«الاتفاق النووي ورفع العقوبات»... اختبار بزشكيان في السياسة الخارجية

ظريف هو الخيار الأول لتولّي حقيبة الدبلوماسية

بزشيكان وظريف خلال تجمّع انتخابي في طهران الأسبوع الماضي (جماران)
بزشيكان وظريف خلال تجمّع انتخابي في طهران الأسبوع الماضي (جماران)
TT

«الاتفاق النووي ورفع العقوبات»... اختبار بزشكيان في السياسة الخارجية

بزشيكان وظريف خلال تجمّع انتخابي في طهران الأسبوع الماضي (جماران)
بزشيكان وظريف خلال تجمّع انتخابي في طهران الأسبوع الماضي (جماران)

يترقّب الإيرانيون تشكيلة حكومة الرئيس الإصلاحي المنتخب مسعود بزشكيان، وسط وعود كبيرة أطلقها خلال حملته الرئاسية، على رأسها مراجعة قانون البرلمان، المتعلّق بخفض التزامات الاتفاق النووي، الأمر الذي عرقل إدارة جو بايدن في العودة إلى اتفاق، بحسب وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف.

ويُعدّ ظريف، الذي تحالف مع بزشكيان في بداية حملة الانتخابات الرئاسية، على رأس مرشّحيه لتولّي حقيبة الخارجية، بعد استشارة المرشد علي خامنئي.

وقال خامنئي للمرشحين قبل الجولة الأولى، إن «أي شخص مرتبط بأميركا لن يكون مرافقاً جيداً لكم»، في إشارة ضمنية لاختيار ظريف الذي يواجه تُهَماً من المحافظين بـ«خيانة إيران» من أجل التوصل إلى الاتفاق.

ومن المقرّر أن يؤدي بزشكيان اليمين الدستورية أمام البرلمان، في وقت لاحق من هذا الشهر، بعد حضوره مراسم تسليم مرسوم الرئاسة، في مكتب المرشد الإيراني، وسيكون أمامه فترة تصل إلى أسبوعين لتقديم تشكيلته الوزارية إلى البرلمان.

وقال المتحدث باسم هيئة رئاسة البرلمان، علي رضا سليمي، إن بزشكيان سيؤدي القسَم في الأسبوع الذي يلي يوم 21 يوليو (تموز) الجاري، حسبما أوردت وكالة «إيسنا».

وتعهّد بزشكيان بتشكيل حكومة وحدة وطنية، تجمع أصحاب الكفاءات، من جميع التوجّهات المعترَف بها لدى السلطة في الداخل الإيراني.

وإلى جانب ظريف، يتوقع أن يُحيل بزشكيان الملف الاقتصادي إلى علي طيب نيا، الوزير الأسبق في حكومة حسن روحاني، وهو اقتصادي بارز، عمل مستشاراً في فريق الرئيسَين الأسبقين علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وخلَفه محمد خاتمي، في تسعينات القرن الماضي.

ومن شأن وزارة الاتصالات أن تذهب إلى محمد جواد آذري جهرمي، وزير الاتصالات الأسبق في حكومة روحاني، الذي أثارت مواقفه جدلاً، بسبب دوره في تقليص نطاق الإنترنت بعد الاحتجاجات التي شهدتها إيران في 2019، جرّاء ارتفاع مفاجئ في أسعار البنزين.

وتواجه حكومة بزشكيان تحديات اقتصادية كبيرة جرّاء العقوبات الأميركية، وألقت هذه الأزمة بظلالها على الانتخابات، مع إقرار المرشحين للانتخابات الرئاسية بحجم الأزمة المعيشية التي تعيشها البلاد، في ظل تضخّم يتراوح بين 45 و50 في المائة.

ويتوقع أن يأتي ملف العقوبات، وإحياء الاتفاق النووي، وتحسين العلاقات مع الغرب، خصوصاً مع الدول الأوروبية، على رأس أولويات فريق السياسة الخارجية في حكومة بزشكيان.

بزشكيان وظريف يرفعان شارة النصر على هامش التصويت في مركز اقتراع في غرب طهران (إ.ب.أ)

وخلال الحملة الانتخابية، ألقى ظريف باللوم على «قانون الخطوة الاستراتيجية لإلغاء العقوبات الأميركية»، الذي أقرّه البرلمان بداية ديسمبر (كانون الأول) 2020، في عرقلة الرئيس الأميركي جو بايدن في العودة إلى الانتخابات. وقال بزشكيان بدوره، إنه ينوي التحدث إلى البرلمان لمراجعة القانون وتعديله.

