محكمة سويدية تؤيد إدانة مسؤول إيراني سابق بـ«المؤبد» على خلفية إعدامات الثمانينات

المسؤول الإيراني السابق حميد نوري (متداولة)
المسؤول الإيراني السابق حميد نوري (متداولة)
TT

محكمة سويدية تؤيد إدانة مسؤول إيراني سابق بـ«المؤبد» على خلفية إعدامات الثمانينات

المسؤول الإيراني السابق حميد نوري (متداولة)
المسؤول الإيراني السابق حميد نوري (متداولة)

أيدت محكمة استئناف سويدية، اليوم الثلاثاء، حكماً بالسجن مدى الحياة على مسؤول إيراني سابق أدين العام الماضي لدوره في إعدام جماعي لسجناء سياسيين في إيران عام 1988 بموجب فتوى من المرشد الإيراني الأول (الخميني).

وأعلنت محكمة الاستئناف في بيان أنها «تؤكد الحكم الصادر عن محكمة البداية» الذي قضى بعقوبة السجن المؤبد بحق نوري «بتهمة ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي وجرائم قتل».

ونقل البيان عن قاضي محكمة الاستئناف روبرت غرين قوله إن القضية «متينة ومقنعة عموماً، وكانت محكمة البداية على حق في استنتاجها بأن اتهامات الادعاء كانت مدعومة بأدلة إلى حد كبير»، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقد يترك القرار تداعيات على مصير سجناء سويديين في إيران، خصوصاً الدبلوماسي التابع للاتحاد الأوروبي يوهان فلوديروس المحتجز منذ أكثر من 600 يوم.

رسم لحميد نوري المتهم بالتورط في إعدامات 1988 أثناء محاكمته في ستوكهولم يوم 23 نوفمبر 2021 (رويترز)

وفي يوليو (تموز) 2022، خلصت محكمة ستوكهولم الجزئية إلى أن حميد نوري مذنب بارتكاب جرائم قتل وجرائم خطيرة ضد القانون الدولي.

وتسببت القضية في شقاق عميق بين السويد وإيران، التي قالت إن الحكم الأولي له دوافع سياسية.

إعدامات 1988

ونوري هو الشخص الوحيد حتى الآن الذي يحاكم بسبب عملية تطهير جرت في سجن جوهردشت في كرج بإيران عام 1988 واستهدفت أعضاء منظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية، الذين كانوا يقاتلون في أجزاء من إيران، بالإضافة إلى معارضين سياسيين آخرين. وكان نوري يشغل منصب نائب المدعي العام المساعد في السجن المذكور، غير أنه يؤكد أنه كان في إجازة عند حصول الوقائع.

وتكتسي القضيّة حساسية كبيرة، إذ تتهم منظمات حقوقية مسؤولين يتولون مناصب رفيعة حالياً في إيران وبينهم الرئيس إبراهيم رئيسي بالمشاركة في «لجان الموت» التي أصدرت أحكام الإعدام.

وتقدّر جماعات حقوقية أن خمسة آلاف سجين على الأقل أعدموا صيف عام 1988 بموجب سلسلة أحكام أصدرتها «لجان الموت»، بينما تُقدّر منظمة «مجاهدي خلق» عدد القتلى بثلاثين ألفاً.

وعادت القضية إلى الواجهة بعدما نشر مكتب حسين علي منتظري، نائب المرشد الإيراني الأول (الخميني) في أغسطس (آب) 2016، تسجيلاً صوتياً من منتظري، يوبخ فيه أعضاء «لجنة الموت»، وبينهم رئيسي.

واعتقل نوري، الذي ينفي هذه الاتهامات، في مطار ستوكهولم عام 2019. ويقول معارضون إيرانيون إنهم استدرجوه من أجل توقيفه ومحاكمته عملاً بالولاية القضائية العالمية التي تخوّل القضاء السويدي النظر في جرائم ضد الإنسانية بغض النظر عن مكان وقوعها.

ويجوز للمحاكم السويدية بموجب القانون المحلي محاكمة المواطنين السويديين وغيرهم من مواطني الدول الأخرى بتهمة ارتكاب جرائم في الخارج بالمخالفة للقانون الدولي.

وفي وقت من هذا الشهر، ألغى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خططه للمشاركة في «المنتدي العالمي للاجئين» الذي جرى تنظيمه في جنيف من قبل الأمم المتحدة، وذلك بعد تقديم شكوى إلى الادعاء العام السويسري ضد رئيسي على خلفية إعدامات 1988.

تبادل سجناء؟

وأدت المحاكمة أمام المحكمة الأولية التي بدأت في أغسطس (آب) 2021 إلى توتر في العلاقات بين ستوكهولم وطهران وأثارت مخاوف على مصير السجناء الغربيين المحتجزين في إيران.

وأوقفت إيران في أبريل (نيسان) 2022 الدبلوماسي الأوروبي يوهان فلوديروس فيما كان يقوم برحلة إلى إيران مع أصدقاء، وبدأت محاكمته في 9 ديسمبر (كانون الأول) بتهمة «الإفساد في الأرض»، وهي من الجرائم الأكثر خطورة في إيران وتصل عقوبتها إلى الإعدام.

