واشنطن تؤكد جهوزيتها على الردع وترسل تعزيزات ضخمة إلى المنطقة

خوف إيران من جر أميركا إلى القتال «يُشكل أفضل وسيلة لتحجيم التصعيد»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أ.ب)
TT

واشنطن تؤكد جهوزيتها على الردع وترسل تعزيزات ضخمة إلى المنطقة

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أ.ب)

على الرغم من التوقعات التي تتحدث عن أن الرد الإيراني على إسرائيل سيكون كبيراً، وقد يؤدي إلى تصعيد رقعة الصراع في المنطقة، يعتقد البعض أن هجوم إيران على إسرائيل في 13 أبريل (نيسان) الماضي، قد لا يتكرر بالوتيرة نفسها. كما يرى آخرون أنه قد يمهّد لمزيد من الهجمات الإسرائيلية، ما قد يضعف قدرة إيران على المدى الطويل من مواصلة تهديداتها.

ويقول معهد «واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» إن خوف إيران من جرّ الولايات المتحدة إلى القتال ربما يُشكل أفضل وسيلة لتحجيم التصعيد، خصوصاً في ظل الانكشاف الأمني والاستخباري والعسكري الإيراني، ما قد يفرض على قادتها «إعادة النظر» في خياراتها وسياساتها في المنطقة.

ولم يكشف المسؤولون الأميركيون سوى القليل عن كيفية استعدادهم لاحتمال وقوع هجوم، غير أن البيت الأبيض كان واضحاً في تأكيده على التزامه بأمن إسرائيل «ضد كل التهديدات الآتية من إيران، بما في ذلك الميليشيات التابعة لها، مسمياً إياها بالاسم -(حماس) و(حزب الله) والحوثيين- خلال المكالمة الهاتفية التي جرت يوم الخميس بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وجاء في البيان المقتضب عن مكالمتهما: «ناقش الرئيس الجهود المبذولة لدعم دفاع إسرائيل ضد التهديدات، بما في ذلك ضد الصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار، وكذلك عمليات انتشار عسكرية أميركية دفاعية جديدة».

مبنى وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون (أ.ب)

البنتاغون ينشر قوات ضخمة

ومساء الجمعة، أصدرت نائبة المتحدث باسم البنتاغون، سابرينا سينغ، بياناً قالت فيه إن وزير الدفاع، لويد أوستن، أمر بنشر مدمرات وطرادات إضافية تابعة للبحرية، تتمتع بقدرات صاروخية هجومية ودفاعية، في الوقت الذي يتخذ فيه البنتاغون أيضاً خطوات لتعزيز الدفاع الصاروخي الأرضي.

وأضافت أنه سيتم أيضاً نشر سرب إضافي من الطائرات المقاتلة في الشرق الأوسط، لتعزيز الدعم الجوي الدفاعي. ولم يُحدد البيان السفن والوحدات التي ستشارك، لكنه قال إنها ستضاف إلى «مجموعة واسعة من القدرات التي يحتفظ بها الجيش الأميركي في المنطقة».

وقالت سابرينا سينغ إن أوستن أمر أيضاً بنشر حاملة الطائرات «يو إس إس أبراهام لينكولن» والسفن المرافقة المرتبطة بها، لضمان بقاء حاملة الطائرات في المنطقة. وقال مسؤول أميركي إن حاملة طائرات أخرى، وهي «يو إس إس ثيودور روزفلت»، كانت في خليج عمان يوم الجمعة، برفقة عدة سفن حربية أخرى، بعد أن خرجت أخيراً من الخليج العربي. ويترك هذا التغيير الباب مفتوحاً أمام إمكانية انتقال هذه القوة إلى البحر الأبيض المتوسط، في حال قررت الإبحار غرباً حول اليمن باتجاه البحر الأحمر.

السفينة الأميركية «يو إس إس ماسون» (حساب الأسطول الخامس الأميركي على منصة «إكس»)

تكرار أكتوبر وأبريل

وأضافت سابرينا سينغ: «كما أثبتنا منذ أكتوبر (تشرين الأول) ومرة ​​أخرى في أبريل، فإن الدفاع العالمي للولايات المتحدة ديناميكي، وتحتفظ وزارة الدفاع بالقدرة على الانتشار في غضون مهلة قصيرة لمواجهة تهديدات الأمن القومي الناشئة». وتابعت: «لا تزال الولايات المتحدة تركز باهتمام على تهدئة التوترات في المنطقة، والضغط من أجل وقف إطلاق النار بوصفه جزءاً من صفقة الرهائن وإنهاء الحرب في غزة».

