ما أفق العلاقات التركية - العراقية بعد «مشاورات» بغداد؟

القتال معاً لأول مرة ضد «العمال الكردستاني»... وسلة واحدة للنفط والمياه و«طريق التنمية»

هاكان فيدان لحظة وصوله إلى مقر الخارجية العراقية ببغداد أمس (أ.ف.ب)
هاكان فيدان لحظة وصوله إلى مقر الخارجية العراقية ببغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

ما أفق العلاقات التركية - العراقية بعد «مشاورات» بغداد؟

هاكان فيدان لحظة وصوله إلى مقر الخارجية العراقية ببغداد أمس (أ.ف.ب)
هاكان فيدان لحظة وصوله إلى مقر الخارجية العراقية ببغداد أمس (أ.ف.ب)

قطعت تركيا والعراق خطوة طال انتظارها من جانب أنقرة بشأن الاعتراف بـ«حزب العمال الكردستاني» بوصفه تنظيماً إرهابياً، والتعاون في وقف أنشطته في شمال العراق.

واتفق الجانبان خلال اجتماع رفيع المستوى بمشاركة وزراء الخارجية والدفاع ورؤساء أجهزة المخابرات إلى جانب مسؤولين آخرين منهم رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح فياض، عُقد في بغداد، الخميس، على إنشاء لجان دائمة مشتركة، تعمل في مجالات مكافحة الإرهاب والتجارة والزراعة والطاقة والمياه والصحة والنقل، في سلة واحدة.

وناقش الطرفان المواقف المشتركة التي سيجري تبنيها، في مواجهة التطورات الإقليمية، ومختلف التحديات في المجالات الثنائية.

ورحبت تركيا بقرار مجلس الأمن القومي العراقي، بشأن تصنيف «حزب العمال الكردستاني» «تنظيماً محظوراً» في العراق.

وقالت مصادر عراقية وتركية، في وقت سابق، إن البلدين قريبان من الاتفاق على «منطقة عازلة» خلال عملية عسكرية تهدف للقضاء على «حزب العمال الكردستاني»، وتحدثت عن «صفقة مياه وطاقة» بوصفها جزءاً من المشاورات الجارية.

الوفد التركي خلال الجلسة الأمنية مع المسؤولين العراقيين ببغداد (رويترز)

زيارة إردوغان

وأكد الجانبان في بيان مشترك عقب اجتماع بغداد، بذل الجهود لضمان نجاح زيارة، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى العراق بعد شهر رمضان.

وشدد الجانبان على الأهمية التي يوليها الطرفان لوحدة العراق السياسية وسيادته وسلامة أراضيه، وأكدا أن «حزب العمال الكردستاني» يشكل تهديداً أمنياً لتركيا والعراق، إضافة إلى أن وجوده على الأراضي العراقية يشكل انتهاكاً للدستور العراقي.

وذكر البيان أن الجانبين تبادلا وجهات النظر في التحديات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً الإبادة الجماعية التي تتعرض لها غزة في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر عليها، وأكدا دعمهما القضية الفلسطينية.

وكتب وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين على منصة «إكس»، واصفاً لقاءه نظيره التركي هاكان فيدان والوفد المرافق له بأنه «مثمر»، وقال: «تناولنا مجموعة واسعة من القضايا الثنائية والإقليمية، والزيارة المرتقبة للرئيس رجب طيب إردوغان إلى العراق».

وأضاف: «أكدنا ضرورة تعزيز التعاون في المجالات الأمنية، التجارية، الطاقة، المياه، التعليم، وفي كل ما فيه مصلحة لبلدينا».

ترحيب تركي

وصدر عن الجانب التركي بيان حول نتائج «القمة الأمنية التركية - العراقية» في بغداد أشار إلى أن الجانبين عبَّرا عن أملهما في أن توفر زيارة إردوغان «التاريخية»، قفزة إلى الأمام في العلاقات الثنائية.

