إيران تبدأ حملتها الانتخابية الأولى منذ الاحتجاجات الحاشدة

أكثر من نصف الناخبين لا يبالون بالاقتراع

إيرانيون بجوار مجسم لصندوق الاقتراع الانتخابي خلال اليوم الأول من الحملات الانتخابية البرلمانية الإيرانية في أحد شوارع طهران (إ.ب.أ)
إيرانيون بجوار مجسم لصندوق الاقتراع الانتخابي خلال اليوم الأول من الحملات الانتخابية البرلمانية الإيرانية في أحد شوارع طهران (إ.ب.أ)
TT

إيران تبدأ حملتها الانتخابية الأولى منذ الاحتجاجات الحاشدة

إيرانيون بجوار مجسم لصندوق الاقتراع الانتخابي خلال اليوم الأول من الحملات الانتخابية البرلمانية الإيرانية في أحد شوارع طهران (إ.ب.أ)
إيرانيون بجوار مجسم لصندوق الاقتراع الانتخابي خلال اليوم الأول من الحملات الانتخابية البرلمانية الإيرانية في أحد شوارع طهران (إ.ب.أ)

بدأ المرشحون في الانتخابات التشريعية الإيرانية حملتهم، فجر الخميس، في أول انتخابات تشهدها البلاد، بعد أكثر من سنة على الاحتجاجات الشعبية التي هزت أنحاء البلاد، بعد وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر (أيلول) 2022.

ويتنافس 15200 مرشح على ولاية مدتها أربع سنوات، في البرلمان المؤلف من 290 مقعداً، وسيطر التيار المحافظ المتشدد على دورته الحالية.

وهذا رقم قياسي وأكثر من ضِعف المرشحين الذين خاضوا انتخابات قبل أربع سنوات، عندما كانت نسبة إقبال الناخبين 42.57 في المائة في عموم البلاد، و25 في المائة بالعاصمة طهران، وهو أدنى مستوى منذ عام 1979.

وهذا الأسبوع، أعلنت «الداخلية» الإيرانية أنها حصلت على أسماء 15200 مرشح من مجلس صيانة الدستور الذي يشرف على الانتخابات في إيران، وهو هيئة تبتّ بأهلية المرشحين، وتتألف من 12 عضواً يسمي نصفهم المرشد الإيراني مباشرة، والنصف الآخر يسميهم رئيس القضاء الذي بدوره يعيّنه المرشد الإيراني.

ومن بين المرشحين 1713 امرأة، وهو أكثر من ضِعف عدد الـ819 اللاتي تنافسن في عام 2020، وفقاً لوكالة «أسوشيتد برس».

ومن المقرر إجراء الانتخابات في الأول من مارس (آذار)، على أن يبدأ البرلمان الجديد في أواخر مايو (أيار).

وانطلقت الحملة بشكل خجول، الخميس، مع تعليق عدد محدود من ملصقات المرشحين في شوارع طهران، خلال اليوم الأول من عطلة نهاية الأسبوع في إيران، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وعلقت ملصقات كبيرة تُظهره وهو يدلي بصوته في صندوق الاقتراع، وأظهرت نتائج أحد استطلاعات الرأي القليلة، التي نُشرت خلال الأسابيع الأخيرة، أن أكثر من نصف الإيرانيين لا يبالون بالاقتراع.

وأصر المرشد الإيراني علي خامئني، في عدة خطابات، على مطالبة المسؤولين وعموم الإيرانيين برفع نسبة المشاركة في الانتخابات الحالية.

وقال خامنئي: «يجب على الجميع المشاركة في الانتخابات»، داعياً «الشخصيات المؤثرة» إلى «تشجيع السكان على التصويت».

ملصق للمرشد علي خامنئي ضمن حملة دعائية تحث الإيرانيين على المشاركة في الانتخابات بطهران (أ.ف.ب)

استياء شعبي

ويدعو المعارضون لنهج الحكام في إيران والشتات الإيراني، منذ أسابيع، إلى مقاطعة الانتخابات.

وفي غياب المنافسة الفعلية مع الإصلاحيين والمعتدلين، ستقتصر المواجهة بين المحافظين.

والمعسكر الإصلاحي أقل تمثيلاً مما كان عليه في عام 2020، فقد جرت الموافقة على ترشيح 20 إلى 30 فقط من مرشحيه، وهو عدد غير كاف لتشكيل لوائح انتخابية، على ما يفيد مسؤولون.