ومن بين القدرات المتاحة لدعم القوة الأميركية، الطائرات المقاتلة على متن الحاملة «روزفلت»، والمدمرات البحرية القريبة، «يو إس إس دانييل إينوي»، و«يو إس إس راسل»، و«يو إس إس كول»، و«يو إس إس لابون»، و«يو إس إس مايكل ميرفي».

وقال المسؤول الأميركي المطلع على عملية إعادة التموضع، إن المدمرة «يو إس إس جون ماكين» موجودة أيضاً في المنطقة، وتبقى في الخليج العربي، في حين تحركت السفن الحربية الأميركية الأخرى.

وتوجد 5 سفن حربية أميركية أخرى في شرق البحر الأبيض المتوسط، ​​تتمتع اثنتان منها بقدرات صاروخية باليستية هجومية ودفاعية، ويمكنها مساعدة إسرائيل إذا طلب منها ذلك، إضافة إلى مجموعة «واسب» البرمائية المكونة من 3 سفن، تضم أكثر من 4 آلاف من مشاة البحرية، بما في ذلك طائرات مقاتلة من مشاة البحرية وكتيبة مشاة وقوات قتالية أخرى من وحدة مشاة البحرية «رقم 24».

وتأتي هذه التحركات بعد أن تعهّد المرشد الإيراني علي خامنئي، والأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، بالانتقام لمقتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، والقيادي الكبير في «حزب الله» فؤاد شكر.

نظام مضاد للصواريخ يعمل بعد أن أطلقت إيران طائرات مسيّرة وصواريخ تجاه إسرائيل كما يظهر من عسقلان في 14 أبريل 2024 (رويترز)

إعادة النظر في «طوق النار»

يقول معهد «واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» إنه بغض النظر عن رغبة إسرائيل في إعادة ترسيخ قوة الردع، من خلال قيامها بهاتين العمليتين، إلّا أنه لا يزال يتعين على القادة في القدس وواشنطن التفكير في الطريقة التي من المرجح أن ترد بها إيران و«حزب الله».

ويضيف أن إسرائيل، ربما سعت إلى التأكيد على أن الولايات المتحدة لن تتمكن من ردعها، لكن في هذه الحالة لم يكن المقصود من هذه العمليات أن تُشكل تحدياً لأقرب حلفائها، بل وسيلة أخرى لإعادة فرض الردع تجاه إيران و«حزب الله». ومع أن مثل هذا النهج الحازم والمثير للدهشة يمكن أن ينجح على المدى الطويل، وقد يجعل إيران و«حزب الله» يفكران بعناية أكبر في مستقبل «طوق النار» الذي فرضاه حول إسرائيل، لكن حتى لو قررا أن يصبحا أكثر حذراً على المدى الطويل، فمن المرجح أن يقوما بالرد على المدى القريب، ما يزيد بشكل كبير من خطر حدوث مزيد من سوء التقدير».

ويقول تقرير المعهد إنه في الأيام المقبلة ستركز إدارة بايدن بطبيعة الحال على منع تصعيد النزاع. وقد يشير التصعيد الحالي في الخطاب الإيراني ضد الولايات المتحدة إلى أن طهران تريد ردع إسرائيل بشكل غير مباشر من الرد بقوة من خلال زيادة خطر التصعيد على نطاق أوسع. ومن هذا المنطلق، وبعد أن أوضحت إسرائيل وجهة نظرها، يجب عليها الآن أن تأخذ المصالح والمخاوف الأميركية في الاعتبار.

وبالنسبة إلى مفاوضات إطلاق الرهائن، ووقف النار في غزة، يعتقد التقرير أن عمليات الاغتيال السابقة التي شهدها هذا العام لقادة آخرين من «حماس» مثل مروان عيسى، ومحمد الضيف، وصالح العاروري، لم تمنع استئنافها.


