توتر في العلاقات بين إسرائيل والفاتيكان بسبب قتل الأطفال في القطاع

بطريرك القدس للاتين يقارن بين درب آلام المسيح وآلام غزة

كشافة يستقبلون الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا بلافتات تقول إحداها: «نريد الحياة لا الموت» في بيت لحم الثلاثاء (رويترز)
كشافة يستقبلون الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا بلافتات تقول إحداها: «نريد الحياة لا الموت» في بيت لحم الثلاثاء (رويترز)
TT
20

توتر في العلاقات بين إسرائيل والفاتيكان بسبب قتل الأطفال في القطاع

كشافة يستقبلون الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا بلافتات تقول إحداها: «نريد الحياة لا الموت» في بيت لحم الثلاثاء (رويترز)
كشافة يستقبلون الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا بلافتات تقول إحداها: «نريد الحياة لا الموت» في بيت لحم الثلاثاء (رويترز)

أكدّت مصادر سياسية في تل أبيب أن توتراً شديداً ينتاب العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والفاتيكان، بسبب التصريحات التي أدلى بها البابا فرنسيس تضامناً مع أهل غزة، واستخدام كلمة «وحشية» لوصف الغارات على النازحين الفلسطينيين وقتل الأطفال، ما جعل الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هيرتسوغ يسعى لزيارة روما، في محاولة لتهدئة الوضع، لكن اليمين المتطرف الحاكم يُحاول ثنيه عن هذه الزيارة، «التي لا يوجد لها تفسير سوى أنها خُنوع أمام مَن ينتقدوننا».

وقال أحد الوزراء الإسرائيليين إن زيارة هيرتسوغ غير مفهومة. ووفق صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أضاف الوزير -الذي طلب عدم ذكر اسمه- أن «البابا لا يوفر مناسبة لتلطيخ سمعة إسرائيل. يهاجمها باستمرار ويتحيّز للفلسطينيين. فقط في الشهر الماضي أدّى صلاة في كنيسة، وقد وضع أمامه تمثالاً للمسيح وهو ملفع بالكوفية، وذلك في رمزية واضحة ترسخ الادعاء بأن المسيح كان فلسطينياً. فلماذا ينبغي لرئيسنا أن يركع أمام هذا البابا؟».

علما الفاتيكان وإسرائيل خلال إقامة البابا فرنسيس صلاة الملائكة في ساحة الفاتيكان الخميس (رويترز)
علما الفاتيكان وإسرائيل خلال إقامة البابا فرنسيس صلاة الملائكة في ساحة الفاتيكان الخميس (رويترز)

وكان رجال الدين المسيحيون في معظم الكنائس المسيحية في العالم قد تطرقوا خلال كرازة عيد الميلاد المجيد، للأوضاع في غزة، متعاطفين مع الضحايا الفلسطينيين. ودان البابا فرنسيس بنفسه ما سمّاه «قسوة الغارات على قطاع غزة، وإطلاق الرصاص على الأطفال هناك». وعدّها وحشية.

وقال الحبر الأعظم، الذي ينضوي تحت قيادته الروحية 1.2 مليار مسيحي في العالم، بعد صلاة التبشير الأحد الماضي: «بألم أفكر في غزة، في كل هذه القسوة، في الأطفال الذين يتعرّضون لزخات إطلاق النار، في قصف المدارس والمستشفيات. يا لها من قسوة».

وكشف النقاب، الخميس، أن هيرتسوغ كان قد اتصل بالبابا فرنسيس، هاتفياً، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، واحتجّ على تصريحاته ضد إسرائيل. وقال له إن «الجيش الإسرائيلي ملتزم بالقوانين الدولية، ولا يطلق الرصاص على المدنيين، بل (حماس) الإرهابية هي التي يندس قادتها بين المدنيين، فتضطره إلى تصويب ناره عليهم». وردّ البابا: «الرد على الإرهاب لا يكون بالإرهاب». وفي اليوم التالي لهذه المكالمة عاد البابا واستخدم كلمة إرهاب في وصف العمليات الحربية الإسرائيلية، وقال: «أيضاً في الحرب توجد قوانين. قتل الأطفال بهذه الوحشية ليس حرباً، بل إرهاب».