وتعهّد بزشكيان بتبنّي سياسة خارجية عملية، وتخفيف التوتر المرتبط بالمفاوضات المتوقفة الآن مع القوى الكبرى، لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، وتحسين آفاق الحريات الاجتماعية، والتعددية السياسية.

وتربط بزشكيان علاقات قوية بنواب البرلمان، حيث أمضى الـ20 عاماً الأخيرة من حياته السياسية هناك، وتربطه علاقات وثيقة مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، لكن الأخير يدافع بشراسة عن تمرير «قانون الخطوة الاستراتيجية».

وحذّر قاليباف، في المناظرات التلفزيونية الرئاسية، من أن الرئيس المقبل قد «يضطر إما إلى بيع إيران لترمب، أو إشعال توتر خطير في البلاد»، إذا لم تحلّ المشاكل الاقتصادية. ولكن قاليباف أبدى استعداده للتفاوض مع أميركا، رغم أنه وجّه انتقادات للاتفاق النووي.

وجاء تمرير القانون الملزم للحكومة بعد ثلاثة أيام من مقتل المسؤول النووي السابق، محسن فخري زاده، في تفجير معقّد نُسب إلى إسرائيل.

ورفعت إيران تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20 في المائة، بعد شهر من اعتماد القانون، بالتزامن مع بدء المهام الرئاسية لجو بايدن، وفي أبريل (نيسان) من نفس العام، رفعت طهران تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المائة، وعادت طهران إلى أنشطتها النووية الواسعة في منشأة فوردو، الواقعة تحت الجبال بالقرب مدينة قم.

كما قلّصت طهران تدريجياً مستوى تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد تخلّيها عن البروتوكول الإضافي، الذي وافقت عليه طوعاً خلال توقيع الاتفاق النووي، ويتيح للمفتشين الدوليين التحقّق من الأنشطة الإيرانية الحساسة.

وفي 2018، انسحب الرئيس الأميركي، حينئذ، دونالد ترمب من الاتفاق، وأعاد فرض عقوبات على إيران، ووصف الاتفاق بأنه «اتفاق مروّع من طرف واحد، لم يكن ينبغي إبرامه قط».

وكان المرشد الإيراني علي خامنئي قد أعرب عن تأييده للقانون في عدة مناسبات، أبرزها خلال لقائه السنوي مع المشرّعين في مايو (أيار) العام الماضي، قائلاً إن «بعض القوانين التي أقرّها البرلمان الحالي، هي قوانين استراتيجية للبلاد، وتستحق الإشادة والثناء»، مشدّداً على أن «قانون الخطوة الاستراتيجية أنقذ البلاد من التيه في القضية النووية». وأضاف: «لقد حدّد القانون بشكل كامل ما ينبغي علينا القيام به، والآن تشاهدون مؤشراته في العالم».

وتعثّرت المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي عدة مرات، منذ مارس (آذار) 2022، وأجرَت واشنطن مفاوضات بوساطة بعض الدول، مع حكومة إبراهيم رئيسي، بهدف خفض التصعيد النووي، وكانت آخر جولة جرت في مسقط، في 18 مايو الماضي.

وبحسب مصادر موقع «أكسيوس»، فإن المفاوضات شارك فيها بريت ماكغورك، مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، وأبرام بالي، المبعوث الأميركي الخاص بإيران.

وبعد عشرة أيام على تلك الجولة، كشفت عن تكليف علي شمخاني، مستشار المرشد الإيراني، بالإشراف على المحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران، منذ مارس الماضي، بهدف إحياء الاتفاق النووي.

وأشرف شمخاني على المحادثات النووية، التي أجرتها وزارة الخارجية في زمن الرئيس الأسبق حسن روحاني، خلال تولّيه منصب أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي مدة 10 سنوات. وقالت مواقع إيرانية إن عودة شمخاني «مؤشر على اهتمام كبير بحل الملف النووي».

ومن شأن العودة المحتملة لفريق ظريف إلى وزارة الخارجية، أن يسلط الأضواء أكثر على المفاوضات، وعلاقات إيران الشائكة مع الغرب.

