إيران تؤكد مشاركة 41 % في الانتخابات البرلمانية

فوز 200 من المحافظين المتشددين و45 من المعتدلين نسبياً أو المستقلين

وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي خلال مؤتمر صحافي (رويترز)
وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي خلال مؤتمر صحافي (رويترز)
TT

إيران تؤكد مشاركة 41 % في الانتخابات البرلمانية

وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي خلال مؤتمر صحافي (رويترز)
وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي خلال مؤتمر صحافي (رويترز)

بعد صمت استمر أكثر من يومين، أكدت وزارة الداخلية الإيرانية أن نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية و«مجلس خبراء القيادة»، بلغت 41 في المائة، في امتناع قياسي على مدى 45 عاماً عن التصويت، وأظهرت النتائج الرسمية تكريس سيطرة المحافظين المتشددين على مقاعد البرلمان.

وقال وزير الداخلية، أحمدي وحيدي، إن «25 مليوناً من أصل 61 مليون ناخب شاركوا في الانتخابات»، لافتاً إلى أن عدد الأصوات الباطلة تراوح بين 5 و8 في المائة.

وفي وقت سابق اليوم، أعلن المتحدث باسم لجنة الانتخابات التابعة لوزارة الداخلية، محسن الإسلامي، أنه من بين 290 سباقاً انتخابياً للبرلمان، حسم الناخبون 245 مقعداً في الجولة الأولى. وسيحتاج الـ45 الباقون إلى إجراء انتخابات إعادة، التي ستجرى في حد أقصى بنهاية أبريل (نيسان) المقبل، حيث فشل المرشحون الذي تأهلوا للجولة الثانية في الحصول على نسبة 20 في المائة من الأصوات.

وسيخوض 16 مرشحاً الجولة الثانية في طهران، مع حسم 14 مقعداً في العاصمة التي تخصص لها السلطات 30 مقعداً، وهي أكبر دائرة انتخابية، يبلغ عدد الناخبين فيها 10 ملايين.

ومن بين 245 منتخباً، حصل 200 منهم على دعم معسكر التيار المحافظ المتشدد، وفقاً لتحليل وكالة «أسوشييتد برس».

وكان التصويت هو الأول منذ الاحتجاجات الشعبية الحاشدة إثر وفاة الشابة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاماً، في أثناء احتجازها لدى «شرطة الأخلاق» بدعوى «سوء الحجاب».

وانتهى فرز الأصوات في جميع أنحاء إيران، والذي جرى يدوياً، بحلول يوم الاثنين. ولم تقدم السلطات أي تفسير فوري لعدم الإعلان عن نسبة المشاركة، على الرغم من أنها كانت متاحة بسهولة للسلطات حيث تم تسجيل كل ناخب إلكترونياً عند التصويت.

وقدم الوزير وحيدي روايته عن الانتخابات التي جرت الجمعة، قائلاً: «حققت 4 مستويات؛ الأمن والنزاهة والتنافس والمشاركة»، مضيفاً: «رغم دعاية غير مسبوقة من الأعداء لتثبيط عزيمة الناس، ورغم وجود بعض الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها الناس، فإن الشعب شارك في الانتخابات».

ووصف وحيدي أمن الانتخابات بـ«المثالي»، مضيفاً أنها «جرت في ظل أمن كامل». واتهم «الأعداء» بإطلاق حملات «دعائية» لتشويه الانتخابات. وقال في هذا الصدد: «أجهزة المخابرات؛ حتى الجماعات الإرهابية وأعداء الشعب، تحركوا في مسار تهديد أمن الانتخابات».

ولفت وحيدي إلى أن الانتخابات جرت «وسط أعلى معايير النزاهة». ووصفها بـ«التنافسية، والواسعة»، وأضاف: «عدد المرشحين الذين شاركوا في هذه الفترة كان غير مسبوق، لقد كانت منافسة محتدمة للغاية بسبب العدد الكبير من المرشحين، وكانت المنافسة واقعية بين جميع الفئات والمجموعات».