وقالت مصادر تركية إنه جرى التوصل، على هامش المباحثات، إلى اتفاق أمني يقرب من إقامة «منطقة عازلة» على الحدود بين البلدين، تشمل تحويل المنطقة التي تتوزع فيها القواعد التركية في إقليم شمال العراق إلى «حزام أمني» يصل إلى جميع المناطق التي ينشط فيها العمال الكردستاني، بما في ذلك جبل قنديل، وامتداد العمليات العسكرية التركية لملاحقة «العمال الكردستاني» جنوباً إلى أسوس على مسافة نحو 200 كيلومتر من الحدود التركية.

وكان وزير الدفاع التركي، يشار غولر، قد لفت في تصريحات، الثلاثاء الماضي، إلى هروب عناصر «العمال الكردستاني» من المنطقة التي تنفذ فيها القوات التركية عملية «المخلب - القفل» باتجاه أسوس، وأن القوات التركية تلاحقهم، وستوسع عملياتها إلى حيث تقتضي الضرورة.

نقطة تحول

وأثار وجود القواعد التركية في شمال العراق توتراً متكرراً، بين بغداد وأنقرة، لكن الاتفاق الجديد قد يؤدي، وفق مراقبين، إلى الإبقاء على هذه القواعد والتعاون من جانب بغداد وأربيل في القضاء على تهديدات «العمال الكردستاني» من منظور أنه خطر مشترك.

وعدّ كبير مستشاري وزير الخارجية التركي، نوح يلماز، أن تركيا والعراق تجاوزا، بعد اجتماع بغداد «التهديد المشترك»، وقررا القتال معاً للمرة الأولى ضد «إرهاب حزب العمال الكردستاني».

وأضاف عبر حسابه في «إكس»: إن «هذا القرار سيكون نقطة تحول، وسوف نرى النتائج تدريجياً».

ورأى الكاتب المحلل السياسي، مراد يتكين، أنه ينبغي عدّ زيارة الوفد ​​التركي رفيع المستوى إلى بغداد خطوة نحو اتفاق تركي عراقي شامل قبل زيارة إردوغان للعراق، التي من المتوقع أن تحدث في أبريل (نيسان) بعد آخر زيارة قام بها منذ 12 عاماً.

ورأى أن التقارب بين تركيا والعراق ودخولهما في علاقات سياسية واقتصادية استراتيجية، لن يغير المعادلة في الشرق الأوسط، فحسب، بل في المنطقة الأوسع أيضاً.

وقال يتكين: «ليس من قبيل المصادفة أن تكثفت الاتصالات التركية العراقية مؤخراً في المجال الأمني، فمن وجهة نظر تركيا، فإن ظهور (حزب العمال الكردستاني) في الأراضي العراقية، ومن وجهة نظر العراق، فإن ظهور تركيا في الأراضي العراقية بسبب (حزب العمال الكردستاني)، كانا أهم القضايا قبل التوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً، وأصعب قضية هي الأمن والثقة المتبادلة، وعندما تتأسس هذه العلاقة فمن الممكن أن يتحول التقارب التركي العراقي إلى اتفاق خلال اجتماعات إردوغان مع الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني».

النفط وطريق التنمية

وأوضح أن الحرب ضد الإرهاب ليست الجانب الوحيد في العلاقات التركية العراقية التي تصل إلى بعد استراتيجي، فإعادة فتح خطيْ أنابيب النفط اللذين ينقلان نفط الموصل وكركوك، واللذين لم يتمكنا من العمل بسبب الهجمات، إلى محطة جيهان - يومورتاليك في أضنة جنوب تركيا، ومشروع طريق التنمية، الذي سيربط الخليج العربي بتركيا بالطرق السريعة وخطوط القطارات، ضمن الأجندة، ولكن لتحقيق ذلك يعد ضمان الأمن شرطاً أساسياً، كما أن الاتفاق الشامل يمكن أن يفتح الباب أمام نظام مائي جديد بين تركيا والعراق».

