استراتيجية طويلة الأمد وخدمات تقنية مبتكرة لتعزيز تجربة الحج والعمرة

المدينة المنورة تطوّر 45 موقعاً تاريخياً... ومكة المكرمة تتغلب على التحديات

جانب من الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحج والعمرة في نسخته الرابعة (المركز الإعلامي)
جانب من الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحج والعمرة في نسخته الرابعة (المركز الإعلامي)
TT

استراتيجية طويلة الأمد وخدمات تقنية مبتكرة لتعزيز تجربة الحج والعمرة

جانب من الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحج والعمرة في نسخته الرابعة (المركز الإعلامي)
جانب من الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحج والعمرة في نسخته الرابعة (المركز الإعلامي)

استعرضت الجلسة الافتتاحية لـ«مؤتمر الحج والعمرة» في نسخته الرابعة بمحافظة جدة، الاثنين، الجهود التي تبذلها السعودية لتطوير وتحسين الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين والزوار.

وشارك في الجلسة الدكتور توفيق الربيعة، وزير الحج والعمرة، والمهندس صالح الجاسر وزير النقل والخدمات اللوجيستية، والمهندس فهد البليهشي أمين منطقة المدينة المنورة، والمهندس صالح الرشيد الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة.

خدمات وابتكارات

وأكد الدكتور توفيق الربيعة على التزام السعودية باستراتيجية طويلة الأمد تمتد حتى عام 2040 لتطوير خدمات الحج والعمرة، موضحاً أن الاستعدادات للموسم المقبل تبدأ فور انتهاء الحالي بتقييم الأداء، وتحديد فرص التحسين، بالتعاون مع 50 جهة حكومية عبر إدارة مشاريع الحج، وبإشراف لجنة الحج العليا.

وأشار إلى إطلاق خدمات وابتكارات جديدة لتحسين تجربة الحجاج، تشمل تطبيقات تقنية وتسهيلات لوجيستية متطورة تضمن الأمن والراحة، معبّراً عن تفاؤله بزيادة رضاهم سنوياً، ومشدداً على التزام السعودية بتحقيق «رؤية 2030»، وتعزيز مكانتها بوصفها وجهة إسلامية رائدة.

وأعلن الوزير إطلاق بطاقة «نسك» الإلكترونية، وتضم معلومات شاملة عن الحاج، بما في ذلك بياناته الشخصية والصحية، وموقع إقامته، مما سهَّل عملية تقديم الخدمات له أثناء موسم الحج، مضيفاً أنها ساعدت في تقليل حالات الضياع بين الحجاج، حيث يتمكَّن الحاج من تحديد موقعه بسهولة، وتوفر أيضاً خدمات صحية وآمنة لهم، وتساعد في تنظيم دخول المشاعر المقدسة، مما يسهم في الحد من المخالفات.

وأبان أن تطبيق «نسك» يهدف لأن يكون أداة شاملة للمسلمين حول العالم، وليس فقط خلال مواسم الحج والعمرة؛ إذ يتيح خدمات عديدة؛ مثل: حجز الروضة الشريفة، وتنظيم المواعيد، ما ساعد في زيادة الطاقة الاستيعابية للمواقع المقدسة، حيث يمكن للمستخدم حجز موعد والوصول في غضون 10-15 دقيقة، مما يعزز الاستفادة من المساحات المتاحة.

تنسيق متكامل

بدوره، أكد المهندس صالح الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية في السعودية تعمل بتنسيق متكامل بين مكوناتها، بما فيها النقل البرّي، والسككي، والبحري، والجوي، واللوجيستي والبريدي، مضيفاً أنه جرى تسخيرها لتقديم خدمات شاملة ومتميزة تُسهم في تسهيل رحلة الحجاج والمعتمرين، وفق توجيهات القيادة.

وأضاف أن التكامل بين هذه الخدمات لا يقتصر على وسائل النقل فحسب، بل يشمل التنسيق مع وزارات الحج والداخلية والصحة وغيرها من الجهات المعنية، مشيراً إلى أنه في إطار تلك الجهود، يتم تكثيف الموارد، وتوظيفها بشكل مستمر لضمان تقديم خدمات متطورة ومتناسقة، مما يسهم في الارتقاء بالتجربة العامة للحجاج والمعتمرين عاماً بعد عام.