صحيفة «سازندكي» الإصلاحية تعنون «فوز الأعشاب المتسلقة» في اقتباس من تصريح مثير للجدل من غلام علي حداد عادل مستشار المرشد الإيراني للشؤون الثقافية الذي وصف رئيس البرلمان بشجرة الدلب وباقي المرشحين بالأعشاب التي تتسلق على الشجرة

وقال: «خلال هذه الفترة كانت الأجواء غير مواتية. كنا نشهد باستمرار دعاية العدو الذي أطلق عملية نفسية ضد الانتخابات قبل أشهر قليلة، رغم كل هذا، فإننا شهدنا مشاركة وحضور 25 مليوناً عند صناديق الاقتراع».

تقليل من الأصوات الباطلة

وقلل وحيدي من أهمية التقارير بشأن نسبة الأصوات الباطلة، وقال: «في كل البلاد تبلغ 5 في المائة». وقال: «لدينا 3 أنواع من الأصوات الباطلة: أن يكون الاسم المكتوب لا يمكن قراءته بسبب أخطاء إملائية، أو أشخاص لم تتم الموافقة على طلباتهم».وأضاف: «البعض حاول استثمار مفهوم الأصوات الباطلة. لن يسفر ذلك عن نتيجة، ولن يؤدي إلى شيء، محاولة التقليل من شأن الانتخابات خاطئة، إذا حسبنا كل الأصوات الباطلة في البلاد، فلن تتجاوز 8 في المائة».

وذكرت بعض وسائل الإعلام الإيرانية أن هذا الرقم يصل إلى 30 فی الماظئ مما يشير إلى علامات إحباط حتى بين المؤيدين الأساسيين للجمهورية الإسلامية حسب رویترز.

ونقلت وسائل إعلام رسمية عن رئيسة «جبهة الإصلاحات»، تحالف الأحزاب الإصلاحية، آذر منصوري قولها «على السلطات أن تستمع إلى الأغلبية الصامتة... وتصلح أسلوب الحكم... آمل أن تدرك قبل فوات الأوان تصحيح الضرر والأذى الذي سيسببه هذا المسار».

وأشار وحيدي إلى عدم وجود تجاوزات انتخابية، وأعرب عن ارتياحه لـ«الأخلاق الانتخابية». وتابع: «في كل مراحل الانتخابات، عمل الأعداء على التهديد السيبراني، لكن كانت مقاومة جيدة، وفشل الأعداء في هذا المجال». وذهب أبعد من ذلك، متحدثاً عن إحباط محاولات إثارة الخلل بالاتصالات للتأثير على الانتخابات.

وجاء المؤتمر الصحافي لوحيدي، بعد ساعات من تقرير نشرته وكالات حكومية حول أرقام عن نسبة المشاركة وفق المحافظات الـ31، ولم تكن الأرقام تتضمن المشاركة في أنحاء البلاد.

وأثار صمت وزارة الداخلية بشأن نسبة المشاركة تساؤلات وشكوكاً على مدى يومين. لكن قبل تصريحات وحيدي أكد ما ذكرته وكالة «إرنا» الرسمية السبت عن مشاركة 41 في المائة. وعنونت صحيفة «همشهري» التابعة لبلدية طهران، السبت أيضاً، بمشاركة 25 مليون شخص. وقالت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»: إن النسبة بلغت 40 في المائة.

وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» في تحليل، أنه «لا يزال من غير الواضح ما إذا كان انخفاض الإقبال بسبب لامبالاة الناخبين أم الرغبة النشطة في إرسال رسالة إلى النظام الثيوقراطي الإيراني، على الرغم من أن البعض في البلاد ضغطوا من أجل المقاطعة، بما في ذلك الحائزة جائزة نوبل للسلام المسجونة نرجس محمدي».

وحدد التحليل أن نحو 45 من المشرعين الجدد يعدّون معتدلين نسبياً أو مستقلين. ويضم البرلمان الحالي 18 مشرعاً مؤيدين للتيار الإصلاحي، و38 آخرين تم تحديدهم على أنهم مستقلون. ومن بين تلك المقاعد الفائزة، كان هناك 11 امرأة فقط. ويضم البرلمان الحالي 16 مشرعة.

