خامنئي: ليس لدينا «وكلاء» في المنطقة

قال إن «الجمهورية الإسلامية» لا تحتاج إلى قوات نيابية لأي إجراء

صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من لقاء مع أنصاره اليوم
صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من لقاء مع أنصاره اليوم
TT

خامنئي: ليس لدينا «وكلاء» في المنطقة

صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من لقاء مع أنصاره اليوم
صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من لقاء مع أنصاره اليوم

قال المرشد الإيراني علي خامنئي إن بلاده ليس لديها «وكلاء» في المنطقة، مشدداً على أنها «ستتخذ أي إجراء بنفسها دون الحاجة إلى قوات تعمل بالنيابة».

وصرح خامنئي أمام مجموعة من المنشدين الدينيين قائلاً: «يتحدثون باستمرار عن أن الجمهورية الإسلامية فقدت قواتها الوكيلة في المنطقة، هذا ادعاء خاطئ آخر»، حسبما أورد موقعه الرسمي.

وهاجم خامنئي الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل على خلفية التطورات في سوريا، وأشار ضمناً إلى الانتقادات الداخلية لدور إيران الإقليمي. وقال في هذا الصدد: «الأميركيون والصهاينة بدأوا بالتبجح والتفوّه بكلام فارغ بعد أحداث سوريا... عنصر أميركي يقول بشكل مبطّن: أي شخص يثير الفوضى في إيران سنقدم له المساعدة. الحمقى ظنوا أنهم يشمون رائحة الكباب. أي شخص في الداخل يقبل بأن يكون عميلاً للأميركيين، فإن الشعب الإيراني سيدوسه تحت أقدامه».

وخاطب الإسرائيليين قائلاً: «أنتم لستم منتصرين، بل مهزومون»، متوقعاً أن تظهر «قوة شريفة في سوريا»، وصرح بأن «هذا التقدم دون مقاومة ليس نصراً. وبلا شك، سيقوم الشباب الشجعان والغيارى في سوريا بطردكم من هناك». وأضاف: «والجمهورية الإسلامية أيضاً تقاوم (...) سنزيل هذا النظام من المنطقة».

وقال: «أيها التعساء، أين انتصرتم؟ هل يُعتبر هذا نصراً عندما تقتلون أربعين ألفاً من النساء والأطفال بالقنابل دون أن تحققوا حتى هدفاً واحداً من أهدافكم المعلنة في بداية الحرب؟ هل دمرتم (حماس) وحررتم أسراكم في غزة؟ هل تمكنتم، رغم اغتيال (...) حسن نصر الله، من القضاء على (حزب الله) اللبناني؟».

وأشار خامنئي إلى «حرب نفسية وإعلامية ضد إيران بأنها فقدت قوات وكيلة في المنطقة». وأضاف: «الجمهورية الإسلامية ليس لديها قوات نيابية. اليمن (الحوثيون) يقاتل لأنه مؤمن. (حزب الله) يقاتل لأن قوة إيمانه تدفعه إلى الساحة. (حماس) و(الجهاد) تقاتلان لأن عقيدتهما تدفعهما إلى ذلك. هؤلاء لا يقاتلون نيابةً عنا».

وجاء ذلك بعد أسبوعين من قول خامنئي إن «محور المقاومة» الذي تقوده إيران «سيكتسب قوة في أنحاء المنطقة بأكملها»، وأضاف: «كلما زاد الضغط... تصبح المقاومة أقوى. كلما زادت الجرائم التي يرتكبونها، تأتي بمزيد من التصميم. كلما قاتلت ضدها، زاد توسعها»، وأردف قائلاً: «إيران قوية ومقتدرة، وستصبح أقوى».

ويتباين موقف خامنئي مع تصريحات أدلى بها قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي بعد خمسة أيام من سقوط الأسد، والتي نفى فيها أن تكون إيران فقدت أذرعها الإقليمية.

وقال سلامي في خطاب أمام قادة قواته: «البعض في الأوساط السياسية والنخبوية وبين عامة الناس يروجون لفكرة أن النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح. النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011. وبررت إيران على مدى سنوات وجودها العسكري في سوريا بـ«طلب رسمي» من الحكومة السورية، ووصفت مهام قواتها بـ«الاستشارية». كما استخدمت تسمية «مدافعي الأضرحة» لقتلى قواتها هناك.