تطوير حضري

من جانبه، عدّ المهندس فهد البليهشي، المدينة بما تحمله من إرث تاريخي وروحي مرتبط بالحج، جزءاً أساسياً من منظومة خدمات الحجاج والمعتمرين، مبيناً أنها شهدت زيادة ملحوظة في عدد الزوار بأكثر من 18 مليوناً في عام 2024، بارتفاع نسبته 140 في المائة ضمن معدلات القدوم خلال السنوات العشر الماضية، كما زادت مدة الإقامة من يومين عام 2019 إلى أكثر من 10 أيام في 2023، مما يعكس تطور المدينة، وتحسين خدماتها.

وأفاد المهندس البليهشي بأن المدينة تضم أكثر من 2000 موقع تاريخي مسجل ضمن التراث الوطني، لافتاً إلى أن العمل جارٍ على تطوير أول 100 موقع منها، مع الانتهاء من تفعيل 45 موقعاً، مضيفاً أن عملية التفعيل تشمل الترميم الكامل للمواقع، وتهيئتها للزيارة والتوعية بأهميتها، مما يعزز قيمة المدينة كموقع مهم للحجاج والمعتمرين.

تقدم ملحوظ

وفيما يخص مكة المكرمة، تحدث المهندس صالح الرشيد عن التحديات التي تواجه عملية تطويرها كمدينة تتمتع بقدسية كبيرة تعقيدًا أكثر، لافتاً إلى أنه رغم ذلك، تمكّنت السعودية من تحقيق تقدم ملحوظ في مجال تطوير البنية التحتية والمرافق العامة بمكة المكرمة، وعملت على تطوير مشاريع عديدة فيها، وتحسين وتنظيم حركة النقل بالمشاعر المقدسة.

تنقل ذكي

وضمن مساعي السعودية لتقديم نقل متطور ومتميّز في المنطقة المركزية بمكة المكرمة، جرى الإعلان عن مبادرات جديدة تهدف إلى تحسين تجربة النقل للزوار، تشمل خدمات النقل الذكية، مثل التاكسي المتطور، واستخدام تقنيات التنقل الكهربائي، مما يسهم في تقليل الازدحام، وتوفير وسائل تنقل أكثر راحة وسلاسة، مما يوفر تجربة آمنة وفعالة تلبي احتياجات الأعداد المتزايدة من الحجاج والمعتمرين.

وفي ختام الجلسة، أكد الحضور أن جميع الجهود المبذولة لتطوير مكة المكرمة والمدينة المنورة تأتي ضمن إطار «رؤية المملكة 2030»، التي تهدف إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، وجعل تجربة الحج والعمرة أكثر راحة وأماناً، بما يعكس التزام البلاد بخدمة ضيوف الرحمن.

وتُنظّم وزارة الحج والعمرة المؤتمر على أرض «جدة سوبر دوم» خلال الفترة بين 13 و16 يناير (كانون الثاني) الحالي، تحت شعار «الطريق إلى النسك»، وبالشراكة مع برنامج «خدمة ضيوف الرحمن»، أحد برامج «رؤية السعودية 2030».

ويسعى المؤتمر لتعزيز مكانة البلاد بوصفها وجهة عالمية لخدمة الحجاج، عبر تمكين الابتكار والتطوير المستمر في الخدمات، ويؤكد التزام المملكة بمواصلة دورها الريادي في خدمة الإسلام والمسلمين.