صحيفة «حرييت» القريبة من الحكومة التركية رأت أن الجانب التركي يفكر بعد التفاهم مع الجانب العراقي في اتخاذ إجراءات عسكرية، لسد الفجوة بين «متينا» و«الزاب»، وتغيير وضعية منطقة «غارا» من كونها تهديداً، وتطهير منطقة هاكورك، واستمرار العمليات في جبل قنديل، وتطهير منطقة «آسوس» التي تبعد عن الحدود التركية الفعلية نحو 150 - 200 كيلومتر حيث يتمركز مسلحو «العمال الكردستاني»، وستكون العمليات المتوقعة مشتركة مع الجانب العراقي.

وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال تفقده بالطائرة الحدود التركية العراقية (الدفاع التركية)

غولر يتفقد الحدود

وعقب مشاركته في اجتماع بغداد لم يعد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، إلى أنقرة، بل توجه في زيارة تفقدية لقيادة فرقة المشاة الثالثة بولاية هكاري الحدودية مع العراق.

وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان الجمعة، إن غولر قضى الليل في منطقة «يوكسك أوفا» بولاية هكاري، وأجرى زيارة تفقدية لقيادة فرقة المشاة الثالثة في المنطقة نفسها، والتقى غولر القادة العسكريين بالمنطقة، واطلع على آخر تطورات العمليات الجارية ضد معاقل «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي» شمال العراق، وأعطى تعليمات بهذا الخصوص.

وقام غولر عشية اجتماع بغداد، بجولة تفقدية لقطاع آخر من الحدود، حيث توجه إلى ولاية شرناق الحدودية مع العراق، جنوب شرقي تركيا، برفقة نائبه، شواي ألباي، ثم توجه بواسطة مروحية إلى قيادة فرقة المشاة 23، وأجرى هناك عمليات تفتيش على وحدات الفرقة.

وقالت وزارة الدفاع التركية، إن غولر تلقى خلال الجولة إحاطة حول آخر تطورات العمليات الجارية في شمال العراق، ضمن عملية «المخلب - القفل» المستمرة ضد مواقع «العمال الكردستاني»، كما أعطى تعليماته بشأن العمليات الذي سيجري تنفيذها في المنطقة.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس «جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي» (الشاباك) رونين بار (وسائل إعلام إسرائيلية)

رئيس الشاباك زار تركيا للدفع بمفاوضات الأسرى مع «حماس»

كُشف النقاب عن زيارة سرية قام بها رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، إلى أنقرة، السبت الماضي، التقى خلالها مع رئيس جهاز المخابرات التركي، إبراهيم قالن.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مشاركته بقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

إردوغان: تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الأربعاء، إن تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتحدث في مناقشة قمة خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك) في ليما ببيرو 15 نوفمبر 2024 (رويترز)

أميركا تحذر تركيا من استضافة قيادات «حماس»

حذرت الولايات المتحدة اليوم الاثنين تركيا من استضافة قيادات حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
TT

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

صعّدت إيران مواجهتَها ضد «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إذ أعلنت أمس أنَّها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي «الجديدة والمتطورة»، وذلك رداً على قرار تبنته الوكالة الدولية ينتقد طهران بسبب عدم تعاونها بما يكفي في إطار برنامجها النووي.

وأيّد مشروع القرار، الذي طرحته على التصويت المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا بدعم من الولايات المتحدة، 19 دولة من أصل 35 في الوكالة، وعارضته روسيا والصين وبوركينا فاسو، بينما امتنعت الدول الـ12 الباقية عن التصويت، ولم تستطع فنزويلا المشاركة.

وبعد اعتماد القرار، قال ممثل إيران في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن هذا التدبير له «دوافع سياسية».

وتستخدم أجهزة الطرد المركزي في تخصيب اليورانيوم المحوّل إلى غاز من خلال تدويره بسرعة كبيرة، ما يسمح بزيادة نسبة المادة الانشطارية (يو - 235) لاستخدامات عدة.