مقالات ذات صلة

الصين تقول إن واشنطن أعادت إليها 4 محتجَزين «لأسباب سياسية»

آسيا الصين تقول إن واشنطن أعادت إليها 4 محتجَزين «لأسباب سياسية» (أ.ب)

الصين تقول إن واشنطن أعادت إليها 4 محتجَزين «لأسباب سياسية»

أعلنت الحكومة الصينية، اليوم الخميس، أن الولايات المتحدة أعادت أربعة أشخاص إليها، منهم ثلاثة مواطنين صينيين على الأقل قالت إنهم كانوا محتجَزين «لأسباب سياسية».

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم الرئيس التايواني لاي تشينغ تي يلوّح بيده للحشد في اليوم الوطني للاحتفال بالذكرى السنوية الـ113 لميلاد «جمهورية الصين» وهو الاسم الرسمي لتايوان في تايبيه 10 أكتوبر 2024 (رويترز)

مرور الرئيس التايواني في أميركا يثير غضب الصين

يتوقف الرئيس التايواني، لاي تشينغ تي، خلال أول رحلة له إلى الخارج، في هاواي وجزيرة غوام الأميركيتين، ما أثار غضب بكين التي نددت بـ«أعمال انفصالية».

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

رئيسة المكسيك تبحث مع ترمب ملفي الهجرة والأمن

أعلنت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم، أنّها أجرت الأربعاء «محادثة ممتازة» مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بحثا خلالها ملفي الهجرة والأمن

«الشرق الأوسط» (مكسيكو)
رياضة عالمية سواريز بعد تجديد عقده مع نادي إنتر ميامي الأميركي (الشرق الأوسط)

سواريز يمدد عقده مع ميامي لموسم آخر

قال نادي إنتر ميامي المنافس في الدوري الأميركي للمحترفين لكرة القدم، يوم الأربعاء، إن لويس سواريز مهاجم أوروغواي وقَّع على تمديد عقده لعام آخر.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
الولايات المتحدة​ الصين تفرج عن 3 مواطنين أميركيين «محتجزين ظلماً» (أ.ب)

واشنطن تعلن الإفراج عن 3 أميركيين محتجزين في الصين

أفرجت الصين عن ثلاثة مواطنين أميركيين «محتجزين ظلماً» حسبما أعلن مسؤولون أميركيون اليوم الأربعاء، وذلك قبل أسابيع قليلة من تسلم ترمب للسلطة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«ردع العدوان»... لماذا الآن؟ ولماذا تصمت تركيا؟

TT

«ردع العدوان»... لماذا الآن؟ ولماذا تصمت تركيا؟

مقاتلون من «تحرير الشام» على جبهة حلب (إكس)
مقاتلون من «تحرير الشام» على جبهة حلب (إكس)

أثارت عملية «ردع العدوان» التي أطلقتها «هيئة تحرير الشام»، بدعم من فصائل « غرفة عمليات الفتح المبين»، ضد الجيش السوري في حلب، تساؤلات حول توقيتها، وكذلك الموقف التركي تجاهها.

وعلى مدى أكثر من شهر، قبل انعقاد الجولة الـ22 لمسار آستانة للحل السياسي في سوريا في 11 و12 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، كثفت «تحرير الشام» من استعداداتها لعملية عسكرية تستهدف توسيع سيطرتها التي تقتصر على شريط جبلي بالقرب في إدلب من حدود تركيا إلى محافظة حلب.

قوبلت الاستعدادات بالرفض من جانب روسيا، التي عقد عسكريوها لقاءات عدة مع عسكريين أتراك في إدلب؛ بهدف تخفيف التوتر بعد تصاعد الضربات الجوية الروسية، ودخول الجيش السوري على الخط، في محاولة من جانب روسيا لتحقيق سيطرة دمشق على آخر معاقل المعارضة في الشمال السوري.

قصف لـ«تحرير الشام» في حلب (أ.ف.ب)

أبدت تركيا قلقها الشديد تجاه التصعيد في إدلب، والذي يخالف التفاهم التركي - الروسي بشأن مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا، المعروفة باسم منطقة «بوتين - إردوغان».

في المقابل، ترى روسيا أن تركيا لم تفِ بتعهداتها فيما يتعلق بفصل الفصائل «المعتدلة» عن «الجماعات المتشددة» في إدلب، بموجب التفاهمات بين الجانبين.

