تضاربت الأنباء في إيران، عن استقالة كاظم صديقي، إمام جمعة طهران ورئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الإيرانية، المقرب من المرشد علي خامنئي، على خلفية نشر وثائق تتهمه بانتزاع أراضٍ حكومية، وتسجيلها باسمه واسم أولاده.
وأثار تسريب الوثائق عن مصادرة حديقة باسم شرکة أسرة صديقي، وضمها إلى مدرسة دينية خاضعة له قرب منطقة تجريش الثرية في شمال طهران، جدلاً واسعاً بين الإيرانيين، خصوصاً الأوساط السياسية والصحافة.
وتظهر الوثائق تسجيل 4200 متر مربع من أراضي حديقة مجاورة لحوزة «الخميني» العلمية، مدرسة رجال الدين الشيعة، التي أسسها صديقي قبل 20 عاماً، وتديرها مؤسسة «رهروان انديشه قائم (أتباع أفكار المهدي المنتظر)».
وبعد أيام من الصمت، كسر صديقي صمته، مشيراً إلى «تزوير» توقيعه، و«خيانة في الأمانة» من قبل «شخص موثوق». ويؤكد بيان صديقي أن مؤسسته وجميع مصالحه مملوكة لحوزة «الخميني» العلمية.
ومع ذلك، وصف الانتقادات التي طالته بأنها «ضجيج»، و«لا تستهدفني بقدر ما تستهدف معتقدات الناس».
وبدورها، تحدثت حوزة «الخميني» العلمية، عن رفع «إشكالات» في النظام الأساسي للمؤسسة التي تدير الحوزة العلمية، مشيرة إلى خروج «المتورطين» من المؤسسة.
وكتبت وكالة «إيسنا» الحكومية أن تعليقات صديقي زادت من غموض القضية، مشيرة أيضاً إلى «مسألة مشبوهة» أخرى، حول نقل ملكية حديقة من آلاف الأمتار، بعيداً عن أنظار الهيئات الرقابية.
وأعربت الوكالة عن أسفها؛ لأن صديقي «لم يطلع على القضايا المرتبطة بسمعته». وقالت إن «الرأي العام يطلب من الجهاز القضائي والأجهزة المعنية، مراجعة القضية والملفات المماثلة على وجه السرعة».
وخلصت الوكالة إلى أنه «ينبغي على أي مسؤول أن يعلم أنه في موضع تحت المجهر وحكم الرأي العام، ويتطلب حساسية مضاعفة، ولا يمكن قبول أي تبرير للإهمال».
وفي السياق نفسه، تساءل ناشطون عن الأسباب التي دفعت «المتورطين» لتزوير توقيع صديقي وتسجيل العقار باسمه.
ورداً على تقارير عن استقالة صديقي من مناصبه، كتب الناشط المحافظ علي قلهكي أن «كاظم صديقي لم يقدم استقالته حتى الآن من إمامة الجمعة وإدارة الحوزة العلمية».
وقالت معصومة ابتكار، رئيسة منظمة البيئة ونائبة الرئيس الإيراني في عهدَيْ محمد خاتمي وحسن روحاني، إنها حذرت قبل سنوات من قطع أشجار الحديقة التي تجاور مدرسة «الخميني» الدينية.
وجاء نشر الوثائق بعد أيام من حملة شنتها وسائل إعلام تابعة للحكومة و«الحرس الثوري» بشأن جدية مكافحة الفساد، في أعقاب استقالة نائب رئيس القضاء محمد مصدق، الذي أوقفت السلطات نجليه، منذ أكثر من عام بتهمة الفساد.
وكتب محمد علي أبطحي، مدير مكتب الرئيس الإصلاحي السابق، محمد خاتمي، على منصة «إكس»: «لقد رأينا السيد صديقي كم يبكي؟ إنه مظلوم حقاً، تبين أن شخصاً روبن هودي قام بتزوير توقيعه لضم الأراضي المجاورة لمدرسته، باسمه، هل توجد مظلومية أكبر من هذا؟ كيف تفترضون ذلك في الناس؟».
وتعد قضايا انتزاع الأراضي والعقارات الحكومية من بين قضايا الفساد التي هزت البلاد في السنوات الأخيرة، خصوصاً في فترة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
ونشر الوثائق عن صديقي، المدير السابق لموقع «معماري نيوز»، ياشار سلطاني الذي نشر في صيف 2016، وثائق عن بيع ممتلكات تابعة لبلدية طهران، بما في ذلك عقارات في مناطق راقية بشمال طهران، بأسعار دون سعرها الحقيقي، لمسؤولين وقيادات في «الحرس الثوري»، وعرفت حينها باسم «العقارات النجومية». وجاء بعد نشر وثائق من قبل مجهولين تكشف عن «رواتب نجومية» تلقاها مسؤولون في حكومة حسن روحاني.
وأعادت غالبية وسائل الإعلام التذكير بمواقف صديقي، خصوصاً تلك التي يشير فيها إلى مكانة المرشد الإيراني لدى المهدي المنتظر، أو تزعم العلاقة بينهما.
وأصدر المرشد الإيراني مرسوماً بتعيين صديقي بين خطباء الجمعة في طهران الذين يمثلونه في مناسبات سياسية أيضاً، بعد احتجاجات الحركة الخضراء التي قادها الزعيم الإصلاحي ميرحسين موسوي، وحليفه مهدي كروبي ضد نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2009.
وفي سياق ردود الأفعال، نشرت مواقع أخبار إيرانية مرخصة من السلطات، صورة مثيرة للجدل قارنت فيها بين المدرسة الدينية التي شيدها صديقي وخيم يدرس فيها أطفال بلوشستان في جنوب شرقي البلاد.