عرب إسرائيل لتعديل قانون القومية بعد دفع «ثمن باهظ» في هجوم «حماس»

40 شخصاً قتلوا حتى الآن من سقوط الصواريخ أو الاشتباكات

لافتة باللغة العربية في مظاهرة بتل أبيب سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
لافتة باللغة العربية في مظاهرة بتل أبيب سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

عرب إسرائيل لتعديل قانون القومية بعد دفع «ثمن باهظ» في هجوم «حماس»

لافتة باللغة العربية في مظاهرة بتل أبيب سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
لافتة باللغة العربية في مظاهرة بتل أبيب سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يحاول فيه عدد من قادة حزب «الليكود» اليميني الحاكم في إسرائيل سن قانون جديد «ينصف الدروز ويضمن لهم المساواة كونهم يحاربون معنا ضد (حماس)»، خرجت أوساط من قوى عربية أخرى تطالب بإلغاء أو تعديل قانون القومية العنصري الذي يعطي تفوقا لليهود في الحقوق. وأحدثت هذه القضية ارتباكا واضحا في مؤسسات الحكم الإسرائيلية.

وتعود هذه القضية إلى الواقع المركب للمجتمع الإسرائيلي، حيث إن هناك أقلية عربية كبيرة تشكل حوالي 19 في المائة من السكان، بينهم أبناء الطائفة العربية الدرزية التي تضم 149 ألف نسمة (9 في المائة من مجموع سكان إسرائيل)، وقد فرضت على شبانهم الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي. أما بقية العرب فلديهم بضع مئات من الجنود المتطوعين إذ لا يخدمون في الجيش بشكل إجباري.

وبحسب الإحصاءات الرسمية، فإنه من مجموع 24 ألف شخص «قتلوا في حروب إسرائيل (منذ سنة 1860)، قتل منذ عام (1948) 235 درزيا، و132 مسلما وبدويا، و8 مسيحيين و7 من الشركس». ويوجد مثلهم رجال شرطة وحرس حدود يعدون هم أيضا جنودا سقطوا في معارك إسرائيل.

ومع أن السلطات الإسرائيلية تشيد بهؤلاء «لمساهمتهم في المجهود الحربي الوطني»، إلا أنها «تكافئهم» بسياسة تمييز عنصري لا تستثني أي طائفة عربية. وبلغت هذه السياسة أوجها بسن قانون عام 2018 يدعى «قانون القومية»، يكرس الطابع اليهودي للدولة ويجعل اليهودي متفوقا عرقيا على جميع العرب، ويخفض من مكانة اللغة العربية، ويشكل قاعدة ومرجعية وتبريرا لكل صنوف سياسة التمييز.

مظاهرة احتجاج لدروز إسرائيل على هدم البيوت في دالية الكرمل بحيفا (شبكات اجتماعية)

كما سنت قانونا آخر يدعى «قانون كامينتس» الذي يجيز هدم ألوف البيوت العربية بحجة بنائها بلا ترخيص، مع أن أصحابها في معظمهم طلبوا الترخيص وأبدوا استعدادهم لدفع الرسوم، لكن السلطات رفضت منحهم الترخيص لأنها تتمسك بأراضيهم لمصادرتها ووضعها لخدمة الجيش أو الاستيطان اليهودي.

متظاهرون في إسرائيل أغسطس الماضي احتجاجاً على الجريمة في البلدات العربية نتيجة إهمال رسمي (أ.ف.ب)

وخلال الحرب على غزة، عاد العرب ليتحدثوا عن هذه القوانين العنصرية. فخلال هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قتل حوالي 40 عربيا، 13 منهم بأيدي عناصر «حماس»، و21 جراء القصف الصاروخي باتجاه النقب. قسم من هؤلاء قتل أو أصيب رغم معرفة عناصر «حماس» أنهم عرب، وبينهم امرأة مسلمة محجبة، اعترضت على هجومهم قائلة: «حرام عليكم الإسلام يحرم قتل الأبرياء».

بين الضحايا العرب أيضا عمال في البلدات اليهودية حاولوا حماية مشغليهم من المسنين والنساء، وبينهم ممرض حاول إسعاف الجرحى. كما قتل ستة جنود وضباط عرب في قلب غزة أو على الحدود الشمالية خلال المعارك.

وعندما حضر بعض المسؤولين الإسرائيليين إلى الجنازات وبيوت العزاء العربية، سمعوا تذمرا من قانون القومية العنصري، وقال رئيس الطائفة العربية الدرزية، الشيخ موفق طريف، إن أحد الضباط قتل وفي يوم مقتله وصل إلى شقيقه أمر بهدم بيته. وطالب بوضع حد لسياسة التمييز وبإلغاء قانون القومية، قانون كامينتس.

نتنياهو يعانق الشيخ طريف لكنه يرفض تعديل قانون القومية (مكتب الصحافة الحكومي)

على خلفية هذه الأوضاع، قررت مجموعة من نواب الكنيست من حزب «الليكود» سن قانون خاص ينص على المساواة للدروز. لكن رئيس مجلس بيت زرزير، أمير مزاريب، الذي يشغل منصب رئيس منتدى السلطات المحلية البدوية في الشمال، اعترض على صدور قانون خاص بالدروز، وتساءل: وماذا عنا نحن البدو؟ نحن أيضا مواطنون في الدولة وكثير من أبنائنا يخدمون في الجيش والشرطة. لذا لا نقبل برفع مكانة إخوتنا الدروز وحدهم، ونطالب برفع مكانة كل سكان الدولة من العرب.