وأسف زعيم التيار الإصلاحي، الرئيس السابق محمد خاتمي (1997 - 2005)، الاثنين، لكون إيران «بعيدة جداً عن انتخابات حرة وتنافسية».

ودعا الرئيس المعتدل السابق حسن روحاني (2013 - 2021) الناخبين إلى التصويت «للاحتجاج على الأقلية الحاكمة»، لكنه لم يدعُ إلى الامتناع عن التصويت، رغم إبطال ترشيحه لمجلس الخبراء، حيث كان عضواً منذ 24 عاماً.

إيرانية تمشي بجانب ملصقات خلال اليوم الأول من الحملات الانتخابية البرلمانية في طهران (إ.ب.أ)

وأعلنت جبهة الإصلاحات، الائتلاف الرئيسي للأحزاب الإصلاحية، أنها ستغيب عن «هذه الانتخابات المجردة من أي معنى وغير المجدية في إدارة البلاد».

في هذا السياق، حذر خاتمي من عدد «المستائين الذي يرتفع يوماً بعد يوم».

وقال الناشط الإصلاحي مازيار خسروي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «جزء من هؤلاء المرشحين، ولا سيما في الدوائر الصغيرة، أطباء ومهندسون وموظفون رسميون ومدرسون لا ينتمون إلى أي مجموعة أو ميل سياسي».

وشدد على أن السلطة أرادت بهذا العدد الكبير من المرشحين «إحداث منافسة على الصعيد المحلي، وزيادة المشاركة؛ لأن كل مرشح سيحشد معارفه». ورأى أن المعركة في معسكر المحافظين «ستكون خطِرة وحادة».

وفي إشارة إلى المطالبات المتعلقة بالمشكلات المعيشية المتفاقمة، قال خسروي: «الظروف الاقتصادية أحدثت استياء في صفوف الإيرانيين إزاء ممثليهم الحاليين. ومن المرجح ألا يجدد لكثير من بينهم».

عامل إيراني يسير بجانب الملصقات الانتخابية لمرشحي مجلس الخبراء في أحد شوارع طهران (إ.ب.أ)

وهذا الاستياء من السلطة انعكس بقوة في الاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي تَلت وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر (أيلول) 2022.

وتوفيت أميني في 16 سبتمبر بعد اعتقالها من قِبل شرطة الأخلاق بدعوى سوء الحجاب. وسرعان ما تصاعدت الاحتجاجات إلى دعوات الإطاحة بالحكام، في أكبر تحدٍّ يواجه المؤسسة الحاكمة منذ ثورة 1979. وأدت حملة إخماد الحراك الاحتجاجي إلى مقتل أكثر من 500 متظاهر، واعتقل ما يناهز 20 ألفاً، وفقاً لجمعيات حقوق الإنسان، المعنية بإيران.

اقتراع مزدوج

وسيترشح رئيس البرلمان الحالي، محمد باقر قاليباف، للانتخابات من مدينة مشهد مسقط رأسه، وهي دائرة انتخابية تقع في شمال شرقي البلاد، بعد فوزه بمقعد في العاصمة طهران قبل أربع سنوات.

ويشير تغيير الدوائر الانتخابية إلى خطوة احترازية ضد تقلص الشعبية. وفي السنوات الأخيرة، اتهمه زملاؤه المنتقدون المتشددون أحياناً بتجاهل حقوق أعضاء البرلمان الآخرين، وتجاهل تقارير الفساد عندما كان عمدة طهران.

وفي انتخابات متزامنة، سيسعى عضو مجلس الخبراء الحالي، إبراهيم رئيسي، إلى إعادة انتخابه لعضوية المجلس في دائرة انتخابية نائبة، بمقاطعة جنوب خراسان، ويتنافس ضد رجل دين غير معروف.

سيتنافس 144 من رجال الدين المتنفذين على عضوية مجلس خبراء القيادة، المؤلف من 88 مقعداً، والذي يعمل بصفته هيئة استشارية للمرشد علي خامنئي، صاحب كلمة الفصل في جميع شؤون الدولة. مدة خدمتهم ثماني سنوات.

بموجب الدستور الإيراني، تراقب الهيئة أداء المرشد الإيراني، وتختار خليفته، وسيبلغ المرشد علي خامنئي 85 عاماً في أبريل (نيسان).

