اليمين المتطرف يهدد بإسقاط حكومة نتنياهو حال وافق على وقف الحرب

توقع خلافات مع واشنطن تفقد إسرائيل حماية دبلوماسية وقانونية بسبب جرائم الحرب

وزير المالية بتسلئيل سموترتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (رويترز)
وزير المالية بتسلئيل سموترتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (رويترز)
TT

اليمين المتطرف يهدد بإسقاط حكومة نتنياهو حال وافق على وقف الحرب

وزير المالية بتسلئيل سموترتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (رويترز)
وزير المالية بتسلئيل سموترتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (رويترز)

هدد قائدا حزبي اليمين المتطرف، بتسلئيل سموترتش وإيتمار بن غفير، بالانسحاب من الحكومة والسعي لإسقاطها، في حال وافقت على الاقتراح بوقف الحرب في قطاع غزة وإبرام صفقة تبادل أسرى كبيرة تؤدي إلى إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

وقال سموترتش إنه لا ينشغل حاليا في الشؤون الحزبية، ولكنه يعرف أن إسرائيل موحدة في مواصلة الحرب، ولا يقبل أن تتخذ الحكومة قرارات ضد هذا الموقف. وعدّ سموترتش ما ينشر عن تقدم في المفاوضات لوقف النار شيئاً فشيئاً «مجرد بالونات اختبار من الدوحة أو ربما من أصدقائنا الأميركيين، ولذلك نحن نرد عليها بتوضيح موقفنا فنقول إننا لا يمكن أن نوقف الحرب حتى تحقيق أهدافها بتصفية (حماس) في قطاع غزة، وكذلك في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وفي كل مكان. ومع هذا يجب ألا نعتمد على السلطة الفلسطينية، التي تعد أيضاً معادية لنا، ولا تريد لنا الحياة».

إيتمار بن غفير مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال جلسة في الكنيست يوليو الماضي (إ.ب.أ)

وقال بن غفير إنه وأعضاء كتلته الستة وافقوا على البقاء في الحكومة، رغم أنهم لا يوافقون على الهدنة من أول يوم، ويرون أن على إسرائيل أن تواصل الحرب بكل عنفوانها، حتى تستسلم قيادة «حماس». وأنهم لم يستقيلوا بعد لأن الجيش يحارب في غزة، ولا يجوز إحداث خضات للحكومة عندما يكون الجنود في الجبهة. لكن، إذا قررت الأكثرية في الحكومة قبول الاقتراحات التي تتم بلورتها في قطر لتمديد الهدنة والتوصل بالتالي إلى وقف نار تام، فيستقيلوا.

0

وقال رئيس اللجنة البرلمانية للأمن القومي، تسفيكا فوغل، وهو من حزب بن غفير «عوتسما يهوديت» (عظمة يهودية)، إنه غاضب من الأجواء الإسرائيلية الاحتفالية بإطلاق سراح الأسرى من النساء والأطفال، وأضاف «أنا لا أتأثر من رؤية أطفالنا وهم يخرجون من أسر الإرهابيين. فلو كنا واصلنا الحرب كما يجب لكنا أطلقنا سراح جميع الأسرى بلا استثناء وقضينا على (حماس)».

وعلى أثر ذلك سارع سكرتير الحكومة الإسرائيلية، يوسي فوكس، إلى نفي وجود نية لوقف النار أو حتى هدنة طويلة الأمد، وقال إنها «فيك نيوز» أو أخبار كاذبة.

وكان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قد صرح أن حكومته مصممة على مواصلة الحرب حتى تحقق هدفها في تحطيم القوة العسكرية لحركة «حماس». ولكن أوساطاً كثيرة في إسرائيل بدأت تعترف بأن هذا هدف «بعيد المنال وغير واقعي».

جنود إسرائيليون على الحدود مع قطاع غزة الثلاثاء (أ.ب)

ووفق رئيس تحرير صحيفة «هآرتس»، ألوف بن، فإنه «سيتعين على نتنياهو أن يحسم، هل سيبدأ جولة قتال أخرى في القطاع مع تجنيد الموافقة الأميركية، أو العمل كالعادة والتراجع عن القتال إلى أن يزول الخطر عن استمرار حكمه».

وقال: «في الأيام القريبة القادمة سيتعين على إسرائيل التقرير هل وكيف ستستأنف القتال ضد (حماس)، بعد انتهاء الهدنة القصيرة وتبادل المخطوفين والسجناء. رؤساء جهاز الأمن متحمسون، حسب تصريحاتهم، لاستئناف مهمة تدمير وتحطيم وإهانة العدو في المناطق التي لم تتم بعد مهاجمتها في شمال القطاع وفي الجنوب المكتظ. الهدف العملي سيكون تفكيك قوة (حماس) القتالية إلى أجزاء صغيرة لا تعرض إسرائيل للخطر».