وقال بزشكيان، خلال مناظرة تلفزيونية مع منافسه المحافظ سعيد جليلي: «إذا أردنا النمو فيجب أن نوسّع علاقاتنا، يجب أن نبدأ بالجيران أولاً، ثم نتقدم إلى الأمام كلما استطعنا»، مطالباً بفتح الحدود للتجارة.

وأوضح بزشكيان أن السياسة الخارجية ستكون قائمة على «التعامل مع العالم»، بما في ذلك «المفاوضات لرفع العقوبات».

وقال بزشكيان في إحدى خطاباته: «بكل تأكيد، كان ترمب نعمة لإيران، نهجه في فرض العقوبات جعلنا ننتبه إلى الإنتاج المحلي، وندرك أهميته، لدينا النفط والغاز، وكنا نغطي على جميع ما نهمله من خلال بيعهما، هذه العقوبات أيقظتنا».

وعلى خلاف بزشكيان، حذّر ظريف من عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. وقال: «إن ارتفاع مبيعات النفط الخام لم يكن من عمل أصدقائنا، ولكن عندما جاء بايدن إلى السلطة كانت لديهم سياسة لتخفيف حدة العقوبات، دع ترمب يأتي ويكتشف ما سيفعله أصدقاؤنا».

«جرعة للأوروبيين»

ورأت وكالة الصحافة الفرنسية أن فوز بزشكيان يمنح الدول الغربية جرعة أمل بالتقدّم على صعيد الملف النووي الحسّاس، إلا أن الرئيس الإصلاحي المُنتخب ليس المقرر الوحيد بشأن هذه القضية التي تثير انقساماً في طهران أيضاً.

وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران هي الدولة الوحيدة غير المالكة سلاحاً نووياً التي قامت بتخصيب اليورانيوم حتى نسبة 60 في المائة، بينما تواصل مراكمة مخزونات هذا المعدن المشع.

ومع تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، صارت إيران أقرب إلى مستوى 90 في المائة اللازم لصنع القنبلة الذرية، وتجاوزت بكثير نسبة 3.67 في المائة المستخدمة في محطات توليد الكهرباء بالطاقة النووية.

وأشار دينيس بوشارد، المدير السابق لشؤون شمال أفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية، إلى «تحوّل اللغة» في إيران «نحو عقيدة نووية جديدة ذات طابع عسكري».

وقال الباحث في المركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية برنارد أوركيد، في هذا الصدد: «كان المرشد يقول دائماً إنه لا يريد القنبلة الذرية»، معتبراً أنها «تتعارض مع الإسلام».

ورأى المتخصّص في الشأن الإيراني في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إيريس) تييري كوفيل أن مشروع بزشكيان «كان مختلفاً تماماً عن مشروع المحافظ المتشدد سعيد جليلي»، الذي نفى تأثير العقوبات الدولية على الاقتصاد الإيراني.


مقالات ذات صلة

تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

شؤون إقليمية صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)

تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

كشف تقرير صحافي كوري جنوبي عن رصد معاملات مالية رقمية بين إيران وكوريا الشمالية، في مؤشر على تعاون غير معلن بين دولتين تخضعان لعقوبات دولية مشددة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز بـ«الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

إيران تتطلع إلى رئيس حكومة عراقي «يراعي» مصالح البلدين

يقول السفير الإيراني في بغداد إن الفصائل العراقية وصلت إلى مرحلة اتخاذ القرارات بنفسها، في سياق حديث عن عزمها «حصر السلاح بيد الدولة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)

إيران تعلن احتجاز ناقلة أجنبية تحمل وقوداً مهرباً في الخليج

ذكرت ​وسائل إعلام رسمية اليوم الجمعة أن إيران احتجزت ناقلة نفط أجنبية قرب جزيرة قشم الإيرانية في الخليج

«الشرق الأوسط» (لندن )
شؤون إقليمية صاروخ باليستي إيراني يُعرض في شارع وسط طهران بجوار لافتة تحمل صورة المسؤول السابق للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني ومسؤول البرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زادة الذي قُتل بضربة إسرائيلية في يونيو الماضي (رويترز) play-circle

نتنياهو سيعرض معلومات استخباراتية على ترمب

قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الهجوم على إيران «لا مفر منه» إذا لم يتوصل الأميركيون إلى اتفاق يقيد برنامج طهران للصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (لندن-تل أبيب)

قيادات كردية تطالب تركيا بمراجعة سياستها تجاه سوريا

عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
TT

قيادات كردية تطالب تركيا بمراجعة سياستها تجاه سوريا

عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)

انتقدت قيادات كردية سياسة تركيا تجاه سوريا والتلويح المتكرر بالتدخل العسكري ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مؤكدة أن أكراد سوريا لا يسعون إلى تقسيم البلاد.