وقال قائد «الحرس الثوري» إن قواتهم كانت آخر من انسحب من ميادين المعركة في سوريا، قبل الإطاحة بالأسد.

وقدم المسؤولون الإيرانيون روايات متباينة عن آخر أيام النظام السوري قبل انسحاب قواتهم؛ ففي حين ألقى قائد «الحرس» ووزير الخارجية عباس عراقجي، باللوم على الجيش السوري، وعدم تقديم طلب من بشار الأسد لإرسال قوات إضافية من إيران، فإنه في أول خطاب له عقب سقوط الأسد، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، قال خامنئي إنه «كان من المقرر إرسال بعض المساعدات والموارد إلى سوريا، لكن الصهاينة أغلقوا جميع الطرق البرية، ومنعت الطائرات الأميركية والصهيونية من خلال الطيران الواسع نقل هذه المساعدات جواً». ومع ذلك، قال: «ليس من المنطقي، ولا يقبله الرأي العام أيضاً، أن نقاتل بدلاً من جيش سوريا. لا، القتال بعُهدة جيش ذاك البلد نفسه. ما كان بإمكان قواتنا أن تفعله، وقد فعلته، هو العمل الاستشاري».

ولم تقدم إيران إحصاءات رسمية حتى الآن عن عدد قتلاها أو قواتها في سوريا. وقالت إيران إنها أجلت أربعة آلاف مواطن إيراني من سوريا.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس الماضي، إن «روسيا أجلت 4 آلاف مقاتل إيراني من سوريا»، وأضاف خلال مؤتمر سنوي أن بلاده لم تُهزم في سوريا.

وقلّل بوتين من حجم الضرر الذي لحق بروسيا نتيجة سقوط الأسد، قائلاً إن تدخل روسيا العسكري في سوريا منذ 2015 ساعد في منع البلاد من أن تصبح «جيباً إرهابياً». وأضاف أن إسرائيل هي «المستفيد الرئيس» من الوضع الحالي.

وأحدثت تصريحات بوتين إرباكاً واسعاً للسلطات في إيران، خصوصاً جهاز «الحرس الثوري» الذي قادت ذراعه للعمليات الخارجية «فيلق القدس»، جماعات متعددة الجنسيات في الحرب الداخلية السورية.

وسارع قياديان من «الحرس الثوري»، أحدهما نائب حالي، لنفي ما قاله الرئيس الروسي بشأن الانتماء العسكري لأربعة آلاف إيراني نقلتهم السلطات من قاعدة «حميميم».

وقال النائب إسماعيل كوثري، عضو لجنة الأمن القومي، وهو قيادي في «الحرس»، إن «القوات التي تم نقلها من سوريا إلى طهران بواسطة روسيا لم تكن 4 آلاف، بل شملت عدداً من المواطنين اللبنانيين والأفغان ومن دول أخرى كانوا يعملون كمستشارين في سوريا». وزاد: «نحن لم نكن نملك هذا العدد من القوات في سوريا إطلاقاً، لم نكن قَطّ نملك 4 آلاف جندي في سوريا».

وأوضح كوثري في نفس السياق: «سبب تأخرنا في إخراج مستشارينا من سوريا هو أننا قلنا إنه يجب أن نثبت حتى اللحظة الأخيرة، لعل الجيش السوري يصمد. لكننا رأينا أن الجيش لم يصمد، ولا حتى بشار الأسد».

من جهته، قال الجنرال محمد جعفر أسدي، نائب قائد غرفة العمليات المشتركة في هيئة الأركان الإيرانية، إن «الروس ساعدونا في إعادة رعايانا الإيرانيين، لا أعرف بالضبط إذا كانوا 4000 فرد أم لا، لكن العديد من الإيرانيين كانوا يعيشون في سوريا منذ فترة طويلة، والروس نقلوا معظمهم إلى إيران».

وأضاف أسدي الذي كان قائداً لقوات «الحرس الثوري» في سوريا: «هؤلاء لم يكونوا من القوات الاستشارية الإيرانية، نحن أنفسنا أخرجنا مستشارينا من سوريا. عندما سقط الأسد، تعاون الروس معنا في نقل رعايانا الإيرانيين». وتابع: «كانوا جميعهم مدنيين. نحن لا نسمح لروسيا بنقل قواتنا العسكرية».