وأظهرت الأرقام التي نشرتها الوزارة الداخلية، أن نسبة المشاركة في العاصمة طهران، بلغت 26.34 في المائة.

وهذا الرقم أعلى من الأرقام التي قدمها، في وقت متأخر السبت، رئيس المركز الاستراتيجي للتقييم والرقابة في مجلس تشخيص مصلحة النظام، یاسر جبرائيلي، عن مشاركة 1813073 شخصاً في طهران، بنسبة 18.1 في المائة. وذكرت وسائل إعلام إيرانية الأحد أن نسبة المشاركة في طهران قدرت بنحو 24 في المائة.

وسجلت البرز، المحافظة المجاورة لمناطق شمال طهران، ثاني أدنى إقبال على الانتخابات بواقع 28 في المائة. وتخطت المشاركة في 8 من أصل 31 محافظة حاجز 50 في المائة.

بين قاليباف ومتكي

ومع إعلان هوية 14 فائزاً في طهران، بدأت الصحف الإصلاحية التكهنات بشأن رئاسة البرلمان، واحتمال منافسة وزير الخارجية الأسبق، منوشهر متكي، للرئيس البرلمان الحالي، محمد باقر قاليباف، وهو من بين قيادات سابقة في «الحرس الثوري» شغلت مناصب سياسية وترشحت لمنصب الرئاسة.

وعدّت نتائج الجولة الأولى خسارة كبيرة لقاليباف، جراء فشل حلفائه في البرلمان الحالي، في الانتخابات. وأكدت النتائج عدم استمرار 147 نائباً حالياً.

وقال حسين مرعشي؛ الأمين العام لحزب «كاركزاران»، فصيل الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، إن نتائج الانتخابات «لا يمكن التعويل عليها»، وأضاف في تصريح لصحيفة حزبه «سازندكي»، إنه «لا فائز في الانتخابات».

ولفت مرعشي إلى أن «التنافس القبلي حل محل التنافس السياسي» في إشارة إلى العدد الكبير من المرشحين، في المناطق التي يغلب عليها الطابع القبلي، والعشائري، وهي إحدى الاستراتيجيات التي لجأت إليها السلطات لرفع نسبة المشاركة.

وأضاف: «المشاركة الاجتماعية التي تتمحور حول القوميات حلت محل المشاركة السياسية التي تتمحور حول الأحزاب».

وتوقع مرعشي أن يزداد الشرخ بين الأطراف السياسية الداخلية.

بدورها، عدّت صحيفة «هم ميهن» الإصلاحية النتائج التي أفرزتها الانتخابات «أفولاً للسياسة في المجتمع الإيراني».

وأشارت «آرمان ملي» إلى احتمال إزاحة قاليباف من رئاسة البرلمان، وتولي الدبلوماسي المخضرم، منوشهر متكي، الذي تحول إلى لاعب مؤثر في معسكر المحافظين في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة.

أما صحيفة «همشهري»، التابعة لبلدية طهران، التي اقتربت من إعلام «الحرس الثوري» في فترة العمدة علي رضا زاكاني، فقد عدّت امتناع 59 في المائة من الإيرانيين عن التصويت «كذبة كبيرة». وقالت صحيفة «جوان» منصة «الحرس الثوري» في الإعلام الورقي إن «التيارات السياسية استبدلت جلدها في الانتخابات البرلمانية».

برلمان غير مؤثر

ومن المعروف أن البرلمان الإيراني، الذي يهيمن عليه المتشددون منذ أكثر من عقدين، ليس له تأثير يُذكر على السياسة الخارجية أو برنامج طهران النووي المثير للجدل. ويجري تحديد مثل هذه القضايا من قبل السلطة العليا في البلاد، خصوصاً صاحب كلمة الفصل المرشد علي خامنئي.

