كيف ضرب نتنياهو غالانت وساعر بحجر واحد؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي يدير حرباً حزبية بموازاة المعارك العسكرية

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متحدّثاً لأعضاء في الكونغرس الأميركي في يوليو 2024 (غيتي)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متحدّثاً لأعضاء في الكونغرس الأميركي في يوليو 2024 (غيتي)
TT

كيف ضرب نتنياهو غالانت وساعر بحجر واحد؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متحدّثاً لأعضاء في الكونغرس الأميركي في يوليو 2024 (غيتي)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متحدّثاً لأعضاء في الكونغرس الأميركي في يوليو 2024 (غيتي)

في الوقت الذي يدير فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، «حرباً على 7 جبهات مع إيران وأذرعها»، وفق ما يقول، تمكن من خوض حرب حزبية داخلية، من تلك الحروب التي يتقنها ويتلذذ فيها.

وبعد أن دخل نتنياهو الحلبة السياسية وأفزع وزير دفاعه، يوآف غالانت، بالسعي لإقالته واستبداله بوزير آخر، هو جدعون ساعر، جمّد القرار وأحدث خضة ثانية، وضربهما بحجر واحد. وبعد أسبوعين من كشف مخطط نتنياهو هذا، وقف ساعر مهاناً مذلولاً يعلن انسحابه.

المراقبون في إسرائيل يعتقدون أن ساعر وغالانت سينضمان إلى «القافلة الطويلة للسياسيين الذين تنافسوا مع نتنياهو، لكنهما عندما برزا للناس وبدآ يستجمعان قوة شعبية ويبشران أنفسهما لتولي المسؤوليات القيادية أوقعهما نتنياهو في حبائله».

كالعادة أغراهما بالانضمام إلى حكومته (أو حزبه)، ثم أخضعهما لإملاءاته وتوّههما وأحدث شرخاً في أحزابهما، فتحطم بعضها وتبخّر بعضها الآخر، أو بقي في الحلبة وهو مثخن بالجروح.

جدعون ساعر (رويترز)

فعلها نتنياهو سابقاً مع إيهود باراك، رئيس الوزراء الأسبق ووزير الدفاع وصاحب أكبر عدد من الأوسمة في الجيش عبر تاريخه، الذي كان قائداً عسكرياً لنتنياهو، لكن التلميذ لم يرحم معلمه، فدفعه إلى الانشقاق عن حزب العمل والذوبان.

ومرة أخرة فعلها نتنياهو مع رئيس أركان الجيش الأسبق ووزير الدفاع أيضاً، ثم مع وزير الدفاع، عمير بيرتس، حتى مع النائب الشاب، إيتسيك شمولي، وبدرجة غير قليلة أيضاً، بحقّ بني غانتس، وأفيغدور ليبرمان.

وكان رئيس حزب «اليمين الرسمي»، والعضو السابق في قيادة حزب الليكود، جدعون ساعر، قد أعلن مساء اليوم (السبت)، التنازل عن فكرة نتنياهو، تعيينه في منصب وزير الدفاع، مكان الوزير الحالي غالانت.

وبهذا، يكون قرار فصل غالانت قد جُمد بشكل مؤقت، ولم يقل ساعر إن كان سيبقى في المعارضة أو سيدخل الائتلاف بمنصب آخر، ولكن، بدا عليه بوضوح أنه تلقى ضربة موجعة.

كانت حصيلة لعبة نتنياهو على النحو التالي: «غالانت وزير دفاع مهدد ومثخن بالجراح يبقى في منصبه، لكن بشكل مؤقت ليقوم بـ(العمل الأسود) في إدارة الحرب مع (حزب الله)»، وفضلاً عن ذلك «ساعر وزير دفاع على الرفّ، ينتظر عطف رئيس الحكومة بشكل مهين».

نتنياهو سيدير جبهة لبنان كالمايسترو، حتى يوم الثلاثاء، وبعدها الأربعاء سيسافر إلى نيويورك للمشاركة في اجتماع الجمعية العامة، سيخطب هناك، في المنصة التي يحب أن يتجلى على منصتها، ويعود مزهواً، الأحد المقبل، عشية الأعياد اليهودية التي ستستمر حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، وعندها يعود الكنيست إلى العمل. بل إن نتنياهو يأمل أن يوسع حكومته ليضمن البقاء على كرسيه حتى نهاية الدورة، بمساعدة ساعر.

زوجة ساعر، الإعلامية البارزة غئولا إيبن، عبّرت عن ضائقة زوجها، إذ قالت إن «ماكينة السم التي يشغلها نتنياهو ضد خصومه، وتضم ألوف الجنود في جيش الإنترنت، عملت بشكل لئيم وشنيع وغير أخلاقي» ضد زوجها وضدها هي وكل عائلتهما. وتساءلت إن كان هذا يسمى تحالفاً.

معارضون للحكومة الإسرائيلية يشاركون في احتجاج أمام منزل عضو الكنيست جدعون ساعر في تل أبيب يوم الاثنين (أ.ف.ب)

ومع ذلك، فلم تخبر جمهورها إن كان زوجها ينوي البقاء في المعارضة أو الانضمام في وقت لاحق إلى حكومة نتنياهو، لكن المقربين منه يقولون إنه حائر جداً، فالاستطلاعات تقدر بأنه سيسقط، ولذلك يفكر في اعتزال السياسة كما سبق أن فعل في الماضي.