الزوجان المسيحيان طوني وأمل وهما من النازحين خارج خيمتهما في منطقة المواصي بخان يونس الأربعاء (إ.ب.أ)
الزوجان المسيحيان طوني وأمل وهما من النازحين خارج خيمتهما في منطقة المواصي بخان يونس الأربعاء (إ.ب.أ)

وفي محاولة استفزازية للرد على هذه التصريحات، حاول الجيش الإسرائيلي منع الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا، بطريرك القدس للاتين، من دخول غزة في مطلع الأسبوع؛ حيث أراد أن يترأس قداس تباشير بالميلاد، فأثار قراره موجة احتجاج غاضبة في العالم فتراجع. ودخل الكردينال مدينة غزة في زيارة وصفها أهل غزة بأنها «تاريخية وإنسانية». ولم تقتصر الزيارة على الكنيسة الكاثوليكية، بل راح يتجوّل في الشوارع والأحياء التي دمّرتها العمليات الحربية الإسرائيلية، والتقى أفراداً من العائلات المتبقية من المسيحيين، الذين فقدوا نحو 20 مواطناً قتلوا بالغارات، والتقى عائلات من المسلمين الذين يعيشون وسط ظروف إنسانية قاسية، نتيجة الحصار والدمار والقتل المستمر. وعلى مدى 4 أيام، حرص الكاردينال على زيارة البيوت المتضررة، مستمعاً إلى معاناة سكان القطاع، ومعبراً عن تضامنه العميق معهم. فيما حملت زيارته رسالة رجاء وسلام؛ حيث قدّم كلمات تعزية ودعم للأسر التي فقدت منازلها وأحباءها.

وأكد أهمية الصمود والإيمان وسط هذه المحنة العصيبة، مشدداً على أن وجودهم هو شهادة حية للإيمان والثبات، ليؤكد أهمية الوحدة الإنسانية والتكاتف بين مختلف الأديان في مواجهة الأزمات.

وخلال القداس، قال الكاردينال إن معاناة أهل غزة ليست منسية، وأن الكنيسة ستظل حاضرة لدعمهم ومساندتهم، كما دعا إلى التحرك العاجل لإنهاء الحصار المفروض على القطاع، وإحلال السلام والعدالة في المنطقة.

وعاد الكردينال باتيستا، وهو إيطالي الجنسية، لتكرار رسائله في قداس ليلة الميلاد في كنيسة المهد في بيت لحم، الذي تم بثه عبر التلفزيون الفلسطيني الرسمي إلى كل أرجاء العالم. وأشار إلى أن رسالته للمؤمنين ألا يخافوا.

وقال: «ليست لديّ مشكلة هذه السنة في الاعتراف بصعوبة الإعلان عن فرح ميلاد المسيح لكم، أنتم الحاضرون هنا، ولكل مَن ينظر إلى بيت لحم من جميع أنحاء العالم. نشيد الملائكة، الذين ينشدون المجد والفرح والسلام، يبدو لي نشازاً بعد عام مليء بالمشقة، والدموع والدماء والمعاناة، بسبب آمال خابت وخطط للسَّلام والعدل تحطَّمَت. يبدو أَن النواح يتغلَّب على النشيد، والغضب يشلُّ كل طريق للرجاء».

الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا بطريرك القدس للاتين يحيي فلسطينية في بيت لحم الثلاثاء (أ.ف.ب)
الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا بطريرك القدس للاتين يحيي فلسطينية في بيت لحم الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأجرى مقارنة بين درب الآلام التي خاضها مريم ويوسف، «بينما يبدو أنّهما يُطيعان صاغرين قوة أكبر منهما، إلا أنهما كانا في الواقع ينظران إلى التاريخ بعيون الله، ويريان فيه مشروعاً إلهياً، فيه يدخلان المجد والسلام. ونحن أيضاً يمكننا ويجب علينا أن نبقى في أرضنا، وأن نعيش واقعنا، غير مُجبرين أو مستسلمين، ولا حتى مستعدّين للهرب في أوَّل فرصة. نحن مدعوُّون من قِبل الملائكة كي نعيش هذه الليلة بإيمان ورجاء. نحن أيضاً، على غرار يوسف ومريم، والرعاة، يجب أن نختار وأن نُقرّر: هل نقبل بإِيمان بشارة الملاك، أم نمضي في طريقنا؟ طفل بيت لحم يأخذ بيدنا في هذه الليلة، ويرافقنا في معارج التاريخ، ويساعدنا كي نقبله حتى النهاية، فنسير فيه بثقة ورجاء. ولم يخش الموت. ويطلب منَّا ألّا نخاف من قوى هذا العالم، بل أن نثابر في طريقِ العدل والسلام».

وكان المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، عيدان بار طال، قد استدعى سفير الفاتيكان في تل أبيب، المطران أدولفو طيطو يلينا، الثلاثاء، لجلسة احتجاج، عبّر فيها عن الشعور بالمرارة من تصريحات البابا فرنسيس، وعدّها «ازدواجاً بالمعايير». وقال بار طال إن هذه التصريحات مخيبة للآمال بشكل خاص؛ لأنها منفصلة عن السياق الحقيقي والواقعي لحرب إسرائيل ضد الإرهاب الجهادي، وهي حرب متعددة الجبهات، فُرضت عليها منذ 7 أكتوبر 2023.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل قائد كتيبة الشجاعية

العالم العربي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي (حسابه على إكس)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل قائد كتيبة الشجاعية

أعلن أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنه تم القضاء على قائد كتيبة الشجاعية التابعة لـ«حماس» بعد أن تمت تصفية سلفه، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية متظاهرون إسرائيليون يطالبون بالإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة «حماس» في قطاع غزة (أ.ب)