وتشمل المهام الرئيسية للبرلمان وضع القوانين، والموافقة على مشروعات الحكومة، بما في ذلك الموازنة، وبعض الاتفاقيات الدولية. ويجب أن تتم الموافقة على جميع التشريعات الجديدة من قبل «مجلس صيانة الدستور»، الذي يتم تعيين نصف أعضائه مباشرة من قبل خامنئي.

ودعا ناشطون وجماعات معارضة، تجادل بأن نسبة المشاركة المرتفعة من شأنها أن تضفي الشرعية على الجمهورية الإسلامية، إلى مقاطعة الانتخابات بتوزيع هاشتاغي: «#فوت نو فوت»، و«#إليكشن سيركس» (تعنيان: «لا تصويت» و: «السيرك الانتخابي» على التوالي) على نطاق واسع عبر منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي. وكان الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي من بين المنتقدين الذين لم يدلوا بأصواتهم يوم الجمعة. ويقول المنتقدون والمعارضة إن حكام البلاد لم يعودوا قادرين على حل الأزمة الاقتصادية الناجمة عن مزيج من سوء الإدارة والفساد والعقوبات الأميركية التي أعيد فرضها عام 2018 عندما انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي بين طهران والقوى العالمية.

وقال مركز «صوفان البحثي» ومقره نيويورك: «يبدو أن انتخابات الجمعة أكدت من جديد أن السياسات الإيرانية لن تتغير في المستقبل المنظور، لكن التصويت أظهر أن الجمهور الإيراني غير راضٍ على نطاق واسع عن المسار الذي تسلكه الجمهورية الإسلامية». وتزامنت الانتخابات البرلمانية مع التصويت على أعضاء «مجلس الخبراء» المؤلف من 88 مقعداً؛ الهيئة المكلفة دستورياً تسمية خليفة خامنئي الذي سيبلغ من العمر 85 عاماً الشهر المقبل.


مقالات ذات صلة

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

شؤون إقليمية إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مركز كيندي سيكون مقراً لسحب قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن (رويترز)

إيران ستحضر قرعة كأس العالم بعد التلويح بالمقاطعة بسبب التأشيرات

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم (الخميس)، أن وفداً إيرانيّاً سيحضر قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 غداً (الجمعة) رغم إعلان إيران سابقاً مقاطعة الحفل المقرر بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

إيران تدعو وزير خارجية لبنان لزيارتها ومناقشة العلاقات الثنائية

قالت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الخميس، إن الوزير عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني يوسف رجي لزيارة طهران قريباً لمناقشة العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (طهران)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
TT

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

تواجه «عملية السلام» في تركيا، التي تستوجب حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم الحزب عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي غرب البلاد.

وتفجّرت خلافات بين نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وحزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، خلال اجتماع لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» في البرلمان، المعنية باقتراح الإطار القانوني لنزع السلاح وعملية السلام، التي خُصّصت الخميس للاستماع لتقرير حول لقاء الوفد بأوجلان.

تقرير مجتزأ

وأعلن نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، أن التقرير الذي قُدّم خلال الجلسة، والذي لخّص محضر لقاء الوفد مع أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أخرج المحضر من سياقه، واجتزأه لينحرف عن المضمون الذي أراده أوجلان.

نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعب» الأعضاء في اللجنة البرلمانية (حساب الحزب في «إكس»)

وقال النواب الخمسة، غولستان كيليتش كوتشيغيت وميرال دانيش بيشتاش وحقي صاروهان أولوتش وجلال فرات وجنكيز تشيشيك، في بيان، إنه جرى استخدام جمل خارجة عن السياق، واقتباسات غير كاملة تفتح الباب أمام تكهنات عديدة.

وجاء في البيان أن «نشر محتوى الاجتماع بين أوجلان، الفاعل الرئيسي في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، ووفد اللجنة بشكل مجتزأ، مع تفسيرات ناقصة وذاتية، يُخاطر في المقام الأول بتضييق نطاق الدور (التاريخي) لأوجلان في هذه العملية وفتحه للنقاش، وهذا يتعارض مع النهج والوعود والتعريفات والمسؤوليات الأساسية للعملية المستمرة منذ أكثر من عام».