ويتولى خامنئي المنصب منذ 34 عاماً. ويقول منتقدو مجلس خبراء القيادة إن صلاحياته في الإشراف على أداء المرشد معطّلة.

سيناريوهات سابقة

قبل أربع سنوات، فتحت أبواب مراكز الاقتراع على وقع تأكيد أول إصابتين بفيروس «كورونا» المستجد، في البلاد. وألقت السلطات اللوم، إلى حد ما، على إعلان تفشي الفيروس قبل 24 ساعة من بدء الاقتراع. وكانت الحكومة السابقة، برئاسة المعتدل نسبياً حسن روحاني، قد واجهت اتهامات بالتستر على تفشي الفيروس.

وكان مجلس صيانة الدستور قد رفض طلبات السلطات لغالبية مرشحي التيار المعتدل والإصلاحي، قبل أربع سنوات.

وحاول هؤلاء اعتبار غياب مرشحين من بين أسباب تراجع نسبة المشاركة.

وذهب بعض المحللين حينها إلى القول إن إعلان السلطات جاء بعد تأكدها من ضعف الإقبال على الانتخابات.

ومع ذلك فإن الانتخابات قبل أربع سنوات جرت على وقع احتجاجات عدة في البلاد، كان أبرزها الاحتجاجات المعيشية التي اندلعت في ديسمبر (كانون الأول) 2017، ضد موجات التضخم وغلاء الأسعار. وكانت الاحتجاجات قد سبقت إعادة تنفيذ العقوبات الأميركية بثمانية أشهر، على أثر انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي، في مايو (أيار) 2018.

 وبعد نحو عامين من تلك الاحتجاجات، شهدت إيران، في منتصف 2019، احتجاجات سرعان ما امتدت لجميع أنحاء البلاد، بعد قرار مفاجئ من الحكومة الإيرانية رفع أسعار البنزين.

وقبل الانتخابات بأسابيع، شهدت طهران بوادر احتجاجات شعبية على أثر إسقاط «الحرس الثوري» طائرة ركاب أوكرانية، في 8 يناير (كانون الثاني) 2020، بعد لحظات من إطلاق صواريخ باليستية على الأراضي العراقية، حيث وجّه «الحرس الثوري» ضربة لقاعدة عين الأسد، انتقاماً لمقتل العقل المدبر لعملياته الخارجية، قاسم سليماني، في 3 يناير من العام نفسه.

ولم يختلف الوضع كثيراً على صعيد المشاركة في انتخابات الرئاسة لعام 2019، ووفق الإحصائية الرسمية بلغت نسبة المشاركة في عموم البلاد نحو 48 في المائة، وهي أقل نسبة مشاركة في الاستحقاقات الرئاسية. وفي العاصمة طهران، كانت المشاركة أكثر بقليل من 25 في المائة.

وتخشى السلطات تكرار سيناريو الانتخابات البرلمانية قبل أربعة أعوام، والانتخابات الرئاسية قبل 3 أعوام، خصوصاً في العاصمة طهران.

وقالت «وكالة الصحافة الفرنسية» إنه «في غياب التشويق حول بقاء الغالبية الحالية، ستكون هذه الانتخابات موضع متابعة على مستوى نسبة مشاركة الناخبين الـ61 مليوناً المدعوّين إلى الاقتراع».

ولا يستبعد الخبراء أن تصل نسبة الامتناع عن التصويت إلى أعلى مستوى لها منذ قيام «الجمهورية الإسلامية» قبل 45 عاماً.


مقالات ذات صلة

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

شؤون إقليمية ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز بـ«الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

إيران تتطلع إلى رئيس حكومة عراقي «يراعي» مصالح البلدين

يقول السفير الإيراني في بغداد إن الفصائل العراقية وصلت إلى مرحلة اتخاذ القرارات بنفسها، في سياق حديث عن عزمها «حصر السلاح بيد الدولة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)

إيران تعلن احتجاز ناقلة أجنبية تحمل وقوداً مهرباً في الخليج

ذكرت ​وسائل إعلام رسمية اليوم الجمعة أن إيران احتجزت ناقلة نفط أجنبية قرب جزيرة قشم الإيرانية في الخليج