مقالات ذات صلة

اجتماع الرياض يؤسس لعودة العلاقات الأميركية - الروسية

الخليج انطلاق المحادثات الأميركية - الروسية برعاية سعودية في الرياض (رويترز) play-circle 00:25

اجتماع الرياض يؤسس لعودة العلاقات الأميركية - الروسية

أكد الوفدان الأميركي والروسي أن محادثاتهما، التي جرت في قصر الدرعية بالعاصمة السعودية الرياض، كانت مثمرة، ووصَفَاها بأنها «خطوة مهمة إلى الأمام».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج جانب من اجتماع مجلس وزراء الداخلية العرب في تونس الأحد (واس)

مجلس وزراء الداخلية العرب يعتمد خططاً استراتيجية لمكافحة الجريمة

اختتم مجلس وزراء الداخلية العرب دورته الـ42 في تونس، أمس الأحد، باعتماد خطط استراتيجية مرحلية جديدة لتعزيز الأمن ومكافحة الجريمة المنظّمة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
عالم الاعمال «إلكترومين» تعزز التزامها بالاستدامة من خلال دعم فريق نيسان لـ«الفورمولا إي»

«إلكترومين» تعزز التزامها بالاستدامة من خلال دعم فريق نيسان لـ«الفورمولا إي»

بدأت شركة إلكترومين العاملة في توفير حلول التنقل الذكي والطاقة الجديدة في السعودية دعم فريق نيسان لـ«الفورمولا إي» مع انطلاق بطولة هذا الموسم في ديسمبر الماضي.

الخليج إحدى القمم الخليجية التي استضافها قصر الدرعية سابقاً (الشرق الأوسط)

قصر الدرعية... مقر القمم ورمز الضيافة الملكية السعودية

مثّل قصر الدرعية، الذي أمر بتأسيسه الملك الراحل فهد بن عبد العزيز شمال غربي العاصمة الرياض، مقراً رئيسياً لاستضافة القمم الخليجية والأحداث المهمة.

عبد الهادي حبتور (الرياض )
العالم العربي شهدت جلسة النقاش حضور مسؤولين وخبراء وقادة الفكر وصناع القرار من أنحاء العالم (SRMG)

«SRMG Think» تناقش أولويات السياسة الخارجية السعودية

استضاف «منتدى وادي»، الذي نظمته «SRMG Think»، جلسة نقاش حول «أولويات السياسة الخارجية للسعودية»، وذلك على هامش «مؤتمر ميونيخ للأمن 2025».

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)

اجتماع الرياض يؤسس لعودة العلاقات الأميركية - الروسية

TT

اجتماع الرياض يؤسس لعودة العلاقات الأميركية - الروسية

انطلاق المحادثات الأميركية - الروسية برعاية سعودية في الرياض (رويترز)
انطلاق المحادثات الأميركية - الروسية برعاية سعودية في الرياض (رويترز)

‏نجح الوفدان الأميركي والروسي، في ختام محادثاتهما في الرياض، الثلاثاء، في تحقيق اختراق إيجابي، من خلال الاتفاق على عودة موظفي البعثتين الدبلوماسيِّتين للبلدين، وتعزيز التعاون الاقتصادي، وتشكيل فريق رفيع المستوى بشأن التسوية في أوكرانيا.

وأكد الجانبان أن محادثاتهما، التي جرت في قصر الدرعية بالعاصمة السعودية الرياض، كانت مثمرة، ووصَفَاها بأنها «خطوة مهمة إلى الأمام».

وزيرا خارجية الولايات المتحدة وروسيا خلال لقائهما في الرياض (واس)

وأكد وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أن «وضع حدٍّ للحرب الروسية في أوكرانيا سوف يتطلب تنازلات من جميع الأطراف»، مشيراً إلى أن «أوروبا ستكون جزءاً من المحادثات». وقال: «سيتعين على الاتحاد الأوروبي أن يكون حاضراً على طاولة المفاوضات في مرحلة ما؛ لأن لديه عقوبات تم فرضها أيضاً».

وتأتي هذه الاجتماعات بتوجيه من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وحضور وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ومساعد العيبان مستشار الأمن الوطني، في إطار سعي المملكة لتقريب وجهات النظر بين الولايات المتحدة وروسيا، وتعزيز الأمن والاستقرار العالميَّين.