جاء ذلك في الوقت الذي تجدد فيه التصعيد بين «قسد»، التي تقودها «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تعد ذراع حزب «العمال الكردستاني» في سوريا، عبر اشتباكات في حيي الشيخ مقصود والأشرفية التي تشهد توتراً في الأسابيع الأخيرة، وسط غياب بوادر على تنفيذ «قسد» الاتفاق الموقع مع دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي بشأن اندماجها في الجيش ومؤسسات الدولة السورية.

وقال القيادي البارز في «العمال الكردستاني» عضو المجلس التنفيذي لاتحاد مجتمعات كردستان، مصطفى كاراصو، إن «مقاربات الدولة التركية بشأن سوريا غير صحيحة، فتركيا تعارض الحرب في غزة والهجمات الإسرائيلية على لبنان وسوريا، بمعنى أنها تعارض الحرب وتريد السلام، لكنها في الوقت ذاته تقول إنها ستتدخل في سوريا إذا لم تنفذ «قسد» اتفاق الاندماج... كيف يعقل هذا المنطق؟».

اتهامات وتحذيرات

وأضاف كاراصو، في تصريحات لوسائل إعلام كردية نقلتها صحف تركية، السبت، أن تركيا تقول إنها تريد السلام في كل المناطق، لكنها تريد الحرب ضد الأكراد، مؤكداً أن «بإمكان الأكراد وحكومة دمشق مناقشة وحل مشاكلهم بأنفسهم؛ لأن هذه مشكلة داخلية والأكراد لا يقولون دعونا نقسم سوريا، لا يوجد مثل هذا النهج».

القيادي في حزب «العمال الكردستاني» مصطفى كاراصو (إعلام تركي)

وشدد على أن تركيا بحاجة إلى تغيير سياستها تجاه سوريا القائمة على محاولة فرض خطواتها من خلال الضغط والتهديد، مضيفاً: «الأمر في أيدي قوى متعددة، نعم، هناك قوى مختلفة متورطة، الأمر لا يقتصر على تركيا وحدها؛ فقوى أخرى تُثير الفتن في سوريا، أفضل ما يُمكن فعله هو ضمان الاستقرار في سوريا، لكن الاستقرار لا يتحقق بإثارة الصراع وزرع الفتنة بين دمشق وإدارة شمال وشرق سوريا».

وحذّر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مؤخراً، من نفاد صبر تركيا والأطراف الأخرى المعنية باتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري، مؤكداً أنه لا يوجد أي مؤشر على أنها تتخذ خطوات لتنفيذ الاتفاق.

الشرع خلال لقائه مع الوفد التركي في دمشق في 22 ديسمبر (الدفاع التركية - إكس)

كما اتهمت أنقرة ودمشق، خلال مؤتمر صحافي مشترك لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره التركي هاكان فيدان في دمشق، الاثنين الماضي، «قسد» بالمماطلة في تنفيذ الاتفاق الموقع بين قائدها مظلوم عبدي والرئيس أحمد الشرع، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

وبينما كان وفد تركي يضم فيدان ووزير الدفاع، يشار غولر، ورئيس المخابرات، إبراهيم كالين، يجري محادثات في دمشق شملت لقاء مع الشرع، أقدمت «قسد» على خرق اتفاق وقف إطلاق النار واستهدفت نقاطاً قرب دوارَي الشيحان والليرمون شمال حلب، فيما اعتبر رسالة موجهة إلى دمشق وأنقرة.

تصعيد في حلب

وتجددت الاشتباكات، ليل الجمعة - السبت، بين «قسد» وفصائل تابعة للقوات الحكومية السورية في شمال حلب.

مسلحون من «قسد» عند أحد الحواجز في حي الشيخ مقصود في حلب (إكس)

وقالت قوى الأمن الداخلي (الآشايس) التابعة لـ«قسد» إن الفصائل التابعة للحكومة بدأت هجوماً عنيفاً باستخدام الرشاشات الثقيلة والمدفعية على حيي الشيخ مقصود والأشرفية، بعدما استهدفت حاجزاً لها في محيط دوار الشيحان بحي الشيخ مقصود بقذيفتي «آر بي جي»، وإنها قامت بالرد على الهجوم.