ولفت أسدي إلى أن «معظم هؤلاء الذين تم نقلهم تحت اسم (الإيرانيين) هم شيعة أفغان»، في إشارة ضمنية إلى قوات «فاطميون»؛ الوحدة التي أنشأها «الحرس الثوري» من المقاتلين الأفغان للقتال في سوريا. وأضاف: «بعض هذه القوات التي جلبها الروس هم من الأفغان والباكستانيين وحتى من السوريين الذين كانوا في خدمة حرم (السيدة رقية) و(السيدة زينب)، وقد جاءوا إلى إيران بدافع شيعي وبغرض إنقاذ حياتهم».

بدوره، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، رداً على بوتين، إنه «ليس من غير الطبيعي أن يكون لكل طرف معنيّ بتطورات سوريا روايته الخاصة حول أسباب التحولات ودور اللاعبين المختلفين». وأضاف: «يبدو أن بعض المعلومات حول دور الاستشارة الإيرانية في سوريا قبيل سقوط دمشق لم تكن دقيقة».

ولفت إلى أن «الأشخاص الذين غادروا سوريا شملوا عائلات الدبلوماسيين والزوار الإيرانيين وغير الإيرانيين، وتم نقلهم جميعاً عبر الطائرات الإيرانية من مطار (حميميم) بالتعاون مع روسيا».

من جهته، قال أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي أكبر أحمديان، إن الحضور العسكري الإيراني في سوريا استند على «ثلاثة مبادئ استراتيجية»: الأول هو «الدفاع الحازم عن الوطن والشعب والمصالح الوطنية ضد الأجانب»، والثاني أن «الجمهورية الإسلامية لم تكن البادئة بالهجوم على أي أحد»، والثالث كان «عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى»، حسبما نقل عنه موقع المرشد الإيراني.

وعن سحب القوات الإيرانية، أشار أحمديان إلى خفض عدد القوات الإيرانية بعد القضاء على «داعش». وقال: «بناءً على رغبة الحكومة السورية، قمنا بسحب قواتنا، ولم نكن نمتلك أي حضور عملياتي في المنطقة لنقرر ما إذا كنا سنواكب الأحداث أم لا؛ لذا فيما يتعلق بالقول إن إيران تركت الساحة؛ نحن أصلاً لم نكن هناك لنتركها».

وتطرق إلى النزاع مع فصائل المعارضة السورية، وقال: «إذا كان أحدهم يهاجمنا، كان لا بد لنا من الدفاع عن أنفسنا، أو حتى في بعض الأحيان دفعهم قليلاً إلى الوراء. ولكن لم يكن هدفنا أن نقضي عليهم كما فعلنا مع (داعش). لم يكن الأمر كذلك مطلقاً».


مقالات ذات صلة

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

شؤون إقليمية ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز بـ«الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

إيران تتطلع إلى رئيس حكومة عراقي «يراعي» مصالح البلدين

يقول السفير الإيراني في بغداد إن الفصائل العراقية وصلت إلى مرحلة اتخاذ القرارات بنفسها، في سياق حديث عن عزمها «حصر السلاح بيد الدولة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)

إيران تعلن احتجاز ناقلة أجنبية تحمل وقوداً مهرباً في الخليج

ذكرت ​وسائل إعلام رسمية اليوم الجمعة أن إيران احتجزت ناقلة نفط أجنبية قرب جزيرة قشم الإيرانية في الخليج

«الشرق الأوسط» (لندن )
شؤون إقليمية صاروخ باليستي إيراني يُعرض في شارع وسط طهران بجوار لافتة تحمل صورة المسؤول السابق للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني ومسؤول البرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زادة الذي قُتل بضربة إسرائيلية في يونيو الماضي (رويترز) play-circle

نتنياهو سيعرض معلومات استخباراتية على ترمب

قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الهجوم على إيران «لا مفر منه» إذا لم يتوصل الأميركيون إلى اتفاق يقيد برنامج طهران للصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (لندن-تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
TT

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إعطاء أولوية لمراجعة قضية احتجاز رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو. كما قرّرت عقد جلسة الاستماع بشأن طلب رجل الأعمال البارز، عثمان كافالا، المسجون منذ 8 سنوات، للإفراج عنه.