«الشرق الأوسط» (لندن )
شؤون إقليمية صاروخ باليستي إيراني يُعرض في شارع وسط طهران بجوار لافتة تحمل صورة المسؤول السابق للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني ومسؤول البرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زادة الذي قُتل بضربة إسرائيلية في يونيو الماضي (رويترز) play-circle

نتنياهو سيعرض معلومات استخباراتية على ترمب

قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الهجوم على إيران «لا مفر منه» إذا لم يتوصل الأميركيون إلى اتفاق يقيد برنامج طهران للصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (لندن-تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
TT

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إعطاء أولوية لمراجعة قضية احتجاز رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو. كما قرّرت عقد جلسة الاستماع بشأن طلب رجل الأعمال البارز، عثمان كافالا، المسجون منذ 8 سنوات، للإفراج عنه.

وقال محمد بهلون، محامي إمام أوغلو: «تلقينا إخطاراً رسمياً بأن طلبنا المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن الاحتجاز غير المبرر لموكلنا، أكرم إمام أوغلو، سيُنظر فيه على وجه السرعة».

وأضاف بهلون عبر حسابه في «إكس»، الجمعة: «يُعد قرار المحكمة الأوروبية بإعطاء الأولوية للنظر في الطلب، المتعلق بإمام أوغلو، أمراً نادراً في الطلبات المقدمة من تركيا حتى الآن».

«حالة نادرة»

واعتُقل إمام أوغلو، الذي ينظر إليه على أنه أقوى منافس للرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الرئاسة والمرشح عن حزب «الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة، في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2028، في 19 مارس (آذار) الماضي لاتهامات تتعلق بشبهات فساد في بلدية إسطنبول.

وأودع إمام أوغلو، الذي فجّر اعتقاله احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تركيا منذ احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013، إلى سجن سيليفري منذ 23 مارس، في إطار تحقيقات تتعلق بشبهات الفساد والرشوة والمخالفات في المناقصات.

اشتباكات بين الشرطة ومحتجين على اعتقال أكرم إمام أوغلو في إسطنبول في مارس الماضي (رويترز)

ويشمل التحقيق، الذي بدأ مع اعتقاله في 19 مارس، التي تصفها المعارضة بأنها عملية سياسية تستهدف منع إمام أوغلو من منافسة إردوغان، 122 مشتبهاً به. كما تضُمّ لائحة الاتهام، التي صدرت بعد 237 يوماً من الاعتقالات في 3900 صفحة، 402 شخص كمشتبه بهم، وشملت العديد من التهم المالية، بالإضافة إلى 17 تهمة بينها «التلوث البيئي المتعمد».

ويطالب الادعاء العام بسجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى لمدة تتراوح بين 828 و2352 عاماً، بوصفه «مؤسس وزعيم منظمة إمام أوغلو الإجرامية». وستبدأ المحاكمة نظر القضية في 9 مارس المقبل، أمام الدائرة الـ40 لمحكمة إسطنبول الجنائية العليا.

قضية عثمان كافالا

بالتوازي، أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن جلسة الاستماع بشأن الطلب الثاني لرجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، المسجون منذ عام 2017، ستُعقد في 25 مارس المقبل.

وأحالت المحكمة طلب كافالا، المتعلق باحتجازه والسجن المؤبد المشدد، إلى الدائرة الكبرى في 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ودعت الدائرة الأطراف إلى تقديم آرائهم الخطية بحلول 26 يناير (كانون الثاني) المقبل.

متظاهر يرفع صورة للناشط عثمان كافالا خلال مسيرة في إسطنبول في الذكرى الثامنة لاعتقاله (أ.ف.ب)

ولكي تتمكن حكومة تركيا أو أي أطراف ثالثة من المشاركة في جلسة الاستماع، يجب عليها تقديم طلب للحصول على إذن بحلول 29 يناير. وفي حال الموافقة على هذا الإذن، يجب تقديم الآراء الخطية إلى المحكمة في موعد أقصاه 12 فبراير (شباط).

وتنظر الدائرة الكبرى في الطلبات التي تتضمن مسائل جوهرية تتعلق بتطبيق وتفسير الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

ويتعلق الطلب الثاني، المُقدم في 18 يناير 2024، باستمرار احتجاز عثمان كافالا رغم قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوقوع انتهاك لحقوقه، والمحاكمة التي أسفرت عن الحكم عليه بالسجن المؤبد المشدد.