موقف تركيا

وكشفت تقارير عن ضغوط تعرضت لها «تحرير الشام» من جانب تركيا، وتهديدات بإغلاق المعابر الحدودية مع إدلب، بما يقطع خطوط الإمداد على «تحرير الشام».

وبدا أن هناك تراجعاً من جانب «تحرير الشام» عن العملية العسكرية الموسعة، إلى أن أطلقتها بشكل مفاجئ، فجر الأربعاء، في توقيت أثار الكثير من علامات الاستفهام.

فقد جاءت العملية وسط انتقادات صريحة من جانب أنقرة لكل من روسيا وإيران بشأن عملية تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، حيث قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، منذ أيام، إن روسيا تقف على الحياد الآن في ملف التطبيع، بينما أعلنت موسكو صراحة للمرة الأولى أن تركيا تتصرف «كدولة احتلال في سوريا، وأن رفضها سحب قواتها هو ما يعرقل مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق».

جانب من تدريبات قوات «تحرير الشام» قبل عملية «ردع العدوان» (إكس)

وبعد ذلك، قال فيدان إن التطبيع بين بلاده وسوريا ليس من أولويات إيران، ولمح إلى العودة إلى مبادرة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لجمع الجانبين التركي والسوري في بغداد.

وتعارض «تحرير الشام» تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، وتؤكد أن الحكومة السورية لن يكون بمقدورها أن تضيف شيئاً إلى تركيا فيما يتعلق بأمن الحدود أو عودة اللاجئين.

ويرى مراقبون أن التوصل إلى تفاهم بين أنقرة ودمشق، سيلقي بظلاله على «هيئة تحرير الشام»، وأن الحراك في هذا الاتجاه قد يدفعها إلى البحث عن حلول تضمن بقاءها ضمن أي تغييرات في الملف السوري.

أهداف «تحرير الشام»

ويعتقد هؤلاء أنه من المحتمل أن «تحرير الشام» تسعى لامتلاك أوراق قوة من خلال إطلاق معارك قد تعيد رسم خريطة السيطرة في الشمال السوري، بما يسهم في فرض تفاهمات جديدة مع دمشق، تتيح للسوريين في تركيا العودة إلى مناطقهم في حلب وجنوب إدلب وشمال حماة (مناطق خفض التصعيد).

قصف روسي على مواقع في إدلب في أكتوبر الماضي (المرصد السوري)

وبعد إطلاق عمليتها «ردع العدوان»، لم يصدر عن تركيا موقف رسمي، ولم تتحرك باتجاه الضغط على «تحرير الشام»، وكان رد الفعل الوحيد هو ما ذكره مصدر مسؤول بوزارة الدفاع التركية، الخميس، من أن تركيا تتابع عن كثب التحركات الأخيرة لفصائل المعارضة في شمال سوريا، واتخذت كل الاحتياطات لضمان أمن القوات التركية هناك.

ومع بدء التحرك من جانب «تحرير الشام»، دفعت تركيا بتعزيزات ضخمة إلى مواقع قواتها بمنطقة «درع الفرات» في حلب، فضلاً عن نقاطها العسكرية في إدلب.

موقف إيراني

على الجانب الآخر، عدّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن التحركات الأخيرة لـ«تحرير الشام» والفصائل الداعمة لها هو «مخطط أميركي - إسرائيلي»، يهدف لإرباك الأمن والاستقرار في المنطقة، عقب إخفاقات وهزائم إسرائيل أمام المقاومة.

وشدد عراقجي، خلال اتصال هاتفي مع نظيره اللبناني عبد الله بوحبيب، الخميس، بخصوص آخر مستجدات الوضع في لبنان، بعد وقف إطلاق النار، على ضرورة التصدي لظاهرة الإرهاب المقيتة.

قوات من «تحرير الشام» تدخل قرى في ريف حلب الغربي (أ.ف.ب)

وقد تكون العمليات العسكرية لـ«تحرير الشام» محاولةً لإعادة تموضع جغرافي في مساحة واسعة في أرياف حلب وحماة، مستغلة الضغط الإسرائيلي على الميليشيات الإيرانية الداعمة للجيش السوري، في ظل استمرار رفض الكثيرين لنهجها، وخروج المظاهرات التي تطالب بإسقاط زعيمها أبو محمد الجولاني، والإفراج عن المعتقلين.