«مهمة شويغو»... تعزيز قدرات إيران في مواجهة محتمَلة

موسكو تجنبت التعليق رسمياً على تقارير حول تسليم أسلحة دفاعية متطورة لطهران

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يستقبل سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي شويغو في طهران الاثنين (الرئاسة الإيرانية)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يستقبل سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي شويغو في طهران الاثنين (الرئاسة الإيرانية)
TT

«مهمة شويغو»... تعزيز قدرات إيران في مواجهة محتمَلة

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يستقبل سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي شويغو في طهران الاثنين (الرئاسة الإيرانية)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يستقبل سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي شويغو في طهران الاثنين (الرئاسة الإيرانية)

كان من الطبيعي أن تثير زيارة سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي شويغو، لطهران جدلاً واسعاً ونقاشات حول الدخول الروسي المفاجئ على خط التوقعات بتصعيد واسع في المنطقة.

وعلى الرغم من أن موسكو حرصت رسمياً على تأكيد أن زيارة المسؤول المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «كانت مبرمجة سابقاً»، كما ورد في بيان أصدره مجلس الأمن الروسي، وأن «النقاشات حول القضايا العاجلة حالياً طرأت على جدول أعمالها بسبب التطورات»، فإن اللافت أن تغطيات الصحافة الروسية حملت مدلولات مختلفة بعض الشيء.

ومع التركيز على «عودة شويغو إلى الأضواء» بعد غياب استمر شهوراً منذ عزله عن منصبه في وزارة الدفاع، كما كتبت منصة «تسارغراد» المقربة من الأوساط العسكرية والقومية، فإن بعض الصحف الكبرى تحدثت عن «رحلة مفاجئة» متجاهلةً بذلك بيان مجلس الأمن.

في كل الأحوال، تجاهلت موسكو على المستوى الرسمي التعليق على معطيات تناقلتها وسائل إعلام غربية وإيرانية حول أن طهران طلبت من موسكو تزويدها بتقنيات دفاعية متطورة لتعزيز قدراتها في المواجهة المحتملة حالياً. ولم يصدر أي تعليق من المستوى السياسي أو العسكري على هذا الموضوع، رغم أن المعطيات تحدثت عن أن موسكو بدأت بالفعل بإرسال دفعات من بعض الأنظمة الدفاعية والرادارات.

أيضاً كان لافتاً إدراج العاصمة الأذرية في جولة شويغو «المفاجئة»، مما أعطى انطباعات بأن مهمة المسؤول الروسي البارز مرتبطة مباشرةً بازدياد سخونة الوضع الإقليمي واحتمالات اندلاع مواجهة واسعة.

لكن في المقابل، ومع تركيز وسائل الإعلام الحكومية فقط على مجريات الزيارة وتصريحات شويغو والمسؤولين الإيرانيين الرسمية برزت تحليلات تؤكد أن «مهمة شويغو» هي تقديم أوسع قدر ممكن من الدعم لطهران بهدف تعزيز قدراتها على الإضرار بالمصالح الأميركية في حال نشبت المواجهة بالفعل.

كان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، قد وصف خلال محادثاته مع شويغو، تطوير العلاقات مع روسيا كشريك استراتيجي، بأنه إحدى أولويات السياسة الخارجية لطهران.

شويغو يُجري مباحثات مع رئيس الأركان محمد باقري في طهران الاثنين (إرنا)

وقال الرئيس: «ولَّى عصر تفوق بعض دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة... التعاون بين إيران وروسيا من أجل نشر التعددية القطبية سيسهم في رفع مستوى الأمن في جميع أنحاء العالم».

فيما ركز شويغو في تصريحاته العلنية أمام الصحافة على جوانب عدة من آليات تعزيز التعاون مع طهران من دون أن يتطرق إلى القطاع العسكري بشكل مباشر.

وقال إن روسيا وإيران تعملان على زيادة التعاون بسرعة في مختلف المجالات، ملخصاً نتائج الاجتماعات مع المسؤولين الإيرانيين.