ويشكل هذا التصعيد خطراً على مسار المفاوضات بين «قسد» ودمشق بشأن تنفيذ اتفاق 10 مارس.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية لوكالة الأنباء الرسمية (سانا)، الجمعة، إن التصريحات الصادرة عن قيادة «قسد» بشأن الاندماج ووحدة سوريا لم تترجم إلى خطوات عملية أو جداول زمنية واضحة، ما يثير تساؤلات حول جدية الالتزام بالاتفاق.

الشرع وعبدي خلال توقيع اتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

وأكد المصدر أن استمرار وجود تشكيلات مسلحة خارج إطار الجيش السوري، بقيادات مستقلة وارتباطات خارجية، يمس السيادة الوطنية ويعرقل الاستقرار، وينسحب الأمر ذاته على السيطرة الأحادية على المعابر والحدود واستخدامها كورقة تفاوض.

وكان وزير الدفاع التركي يشار غولر، طالب، في تصريحات الأسبوع الماضي، «قسد» بإعلان خريطة طريق واضحة بشأن تنفيذ الاتفاق، لافتاً إلى أن تركيا جاهزة لجميع الاحتمالات.

تدخلات تركية

وصرّح عضو الهيئة الرئاسية في حزب «الاتحاد الديمقراطي» (الكردي) في سوريا، صالح مسلم، بأن الفصائل التابعة للحكومة التي تحاصر حيي الشيخ مقصود والأشرفية تتلقى الأوامر بشكل مباشر من تركيا وليس من دمشق.

صالح مسلم (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري)

وزعم مسلم أن تركيا تهدف من وراء هذا التصعيد إلى إشعال الساحة السورية وإفشال اتفاق اندماج «قسد»، وأن السياسة التركية تسعى لكسر «الإرادة الكردية والديمقراطية في سوريا».

ولفت إلى أن اتفاق الأول من أبريل (نيسان) الماضي، بين المجلس العام لحيي الشيخ مقصود والأشرفية مع الحكومة السورية استهدف ترسيخ العيش المشترك وتعزيز السلم الأهلي في مدينة حلب، وأكد خصوصية الحيين، وأن تتولى قوى الأمن الداخلي (الآشايس) مع وزارة الداخلية في الحكومة السورية مسؤولية حماية الحيين، إلا أن المسلحين «المنفلتين» يعرضون هذه الاتفاقية للخطر.


تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
TT

تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)

كشف تقرير صحافي كوري جنوبي عن رصد معاملات مالية رقمية بين إيران وكوريا الشمالية، في مؤشر على تعاون غير معلن بين دولتين تخضعان لعقوبات دولية مشددة، واستخدامهما المتزايد لأدوات مالية غير تقليدية للالتفاف على القيود المفروضة على أنظمتهما المصرفية.

وذكرت صحيفة «تشوسون إلبو» الكورية الجنوبية، في تقرير نشر يوم 26 ديسمبر (كانون الأول) 2025، أن مصادر متخصصة في تتبّع حركة العملات الرقمية عبر تقنية «البلوكتشين» كشفت عن شبكة معّدة لغسل الأموال، يديرها عنصر كوري شمالي، جرى من خلالها تحويل أموال رقمية إلى جهات مرتبطة بـ«الحرس الثوري» الإيراني.

محفظة عملات

وحسب التقرير، أظهرت تحقيقات أجرتها شركة «تي آر إم لابز» المتخصصة في تحليل الجرائم المالية المرتبطة بالعملات الرقمية، أنه خلال العام الحالي تم تحويل مبالغ بالدولار من محفظة عملات رقمية تعود إلى شخص يُدعى سيم هيون - سوب، وهو كوري شمالي متهم بغسل الأموال، إلى محفظة رقمية يعتقد أنها على صلة بـ«الحرس الثوري» الإيراني.

وتُشير الصحيفة إلى أن هذه المعطيات تعزز الشكوك حول لجوء طهران إلى العملات الرقمية بوصفها وسيلة للالتفاف على العقوبات الأميركية، سواء لتحويل الأموال إلى الدولار الأميركي، أو لتسوية مدفوعات مرتبطة بتجارة النفط، في ظل القيود المفروضة على القطاع المصرفي الإيراني.