الدبلوماسي السويدي يوهان فلوديروس يتحدث إلى محاميه ويظهر أيضاً مسؤول قضائي خلال جلسة محاكمة في طهران 10 ديسمبر 2023 (إ.ب.أ)

كما يبقى مصير الأكاديمي الإيراني السويدي أحمد رضا جلالي مجهولاً بعدما أوقف عام 2016 خلال زيارة إلى إيران وصدر بحقه حكم بالإعلام بتهمة التجسس.

وتورد وسائل الإعلام السويدية احتمال حصول تبادل معتقلين بين البلدين.

ومن المرجح بحسب أستاذ القانون الدولي في جامعة ستوكهولم مارك كلامبرغ ألّا يكون قرار محكمة الاستئناف بحق نوري نهائياً، إذ من المحتمل أن تنظر فيه المحكمة العليا السويدية.

وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الحكومة يمكن أن تعفو عن نوري... لكن أعتقد أن هذا لن يحصل، إنه مستحيل سياسياً». وهو يرجح بالأحرى أن يتفق البلدان على أن يمضي نوري بقية عقوبته في إيران، ما سيؤدي عملياً إلى إطلاق سراحه فور عودته.

لكن مثل هذا الاتفاق قد يشجع برأي الخبير إيران على المضي في «دبلوماسية الرهائن» التي يندد بها العديد من الدول الغربية. وتابع كلامبرغ أن «إحدى النقاط التي ستعلق عليها الحكومة السويدية أهمية ستكون رد فعل ضحايا» عمليات الإعدام الإيرانية على عملية تبادل محتملة.

ورفض وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم التعليق على هذه المسألة. ويعتزم أنصار «مجاهدي خلق» التظاهر الثلاثاء أمام محكمة الاستئناف في ستوكهولم.


مقالات ذات صلة

محكمة تأمر بسجن متطرف بالسويد بتهمة التحريض ضد المسلمين

أوروبا الناشط اليميني المتطرف راسموس بالودان (رويترز)

محكمة تأمر بسجن متطرف بالسويد بتهمة التحريض ضد المسلمين

أدانت محكمة سويدية، اليوم (الثلاثاء)، ناشطاً ينتمي لتيار اليمين المتطرف بتهمتين تتعلقان بجريمة الكراهية بعدما أدلى بتصريحات بذيئة ضد المسلمين.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
ثقافة وفنون الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ (أ.ف.ب)

الكورية الجنوبية هان كانغ تحصد جائزة «نوبل» في الأدب

مُنحت جائزة «نوبل» في الأدب لسنة 2024، الخميس، للكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ البالغة 53 عاماً، التي أصبحت الأولى من بلدها تنال هذه المكافأة المرموقة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
شؤون إقليمية شاب سويدي من أصول عراقية يحرق نسخة من القرآن أمام مسجد في استوكهولم (أ.ف.ب)

السويد تتهم إيران باختراق خدمة الرسائل النصية

اتهمت السلطات السويدية جهاز «الحرس الثوري» الإيراني بالوقوف وراء اختراق خدمة الرسائل النصية، بهدف شنّ حملة تأثير تحض على «الانتقام» ممن حرقوا نسخاً من المصحف.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
أوروبا مسافرون ينتظرون في طوابير بينما يبدأ طيارو شركة «الخطوط الجوية الاسكندنافية (SAS)» إضراباً بمطار «أرلاندا» بالقرب من استوكهولم بالسويد يوم 4 يوليو 2022 (رويترز)

طائرات مسيّرة تعطّل حركة مطار استوكهولم

توقفت حركة الطيران بمطار «أرلاندا» الدولي في استوكهولم لمدة ساعتين خلال ليل الأحد - الاثنين، بعدما دخلت 4 مسيّرات مجاله الجوي، وفق ما أعلنت الشرطة الاثنين.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
أوروبا وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم يتحدث لوسائل الإعلام خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي (أرشيفية – أ.ب)

وزير الخارجية السويدي يستقيل من منصبه ويعتزل السياسة

أعلن وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم، الأربعاء، أنّه قرّر الاستقالة من منصبه واعتزال العمل السياسي.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)

إردوغان طلب من ترمب وقف الدعم لأكراد سوريا

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال فاعلية في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال فاعلية في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان طلب من ترمب وقف الدعم لأكراد سوريا

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال فاعلية في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال فاعلية في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)

أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أنه طلب من الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، وقف الدعم الأميركي لـ«وحدات حماية الشعب الكردية» ذراع «حزب العمال الكردستاني» في سوريا.

وقال إردوغان إنه أكد لترمب خلال اتصال هاتفي فور إعلان فوزه برئاسة أميركا للمرة الثانية، ضرورة وقف الدعم المقدم لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في سوريا، وأن تركيا لن تتهاون في تأمين حدودها بمواجهة خطر التنظيمات الإرهابية.

وأضاف الرئيس التركي في تصريحات لصحافيين نُشرت أمس: «سنواصل محادثاتنا مع السيد ترمب في الفترة الجديدة، وسنناقش التطورات في المنطقة، وانسحاب القوات الأميركية من سوريا».

وشدد على أن تركيا لا تزال مصممة على سياستها المتمثلة في إنشاء حزام أمني بعمق 30 إلى 40 كيلومتراً على طول حدودها الجنوبية للقضاء على «التهديدات الإرهابية».