وأشار إلى تركيز الاهتمام على «موضوعات تتعلق بالتعاون الثنائي وبالمشروع الأهم في رأيي، مشروع ممر النقل بين الشمال والجنوب». وقال شويغو: «لقد تقدمنا بعيداً جداً». وأضاف أن روسيا وإيران تتعاونان في المجالات كافة، بما في ذلك الاقتصاد والنقل.

ويشمل ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب طرق السكك الحديد والطرق البرية والبحرية والنهرية بطول إجمالي يبلغ 7200 كيلومتر. ويربط الممر شمال أوروبا ببلدان الخليج العربي والمحيط الهندي عبر روسيا والقوقاز وآسيا الوسطى. ووفقاً لاستراتيجية النقل للاتحاد الروسي حتى عام 2030، يعد الممر أحد مجالات التنمية ذات الأولوية وعنصراً مهماً في استراتيجية التجارة الخارجية لروسيا. ويُنتظر أن يشكل أداة رئيسية للالتفاف على تداعيات العقوبات المفروضة على روسيا وإيران.

لكن في المقابل، أشارت أوساط روسية إلى أن ملف التعاون الاقتصادي والتجاري لم يكن في واجهة الأمور المطروحة فعلياً خلال اللقاءات التي أجراها شويغو. ولفت الخبير الروسي البارز سيرغي ماركوف، إلى أن «زيارة سكرتير مجلس الأمن وزير الدفاع الروسي السابق سيرغي شويغو، لإيران مرتبطة بمساعدة طهران على شن ضربات انتقامية ضد حلفاء الولايات المتحدة».

وحسب ماركوف، قد تكون هناك ثلاثة أسباب وراء رحلة شويغو. وإلى جانب المساعدة في إلحاق الضرر بالولايات المتحدة وحلفائها، تحدَّث عالم السياسة عن «وساطة روسيا بين إيران وإسرائيل»، فضلاً عن حاجة موسكو إلى استطلاع آفاق تطور الوضع إجمالاً في المنطقة.

ووفقاً له فإن «روسيا تريد أن تكون وسيطاً بين إيران وإسرائيل والدول العربية وتمنع نشوب حرب كبيرة (...) ولكن بماذا يمكن أن تَعِد روسيا إيران في المقابل؟ أم أن روسيا تريد فقط أن تفهم ما إذا كانت ستكون هناك حرب كبيرة في المنطقة؟».

في الوقت ذاته، رأى محللون أنه «قبل رحلة شويغو إلى الشرق الأوسط، كان الانطباع هو أن روسيا كانت مجرد مراقب ولن تتدخل في العمليات التي تجري في المنطقة الساخنة. وكان ذلك غريباً، لأن حرباً كبرى بين إيران وإسرائيل ستؤثر بالتأكيد في المصالح الروسية». ووفق تحليل نشرته صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» واسعة الانتشار، فإن زيارة طهران أظهرت بالفعل أن «موسكو تراقب عن كثب كل ما يحدث، وأنها مستعدة لإظهار الدعم لإيران، التي تتطابق مواقفها مع موسكو في عديد من الملفات».

ورأت الصحيفة أنه «لا يسع المرء إلا أن يخمّن الخطوات المحددة في مجال التعاون التي نوقشت في المفاوضات الروسية - الإيرانية. على سبيل المثال، تشير وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى النقل العاجل لأسلحة روسية معينة إلى إيران، بما في ذلك الصواريخ ومعدات الحرب الإلكترونية».

وزادت: «حسب محللين عسكريين، لا توجد خيارات كثيرة فيما يتعلق بمضمون المفاوضات الروسية الإيرانية. فهل يمكن لشويغو أن يتصرف بوصفه صانع سلام، ويقترح ألا تنتقم إيران لمقتل إسماعيل هنية؟ على الأرجح، استُبعد هذا الخيار. علاوة على ذلك، تحدث الرئيس الإيراني في هذا الشأن بحضور شويغو: إسرائيل ستدفع ثمن وقاحتها».