وذكرت المحكمة الأوروبية في قرارها الصادر في 10 ديسمبر 2019 أن اعتقال كافالا واحتجازه كانا يهدفان إلى إسكاته وتثبيط عزيمة المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان.

إجراءات ضد تركيا

دعت المفوضية الأوروبية الحكومة التركية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للإفراج الفوري عن كافالا، وباشرت في عام 2021 إجراءات قانونية ضد أنقرة لعدم تنفيذها قرار الإفراج عنه.

الشرطة التركية تفرق متظاهرين خلال احتجاجات «غيزي بارك» في عام 2013 بخراطيم المياه (أرشيفية)

واحتجز كافالا في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وتم توقيفه في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، بتهمة تنظيم أو تمويل احتجاجات حديقة «غيزي بارك» في إسطنبول عام 2013، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016.

ومنذ ذلك الحين، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكاماً تنص على أن احتجازه يُعد انتهاكاً لحقوقه، وأنه يجب الإفراج عنه فوراً. وفي أبريل (نيسان) 2022، حُكم على كافالا بالسجن المؤبد المشدد بتهمة «محاولة قلب نظام الحكم» في قضية «غيزي بارك»، وأيّدت محكمة النقض الحكم في سبتمبر (أيلول) 2023.


واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
TT

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز في «الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية عابرة للحدود.

وأفاد مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» بأنه يبحث عن مسؤول رفيع في «قوة القدس»، الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»؛ للاشتباه بتورطه في توجيه وإدارة عمليات استهدفت مسؤولين أميركيين وأوروبيين حاليين وسابقين، في تطورٍ يعيد إلى الواجهة ملف المواجهة المفتوحة بين طهران والغرب، والذي طالما حذّرت منه الولايات المتحدة وحلفاؤها.

وكشف المكتب، في بيان صحافي، أن الشخص الذي كان يُعرَف سابقاً باسمه الحركي سردار عمار هو في الحقيقة سعيد توكلي، داعياً الجمهور إلى المساعدة في تقديم أي معلومات قد تسهم في مسار التحقيق، الذي تتولاه دائرة المكتب بواشنطن العاصمة.

ووفق الرواية الأميركية، فإن توكلي مطلوب للاستجواب، على خلفية شبهات تتعلق بإدارة عمليات استخباراتية سرية وعمليات «قاتلة» طالت معارضين إيرانيين وصحافيين، إضافة إلى مواطنين إسرائيليين ومسؤولين حاليين وسابقين بالحكومة الأميركية، سواء داخل الولايات المتحدة أم في عدد من الدول الأوروبية.

وفي محاولةٍ لتوسيع نطاق البحث، نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي أوصافاً جسدية لتوكلي، مشيراً إلى أن شعره رمادي أو أبيض، وعيناه بُنيتان، ويتحدث اللغة الفارسية، داعياً أي شخص يمتلك معلومات عنه إلى التواصل مع أقرب فرع للمكتب أو مع سفارة أو قنصلية أميركية.

صورة جرى توزيعها 5 ديسمبر 2025 من قِبل «الحرس الثوري» الإيراني تُظهِر صاروخاً يتم إطلاقه أثناء تدريب عسكري بالمياه قبالة ساحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

شبكة عابرة للحدود

وتقول السلطات الأميركية إن توكلي يتولى قيادة وحدة تُعرف باسم 11000 داخل «الحرس الثوري» الإيراني، وهي وحدة يُعتقد أنها لعبت دوراً محورياً في إدارة شبكة عملياتية مرتبطة بمحاولات هجوم في دول عدة؛ من بينها أستراليا واليونان وألمانيا والمكسيك.

وتنسجم هذه الاتهامات مع ما دأبت واشنطن على تأكيده بشأن اعتماد طهران، عبر «فيلق القدس»، على شبكات سرية تعمل خارج حدودها لتنفيذ عمليات ضغط أمني وسياسي ضد خصومها.

وكان جهاز الموساد الإسرائيلي قد أعلن، في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، أن هذه الشبكة حاولت تنفيذ سلسلة هجمات، خلال عاميْ 2024 و2025، زاعماً إحباط عدد منها. ونقل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن «الموساد» أن أنشطة الشبكة أدت، في إحدى نتائجها، إلى طرد السفير الإيراني من أستراليا؛ في خطوة عكست حجم التوتر بين كانبيرا وطهران، على خلفية تلك الاتهامات.