صورة مأخوذة من مقطع فيديو نشره المكتب الإعلامي لحركة «حماس» يظهر أحد أعضاء كتائب القسام وهو يسلم رهينة مسنة إلى مسؤولين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة (أ.ف.ب)

وأضاف أن «نتائج المرحلة الأولى في المعركة تدل على أن تحقيق هذا الهدف غير سهل. (حماس) فقدت مقاتلين وقادة (5300 عنصر قتلوا بحسب التقديرات في الجيش الإسرائيلي)، لكن هذا غير كاف لفقد السيطرة على قواتها أو إظهار علامات الاستسلام. شبكة الإنفاق الضخمة لديها تضررت كثيرا بشكل جزئي. استئناف إطلاق النار سيحتاج إلى القتال في منطقة مكتظة تضاعف عدد السكان فيها بسبب طرد سكان شمال القطاع، أمام ضغط دولي لوقف إطلاق النار، الذي سيزداد كلما زاد عدد النساء والقتلى في الطرف الفلسطيني».

ويتسع النقاش بين الإسرائيليين إزاء شكل الاستمرار في الحرب، حيث إن وزير الدفاع يوآف غالنت ورئيس الأركان هرتسي هليفي، يريدان المخاطرة والبدء في المرحلة الثانية للمعركة البرية. وهما، بحسب ألوف بن، «لا يلاحظان التآكل في استعداد الجمهور للقتال».

نتنياهو مع وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي في قاعدة لواء المركز (وزارة الدفاع)

ولكن الأمر الحاسم في القرار الإسرائيلي يتعلق بالموقف الأميركي. فالدعم الأميركي متعدد الطبقات، عسكرياً، يتمثل في تجديد احتياطي التسليح للقذائف والصواريخ والقنابل الكثيرة التي تم إطلاقها وإلقاؤها على القطاع، والتحذير من إطلاق بعيد بواسطة شبكة الرادارات والتحذيرات المشتركة بين إسرائيل وقيادة المنطقة الوسطى الأميركية، وضمان حرية الملاحة لإسرائيل إلى ميناء إيلات، ومنه أمام الإغلاق البحري الذي فرضه الحوثيون، وردع إيران و«حزب الله» عن فتح جبهة أخرى في لبنان، وربما في سوريا والعراق، بواسطة حاملات الطائرات والغواصة النووية في المنطقة.

المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد تمتنع عن التصويت على مشروع قرار في مجلس الأمن حول حرب غزة في نيويورك 15 نوفمبر (إ.ب.أ)

وتحدث رئيس تحرير «هآرتس» عن الدعم السياسي (الفيتو في مجلس الأمن، وتجنيد دول الغرب لدعم الحرب)، وحتى المشاركة الفعلية في إدارة الحرب (فريق أميركي يرافق قيادة الحرب في تل أبيب).

من هنا، فإن قرار إسرائيل استمرار الحرب يكون خاضعاً لموافقة أو على الأقل تفهم الأميركيين. والموقف الأميركي يقول إنه سيوافق على البدء في المرحلة الثانية للمعركة في القطاع، شرط عدم المبادرة للتصعيد في الشمال، وتغيير قواعد الحرب في غزة، بحيث لا يمس ذلك المدنيين، والحرص على توسيع المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، وطرح خطة لليوم التالي بعد «القضاء على (حماس)»، حيث إن السيناريو المفضل لواشنطن هو عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع والبدء في التفاوض حول حل الدولتين.

ووفق مسؤولين إسرائيليين فإنه في حال استمرار نتنياهو التملص من مسألة اليوم التالي، فإن الولايات المتحدة «ستخضع للضغوط الدولية والداخلية من أجل وقف الحرب بشكل دائم، وستضطر إلى التخلي عن تخصيص حصة دسمة من دول الغرب لإعادة إعمار البلدات اليهودية في غلاف غزة التي تضررت في هجوم (حماس)، وبالطبع ما لا يتحدثون عنه بصوت مرتفع، وهو قبة حديدية دبلوماسية وقانونية من التحقيقات والدعاوى ضد إسرائيليين في لاهاي بسبب جرائم الحرب».

المعروف أن نتنياهو يطرح موقفاً مخالفاً لموقف بايدن. فهو يعارض إعادة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، أو إعادتها بوصفها شريكا في محادثات السلام. ويعرف أن أي تراجع عن هذا الخط سيؤدي إلى انسحاب اليمين المتطرف من الائتلاف ونهاية الحكومة ومن ثم إجراء انتخابات مبكرة، في الوقت الذي فيه الليكود متخلف في الاستطلاعات، ورئيس الحكومة بالتالي متحمس بشكل أقل لهذه الاحتمالية. لذلك، فإنه لا يكتفي بالنقاش العلني مع واشنطن عن «اليوم التالي»، بل يتخذ إجراءات تمرد مثل استضافة إيلون ماسك، الذي يُعد عدواً لدوداً لبايدن.