وقال محمد بهلون، محامي إمام أوغلو: «تلقينا إخطاراً رسمياً بأن طلبنا المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن الاحتجاز غير المبرر لموكلنا، أكرم إمام أوغلو، سيُنظر فيه على وجه السرعة».

وأضاف بهلون عبر حسابه في «إكس»، الجمعة: «يُعد قرار المحكمة الأوروبية بإعطاء الأولوية للنظر في الطلب، المتعلق بإمام أوغلو، أمراً نادراً في الطلبات المقدمة من تركيا حتى الآن».

«حالة نادرة»

واعتُقل إمام أوغلو، الذي ينظر إليه على أنه أقوى منافس للرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الرئاسة والمرشح عن حزب «الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة، في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2028، في 19 مارس (آذار) الماضي لاتهامات تتعلق بشبهات فساد في بلدية إسطنبول.

وأودع إمام أوغلو، الذي فجّر اعتقاله احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تركيا منذ احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013، إلى سجن سيليفري منذ 23 مارس، في إطار تحقيقات تتعلق بشبهات الفساد والرشوة والمخالفات في المناقصات.

اشتباكات بين الشرطة ومحتجين على اعتقال أكرم إمام أوغلو في إسطنبول في مارس الماضي (رويترز)

ويشمل التحقيق، الذي بدأ مع اعتقاله في 19 مارس، التي تصفها المعارضة بأنها عملية سياسية تستهدف منع إمام أوغلو من منافسة إردوغان، 122 مشتبهاً به. كما تضُمّ لائحة الاتهام، التي صدرت بعد 237 يوماً من الاعتقالات في 3900 صفحة، 402 شخص كمشتبه بهم، وشملت العديد من التهم المالية، بالإضافة إلى 17 تهمة بينها «التلوث البيئي المتعمد».

ويطالب الادعاء العام بسجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى لمدة تتراوح بين 828 و2352 عاماً، بوصفه «مؤسس وزعيم منظمة إمام أوغلو الإجرامية». وستبدأ المحاكمة نظر القضية في 9 مارس المقبل، أمام الدائرة الـ40 لمحكمة إسطنبول الجنائية العليا.

قضية عثمان كافالا

بالتوازي، أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن جلسة الاستماع بشأن الطلب الثاني لرجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، المسجون منذ عام 2017، ستُعقد في 25 مارس المقبل.

وأحالت المحكمة طلب كافالا، المتعلق باحتجازه والسجن المؤبد المشدد، إلى الدائرة الكبرى في 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ودعت الدائرة الأطراف إلى تقديم آرائهم الخطية بحلول 26 يناير (كانون الثاني) المقبل.

متظاهر يرفع صورة للناشط عثمان كافالا خلال مسيرة في إسطنبول في الذكرى الثامنة لاعتقاله (أ.ف.ب)

ولكي تتمكن حكومة تركيا أو أي أطراف ثالثة من المشاركة في جلسة الاستماع، يجب عليها تقديم طلب للحصول على إذن بحلول 29 يناير. وفي حال الموافقة على هذا الإذن، يجب تقديم الآراء الخطية إلى المحكمة في موعد أقصاه 12 فبراير (شباط).

وتنظر الدائرة الكبرى في الطلبات التي تتضمن مسائل جوهرية تتعلق بتطبيق وتفسير الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

ويتعلق الطلب الثاني، المُقدم في 18 يناير 2024، باستمرار احتجاز عثمان كافالا رغم قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوقوع انتهاك لحقوقه، والمحاكمة التي أسفرت عن الحكم عليه بالسجن المؤبد المشدد.

وذكرت المحكمة الأوروبية في قرارها الصادر في 10 ديسمبر 2019 أن اعتقال كافالا واحتجازه كانا يهدفان إلى إسكاته وتثبيط عزيمة المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان.

إجراءات ضد تركيا

دعت المفوضية الأوروبية الحكومة التركية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للإفراج الفوري عن كافالا، وباشرت في عام 2021 إجراءات قانونية ضد أنقرة لعدم تنفيذها قرار الإفراج عنه.