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ووزير الدولة مساعد العيبان قبيل بدء الاجتماع الأميركي - الروسي (واس)

وقرّر وزيرا الخارجية روبيو ولافروف تعيين فرق للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا، بحسب ما أفادت وزارة الخارجية الأميركية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي، بروس، إن روبيو ولافروف اتفقا على «تعيين فرق رفيعة المستوى للبدء في العمل على مسار لإنهاء الصراع في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن بطريقة دائمة ومستدامة ومقبولة من جميع الأطراف».

وقال وزير الخارجية الأميركي: «سنحتاج إلى وجود بعثات دبلوماسية نشطة وقادرة على العمل بشكل طبيعي حتى نتمكَّن من مواصلة هذه القنوات».

اتفق الجانبان على عودة البعثات الدبلوماسية وتشكيل فرق عمل لتسوية الأزمة الأوكرانية (أ.ف.ب)

وشدَّد روبيو على أن العلاقات بين واشنطن وموسكو يمكن أن تزدهر إذا انتهت الحرب في أوكرانيا. وأضاف للصحافيين، قائلاً: «هناك فرص استثنائية للشراكة» مع روسيا، مبيناً أن «المفتاح لفتح تلك الفرص هو إنهاء هذا الصراع في أوكرانيا المستمر منذ فبراير (شباط) 2022».

ولفت الوزير الأميركي إلى أن «الهدف هو إنهاء هذا الصراع بطريقة عادلة ودائمة ومقبولة لجميع الأطراف المعنية». كما شكر الوزير الأميركي الرياض على استضافة هذه المحادثات مع الجانب الروسي.

من جانبه، أشاد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بنتائج المحادثات التي استضافتها الرياض. وقال: «من أجل عدم السماح بتخريب تطبيع العلاقات يجب تطبيعها. هذا ما عملنا عليه اليوم. بصراحة كانت هناك نتائج، ليست الأمور كلها تم بحثها، ولكن النهج المبدئي للعمل اللاحق تم تحديده وفقاً لحديث الرئيسين، وشعرنا برغبة الحسم من الأميركيين بالسير قدماً بهذا الحراك للأمام، بشكل نشط، وسنعمل على ذلك».

 

جانب من الاجتماع الأميركي - الروسي في الرياض (وزارة الخارجية الروسية)

وأضاف: «أعتقد أن المحادثة كانت مفيدة للغاية، لم نستمع فقط، بل أنصتنا لبعضنا بعضاً، ولدي سبب للاعتقاد أن الجانب الأميركي فهم موقفنا بشكل أفضل».

وقال لافروف إن بلاده «لن تقبل بعضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، أو بوجود قوات من الحلف العسكري هناك، حتى لو كانت تعمل هناك تحت علم مختلف».

وأضاف بقوله: «أوضحنا لزملائنا اليوم ما أكده الرئيس بوتين مراراً: توسع حلف شمال الأطلسي، أو انضمام أوكرانيا للحلف، يُشكِّل تهديداً مباشراً لمصالح روسيا الاتحادية، ولسيادتنا». وتابع: «لقد أوضحنا اليوم أن ظهور قوات مسلحة من دول الحلف، ولكن تحت علم مزيف، أو تحت علم الاتحاد الأوروبي، أو تحت أي من أعلام الدول، لا يغير شيئاً في هذا الصدد. بالطبع هذا غير مقبول بالنسبة لنا».

إلى ذلك، قال مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، إن المفاوضات بشأن الحرب في أوكرانيا ستركز على «أراضٍ» و«ضمانات أمنية»، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأضاف: «يجب أن تكون هذه نهاية دائمة للحرب وليست نهاية مؤقتة، كما رأينا في الماضي، ستكون هناك بعض المناقشات حول الأراضي، وستكون هناك مناقشة حول الضمانات الأمنية».

بدوره، أكد مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، أن المحادثات بين الوفدين الروسي والأميركي جرت بشكل جيد، في حين استبعد المسؤول الروسي عقد لقاء قمة بين بوتين وترمب الأسبوع المقبل.

وقال: «نحتاج إلى إجراء عمل مكثف قبل لقاء رئيسَي روسيا والولايات المتحدة، روسيا والولايات المتحدة اتفقتا على تعزيز العلاقات الثنائية وهذا يصب في مصلحة البلدين».