أعلنت إيران رسمياً الحداد خمسة أيام على وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان في تحطم طائرة هليكوبتر، في منطقة جبلية محاذية لحدود أذربيجان.
وأصدر المرشد الإيراني علي خامنئي أمراً بنقل صلاحيات الرئيس إلى نائبه محمد مخبر مؤقتاً، على أن تجري انتخابات رئاسية في غضون 50 يوماً، في حين وجّه رئيس الأركان محمد باقري تعليمات بفتح تحقيق في أسباب الحادث.
وأفادت وكالة إيسنا الحكومية بأنّ باقري أمر «لجنة رفيعة المستوى بفتح تحقيق في سبب تحطّم مروحية الرئيس».
وأشارت الوكالة إلى أن الوفد وصل إلى موقع الحادث في محافظة أذربيجان الشرقية وباشر التحقيق، وأنه سيتم الإعلان عن نتائج التحقيقات الميدانية لاحقا.
وتبدأ مراسم تشييع رئيسي في مدينة تبريز مركز محافظة أذربيجان الشرقية. وأفاد الإعلام الحكومي نقلاً عن وزير الداخلية أحمد وحيدي بأن «مراسم جنازة رئيسي ورفاقه ستقام يوم الثلاثاء الساعة 9:30 صباحاً بالتوقيت المحلي (06:00 بتوقيت غرينتش) في تبريز»، مضيفاً أن جثمان رئيسي سينقل إلى طهران بعد اكتمال الإجراءات القانونية.
وبعد أقل من ساعتين على تأكيد وفاة الرئيس الإيراني ومرافقيه، أصدر المرشد الإيراني علي خامنئي، مرسوماً بتكليف محمد مخبر النائب الأول للرئيس، بتولي الرئاسة مؤقتاً. وقال خامنئي: «أعلن الحداد العام لمدة خمسة أيام، وأقدم تعازيّ للشعب الإيراني العزيز». وأضاف: «سيتولى محمد مخبر إدارة السلطة التنفيذية، وهو ملزم بالترتيب مع رئيسي السلطتين التشريعية والقضائية لانتخاب رئيس جديد خلال مدة أقصاها 50 يوماً»، حسب «رويترز».
وأعلنت الحكومة الإيرانية فتح باب تسجيل المرشحين للانتخابات الرئاسية في 30 من مايو (أيار) الجاري على أن يكون موعد الانتخابات في 28 يونيو (حزيران) المقبل.
وبموجب المادة (131) من الدستور الإيراني، يتعين على لجنة مكونة من النائب الأول للرئيس ورئيس البرلمان ورئيس السلطة القضائية، الترتيب لانتخاب رئيس جديد خلال 50 يوماً.
في وقت لاحق، أعلنت اللجنة المؤقتة، تعيين علي باقري كني نائب وزير الخارجية وكبير المفاوضين النوويين، وكيلاً لوزارة الخارجية بعد مقتل عبداللهيان.
وقالت اللجنة الاستراتيجية العليا للعلاقات الخارجية، الخاضعة لمكتب المرشد الإيراني في بيان، إن مسار السياسة الخارجية للبلاد سيستمر «بكل قوة بتوجيهات» من خامنئي.
وجاء القرار بعد اجتماع طارئ عقده مخبر مع رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، ورئيس القضاء غلام حسين محسني إجئي. وتنص المادة (135) من الدستور الإيراني على أن يقوم الرئيس الإيراني، أو من يمارس مهامه بالوكالة، بتسمية وكيل لأي وزير تتعذر ممارسة مهامه.
من جهته، أكد المتحدث باسم لجنة «صيانة الدستور»، هادي طحان نظيف، أن الانتخابات الرئاسية ستجري في غضون 50 يوماً، مشدداً على أن الرئيس المنتخب «سيتولى المنصب لأربع سنوات».
وفاز رئيسي بانتخابات الرئاسة لعام 2021، في استحقاق شهد أدنى إقبال على صناديق الاقتراع. وكان من المقرر أن تجري انتخابات في مايو (أيار) العام المقبل. وقبل ساعات من تأكيد وفاة الرئيس، سعى صاحب كلمة الفصل في شؤون البلاد، المرشد خامنئي، إلى طمأنة الإيرانيين، قائلاً إن شؤون الدولة لن تتعطل.
وبعد نحو 15 ساعة من عمليات بحث في ظروف جوية صعبة بهبوب عواصف ثلجية، عثرت فرق الإنقاذ، في وقت مبكر من صباح الاثنين، على حطام متفحم للطائرة الهليكوبتر التي سقطت الأحد وهي تقل رئيسي وعبداللهيان وستة آخرين من الركاب والطاقم.
ووقع الحادث الأحد بين الساعة 13:30 و14:00 (10:30 بتوقيت غرينتش) بعدما غادر رئيسي منطقة جلفا في مقاطعة أذربيجان الشرقية (غرب) متوجهاً إلى مدينة تبريز في شمال غربي البلاد. ووصلت المروحيتان الأخريان التابعتان للوفد إلى وجهتهما بسلام.