الشرطة التركية تفرق متظاهرين خلال احتجاجات «غيزي بارك» في عام 2013 بخراطيم المياه (أرشيفية)

واحتجز كافالا في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وتم توقيفه في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، بتهمة تنظيم أو تمويل احتجاجات حديقة «غيزي بارك» في إسطنبول عام 2013، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016.

ومنذ ذلك الحين، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكاماً تنص على أن احتجازه يُعد انتهاكاً لحقوقه، وأنه يجب الإفراج عنه فوراً. وفي أبريل (نيسان) 2022، حُكم على كافالا بالسجن المؤبد المشدد بتهمة «محاولة قلب نظام الحكم» في قضية «غيزي بارك»، وأيّدت محكمة النقض الحكم في سبتمبر (أيلول) 2023.


واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
TT

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز في «الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية عابرة للحدود.

وأفاد مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» بأنه يبحث عن مسؤول رفيع في «قوة القدس»، الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»؛ للاشتباه بتورطه في توجيه وإدارة عمليات استهدفت مسؤولين أميركيين وأوروبيين حاليين وسابقين، في تطورٍ يعيد إلى الواجهة ملف المواجهة المفتوحة بين طهران والغرب، والذي طالما حذّرت منه الولايات المتحدة وحلفاؤها.

وكشف المكتب، في بيان صحافي، أن الشخص الذي كان يُعرَف سابقاً باسمه الحركي سردار عمار هو في الحقيقة سعيد توكلي، داعياً الجمهور إلى المساعدة في تقديم أي معلومات قد تسهم في مسار التحقيق، الذي تتولاه دائرة المكتب بواشنطن العاصمة.

ووفق الرواية الأميركية، فإن توكلي مطلوب للاستجواب، على خلفية شبهات تتعلق بإدارة عمليات استخباراتية سرية وعمليات «قاتلة» طالت معارضين إيرانيين وصحافيين، إضافة إلى مواطنين إسرائيليين ومسؤولين حاليين وسابقين بالحكومة الأميركية، سواء داخل الولايات المتحدة أم في عدد من الدول الأوروبية.

وفي محاولةٍ لتوسيع نطاق البحث، نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي أوصافاً جسدية لتوكلي، مشيراً إلى أن شعره رمادي أو أبيض، وعيناه بُنيتان، ويتحدث اللغة الفارسية، داعياً أي شخص يمتلك معلومات عنه إلى التواصل مع أقرب فرع للمكتب أو مع سفارة أو قنصلية أميركية.

صورة جرى توزيعها 5 ديسمبر 2025 من قِبل «الحرس الثوري» الإيراني تُظهِر صاروخاً يتم إطلاقه أثناء تدريب عسكري بالمياه قبالة ساحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

شبكة عابرة للحدود

وتقول السلطات الأميركية إن توكلي يتولى قيادة وحدة تُعرف باسم 11000 داخل «الحرس الثوري» الإيراني، وهي وحدة يُعتقد أنها لعبت دوراً محورياً في إدارة شبكة عملياتية مرتبطة بمحاولات هجوم في دول عدة؛ من بينها أستراليا واليونان وألمانيا والمكسيك.

وتنسجم هذه الاتهامات مع ما دأبت واشنطن على تأكيده بشأن اعتماد طهران، عبر «فيلق القدس»، على شبكات سرية تعمل خارج حدودها لتنفيذ عمليات ضغط أمني وسياسي ضد خصومها.

وكان جهاز الموساد الإسرائيلي قد أعلن، في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، أن هذه الشبكة حاولت تنفيذ سلسلة هجمات، خلال عاميْ 2024 و2025، زاعماً إحباط عدد منها. ونقل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن «الموساد» أن أنشطة الشبكة أدت، في إحدى نتائجها، إلى طرد السفير الإيراني من أستراليا؛ في خطوة عكست حجم التوتر بين كانبيرا وطهران، على خلفية تلك الاتهامات.

في السياق نفسه، كانت منظمة الاستخبارات الأمنية الأسترالية قد اتهمت، في أغسطس (آب) 2025، «الحرس الثوري الإيراني» بتوجيه ما لا يقل عن هجوميْ حرق متعمَّد ذويْ طابع مُعادٍ للسامية.