في السياق نفسه، كانت منظمة الاستخبارات الأمنية الأسترالية قد اتهمت، في أغسطس (آب) 2025، «الحرس الثوري الإيراني» بتوجيه ما لا يقل عن هجوميْ حرق متعمَّد ذويْ طابع مُعادٍ للسامية.

وذكرت أن أحد الهجومين استهدف كنيس «أداس إسرائيل» في ملبورن، في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2024، في حين طال الآخر مطعم «لويس كونتيننتال كيتشن» في سيدني بتاريخ 20 أكتوبر 2024، وهي وقائع أثارت قلقاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والأمنية الأسترالية.

تحذيرات متراكمة

لا يأتي هذا التطور بمعزل عن سلسلة تحذيرات أطلقتها الإدارة الأميركية، خلال السنوات الأخيرة، بشأن محاولات إيرانية لتنفيذ عمليات خطف واغتيال داخل الأراضي الأميركية نفسها، فيما تعدُّه واشنطن تصعيداً غير مسبوق في أساليب المواجهة.

ففي أكتوبر الماضي، أعلن مكتب الادعاء العام بالمنطقة الجنوبية من نيويورك توجيه اتهامات إلى ثمانية أشخاص، بينهم مسؤول عسكري إيراني، بزعم ارتباطهم بشبكة سعت إلى قتل مواطن أميركي من أصل إيراني عبر استئجار «مجموعة إجرامية» من أوروبا الشرقية لاغتيال صحافي.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ذهبت وزارة العدل الأميركية أبعد من ذلك، حين أعلنت أن ثلاثة أميركيين عُرضت مكافآت مالية مقابل اغتيالهم من قِبل مسؤول في «الحرس الثوري الإيراني»، وكان من بينهم دونالد ترمب، خلال حملته الانتخابية الرئاسية.

وفي تعليقٍ عكس نبرة التشدد الأميركية، قال وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند إن «هناك قلة من الجهات في العالم تشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي للولايات المتحدة بقدر ما تُشكله إيران».


الأميركيون يشعرون بأن نتنياهو نادم على قبول خطة ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
TT

الأميركيون يشعرون بأن نتنياهو نادم على قبول خطة ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)

في الوقت الذي يحظى فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأكبر دعم سياسي وعسكري واقتصادي غير مسبوق من الولايات المتحدة، عبَّر مسؤولون أميركيون عن قلقهم من قدومه للقاء الرئيس دونالد ترمب في ميامي، حاملاً مطالب تفضي إلى التراجع عن خطة وقف الحرب.

وتحدثوا عن شعورهم بأنه يشعر بالندم على قبوله الخطة ويرغب في العودة إلى استئناف الحرب.

وحسب «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، قالت مصادر في واشنطن، إنه في وقت يسعى فيه البيت الأبيض إلى الإعلان، منتصف الشهر المقبل، عن تأسيس «مجلس السلام» وتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية وقوة الاستقرار الدولية في القطاع، والتقدم في خطة الرئيس ترمب للسلام الشامل، يعود نتنياهو إلى أفكار ومقترحات تهدد بانهيار الخطة.

الرئيس الأميركي دونال دترمب يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 4 فبراير 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

وذكرت هذه المصادر للقناة الإسرائيلية أن وزير الدفاع الأميركي، بيتر بيريان هيغسيث، ووزير الخارجية، مارك روبيو، والمستشارين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، «فقدوا ثقتهم بنتنياهو، وترمب هو الوحيد الذي لا يزال يحب نتنياهو. ولكن ترمب يريد ويصرّ على رؤية تقدم أسرع في اتفاق غزة مما هو يتقدم الآن»، ويريد أن يعقد اجتماع «مجلس السلام» برئاسته، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، في الأسبوع الأخير من يناير (كانون الثاني) المقبل، ولا يريد عراقيل إسرائيلية لخطته.

وقال مسؤول أميركي للقناة إن «الشعور السائد منذ فترة هو كأن الإسرائيليين نادمون على الاتفاق في غزة».