وأشارت وكالة «إرنا» الرسمية، إلى أن الطائرة سقطت «في غابات ديزمار الواقعة بين قريتي أوزي وبير داود بمنطقة ورزقان في إقليم أذربيجان الشرقية شمال غربي إيران» لدى عودة الرئيس من زيارة رسمية لمنطقة على الحدود مع أذربيجان.
وكان رئيسي في طريق العودة من لقاء قصير مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف، حيث افتتحا سد «قيز قلعة سي»، وهو مشروع مشترك بين الدولتين. وتحدثت تقارير أولى عن وقوع «حادث» بعد أكثر من ساعتين، وتحدث وزير الداخلية أحمد وحيدي عن احتمال «هبوط صعب» للطائرة.
وأظهرت لقطات بثها التلفزيون الإيراني الرسمي حطاماً في منطقة تلال يلفها الضباب، وأظهرت صور أخرى نشرتها قناة «خبر» الإيرانية، عاملين في الهلال الأحمر وهم يحملون جثة مغطاة على نقالات.
وقال مسؤول لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» إنه أمكن التعرف على الجثث «رغم أنها محترقة» دون الحاجة إلى إجراء فحص للحمض النووي.
وذكر التلفزيون الرسمي أن صوراً من الموقع تظهر أن الطائرة اصطدمت بقمة جبل. ولم يصدر بعد تصريح رسمي عن سبب تحطم الطائرة. وكان الرئيس الإيراني يستقل طائرة هليكوبتر أميركية الصنع من طراز «بيل 212». وذكرت الوكالة أن من بين ركاب الطائرة الذين لقوا حتفهم «ممثل الولي الفقيه وإمام جمعة تبريز محمد علي آل هاشم وحاكم أذربيجان الشرقية مالك رحمتي».
وقال رئيس جمعية الهلال الأحمر الإيراني بير حسين كوليوند للتلفزيون الرسمي: «عند العثور على موقع التحطم لم تكن هناك أي علامة على أن ركاب الهليكوبتر على قيد الحياة».
وأظهرت لقطات فريق إنقاذ وأفراده يرتدون سترات لامعة ويضعون حول رؤوسهم مصابيح إنارة وهم يتجمعون حول جهاز تحديد المواقع خلال عمليات البحث سيراً على الأقدام عند سفح جبل غارق في الظلمة وسط عاصفة ثلجية.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن أمين مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو قوله إن روسيا مستعدة لتقديم المساعدة في التحقيق الذي تجريه إيران لمعرفة سبب حادث تحطم الهليكوبتر.
من جانبه، ذكر وزير النقل التركي عبد القادر أورال أوغلو أن نظام الإشارة للطائرة الهليكوبتر التي تحطمت وهي تقل الرئيس الإيراني لم يكن مفعلاً، أو أن الطائرة لم يكن لديها مثل هذا النظام. وأضاف: «لكن (نعتقد) أن نظام الإشارة لم يكن مفعلاً على الأرجح لسوء الحظ، أو أن الطائرة الهليكوبتر لم يكن لديها نظام الإشارة هذا؛ لأن... الإشارات لم (تظهر هذه المرة)».
وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر لشبكة «إن.بي.سي نيوز» إن الأجهزة الأمنية أبلغته إنه "لا يوجد دليل على عمل تخريبي في سقوط مروحية الرئيس الإيراني".
و قال مسؤول أميركي لنفس الشبكة إنه «لا يوجد على ما يبدو أي دليل على تدخل أجنبي في حادث تحطم طائرة رئيسي».
وقال المسؤول الأميركي «لا يوجد أي تدخل خارجي على الإطلاق». وبشأن تأثير الحادث على العلاقات بين طهران وواشنطن، صرح المسؤول «لا نتوقع أي تغيير كبير هنا».
وجاء تحطم الطائرة في وقت تتزايد فيه حالة السخط داخل إيران بسبب مجموعة من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، حسب «رويترز».
وتوعد المدعي العام الإيراني، محمد موحدي آزاد، بملاحقة «رادعة» لمن «يخلون بالأمن النفسي للمجتمع ويشوشون على الرأي العام عبر نشر المحتوى الكاذب والمسيء»، حسبما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية.
ويواجه حكام إيران من رجال الدين ضغوطاً دولية بسبب برنامج طهران النووي المثير للجدل وعلاقاتها العسكرية المتنامية مع روسيا خلال الحرب في أوكرانيا.
ومنذ أن هاجمت حركة «حماس» بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، اندلعت مواجهات ضمت جماعات متحالفة مع إيران في أرجاء الشرق الأوسط. والشهر الماضي، خرجت للعلن «حرب ظل» قائمة منذ فترة طويلة بين إيران وإسرائيل بتبادل مباشر للضربات بينهما بطائرات مسيّرة وصواريخ.
وقال مسؤول إسرائيلي لـ«رويترز» الاثنين إنه لا علاقة لإسرائيل بتحطم الطائرة الذي أدى إلى مقتل الرئيس الإيراني، وأضاف بعد أن طلب عدم ذكر اسمه: «لم نكن نحن».