خامنئي: انتخابات حماسية رغم محاولات ثني الإيرانيين عن المشاركة

صحيفة إيرانية: الناخبون كتبوا أسعار السلع بدلاً من أسماء المرشحين

امرأة إيرانية تمشي أمام لافتة ضخمة كُتب عليها «الجميع معاً من أجل الوطن» باللغة الفارسية في أحد شوارع طهران الاثنين (إ.ب.أ)
امرأة إيرانية تمشي أمام لافتة ضخمة كُتب عليها «الجميع معاً من أجل الوطن» باللغة الفارسية في أحد شوارع طهران الاثنين (إ.ب.أ)
TT

خامنئي: انتخابات حماسية رغم محاولات ثني الإيرانيين عن المشاركة

امرأة إيرانية تمشي أمام لافتة ضخمة كُتب عليها «الجميع معاً من أجل الوطن» باللغة الفارسية في أحد شوارع طهران الاثنين (إ.ب.أ)
امرأة إيرانية تمشي أمام لافتة ضخمة كُتب عليها «الجميع معاً من أجل الوطن» باللغة الفارسية في أحد شوارع طهران الاثنين (إ.ب.أ)

غداة تأكيد الحكومة الإيرانية مشاركة 41 في المائة من الناخبين في انتخابات البرلمان ومجلس خبراء القيادة؛ ما يؤكد أعلى نسبة امتناع في تاريخ الجمهورية الإسلامية، وصف المرشد الإيراني علي خامنئي الاقتراع بـ«الحماسي»، و«الجهاد».

وقال خامنئي في أول ظهور له بعد الإدلاء بصوته الجمعة إن «أعداء الجمهورية الإسلامية من مختلف مناطق العالم على مدى عام، حاولوا إضعاف الانتخابات، وثني الناس عن المشاركة؛ لهذا كانت جهاداً». وقال: «كان إقبال الناس على الانتخابات حركة حماسية».

وكان خامنئي شدد في خطاباته على ضرورة رفع نسبة المشاركة في الانتخابات، خصوصاً بعد خطاب رأس السنة الفارسية في مارس (آذار) الماضي. وزاد صاحب كلمة الفصل من وتيرة تأكيداته على ضرورة تكثيف المشاركة في الأشهر الأخيرة.

أكبر امتناع

وبعد صمت دام 72 ساعة، أعلن وزير الداخلية أحمد وحيدي، عن مشاركة 25 مليوناً، ما يعادل 41 في المائة من 61 مليوناً يحق لهم التصويت، وهي أكبر نسبة امتناع عن المشاركة في الانتخابات، خلال 45 عاماً على انتصار ثورة 1979 التي وضعت حجر الأساس للحكم الثيوقراطي (حكم رجال الدين) في إيران.

وكتب خامنئي على «إكس»: «أرى من الضروري الإشارة إلى قضية الانتخابات المهمة، وأشكر الشعب الإيراني لحضورهم في صناديق الاقتراع». وأضاف: «لقد أدى الشعب الإيراني بهذا الحضور واجباً اجتماعياً وحضارياً وجهادياً».

واقتبس النائب الإصلاحي السابق، محمود صادقي تغريدة حساب المرشد الإيراني متسائلاً: «الـ60 في المائة الذين لم يصوّتوا ليسوا جزءاً من الأمة الإيرانية؟»، في إشارة إلى عدد الناخبين الذين لم يشاركوا في الانتخابات.

ورغم الدور المحدود للبرلمان، اكتسبت الانتخابات حساسية؛ لکونها أول اختبار لشعبية الحكام بعدما رفض المرشد الإيراني الدعوات الداخلية لإجراء استفتاء بشأن النظام السياسي في أعقاب الاحتجاجات الدامية، التي أشعلتها وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر (أيلول) 2022.

صورة نشرها موقع خامنئي من حديثه في حديقة مكتبه

وواصل التيار المحافظ المتشدد سيطرته على غالبية المقاعد الـ245 من أصل 290 معقداً، حسمت نتائجها في الجولة الأولى. وقدرت وسائل إعلام إيرانية عدد الفائزين من المحافظين المتشددين بـ200 نائب، في حين يتقاسم 45 معقداً المستقلون وبعض المنتسبين للإصلاحيين والمعتدلين.

ومن المرجح أن تجري نهاية الشهر المقبل، جولة حاسمة لتحديد مصير 45 مقعداً ومن بينها 16 معقداً في طهران، حيث تقتصر المنافسة بين المرشحين المحافظين.

ومن بين النواب الذين تأكد انتخابهم، فازت 11 امرأة في مختلف أنحاء إيران بعضوية البرلمان الذي كانت دورته الحالية تضمّ 16 امرأة، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

«عجائب غير مسبوقة»

ولم تكن النتائج مفاجئة، سواء على صعيد المشاركة، أو التيار الفائز؛ نظراً للاستياء العام في إيران وكذلك الإجراءات التي اتخذها مجلس صيانة الدستور، بإبعاد مرشحين من التيار الإصلاحي والمعتدل، وكذلك مرشحون مستقلون بارزون.