350 كاتباً إسرائيلياً يدعون إلى إنهاء الحرب في غزة

وقَّع نحو 350 كاتباً إسرائيلياً على رسالة تدعو إلى إنهاء الحرب المدمرة في غزة، حسبما ذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» اليوم (الثلاثاء).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي تصاعد دخان كثيف إثر غارة جوية إسرائيلية من مخيم جباليا اليوم (د.ب.أ)

«سرايا القدس» تعلن تفجير دبابة إسرائيلية شرق الشجاعية في غزة

قالت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، اليوم الثلاثاء، إنه تم تفجير دبابة إسرائيلية شرق الشجاعية في مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز) play-circle

ماكرون لنتنياهو: يجب إنهاء «محنة» المدنيين في غزة

شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ونزع سلاح «حماس».

«الشرق الأوسط» (باريس) «الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أقارب ضحايا عائلة فلسطينية يُؤدون صلاة الجنازة على أرواحهم بالقرب من جثامينهم المُغطاة داخل «مستشفى ناصر» في خان يونس جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ) play-circle

مقتل فلسطيني بقصف إسرائيلي استهدف «المستشفى الكويتي» في خان يونس

قُتل مواطن فلسطيني، وأصيب آخرون، اليوم الثلاثاء، بقصف من الطائرات الحربية الإسرائيلية للبوابة الشمالية لـ«المستشفى الكويتي التخصصي» في خان يونس، جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

موسكو ترفض التعليق على مدى استعدادها لاستقبال مخزونات يورانيوم إيرانية

يظهر الرمز الذري وعلما الولايات المتحدة وإيران في هذه الصورة الملتقَطة في 8 سبتمبر 2022 (رويترز)
يظهر الرمز الذري وعلما الولايات المتحدة وإيران في هذه الصورة الملتقَطة في 8 سبتمبر 2022 (رويترز)
TT
20

موسكو ترفض التعليق على مدى استعدادها لاستقبال مخزونات يورانيوم إيرانية

يظهر الرمز الذري وعلما الولايات المتحدة وإيران في هذه الصورة الملتقَطة في 8 سبتمبر 2022 (رويترز)
يظهر الرمز الذري وعلما الولايات المتحدة وإيران في هذه الصورة الملتقَطة في 8 سبتمبر 2022 (رويترز)

أحجم الكرملين، الثلاثاء، عن الرد على سؤال عما إذا كانت روسيا مستعدة لاستقبال مخزونات إيران من اليورانيوم المخصب في إطار اتفاق نووي محتمل مع الولايات المتحدة.

وذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية أنه من المتوقع أن ترفض إيران اقتراحاً أميركياً بأن تنقل مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى دولة ثالثة، مثل روسيا، في إطار اتفاق مع الولايات المتحدة في المستقبل لتقليص برنامجها النووي.

وعندما سُئل ديميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين خلال إفادته الصحافية اليومية عما إذا كانت روسيا ستقبل بتسلم احتياطيات اليورانيوم الإيرانية، وما إذا كانت طهران قد ناقشت هذا الأمر مع موسكو، أجاب قائلاً: «سأترك هذا السؤال دون تعليق»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

صورة ملتقَطة في 19 ديسمبر 2024 تُظهر المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الروسية موسكو (د.ب.أ)
صورة ملتقَطة في 19 ديسمبر 2024 تُظهر المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الروسية موسكو (د.ب.أ)

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، إن إيران «قريبة جداً» من امتلاك سلاح نووي، وهدد بقصفها ما لم تتوصل إلى اتفاق يمنع ذلك. وتنفي إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية.

وترى روسيا، التي وقّعت معاهدة شراكة استراتيجية مع إيران في يناير (كانون الثاني)، أن لطهران الحق في امتلاك الطاقة النووية لأغراض سلمية، وأن أي استخدام للقوة العسكرية ضدها سيكون غير قانوني وغير مقبول.

ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي روسيا خلال الأيام المقبلة قبل جولة ثانية من المحادثات المزمع عقدها بين طهران وواشنطن بهدف حل الأزمة النووية المستمرة منذ عقود بين إيران والغرب.

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال لقائه وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي في مسقط بسلطنة عمان في 12 أبريل 2025 (رويترز)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال لقائه وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي في مسقط بسلطنة عمان في 12 أبريل 2025 (رويترز)

وأجرى عراقجي محادثات غير مباشرة في سلطنة عُمان، يوم السبت، مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وصفها الجانبان بالإيجابية. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية لوسائل الإعلام الرسمية إن جولة ثانية من المحادثات ستُعقد في مسقط يوم السبت.

وانسحب ترمب خلال فترته الرئاسية الأولى من اتفاق نووي بين إيران وقوى كبرى، منها روسيا. وفرض ذلك الاتفاق قيوداً صارمة على أنشطة طهران النووية مقابل تخفيف العقوبات.