وطالب البيان -الذي نشره الحزب على حسابه في منصّة «إكس»- بنشر محضر الاجتماع مع أوجلان ومشاركته مع جميع أعضاء اللجنة البرلمانية والجمهور بطريقة «وافية وموضوعية وكاملة وصادقة»، ووضع آلية شفافة لضمان دقة المعلومات العامة.

وقال مسؤولون في الحزب إن التقرير أُعدّ بالطريقة التي أرادها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، لكن «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي هي عملية «جادة وتاريخية»، ويجب أن تُدار بشكل «موضوعي وشفاف، ولا يخضع للتفسيرات الشخصية».

صدام بين الحكومة والمعارضة

وخلال اجتماع اللجنة للاستماع إلى التقرير، احتجّ نواب من حزب «الشعب الجمهوري»، متسائلين عما إذا كان «جهاز المخابرات قد أعدّ التقرير»، وهل سيعمل نواب البرلمان تحت «رقابة جهاز المخابرات الوطني؟». وطالبوا بعرض محضر الاجتماع كاملاً.

جانب من اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - «إكس»)

وقال نواب المعارضة إنه «يتم إخفاء (تفاصيل التقرير) ليس فقط عن الجمهور، بل حتى عن البرلمان». وردّ نائب حزب «العدالة والتنمية»، محمد شاهين على هذه الانتقادات بالقول: «لو أردتم أن تعرفوا ما جرى بالكامل، كان عليكم المشاركة في الوفد الذي زار إيمرالي».

ورفض حزب «الشعب الجمهوري» إرسال أحد نوابه ضمن وفد اللجنة البرلمانية إلى إيمرالي، عادّاً أنه كان يمكن عقد الاجتماع عبر دائرة اتصال تلفزيونية مغلقة لتجنب الحساسيات التي تثيرها زيارة أوجلان.

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل (حساب الحزب في «إكس»)

وانتقد رئيس الحزب، أوغور أوزيل، ما جرى خلال اجتماع اللجنة، مطالباً بالشفافية في كل ما يتعلق بهذه العملية. وقال أوزيل، في مقابلة تلفزيونية، تعليقاً على رفض ذهاب نواب حزبه إلى إيمرالي: «إذا ذهبنا فسنذهب بصراحة، وسنتحدث بصراحة، وسنعود بصراحة، ولن نخفي شيئاً»، متسائلاً عن أسباب إخفاء محضر الاجتماع، وعدم إطلاع نواب اللجنة البرلمانية والرأي العام عليه.

«الكردستاني» يتمسك بموقفه

وفي خضم هذا التوتر، انتقد متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان، زاغروس هيوا، عمل اللجنة البرلمانية واكتفاء الحكومة التركية بـ«التصريحات فقط، دون اتخاذ خطوات حقيقية في إطار عملية السلام، على الرغم من اتخاذ حزب (العمال الكردستاني) العديد من الخطوات الأحادية».

وقال هيوا، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية الجمعة: «إننا لم نكن يوماً مسؤولين عن تخريب عملية السلام، وإن الدولة هي التي اتخذت القرار في عام 2015 بإنهاء العملية السابقة. ولهذا السبب، بدأوا بتجربة أساليب جديدة، ولم يتضح بعد ما إذا كانوا قد غيّروا حقّاً عقليتهم وسياساتهم تجاه الأكراد، أم أنهم يستعدون لموجة جديدة من الهجمات».

متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان زاغروس هيوا (إعلام تركي)

وقال هيوا إن «المفاوضات لم تبدأ بعد»، وإن لقاء أعضاء من اللجنة البرلمانية مع أوجلان في إيمرالي هي «عملية حوار».

وتابع: «لكي تبدأ المفاوضات، يجب أن يلتقي الطرفان على قدم المساواة، وأهم عنصر في هذه المفاوضات هي حرية أوجلان»، الذي وصفه بـ«كبير مفاوضي حزب (العمال الكردستاني)».