وذكرت أن أحد الهجومين استهدف كنيس «أداس إسرائيل» في ملبورن، في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2024، في حين طال الآخر مطعم «لويس كونتيننتال كيتشن» في سيدني بتاريخ 20 أكتوبر 2024، وهي وقائع أثارت قلقاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والأمنية الأسترالية.

تحذيرات متراكمة

لا يأتي هذا التطور بمعزل عن سلسلة تحذيرات أطلقتها الإدارة الأميركية، خلال السنوات الأخيرة، بشأن محاولات إيرانية لتنفيذ عمليات خطف واغتيال داخل الأراضي الأميركية نفسها، فيما تعدُّه واشنطن تصعيداً غير مسبوق في أساليب المواجهة.

ففي أكتوبر الماضي، أعلن مكتب الادعاء العام بالمنطقة الجنوبية من نيويورك توجيه اتهامات إلى ثمانية أشخاص، بينهم مسؤول عسكري إيراني، بزعم ارتباطهم بشبكة سعت إلى قتل مواطن أميركي من أصل إيراني عبر استئجار «مجموعة إجرامية» من أوروبا الشرقية لاغتيال صحافي.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ذهبت وزارة العدل الأميركية أبعد من ذلك، حين أعلنت أن ثلاثة أميركيين عُرضت مكافآت مالية مقابل اغتيالهم من قِبل مسؤول في «الحرس الثوري الإيراني»، وكان من بينهم دونالد ترمب، خلال حملته الانتخابية الرئاسية.

وفي تعليقٍ عكس نبرة التشدد الأميركية، قال وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند إن «هناك قلة من الجهات في العالم تشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي للولايات المتحدة بقدر ما تُشكله إيران».


الأميركيون يشعرون بأن نتنياهو نادم على قبول خطة ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
TT

الأميركيون يشعرون بأن نتنياهو نادم على قبول خطة ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)

في الوقت الذي يحظى فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأكبر دعم سياسي وعسكري واقتصادي غير مسبوق من الولايات المتحدة، عبَّر مسؤولون أميركيون عن قلقهم من قدومه للقاء الرئيس دونالد ترمب في ميامي، حاملاً مطالب تفضي إلى التراجع عن خطة وقف الحرب.

وتحدثوا عن شعورهم بأنه يشعر بالندم على قبوله الخطة ويرغب في العودة إلى استئناف الحرب.

وحسب «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، قالت مصادر في واشنطن، إنه في وقت يسعى فيه البيت الأبيض إلى الإعلان، منتصف الشهر المقبل، عن تأسيس «مجلس السلام» وتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية وقوة الاستقرار الدولية في القطاع، والتقدم في خطة الرئيس ترمب للسلام الشامل، يعود نتنياهو إلى أفكار ومقترحات تهدد بانهيار الخطة.

الرئيس الأميركي دونال دترمب يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 4 فبراير 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

وذكرت هذه المصادر للقناة الإسرائيلية أن وزير الدفاع الأميركي، بيتر بيريان هيغسيث، ووزير الخارجية، مارك روبيو، والمستشارين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، «فقدوا ثقتهم بنتنياهو، وترمب هو الوحيد الذي لا يزال يحب نتنياهو. ولكن ترمب يريد ويصرّ على رؤية تقدم أسرع في اتفاق غزة مما هو يتقدم الآن»، ويريد أن يعقد اجتماع «مجلس السلام» برئاسته، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، في الأسبوع الأخير من يناير (كانون الثاني) المقبل، ولا يريد عراقيل إسرائيلية لخطته.

وقال مسؤول أميركي للقناة إن «الشعور السائد منذ فترة هو كأن الإسرائيليين نادمون على الاتفاق في غزة».