وفي تل أبيب، يقول اللواء (احتياط) إسرائيل زيف، الرئيس الأسبق لقسم العمليات في رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، إن الرؤية لدى حكومة نتنياهو هي أن الحرب لم تنتهِ فعلياً، بل هي أشبه بهدنة مؤقتة، وفي الوقت نفسه، تُستخدم التهديدات ذريعةً لسياسة أمنية قوية. ويؤكد أنه «على الرغم من انتهاء الحرب في لبنان وسوريا قبل عام، وفي غزة قبل نحو ثلاثة أشهر، فإن الحكومة الإسرائيلية لم تناقش أو تتخذ أي قرار رسمي بشأن إنهاء الحرب، ناهيك عن أنها لم تعترف حتى بشكل كامل بانتهاء الحرب. وثمن عدم إنهاء الحرب باهظ للغاية، لكن هذه الحكومة تُفضّل تبديد ضباب المعركة والتخبط، بل وحتى نقض جميع اتفاقيات وقف إطلاق النار المفروضة عليها على جميع الجبهات. ولا تُبدي أي اهتمام بالاعتراف بنهاية الحرب. بل على العكس، فهي ترغب سياسياً في العودة إلى الحرب بأسرع وقت ممكن؛ وذلك لأسباب داخلية محضة، مثل إزالة مسألة لجنة التحقيق الرسمية من على الطاولة، واختلال وظائفها، والفشل في إعادة تأهيل الشمال، والإهمال الذي تعاني منه إسرائيل جراء الحرب التي تتحمل مسؤوليتها، وتزايد عزلتها الدولية. وفي هذا يتسبب نتنياهو بالإحراج الشديد للرئيس ترمب، الذي وصف بأنه الأفضل لإسرائيل في التاريخ».

ترمب يعرض النسخة التي وقَّع عليها لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة بمدينة شرم الشيخ المصرية 13 أكتوبر 2025 (أرشيفية - أ.ف.ب)

إزاء هذا الوضع، تواصل الإدارة الأميركية التقدم في الإعداد لتطبيق خطة ترمب. ومن خلال الاجتماع الذي عقده ويتكوف مع رئيس وزراء قطر ورئيس المخابرات المصرية ووزير الخارجية التركي، في ميامي، يوم الجمعة الماضي، تبين أن واشنطن تطالب الجيش الإسرائيلي أن يحترم اتفاق وقف إطلاق النار والامتناع عن استهداف المدنيين الغزيين.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إنه تقرر خلال اجتماع ميامي أن تشرف حكومة التكنوقراط الفلسطينية على نزع سلاح غزة، حسب ثلاثة مصادر في البيت الأبيض، وذلك من خلال إقناع «حماس» وتنظيمات مسلحة أخرى، بأن الحكومة الفلسطينية الجديدة هي المسؤولة الوحيدة عن القانون والنظام والمخولة استخدام السلاح. ونقلت الصحيفة عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن نزع السلاح سيتم على مراحل، وسيكون التركيز في البداية على السلاح الثقيل، مثل الصواريخ والقذائف الصاروخية، ولاحقاً سيتم نزع أسلحة خفيفة، وأن هذه العملية ستشمل الميليشيات التي تدعمها وتسلحها إسرائيل، وأن بإمكان الحكومة الفلسطينية طلب مساعدة القوة الدولية.

كتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشارت «القناة 12» إلى أن نتنياهو «متشكك حيال خطة نزع السلاح وتشكيلة حكومة التكنوقراط والقوة الدولية، وكذلك حيال أدوار تركية وقطرية في غزة»، ونقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «لا ننظر إلى نتائج اللقاء في ميامي على أنه إيجابي».

وقال مسؤولون في البيت الأبيض إنه يتوقع أن يطرح ترمب أمام نتنياهو الوضع في الضفة الغربية والتخوف من انهيار السلطة الفلسطينية، وأن إدارة ترمب تريد دفع إصلاح في السلطة الفلسطينية «لكن هذا لن ينجح إذا استمرت إسرائيل في خنقها». وأضافوا أن إدارة ترمب تريد أن تنفذ إسرائيل خطوات للجم عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وأن تحرر مليارات الدولارات من مستحقات المقاصة التي تحتجزها، وأن «تتوصل إلى تفاهمات معينة مع الولايات المتحدة حول قضية المستوطنات».

وعلى الرغم من هذه الرسائل السلبية، ذكرت مصادر في تل أبيب أن نتنياهو ينوي إرضاء ترمب بقبول دور تركي في القوات الدولية في غزة، بشرط أن توافق أنقرة على تنسيق أمني مباشر معها.