وأضاف: «يجب أن تراعي هذه العملية الاندماج الديمقراطي للأكراد وحركة الحرية الكردية في جمهورية تركيا، وتضمن مشاركتهم الحرة في الحياة السياسية الديمقراطية، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق في ظل الدستور الحالي الذي ينكر وجود الأكراد، بل جميع المجموعات العرقية في تركيا».


إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
TT

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

وأضاف التقرير، أن «الحرس الثوري» شبه العسكري أطلق الصواريخ من عمق البر الرئيسي في إيران، وأصاب أهدافاً في بحر عمان ومنطقة مجاورة بالقرب من مضيق هرمز في تدريبات بدأت الخميس، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

صورة نشرتها قوات «الحرس الثوري» 5 ديسمبر 2025 تظهر قارباً نفاثاً يشارك في مناورة عسكرية بالمياه قبالة سواحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

وحدد الصواريخ بأنها صواريخ كروز، طراز قدر 110- وقدر380- وغدير، يصل مداها إلى ألفي كيلومتر. وأضاف أن «الحرس الثوري» أطلق أيضاً صاروخاً باليستياً هو 303، من دون أن يدل بمزيد من التفاصيل.

وأظهرت لقطات تلفزيونية إطلاق الصواريخ وإصابة أهدافها.

صورة تم توزيعها 5 ديسمبر 2025 من قِبل «الحرس الثوري» الإيراني تظهِر صاروخاً يتم إطلاقه أثناء تدريب عسكري في المياه قبالة ساحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

والمناورات هي الثانية في أعقاب الحرب بين إسرائيل وإيران في يونيو (حزيران)، التي أسفرت عن مقتل نحو 1100 شخص في إيران، من بينهم قادة عسكريون وعلماء نوويون. وأسفرت الهجمات الصاروخية من قِبل إيران عن مقتل 28 شخصاً في إسرائيل.


تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
TT

تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)

قُوبل قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعيين سكرتيره العسكري، رومان غوفمان، رئيساً جديداً لـ«الموساد» بخيبة أمل داخل الجهاز، وفقاً لما قاله مسؤولون حاليون وسابقون على الرغم من أن كثيرين قالوا إن الاختيار لم يكن مفاجئاً، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.

وقال المسؤولون إن نتنياهو تجاوز مرشحي «الموساد» المدعومين منه لتعيين رومان غوفمان، مما أثار مخاوف بشأن افتقاره للخبرة الاستخباراتية واحتمالية استقالته، بينما يقول حلفاؤه إن ولاءه وحكمته وفكره العدواني تناسب منصبه.

وبعد أن اختار نتنياهو شخصاً من خارج جهاز «الشاباك»، وهو ديفيد زيني، لقيادته في وقت سابق من هذا العام، توقع كبار مسؤولي «الموساد» أن يتبع نفس النهج: اختيار شخصيات من خارج الجهاز يراها عدوانية وموالية ومتوافقة آيديولوجياً معه.

ويقول المنتقدون إن هذه الخطوة تعكس معركة نتنياهو الأوسع ضد ما يسميه «النخب» و«الدولة العميقة»، ويقول المؤيدون إن غوفمان موثوق به، وكتوم، ومخلص.

وزعم بعض المسؤولين المطلعين على عملية التعيين أن غوفمان خضع لـ«مقابلة» غير رسمية مع زوجة نتنياهو، سارة، قبل اتخاذ القرار- وهو ادعاء نفاه مكتب رئيس الوزراء ووصفه بأنه «كاذب تماماً».

من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع يسرائيل كاتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء اللواء رومان غوفمان وبنيامين نتنياهو ورئيس ديوان مكتبه تساحي برافرمان والقائم بأعمال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يظهرون بمركز قيادة خلال الغارات في قطر (الشاباك)

وأشار آخرون إلى إتقانه للغة الروسية ولغته الإنجليزية المحدودة، مما قد يُعقّد التواصل الدبلوماسي، مع أن حلفاءه يجادلون بأن إتقان اللغة الإنجليزية ليس جوهرياً في مهام «الموساد» الأساسية وتوقع العديد من كبار مسؤولي الدفاع موجة استقالات داخل الجهاز عقب الإعلان.