وخلصت إلى أن «موسكو وطهران قادرتان تماماً على تنسيق الأعمال العسكرية والسياسية المشتركة. على الأقل فيما يتعلق بالتوقيت».

أيضاً، كانت زيارة شويغو السريعة إلى أذربيجان، بوصفها محطة ثانية بعد طهران، بمثابة مفاجأة كبيرة لعديد من الخبراء في شؤون الشرق الأوسط.

ويرى خبراء أن اللقاء مع الرئيس الأذري إلهام علييف، كانت له أهمية خاصة بالنسبة إلى موسكو في هذا التوقيت. ووفق مصدر عسكري، «كان بإمكان سكرتير مجلس الأمن الروسي في باكو أن يُحذر أذربيجان من أي أعمال لصالح إسرائيل فيما يتعلق بإيران».

وفي حال صحَّت هذه الفرضية فإن التحذير وفقاً للمصادر الروسية «يأتي في توقيته المناسب تماماً» على خلفية توتر العلاقات بين طهران وباكو، وأيضاً على خلفية أن أذربيجان وإسرائيل تربطهما علاقات عسكرية تقنية وثيقة كانت إلى جانب أسباب أخرى بين أسباب تأجيج ذلك التوتر.


مقالات ذات صلة

أوستن: واشنطن «لن نتسامح» مع أيّ هجوم على قواتها في الشرق الأوسط

الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (ا.ف.ب)

أوستن: واشنطن «لن نتسامح» مع أيّ هجوم على قواتها في الشرق الأوسط

أعلن وزير الدفاع الأميركي، أن واشنطن «لن تتسامح» مع أي هجوم على قواتها في الشرق الأوسط، وذلك بعد إصابة سبعة عسكريين أميركيين بقصف طال قاعدة عين الأسد في العراق.

«الشرق الأوسط» (أنابوليس، ماريلاند (الولايات المتحدة))
شؤون إقليمية وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر صحافي في أكاديمية سلاح البحرية الأميركية في أنابوليس بولاية ميريلاند (ا.ف.ب)

بلينكن يحض إيران وإسرائيل على «عدم تصعيد» النزاع

حضّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم، إيران وإسرائيل على عدم تصعيد النزاع في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (أنابوليس، ماريلاند (الولايات المتحدة))
الولايات المتحدة​ المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير تعقد المؤتمر الصحافي اليومي في البيت الأبيض في واشنطن 12 يونيو 2023 (رويترز)

البيت الأبيض: لا نعتقد أن الرد على إسرائيل من إيران أو «حزب الله» بدأ

قالت متحدثة باسم البيت الأبيض إن الولايات المتحدة لا تعتقد أن رداً انتقامياً من إيران أو جماعة «حزب الله» اللبنانية على إسرائيل قد بدأ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري للرئاسة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يحمل عملاً فنياً وقعه للفنان لوال إيزواجبي يتناول محاولة اغتيال ترمب في تجمع انتخابي بمركز مؤتمرات جامعة ولاية جورجيا في 3 أغسطس 2024، في أتلانتا (أ.ف.ب)

أميركا تتهم باكستانياً على صلة مزعومة بإيران بالضلوع في مؤامرة تستهدف ترمب

وجّهت الولايات المتحدة تهماً لرجل باكستاني يُقال إنه على صلة بإيران فيما يتعلق بمؤامرة اغتيال فاشلة ربما كانت تستهدف الرئيس السابق دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعقيلته في استقبال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وعقيلته على مدخل قصر الإليزيه (أرشيفية - د.ب.أ)

ملك الأردن يحذّر من «خطورة توسع الصراع» في اتصالات بماكرون وميلوني وترودو والسيسي

حذر عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني خلال اتصالات هاتفية برئيس فرنسا، ورئيسة وزراء إيطاليا، ورئيس وزراء كندا من «خطورة توسع دائرة الصراع في الإقليم».