ويعود الاستياء العام في الأساس إلى تدهور الأوضاع المعيشية، وعجز السلطات في كبح الأزمة الاقتصادية، مع استمرار العقوبات الأميركية، فضلاً عن التضييق على الحريات السياسية والثقافية. وتراجع الثقة العامة بالمسؤولين.

وكانت الانتخابات التشريعية لعام 2020 سجلت مشاركة 42.57 في المائة من الناخبين، بينما شهدت الانتخابات الرئاسية لعام 2021 مشاركة بنسبة 48.8 في المائة كانت بدورها الأدنى في استحقاق رئاسي في الجمهورية الإسلامية.

وفي طهران، أعلنت الوزارة الداخلية عن تسجيل مشاركة بنسبة 26 في المائة، وهي النسبة نفسها تقريباً التي أعلنتها السلطات قبل أربع سنوات، لكن مسؤولاً في مجلس تشخيص مصلحة النظام، ومقرباً من حكومة إبراهيم رئيسي، كان قد كشف عن مشاركة بلغت 18 في المائة بالعاصمة. وقالت وكالة «مهر» الحكومية إن المشاركة في العاصمة تصل إلى 24 في المائة. وبلغت نسبة المشاركة خلال الانتخابات الرئاسية بطهران نحو 34 في المائة.

وأشارت صحيفة «آرمان ملي» إلى التراجع الكبير في أرقام الانتخابات البرلمانية الحالية مقارنة بالدورتين السابقتين. وحصل رجل الدين المحافظ المتشدد، محمود نبويان على 597 ألف صوت، في حين فاز رئيس البرلمان الحالي محمد باقر قاليباف قبل أربع سنوات بـ1.2 مليون صوت.

وبدورها، قالت صحيفة «جمهوري إسلامي» المحسوبة على المعتدلين إن «المتصدر في انتخابات طهران، يمثل 6 في المائة من أهالي العاصمة».

ولفتت إلى أن «العجائب في انتخابات البرلمان، غير مسبوقة، والناس بسلوكهم تحدثوا إلى المسؤولين». وأضافت: «الناس كتبوا أسعار السلع بدلاً من أسماء المرشحين في أوراق الاقتراع».

وزير الداخلية الإيراني يكشف عن نسبة المشاركة في الانتخابات خلال مؤتمر صحافي (رويترز)

«مزاعم غير موثوقة»

وأثارت الأصوات الباطلة جدلاً واسعاً في الأوساط الإيرانية. وقال وزير الداخلية، الجنرال أحمد وحيدي، الاثنين، إن الأصوات الباطلة تتراوح بين 5 و8 في المائة في أنحاء البلاد، «على رغم الدعاية التي قام بها الأعداء لثني الشعب عن المشاركة في الانتخابات ورغم بعض الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها الشعب، فإن الشعب شارك في الانتخابات».

ورأى وحيدي أن «الأعداء كانوا يروّجون لتشويه أمن الانتخابات، بدءاً من أجهزة التجسس إلى الجماعات الإرهابية وغيرهم من أعداء الشعب، لقد تحركوا في هذا الاتجاه، لكننا رأينا أنه تم توفير أمن جيد للغاية في الانتخابات».

وتدل مفردة الأعداء في أدبيات المسؤولين الإيرانيين على القوى الغربية، على رأسها الولايات المتحدة وتشمل حليفتها إسرائيل.

ورأت الولايات المتحدة أن انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات الإيرانية هو مؤشر إضافي إلى «الاستياء» الشعبي حيال الحكام.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين الاثنين: «لا أعتقد أن ثمة أي مدعاة للشك في وجود استياء حيال حكم النظام».

وأضاف: «لم يكن تقييمنا بأن هذه الانتخابات ستكون حرة ونزيهة، وأعتقد أن العديد من الإيرانيين رأوا أن هذه الانتخابات لن تكون حرة ونزيهة؛ لذا فلن أفاجأ... بأنهم اختاروا عدم المشاركة».وأشار ميلر إلى أن الولايات المتحدة لن تعرض تقييماً للانتخابات، مضيفاً: «مزاعم السلطات الإيرانية بشأن نسبة المشاركة عادة ما تكون غير موثوقة».

غيابات تعطل البرلمان

وذكرت وسائل إعلام إيرانية، الثلاثاء، أن نحو 62 نائباً في البرلمان الحالي لم يحضروا جلسة البرلمان. وأشارت التقارير إلى قراءة أسماء النواب الغائبين. وتأكد عدم استمرار 147 نائباً حالياً في البرلمان الجديد. ورُفضت طلبات بعض النواب للترشح، ولم يترشح آخرون، بينما خسر الأغلبية حملته الانتخابية.

وجاءت الخطوة بعد عدم اكتمال نصاب البرلمان، الاثنين؛ ما أدى إلى تعطيل جلساته، وهو ما أثار انتقادات من المراقبين السياسيين على شبكات التواصل الاجتماعي.