وتجاوز نتنياهو المرشحين الذين أوصى بهم مدير الموساد المنتهية ولايته، ديفيد برنياع، واختار غوفمان بدلاً منه، الذي لم يرتقِ في دوائر الاستخبارات الإسرائيلية. وقال المطلعون على تفكير رئيس الوزراء إن قراره كان مدفوعاً بولائه وحكمته ووصفه مسؤول دفاعي كبير سابق بأنه «مخلص بشدة لنتنياهو» ووصف التعيين بأنه «محير».

ويقول زملاؤه إن غوفمان ضابط جاد ومنضبط وقارئ نهم للتاريخ والاستراتيجيات العسكرية.

ولفت بعض مسؤولي الأمن السابقين إلى أنه قد يكون متهوراً أيضاً، وأشاروا إلى قضية من فترة عمله قائداً للفرقة 210 «باشان»، حيث زُعم أنه أذن باستخدام شاب مدني يبلغ من العمر 17 عاماً، يُدعى أوري ألماكايس، في عملية غير مصرح بها وهي قضية أدت لاحقاً إلى اعتقال المراهق واحتجازه لفترة طويلة قبل إسقاط التهم عنه.

بنيامين نتنياهو ومدير «الموساد» ديفيد برنياع في القدس (د.ب.أ)

وقال ضابط كبير سابق في الاستخبارات العسكرية إنه على الرغم من أن غوفمان «شخص ماكر وشجاع»، فإنه يفتقر إلى الخلفية الاستخباراتية العملياتية المتوقعة عادةً من مدير الموساد.

وأضاف المسؤول: «إنه يتحدث الروسية والعبرية فقط، ولا ينطق بكلمة إنجليزية واحدة لقد شغل منصب لواء لمدة عام واحد فقط ولم يسبق له إدارة منظمة بهذا الحجم».

وفي المقابل، رفضت مصادر مقربة من نتنياهو بشدة الانتقادات لتعيين غوفمان، واصفةً إياه بالتعيين الممتاز، وقالوا إن إتقانه للغة الروسية وفهمه الإقليمي جعلاه لا يُقدر بثمن في مهمات حساسة في موسكو، وأشاروا إلى أنه أصبح، بصفته السكرتير العسكري، أقرب مستشار أمني لنتنياهو، وأضافوا أنه لعب دوراً في عمليات سرية مهمة، بما في ذلك اغتيالات لكبار شخصيات «حزب الله»، ومهام موجهة ضد إيران خلال الصراع معها في وقت سابق من هذا العام.

ويصف المسؤولون الذين عملوا معه من كثب غوفمان بأنه مفكر عدواني وغير تقليدي «ويقاتل بسكين بين أسنانه ويتفوق في الخداع، ويُحاط بالمعلومات الحساسة، وهي سمات يعتبرونها أساسية للموساد»، وقال أحدهم: «إنه المساعد الأمني ​​الأكثر ثقة لرئيس الوزراء. ليس رئيس الأركان، ولا وزير الدفاع - بل كان غوفمان».

وفي حين يشير البعض إلى قلة لغته الإنجليزية كمصدر قلق، يجادل مؤيدوه بأن ساحات الموساد الرئيسية - إيران وسوريا ولبنان - لا تتطلب إتقان اللغة الإنجليزية بينما تعتبر لغته الروسية ميزة نظراً لعلاقات موسكو مع إيران وغيرها من الجهات المعادية.

وكان رئيس الأركان إيال زامير التقى بغوفمان هذا الأسبوع وهنأه، قائلاً إن الجيش سيدعمه في انتقاله إلى المنصب، وأكد «الموساد» أن برنياع تحدث مع غوفمان وتمنى له النجاح، فيما ذكر نتنياهو أنه اختار غوفمان بعد مقابلات مع عدد من المرشحين، وأشاد بـ«قدراته المهنية الاستثنائية»، مشيراً إلى دوره في مواجهة هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما غادر منزله لقتال مسلحي «حماس» وأصيب بجروح بالغة.