«الشرق الأوسط» (عمان)

الإسرائيليون لا يتقبلون «دولة فلسطينية» إلا بظهور «قائد ملهم»

متظاهر يغلق طريقاً خلال مظاهرة في تل أبيب بإسرائيل تطالب بعودة الرهائن الذين اختُطفوا خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (رويترز)
متظاهر يغلق طريقاً خلال مظاهرة في تل أبيب بإسرائيل تطالب بعودة الرهائن الذين اختُطفوا خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (رويترز)
TT

الإسرائيليون لا يتقبلون «دولة فلسطينية» إلا بظهور «قائد ملهم»

متظاهر يغلق طريقاً خلال مظاهرة في تل أبيب بإسرائيل تطالب بعودة الرهائن الذين اختُطفوا خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (رويترز)
متظاهر يغلق طريقاً خلال مظاهرة في تل أبيب بإسرائيل تطالب بعودة الرهائن الذين اختُطفوا خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (رويترز)

خلص البحث الاستطلاعي المعمق الذي أجراه باحثون في «معهد دراسات الأمن القومي» في تل أبيب، وينشر في الأيام المقبلة، إلى أن الإسرائيليين اليهود لا يطيقون ذكر اسم فلسطين أو دولة فلسطينية، وليسوا مستعدين بالمطلق الحديث عن سلام، حتى لو كان ذلك سلاماً شاملاً مع الدول العربية جمعاء، فالهجوم الذي قامت به «حماس» وما لحق بالمدنيين الإسرائيليين، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تركا فيهم جرحاً عميقاً وحقداً بشعاً، ولم يعودوا يؤمنون بأي فلسطيني.

ولكن المفاجئ في التقرير أنه في حال ظهور قائد جديد قوي وموثوق به وذي كاريزما، يجلب لهم اقتراحاً مقنعاً للسلام، فقد يغيرون هذا التوجه، ويوافقون على إعطائه فرصة صنع السلام.

منظر جوي يُظهر مركبات مشتعلة في جنوب إسرائيل بعد إطلاق صواريخ من قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023 (رويترز)

جاء هذا البحث في وقت نشرت فيه نتائج استطلاعات راي دلت على أن الإسرائيليين لا يثقون بأية مؤسسة في الدولة. وآخرها استطلاع نشرته إذاعة «103FM» في تل أبيب، الثلاثاء، كشف أن الجمهور لا يقتنع بأي مسؤول إسرائيلي. ومع أن الغالبية الساحقة ترى في رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قائداً فاشلاً وفاسداً، ويريدون تغييره، فما زال يحظى بأكثر نسبة ممن يرون فيه أفضل الشخصيات ملاءمة لهذا المنصب. ومنحوه فقط 28 في المائة، بينما حظي منافسوه بنسب منخفضة: 21 في المائة لرئيس الحكومة الأسبق، نفتالي بينيت، 14 في المائة لرئيس كتلة «المعسكر الرسمي» ووزير الدفاع السابق، بيني غانتس، 7 في المائة لرئيس حزب «يسرائيل بيتينو»، أفيغدور ليبرمان، 6 في المائة لرئيس المعارضة، يائير لبيد، و2 في المائة لرئيس حزب «اليمين الرسمي»، جدعون ساعر.

فلسطينيون في خان يونس أعلى مركبة عسكرية إسرائيلية جرى الاستيلاء عليها ضمن عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر الماضي (د.ب.أ)

وقالت الاختصاصية النفسية، عنات سركيس، التي أشرفت على البحث الذي أجري في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن المجتمع اليهودي في إسرائيل لا يزال يعاني من الصدمة النفسية الشديدة التي ضربته في 7 أكتوبر، ويصعب عليه التفكير بمنطق سليم، بل يصعب عليه أن يفكر. وعلى الرغم من مرور 10 شهور، لم يعرف بعد كيف يستوعبها؛ ولذلك يصعب عليه أن يجابهها.