وقال محمد مهاجري: «طيلة أربع سنوات من البرلمان الحالي، كانت الجلسة المفيدة والمثمرة، هي جلسة اليوم التي عطلها قاليباف بسبب غياب عدد كبير من النواب».

وكتب المحلل سعيد شريعتي على منصة «إكس»: «جلسة اليوم لم يكتمل نصابها، ولم تُعقد، على ما يبدو أكثر النواب الغائبين من لم يحصلوا على أصوات في يوم الجمعة، منذ الآن عطّلوا العمل لكي يتفرغوا لأعمالهم الأخرى، إلى هذا الحد تم إذلال بيت الشعب».


مقالات ذات صلة

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

شؤون إقليمية رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

احتجت إيران، الحليف الوثيق لموسكو، لدى السلطات الروسية بعد عملية توقيف «عنيفة» لطالبَين إيرانيين في مدينة قازان الروسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا play-circle 01:24

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)
موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)
TT

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)
موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)

حذرت تركيا من عمليات «تخل بالتركيبة الديموغرافية» لمحافظة كركوك العراقية، داعية بغداد إلى حماية حقوق المواطنين التركمان بسبب «تطورات مقلقة» في نطاق التعداد السكاني.

وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، أونجو كيتشالي، إن أنقرة تتابع من كثب أنباء عن عمليات نقل جماعي للكرد من إقليم كردستان شمال العراق إلى كركوك قبيل إجراء التعداد السكاني، وتحذر من العبث بالتركيبة الديموغرافية في المحافظة.

وتابع كيتشالي أنه «رغم البيانات المتعلقة بالانتماء العرقي لم يتم جمعها في التعداد السكاني، فإن التنقل السكاني المكثف قد تسبب بحق في إثارة قلق التركمان والعرب».

وعد ما جرى يمثل «مخالفة ستؤدي إلى فرض أمر واقع يتمثل في ضم جماعات ليست من كركوك إلى سكان المحافظة، وسيؤثر ذلك على الانتخابات المزمع إجراؤها في المستقبل».

المتحدث باسم الخارجية التركية أونجو كيتشالي (الخارجية التركية)

وشهد العراق تعداداً سكانياً، يومي الأربعاء والخميس الماضيين، لأول مرة منذ 37 عاماً، وشمل جميع محافظات البلاد، بطريقة إلكترونية، وبمشاركة 120 ألف موظف، وسط فرض حظر للتجوال ودون تضمين أسئلة تتعلق بالانتماء العرقي والطائفي، لتجنب حدوث أي انقسام داخل المجتمع المكوّن من مكونات مختلفة، وفقاً للحكومة العراقية.

وشدد كيتشالي على أن تركيا بجميع مؤسساتها تقف إلى جانب التركمان العراقيين، وتحمي حقوقهم ومصالحهم، مضيفاً أنه «في هذا السياق، فإن سلام وأمن مواطني التركمان، الذين يشكلون جسر الصداقة بين العراق وتركيا ولديهم كثافة سكانية كبيرة في العراق، يشكلان أولوية بالنسبة لتركيا، كما أن كركوك تعد من بين الأولويات الرئيسية في العلاقات مع هذا البلد».

وقال: «نتوقع من السلطات العراقية ألا تسمح للمواطنين التركمان، الذين تعرضوا لمذابح واضطهاد لا حصر لها في القرن الماضي، بأن يقعوا ضحايا مرة أخرى بسبب هذه التطورات الأخيرة في نطاق التعداد السكاني».

وأضاف: «حساسيتنا الأساسية هي أنه لا يجوز العبث بالتركيبة الديموغرافية التي تشكلت في كركوك عبر التاريخ، وأن يستمر الشعب في العيش كما اتفقت عليه مكونات المحافظة».

السلطات العراقية قالت إن التعداد السكاني يهدف إلى أغراض اقتصادية (إ.ب.أ)

كان رئيس الجبهة التركمانية العراقية، حسن توران، قد صرح الأربعاء الماضي، بأن 260 ألف شخص وفدوا من خارج كركوك وتم إدراجهم في سجلات المحافظة، بهدف تغيير التركيبة السكانية قبيل إجراء التعداد السكاني العام.

ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عن توران أنهم رصدوا استقدام أعداد كبيرة من العائلات الكردية من محافظتي أربيل والسليمانية إلى مدينة كركوك قبيل إجراء التعداد السكاني، وطالب بتأجيل إعلان نتائج تعداد كركوك لحين فحص سجلات تعداد 1957 الخاص بمدينة كركوك.

بدوره، أكد محافظ كركوك، ريبوار طه، أن «مخاوف أشخاص وجهات (لم يسمها) حول التعداد لا مبرر لها»، وقال في مؤتمر صحافي، إن التعداد يهدف «لأغراض اقتصادية وسيحدد السكان الحقيقيين، مما يساهم في تحسين الموازنة»، على حد قوله.