وفي تل أبيب، يقول اللواء (احتياط) إسرائيل زيف، الرئيس الأسبق لقسم العمليات في رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، إن الرؤية لدى حكومة نتنياهو هي أن الحرب لم تنتهِ فعلياً، بل هي أشبه بهدنة مؤقتة، وفي الوقت نفسه، تُستخدم التهديدات ذريعةً لسياسة أمنية قوية. ويؤكد أنه «على الرغم من انتهاء الحرب في لبنان وسوريا قبل عام، وفي غزة قبل نحو ثلاثة أشهر، فإن الحكومة الإسرائيلية لم تناقش أو تتخذ أي قرار رسمي بشأن إنهاء الحرب، ناهيك عن أنها لم تعترف حتى بشكل كامل بانتهاء الحرب. وثمن عدم إنهاء الحرب باهظ للغاية، لكن هذه الحكومة تُفضّل تبديد ضباب المعركة والتخبط، بل وحتى نقض جميع اتفاقيات وقف إطلاق النار المفروضة عليها على جميع الجبهات. ولا تُبدي أي اهتمام بالاعتراف بنهاية الحرب. بل على العكس، فهي ترغب سياسياً في العودة إلى الحرب بأسرع وقت ممكن؛ وذلك لأسباب داخلية محضة، مثل إزالة مسألة لجنة التحقيق الرسمية من على الطاولة، واختلال وظائفها، والفشل في إعادة تأهيل الشمال، والإهمال الذي تعاني منه إسرائيل جراء الحرب التي تتحمل مسؤوليتها، وتزايد عزلتها الدولية. وفي هذا يتسبب نتنياهو بالإحراج الشديد للرئيس ترمب، الذي وصف بأنه الأفضل لإسرائيل في التاريخ».

ترمب يعرض النسخة التي وقَّع عليها لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة بمدينة شرم الشيخ المصرية 13 أكتوبر 2025 (أرشيفية - أ.ف.ب)

إزاء هذا الوضع، تواصل الإدارة الأميركية التقدم في الإعداد لتطبيق خطة ترمب. ومن خلال الاجتماع الذي عقده ويتكوف مع رئيس وزراء قطر ورئيس المخابرات المصرية ووزير الخارجية التركي، في ميامي، يوم الجمعة الماضي، تبين أن واشنطن تطالب الجيش الإسرائيلي أن يحترم اتفاق وقف إطلاق النار والامتناع عن استهداف المدنيين الغزيين.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إنه تقرر خلال اجتماع ميامي أن تشرف حكومة التكنوقراط الفلسطينية على نزع سلاح غزة، حسب ثلاثة مصادر في البيت الأبيض، وذلك من خلال إقناع «حماس» وتنظيمات مسلحة أخرى، بأن الحكومة الفلسطينية الجديدة هي المسؤولة الوحيدة عن القانون والنظام والمخولة استخدام السلاح. ونقلت الصحيفة عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن نزع السلاح سيتم على مراحل، وسيكون التركيز في البداية على السلاح الثقيل، مثل الصواريخ والقذائف الصاروخية، ولاحقاً سيتم نزع أسلحة خفيفة، وأن هذه العملية ستشمل الميليشيات التي تدعمها وتسلحها إسرائيل، وأن بإمكان الحكومة الفلسطينية طلب مساعدة القوة الدولية.

كتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشارت «القناة 12» إلى أن نتنياهو «متشكك حيال خطة نزع السلاح وتشكيلة حكومة التكنوقراط والقوة الدولية، وكذلك حيال أدوار تركية وقطرية في غزة»، ونقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «لا ننظر إلى نتائج اللقاء في ميامي على أنه إيجابي».

وقال مسؤولون في البيت الأبيض إنه يتوقع أن يطرح ترمب أمام نتنياهو الوضع في الضفة الغربية والتخوف من انهيار السلطة الفلسطينية، وأن إدارة ترمب تريد دفع إصلاح في السلطة الفلسطينية «لكن هذا لن ينجح إذا استمرت إسرائيل في خنقها». وأضافوا أن إدارة ترمب تريد أن تنفذ إسرائيل خطوات للجم عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وأن تحرر مليارات الدولارات من مستحقات المقاصة التي تحتجزها، وأن «تتوصل إلى تفاهمات معينة مع الولايات المتحدة حول قضية المستوطنات».

وعلى الرغم من هذه الرسائل السلبية، ذكرت مصادر في تل أبيب أن نتنياهو ينوي إرضاء ترمب بقبول دور تركي في القوات الدولية في غزة، بشرط أن توافق أنقرة على تنسيق أمني مباشر معها.