وأكَّدت «تشوسون» أن إيران وكوريا الشمالية -وكلتاهما خاضعة لعقوبات أميركية صارمة بسبب برنامجيهما النووي والصاروخي- اتجهتا خلال السنوات الأخيرة بشكل متزايد إلى استخدام أدوات مالية غير شفافة، وفي مقدمتها العملات الرقمية، لتأمين مصادر تمويل بديلة.

ويرى محللون، وفق الصحيفة، أن اكتشاف هذه التحويلات الرقمية يُمثل دليلاً إضافياً على تداخل الشبكات المالية للبلدين في محاولات التحايل على نظام العقوبات الدولي.

غاسل أموال مطلوب دولياً

ويلعب سيم هيون - سوب، المطلوب من قبل «مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي» (FBI) بتهم غسل الأموال والالتفاف على العقوبات، دوراً محورياً في هذه الشبكة. وذكرت الصحيفة أن السلطات الأميركية رفعت مكافأة القبض عليه، في صيف العام الماضي، من 5 ملايين إلى 7 ملايين دولار.

وسيم هيون، المولود عام 1983 في بيونغ يانغ، تعاون لسنوات مع بنك «التجارة الخارجية» الكوري الشمالي، وهو بنك مدرج على قوائم العقوبات الأميركية. وتشير التحقيقات إلى أنه كان حلقة وصل رئيسية بين النظام الكوري الشمالي وشبكات مالية غير رسمية في الخارج.

ووفق «تشوسون»، نشط سيم بشكل أساسي في الكويت والإمارات، مستخدماً أسماء مستعارة مثل «سيم علي» و«سيم حاجيم»؛ حيث قدّم نفسه ممثلاً لبنك «كوانغسون»، وضمت شبكته عدداً من عمال تكنولوجيا المعلومات الكوريين الشماليين، الذين كانوا يحوّلون العملات الرقمية المتحصل عليها من عمليات اختراق إلكتروني أو من أجور عملهم، بعد تمويه مصدرها، إلى محافظ رقمية يسيطر عليها سيم.

لوحة إعلانية تحمل صوراً لقادة في «الحرس الثوري» قتلوا خلال القصف الإسرائيلي معلقة على جسر على طريق سريع في طهران 14 يونيو الماضي (إ.ب.أ)

مسارات غسل الأموال

وتوضح الصحيفة أن الأموال كانت تحول لاحقاً عبر وسطاء في دولة عربية أو الصين إلى الدولار الأميركي، وبعد المرور بسلسلة معقّدة من عمليات غسل الأموال، كانت تودع في حسابات شركات وهمية أُنشئت في هونغ كونغ.

كما أشارت إلى أن عائدات العمال الكوريين الشماليين العاملين في روسيا والصين ودول أفريقية كانت تدخل هي الأخرى إلى شبكة سيم عبر المسار ذاته.

وأضاف التقرير أن جزءاً من هذه الأموال لم يكن يُحوَّل مباشرة إلى كوريا الشمالية، بل كان يُستخدم لشراء سلع ومعدات، وحتى أسلحة، يحتاج إليها نظام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. ومن بين الأمثلة التي أوردتها الصحيفة، استخدام شركة في زيمبابوي لشراء مروحية من روسيا بقيمة 300 ألف دولار، وتسليمها لاحقاً إلى كوريا الشمالية.

كما كشف التقرير عن إنفاق نحو 800 ألف دولار لتأمين مواد أولية تُستخدم في إنتاج السجائر المقلدة، التي تُعد أحد مصادر الدخل الرئيسية للنظام الكوري الشمالي في السوق السوداء.

ثغرات في النظام المالي

في جزء آخر من التقرير، أشارت «تشوسون» إلى أن عدداً من البنوك الأميركية الكبرى، من بينها «سيتي بنك» و«جي بي مورغان» و«ويلز فارجو»، فشلت في رصد أنشطة غسل الأموال التي قام بها سيم وشبكته، حيث تم تمرير ما لا يقل عن 310 معاملات مالية عبر النظام المالي الأميركي، بقيمة إجمالية بلغت نحو 74 مليون دولار.

