أنها تعارض قصف المنشآت النووية؛ لأنها تخوض محادثات متقدمة مع طهران بشأنها. وتشير إلى أن قصف منشآت النفط قد يحدث أزمة عالمية في الأسعار. وهي تحاول التفاهم معها حول توجيه ضربة موجعة، لكن ليس إلى حد استدعاء رد إيراني يشعل حرباً إقليمية.

ويقود هذا الحوار كل من قائد قوات القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم)، الجنرال مايك كوريلا، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هليفي، وهما يتحدثان مرات عدة في اليوم، وبموازاتهما هناك قناة وزيري الدفاع، الأميركي لويد أوستين والإسرائيلي، يوآف غالانت، وهذا إضافة إلى القناة الدبلوماسية، التي ستصل إلى مستوى القمة، بين الرئيس جو بادن ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وقد صرح سفير إسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون، بأن المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) لن يقف مكتوف الأيدي إزاء هجوم إيران وهو يدرس خيارات الرد. وأكد، في حديث مع قناة «سي إن إن»، أن الرد الإسرائيلي سيحدث قريباً وسيكون قوياً ومؤلماً للغاية. وأضاف: «إسرائيل لا تريد رؤية تصعيد أو حرب، لكنها ستنتقم من إيران». وأضاف: «إسرائيل سترد بشكل محسوب لأننا لا نريد حرباً شاملة مع إيران. ونحن نعرف بأن إيران لا تريد هي الأخرى حرباً شاملة مع إسرائيل».


مقالات ذات صلة

خطبة خامنئي الجمعة... عرض قوة وطمأنة الحلفاء

شؤون إقليمية لافتات دعائية تشير إلى يد المرشد علي خامنئي وبيده أسلحة روسية الصنع في طهران الخميس (إ.ب.أ)

خطبة خامنئي الجمعة... عرض قوة وطمأنة الحلفاء

من المقرر أن يؤم المرشد الإيراني علي خامنئي صلاة الجمعة في طهران، بعد أكثر من أربع سنوات على آخر مشاركة له في أعقاب مقتل الجنرال قاسم سليماني بضربة أميركية.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)

ما المخاطر التي تحيط بخيارات إسرائيل للانتقام من إيران؟

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن إسرائيل لديها عدة خيارات إذا أرادت شن ضربات انتقامية ضد إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث عن الوضع في إسرائيل من البيت الأبيض (أ.ف.ب)

بايدن يحاول إقناع نتنياهو برد «محدود» ضد إيران

كشف مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أنهم يعملون مع نظرائهم الإسرائيليين على الحد من الرد الإسرائيلي المتوقع ضد إيران، وسط مخاوف من اتساع رقعة الحرب.

هبة القدسي (واشنطن) علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية صورة التقطها طائرة مُسيرة تُظهر أشخاصاً يقفون حول بقايا صاروخ باليستي بالصحراء بعد هجوم إيران على إسرائيل (رويترز)

إيران تدرس إرسال قوات إلى لبنان في حال هاجمتها إسرائيل

قال قياديان في «الحرس الثوري» إن طهران تدرس إرسال قوات «متطوعة» إلى لبنان والجولان، وتوعّدا بتطهير صفوف «حزب الله» من «العملاء».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي عناصر من الفصائل العراقية ترفع صورة نصر الله في بغداد (أ.ف.ب)

العراق يدعو إلى حماية ممرات النفط في الخليج العربي

شدد العراق على حماية الممرات البحرية لنقل النفط عبر مياه الخليج العربي، وسط تحذيرات متزايدة من اتساع رقعة الحرب بين إسرائيل وإيران.

حمزة مصطفى (بغداد)

ما المخاطر التي تحيط بخيارات إسرائيل للانتقام من إيران؟

القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

ما المخاطر التي تحيط بخيارات إسرائيل للانتقام من إيران؟

القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن إسرائيل لديها عدة خيارات إذا أرادت شن ضربات انتقامية ضد إيران، فمن المتوقع أن تشن هجوماً كبيراً يمكن أن يشمل ضربات ضد أهداف عسكرية أو اقتصادية أو حتى نووية.

ووفقا للصحيفة، تملك إيران دفاعات جوية ضعيفة نسبياً، ومن المتوقع أن تجد صعوبة في منع الصواريخ الإسرائيلية أو الغارات الجوية، كما ظهر في 19 أبريل (نيسان) عندما ردت إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني السابق، وألحقت الضرر بجزء من أفضل نظم الدفاع الجوي الإيراني، وهو نظام «إس - 300» الروسي، في مدينة أصفهان، وكانت تلك الضربة تهدف إلى إظهار قدرة إسرائيل.

وقال فابيان هينز، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: «إذا كانت مهاجمة المواقع النووية غير واردة، فإن الخيارين الكبيرين لإسرائيل هما الأهداف العسكرية والاقتصادية».

أهداف عسكرية

ووفقاً لهينز، فإن الرد الأكثر احتمالاً سيكون محاولة إسرائيل ضرب مجموعة قواعد الصواريخ والطائرات من دون طيار الإيرانية، التي تقع تحت الأرض وفي بعض الحالات في أعماق الجبال.