مقالات ذات صلة

ماكرون يطالب بالكفّ عن تسليم الأسلحة للقتال في غزة

أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)

ماكرون يطالب بالكفّ عن تسليم الأسلحة للقتال في غزة

دعا الرئيس الفرنسي، السبت، إلى الكفّ عن تسليم الأسلحة للقتال في غزة، لافتاً إلى أن الأولوية هي للحلّ السياسي للحرب المستمرة منذ عام بين إسرائيل وحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة ترفع صورهم خلال احتجاج قرب مقر إقامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس يوم 30 سبتمبر (إ.ب.أ)

عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة تنفّذ إضراباً عن الطعام

بدأ أفراد في عائلات الإسرائيليين المحتجزين في أنفاق حركة «حماس» بقطاع غزة إضراباً عن الطعام، متهمين حكومة بنيامين نتنياهو بأنها أهملت قضيتهم في ظل حرب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فوزية أمين سيدو امرأة إيزيدية اختطفها «داعش» في العراق وتم إنقاذها بعملية في غزة (وزارة الخارجية العراقية)

عملية بقيادة أميركية تحرر إيزيدية من غزة بعد 10 سنوات في الأسر

قال مسؤولون عراقيون وأميركيون إن شابة إيزيدية عمرها 21 عاماً اختطفها مسلحون من تنظيم «داعش» في العراق قبل أكثر من عقد تم تحريرها من قطاع غزة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج وزراء خارجية دول الخليج بعد اجتماعهم الاستثنائي في الدوحة الأربعاء (مجلس التعاون)

دول الخليج تؤكد الوقوف مع لبنان وتحذر من اتساع رقعة الحرب

أكد مجلس التعاون الخليجي خلال الاجتماع الوزاري الاستثنائي بالدوحة، مساء الأربعاء، على وقف النار في غزة بشكل فوري، والوقوف مع «لبنان في هذه المرحلة الحرجة».

ميرزا الخويلدي (الدوحة)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون لتلقي المساعدات بما في ذلك الإمدادات الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي خارج مركز توزيع تابع للأمم المتحدة وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في جباليا شمال قطاع غزة 24 أغسطس 2024 (رويترز)

مصادر: تراجع المساعدات الغذائية لغزة بعد قواعد إسرائيلية جديدة

قالت مصادر مشاركة في توصيل البضائع إلى غزة لوكالة «رويترز» للأنباء، إن الإمدادات الغذائية للقطاع تراجعت بصورة حادة في الأسابيع القليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (غزة)

إسرائيل تستعد لـ «رد قاسٍ» على إيران

دمار في أحد شوارع حارة حريك بضاحية بيروت الجنوبية بعد غارة إسرائيلية أمس (إ.ب.أ)
دمار في أحد شوارع حارة حريك بضاحية بيروت الجنوبية بعد غارة إسرائيلية أمس (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تستعد لـ «رد قاسٍ» على إيران

دمار في أحد شوارع حارة حريك بضاحية بيروت الجنوبية بعد غارة إسرائيلية أمس (إ.ب.أ)
دمار في أحد شوارع حارة حريك بضاحية بيروت الجنوبية بعد غارة إسرائيلية أمس (إ.ب.أ)

يستعد الجيش الإسرائيلي لـ «رد جاد وقاسٍ» على الهجوم الباليستي الإيراني، إذ أكدّت قيادته أن الضربة التي شنتها طهران «لن تبقى دون رد». جاء ذلك في وقت قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «تعرضنا لأكبر هجوم في التاريخ ولا يمكن لأي دولة أن تقبل ذلك، ولهذا سنرد»، مضيفاً: «وعدتكم (أي الإسرائيليين) بتغيير موازين القوى ونحن نقوم بذلك الآن».

وفيما أجرى الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، مشاورات مع مسؤولين إسرائيليين، دعا الرئيس جو بايدن تل أبيب إلى تجنب استهداف المنشآت النفطية الإيرانية. بدوره، أكد الرئيس السابق المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية، دونالد ترمب، تأييده ضرب المنشآت النووية الإيرانية.

من ناحية ثانية، استمر الغموض حول مصير هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي لـ«حزب الله»، بعد غارة إسرائيلية استهدفته في ضاحية بيروت الجنوبية؛ حيث كان مجتمعاً مع ضباط في «الحرس الثوري» الإيراني. وفيما أفادت مصادر لبنانية بفقدان الاتصال معه، قال «حزب الله» إنه يتعرض لـ «حرب نفسية» تتعلق بمصير قادته. كذلك التزمت طهران الصمت حيال تقارير تحدثت عن إصابة قائد «فيلق القدس»، إسماعيل قاآني، في الغارة.

في غضون ذلك، توعد رئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هليفي، بـ«مواصلة الضغط على (حزب الله)»، بعدما كان الحزب أعلن استهدافه شركة «صناعات عسكرية» إسرائيلية شرق عكا، وإطلاقه أكثر من مائة صاروخ على شمال إسرائيل منذ صباح السبت.