وهناك مشكلة خطيرة أخرى، أنه لا يجد قيادة تمتلك الجرأة على إخباره بالحقيقة، ولذلك فإنه ما زال بعيداً عن الواقع، ويحتاج لمن يسعى لإعادته إلى هذا الواقع. لقد بات يعيش في فوضى في الحكم، إذ إن القيادات تعقد الأمور أكثر، ولا تقدم حلولاً، ولا تبني أملاً، والشعب منقسم.

ملصقات أسرى الإسرائيليين لدى «حماس» على جدار في تل أبيب 18 أكتوبر (أ.ف.ب)

وحاولت الدراسة أن تتعرف على مكانة القضية الفلسطينية أو الدولة الفلسطينية، أو العملية السلمية في وعي الإسرائيليين اليهود في هذه الظروف. وبحسب سركيس، فإن الدراسة تمت بلقاءات وجهاً لوجه مع المستطلعين، مرتين، الأولى في مطلع السنة والثانية في الشهر الأخير. وجاءت النتائج نفسها في الحالتين، باستثناء طفيف. فأولاً بقي الموقف على ما هو في رفض فكرة الدولة الفلسطينية بل حتى رفض سماع الاسم. وقالت إن المستطلعين حتى من اليسار لم يعودوا مستعدين للحديث عنها.

وتابعت أن الخريطة السياسية انحرفت إلى اليمين بشكل حاد، فأتباع «الليكود» اتجهوا نحو حزب إيتمار بن غفير، والوسط انعطف نحو أحزاب اليمين، واليسار اتجه نحو الوسط الليبرالي. وحتى عندما طرحت عليهم فكرة إقامة سلام شامل مع الدول العربية، في إطاره دولة فلسطينية منزوعة السلاح، رفضوها، وقالوا إنهم لا يثقون بأي فلسطيني.

وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يتحدث إلى الطوارئ في 4 أغسطس (رويترز)

لقد تعامل الذين جرت مقابلتهم في الدراسة مع «حماس» وأهل غزة كما لو أنهما أمر واحد. ولم يجدوا فرقاً بين «حماس» وبين السلطة الفلسطينية أو «فتح». ولا فرق بين الضفة الغربية وغزة. وحتى مواطنو إسرائيل من الفلسطينيين، هناك من عدَّهم أعداءً، ورفض أي فكرة للتعايش المشترك.

وعندما قيل لهم: «حسناً. أنتم تعرفون ما الذي لا تريدونه. فماذا تريدون إذن؟». هنا بدأت تنطلق كلمات تتراوح ما بين التلعثم والهذيان.

وأما الأمور الاستثنائية في هذه الدراسة، بحسب سركيس، فقد تجلت أولاً في ظاهرة التراجع عن تأييد بن غفير، حيث وجدوا أنه صبياني وليس جاداً. في الحديث عن المستقبل البعيد، قال البعض إنهم يثقون بأن شيئاً ما سيتغير في إسرائيل يؤثر، لكن بعد أجيال عدة، خصوصاً في صفوف الشباب.

مظاهرة أمام مقر السفارة الأميركية في تل أبيب (موقع قيادة الاحتجاج)

وقالت: «مع أن شبابنا بدوا غير متوهجين في هذه الدراسة، على عكس ما يحدث لدى الأجيال الشابة التي تتسم عادة بالثورية والحماس، فإنهم يؤكدون أن الشعب اليهودي قادر على الانتفاض وتنمية قيادات أفضل في المستقبل. وهنا سألناهم إن كانوا يتخيلون قائداً ملهماً يستطيع إخراج إسرائيل من أزمتها. فأجابوا بالإيجاب.

تتابع سركيس: «سألناهم بمزيد من الضغط، هل عند ظهور القائد المناسب، تقبلون التفكير بالسلام؟ فأجابوا بـ نعم شرط أن يكون القائد موثوقاً به ومقنعاً وصادقاً، ويضع على رأس اهتمامه مصالحنا الوطنية».