كان مُلفتاً للنظر فيما قاله ساعر في بيانه حول انسحابه من الترشح وزيراً للدفاع، إذ قال إن التجربة الإسرائيلية تشير إلى أنه «في عهد وزراء الدفاع الذين جاؤوا من الجيش عاشت إسرائيل أزمات أمنية كبيرة، بينما في عهد وزراء الدفاع المدنيين كانت الأوضاع أفضل».

ويوجد شيء من الصحة في قول ساعر السابق، ففي عهد موشيه ديان وقعت حرب أكتوبر 1973، التي اشتهرت بإخفاق أمني كبير. أما في وقت آريل شارون وقعت مذابح صبرا وشاتيلا وحرب لبنان. ولاحقاً لدى تولي موشيه يعلون مسؤولية الدفاع وقعت صفقة «الغواصات الفاسدة». وفي عهد بنيامين بن إليعيزر وقعت قضايا فساد كبيرة، وفي عهد إيهود باراك وقعت الأزمة بين الحكومة وبين الأجهزة الأمنية على خلفية الحرب مع إيران.

يشيد الإسرائيليون بوزراء الدفاع المدنيين، شمعون بيريز الذي بنى المفاعل النووي، وموشيه آرنس الذي عمّق التحالف مع الولايات المتحدة، وعمير بيرتس الذي سجّل على اسمه تطوير القبة الحديدية، وأفيغدور ليبرمان ونفتالي بنيت، اللذين يعدّان من أنجح وزراء الدفاع.


مقالات ذات صلة

نتنياهو: فرق إسرائيلية ستواصل بحث مقترح أميركي لوقف إطلاق النار

المشرق العربي نتنياهو في قاعدة «رامات» بحيفا يوم 21 أغسطس (مكتب الإعلام الحكومي - د.ب.أ)

نتنياهو: فرق إسرائيلية ستواصل بحث مقترح أميركي لوقف إطلاق النار

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الجمعة)، إن فرقاً إسرائيلية عقدت اجتماعات؛ لمناقشة مقترحات أميركية لوقف إطلاق النار مع لبنان أمس.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ) play-circle 00:35

نتنياهو يتراجع وينأى بنفسه عن اقتراح أميركي لوقف النار في لبنان

تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي، الخميس، عن تفاهم خاص مع إدارة الرئيس الأميركي، ونأى بنفسه عن الاقتراح الذي يهدف إلى وقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً في لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (د.ب.أ)

وزير الدفاع الإسرائيلي يعلن الموافقة على عمليات جديدة في لبنان

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن الهجمات في لبنان ستستمر رغم الجهود الدولية لتأمين وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي نتنياهو في قاعدة «رامات» بحيفا يوم 21 أغسطس (مكتب الإعلام الحكومي - د.ب.أ)

نتنياهو: سنواصل ضرب «حزب الله» بكل قوة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، إننا سنواصل ضرب «حزب الله» اللبناني «بكل قوة» حتى يتسنى لسكان شمال إسرائيل العودة إلى ديارهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جلسة مجلس الأمن الدولي لمناقشة الوضع في لبنان (إ.ب.أ)

ما القرار رقم 1701؟ وما أهميته؟

مع تصاعد الهجمات بين جماعة «حزب الله» اللبنانية وإسرائيل في جنوب لبنان، عاد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 إلى الواجهة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الجيش الإسرائيلي يعلن إحباط مخطط إلكتروني لـ«حزب الله» لجمع معلومات استخباراتية

قوات أمن إسرائيلية ورجال إطفاء يتجمعون بالقرب من منزل تضرر جراء صاروخ أُطلق من جانب «حزب الله» في لبنان (أ.ف.ب)
قوات أمن إسرائيلية ورجال إطفاء يتجمعون بالقرب من منزل تضرر جراء صاروخ أُطلق من جانب «حزب الله» في لبنان (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن إحباط مخطط إلكتروني لـ«حزب الله» لجمع معلومات استخباراتية

قوات أمن إسرائيلية ورجال إطفاء يتجمعون بالقرب من منزل تضرر جراء صاروخ أُطلق من جانب «حزب الله» في لبنان (أ.ف.ب)
قوات أمن إسرائيلية ورجال إطفاء يتجمعون بالقرب من منزل تضرر جراء صاروخ أُطلق من جانب «حزب الله» في لبنان (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، عن اكتشافه حسابات مزيفة على الإنترنت استخدمتها عناصر تابعة لـ«حزب الله» اللبناني لجمع معلومات استخباراتية حول انتشار قوات الجيش الإسرائيلي من خلال التواصل مع الجنود، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» على موقعها على الإنترنت (واي نت) عن الجيش قوله إنهم «أحياناً يعرّفون أنفسهم كأفراد في الجيش الإسرائيلي ويقومون بإجراء اتصالات ومراسلات شخصية مع جنود الجيش، بما في ذلك محادثات مسجلة معهم».

ويأتي هذا الإعلان إثر دعوة دول عدّة، بينها الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية، إلى وقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً بين إسرائيل و«حزب الله»، بعد أن أثار التصعيد الأخير مخاوف من حرب شاملة في الشرق الأوسط.

ومنذ الاثنين، خلّفت الغارات الإسرائيلية أكثر من 600 قتيل في لبنان، بينهم كثير من المدنيين، بحسب أرقام وزارة الصحة اللبنانية.