واستناداً إلى بيانات صادرة عن «مجموعة العمل المالي» (FATF) وشركة «تشيناليسيس» المتخصصة في تحليل العملات الرقمية، أفاد التقرير بأن عشرات ما يُعرفون بـ«مصرفيي الظل» الكوريين الشماليين ينشطون خارج البلاد، وقد تمكنوا على مدى سنوات من غسل أكثر من 6 مليارات دولار من العملات الرقمية المسروقة لصالح نظام بيونغ يانغ.

وأشارت الصحيفة إلى أنه، رغم صدور مذكرة توقيف بحق سيم هيون - سوب من محكمة فيدرالية أميركية في مارس (آذار) 2023، فإن اعتقاله لا يزال بالغ الصعوبة، بل يكاد يكون مستحيلاً، نظراً لتعقيدات ملاحقته عبر الحدود.


صحيفة: إيران جندت عشرات العملاء داخل إسرائيل

صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)
صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)
TT

صحيفة: إيران جندت عشرات العملاء داخل إسرائيل

صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)
صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)

قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية إنه في غضون عام واحد أو أكثر قليلاً ألقت إسرائيل القبض على العشرات من مواطنيها الذين جندتهم إيران بهدف التجسس لصالحها، بهدف تصوير أماكن حساسة، منها معلومات عن قواعد للجيش وغيرها، ومنها منازل وزراء وأعضاء كنيست وشخصيات سياسية بارزة سابقة وحالية.

وحسب الصحيفة، فإنه منذ سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، قدمت لوائح اتهام ضد 35 شخصاً جندتهم إيران لصالح أجهزتها الاستخباراتية، بعضهم كان يعمل بشكل منفرد، فيما عمل آخرون بشكل جماعي ومنظم، وكانت من المهام الموكلة للعديد منهم حرق مركبات، وإثارة الفوضى، وحتى ارتكاب عمليات اغتيال، وغيرها.

وبينت الصحيفة أن أصغر من جندتهم إيران كان يبلغ من العمر 13 عاماً، فيما تم تجنيد جنود يخدمون في القوات النظامية، وآخرين في الاحتياط، وسربوا معلومات ووثائق حساسة عن قواعد عسكرية وغيرها، وبعضهم أرسل معلومات عن أهداف استراتيجية.

وكان من بين أولئك موتي ميمان (72 عاماً) من بلدة عسقلان، الذي سافر إلى إيران مرتين، والتقى ضباط مخابرات إيرانيين، وتلقى تعليمات منهم، كما طلب منه البحث في إمكانية اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو وزير الدفاع آنذاك يؤاف غالانت، أو رئيس جهاز الشاباك السابق رونين بار، وحينما أوضح لهم صعوبة ذلك بسبب الإجراءات الأمنية اقترحوا عليه اغتيال رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، أو شخصيات بلدية وغيرها لإحداث الفوضى، وذلك قبل أن يكشف أمره ويعتقل في سبتمبر (أيلول) 2024.

إيراني يمر بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة وسط طهران (إ.ب.أ)

وخلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2024، تم اعتقال 4 خلايا أخرى، بعضها ثنائية وأخرى يكون عدد أفرادها أكثر من 5 ويصل في بعض الأحيان إلى 8، ومن بينهم عائلة يهودية كانت قادمة من أذربيجان، وبعضهم كان مكلفاً باغتيال علماء يعملون في الملف النووي الإسرائيلي، إلى جانب رؤساء بلديات وغيرهم، وتصوير قواعد عسكرية، ثم تلى ذلك اعتقال إما خلايا أخرى أو أشخاص عملوا بشكل منفرد وكان غالبيتهم من العرب في إسرائيل.

وفي مطلع العام الحالي، اعتقل إسرائيلي من بتاح تكفا، قرب تل أبيب، بعد أن صور منزل الوزير السابق بيني غانتس، ومحطة كهرباء تل أبيب، وقواعد عسكرية منها أماكن بطاريات القبة الحديدية الاعتراضية.

وخلال العام الحالي، تم توجيه أكثر من 9 لوائح اتهام لخلايا وعناصر اتهموا بالتجسس لصالح إيران، وكان غالبيتهم من اليهود، حيث تكشف التحقيقات أن غالبية هؤلاء تم تجنيدهم مقابل حصولهم على أموال طائلة.

ولم يسافر غالبية المجندين إلى إيران لإكمال عملية تجنيدهم، إلا أن التواصل معهم تم عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو في بلدان أخرى.