وقد تكون البدائل تكرار استهداف قواعد الدفاع الجوي الإيرانية على نطاق أوسع التي تغطي طهران وأصفهان والموانئ، أو قد يستهدف هجوم أكثر تعقيداً مواقع للإنتاج الصناعي العسكري، مثل الهجوم بطائرات دون طيار على مصنع للأسلحة في أصفهان في 2023.

ومع ذلك، فإن كل هذه الهجمات تحمل إمكانية سوء التقدير والمخاطرة بوقوع خسائر غير متوقعة.

محطات النفط والمصافي والبنية التحتية الاقتصادية

تم الترويج لهجوم على البنية التحتية النفطية الإيرانية بعدّه رداً محتملاً على هجوم الصواريخ الباليستية على إسرائيل يوم الثلاثاء،

وأشار الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أن القضية كانت قيد المناقشة يوم الخميس. وكان الحقل الأكثر ذكراً هو حقل كرنج، الذي يتعامل، وفقاً لبعض التقديرات، مع 90 في المائة من صادرات النفط الخام، ومعظمها متجهة إلى الصين. وكذلك مرافق رئيسية أخرى مثل مصفاة عبادان، بالقرب من الحدود مع العراق، التي تتعامل مع نسبة كبيرة من احتياجات إيران المحلية من النفط.

وقال هينز إن «صناعة النفط الإيرانية مكشوفة تماماً»، مضيفاً أن مهاجمة الأهداف الاقتصادية قد يكون لها تأثير طويل الأمد لأن «اقتصاد إيران يعاني والنظام يريد دائماً تخفيف العقوبات»، مشيراً إلى أن قصف إسرائيل للحوثيين في اليمن في نهاية الشهر الماضي كان يركز على مرافق الوقود والطاقة والموانئ في رأس عيسى والحديدة.

والسؤال هو عما إذا كان الهجوم الاقتصادي كرد مباشر على هجوم إيران يوم الثلاثاء مناسباً.

فإيران قالت إنها اختارت أهدافاً عسكرية، واستهدفت صواريخها القواعد الجوية الإسرائيلية، مما تسبب في أضرار طفيفة لمنشأة نيفاتيم ومقر الموساد، لكن مدرسة في شرق عسقلان تعرضت للقصف، مما تسبب في أضرار جسيمة في أحد الفصول الدراسية.

ومن المرجح أيضاً أن يؤدي ذلك إلى رد إيراني أكثر من شن إسرائيل لهجوم عسكري أكثر تركيزاً.

وقال رئيس الأركان الإيراني محمد باقري، إنه إذا تعرضت طهران للهجوم، فسوف ترد بقصف صاروخي أكبر وأوسع نطاقاً، وأضاف أن هجوم الثلاثاء «سيتكرر بكثافة أكبر ... وسيتم استهداف كل البنية الأساسية».

نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صواريخ باليستية أطلقتها إيران كما شوهد من عسقلان (رويترز)

عمليات الاغتيال و الاستخبارات

قد تتخذ إسرائيل مساراً مختلفاً، وتوسع برنامجها للاغتيالات في إيران وقد أظهرت بالفعل أنها قادرة على تنفيذ عمليات اغتيال في طهران، بعد أن قتلت الزعيم السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في نهاية يوليو (تموز)، وفجرت عبوة ناسفة تم وضعها سراً قبل شهرين في دار الضيافة، حيث كان يقيم، وفقاً لتقرير في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

ووفقا للصحيفة، يُعتقد أن العديد من كبار العلماء النوويين الإيرانيين قُتلوا على يد إسرائيل، بمن في ذلك محسن فخري زاده، الذي قيل إنه قُتل في 2020 بمدفع رشاش يتم التحكم فيه عن بعد. ومع ذلك، لا يبدو أن إسرائيل تفكر في رد منخفض المستوى على ما كان هجوماً صاروخياً، بعدما أصر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على أن إيران «ستدفع ثمنه».

أهداف نووية

يعتقد الخبراء العسكريون أنه سيكون من المستحيل على إسرائيل شن ضربة على شبكة المواقع النووية الإيرانية دون مساعدة عسكرية مباشرة من الولايات المتحدة والمواقع الرئيسية، حيث تقوم إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء تصل إلى 60 في المائة، تحت الأرض أسفل عشرات الأمتار من الصخور والخرسانة.

وتقول ورقة بحثية كتبها داريا دولزيكوفا وماثيو سافيل، ونُشرت في نشرة العلماء الذريين: «السلاح التقليدي الوحيد الذي يمكنه تحقيق هذا الهدف بشكل معقول هو القنبلة الخارقة للدروع الأميركية GBU-57A/B، التي - بوزن يزيد على 12 طناً وطول 6 أمتار - لا يمكن حملها إلا بواسطة قاذفات أمريكية كبيرة مثل B-2 Spirit».

وعلى الرغم من أنه قد يكون من الممكن لإسرائيل مهاجمة مواقع أقل أهمية من خلال استهداف منشآت إنتاج أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في عملية التخصيب أو مواقع أخرى من هذا القبيل، فإن هناك خطراً يتمثل في أن الهجوم على برنامجها النووي قد يدفع طهران إلى تسريع جهودها للحصول على قنبلة ذرية.

ويستنتج المؤلفان أن «طهران قد ترى أن تسليح برنامجها النووي هو الخيار الوحيد المتبقي الذي يمكن أن يضمن أمن النظام الإيراني».