تلاميذ بقرية صوانين البدوية في النقب غير المعترف بها رسمياً وتعاني أوضاعاً معيشية صعبة (أ.ف.ب)

وانقسم المسؤولون في الائتلاف الحكومي إلى قسمين، الأول بأكثرية يدعو لسن قانون مساواة عام يمنح بموجبه مكانة خاصة للدروز أو لمن يخدمون في الجيش، والثاني ويضم أقلية تنادي بتعديل قانون القومية بما يضمن المساواة لجميع المواطنين من دون تفرقة على أساس الدين أو العرق أو الجنس.

وقد وعد وزير الدولة، بيني غانتس، عضو قيادة مجلس الحرب، بأن يسعى لتعديل قانون القومية بعد الحرب.

إلا أن معسكر اليمين، الذي يشكل أكثرية برلمانية (64 نائبا من مجموع 120)، بقيادة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يرفض أي تعديل في هذا القانون ويعد فقط بسن قانون خاص يرفع مكانة الدروز، ولم يتطرق لبقية شرائح المجتمع العربي الفلسطيني من مواطني إسرائيل، المعروفين أيضا باسم عرب 48 أو فلسطينيي 48.


مقالات ذات صلة

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

رياضة عالمية رودريغو بنتانكور (إ.ب.أ)

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، اليوم الاثنين، إيقاف رودريغو بنتانكور، لاعب وسط توتنهام هوتسبير، 7 مباريات، بعد ملاحظة عنصرية من اللاعب القادم من أوروغواي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)

«قوانين الفجر الظلامية»... كيف يُشرعن الكنيست التمييز ضد العرب في إسرائيل؟

يواصل ائتلاف اليمين في الكنيست سن تشريعات ضد المواطنين العرب في إسرائيل بهدف ترهيبهم واضطهادهم... فما أبرز تطورات تلك الحملة المتواصلة لشرعنة التمييز ضدهم؟

نظير مجلي (تل أبيب)
رياضة عالمية فينيسيوس غاضب جداً بسبب خسارة الجائزة (أ.ف.ب)

بعد زلزال الجائزة الذهبية... مَن الذين يخافون من وجود ريال مدريد؟

بعد أقل من 24 ساعة على الضربة القاسية التي تلقاها ريال مدريد بخسارة الكلاسيكو 4 - 0 أمام برشلونة في البرنابيو، الأحد، حدث تحول آخر مزلزل في ريال مدريد.

The Athletic (باريس)
رياضة عالمية لامين يامال يحتفل بتسجيل الهدف الثالث لبرشلونة (أ.ف.ب)

كلاسيكو العالم: الريال يحقق في تعرض يامال لإساءات عنصرية

ذكرت تقارير إعلامية إسبانية أن لامين يامال، نجم فريق برشلونة الإسباني لكرة القدم، تعرض لإساءات عنصرية في مباراة الكلاسيكو التي فاز بها فريقه على ريال مدريد.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية لوم تشاوان كان غاضباً من الهتافات (رويترز)

استبدال تشاونا لاعب لاتسيو بعد تعرضه لإساءة عنصرية أمام تفينتي

قال ماركو باروني، مدرب لاتسيو الإيطالي، إن جناحه لوم تشاونا استُبدال بعد تعرضه لإهانات عنصرية من الجماهير خلال الفوز 2 - صفر على تفينتي.

«الشرق الأوسط» (روما)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)
TT

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن تركيا تؤكد في اتصالاتها مع جميع الأطراف ضرورة عدم جرّ العراق إلى دوامة العنف، وتقدم الدعم «الأهم» لجهود تعزيز وإعادة إعمار هذا البلد.

وخلال مناقشة ميزانية وزارة الخارجية في لجنة التخطيط بالبرلمان التركي التي عُقدت الخميس واستمرت حتى ساعة مبكرة من صباح الجمعة، وصف فيدان زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى العراق في أبريل (نيسان) الماضي بأنها «نقطة تحول حاسمة» في العلاقات بين أنقرة وبغداد.

وذكر أنه تم التوقيع على 27 وثيقة قانونية خلال الزيارة لتعزيز الإطار المؤسسي للعلاقات العراقية - التركية، مضيفاً أنهم يديرون آليات التعاون مع العراق بشكل فعال، ويدعمون بشكل كامل مشروع «طريق التنمية» الذي تعتبر تركيا شريكاً طبيعياً فيه، ويكثفون الاتصالات التي تركز على الأمن ومكافحة الإرهاب مع العراق.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

وعدّ فيدان أن إعلان حزب العمال الكردستاني «منظمة محظورة» من قبل العراق، «خطوة حاسمة» بالنسبة لتركيا، وقال: «توقعاتنا أن يعترف العراق، رسمياً، بحزب العمال الكردستاني (منظمة إرهابية)، ويصفيه بالكامل من أراضيه».

وتابع الوزير التركي: «ما لم تتم تلبية مخاوفنا الأمنية المشروعة، فإن عملياتنا لمكافحة الإرهاب خارج حدودنا، والتي نقوم بها وفقاً للقانون، ستستمر من دون تباطؤ».

ووصف وزير الخارجية التركي علاقات بلاده مع إقليم كردستان العراق بأنها «فوق العادة» وجيدة للغاية، كما تسعى أنقرة إلى حل المشاكل بين بغداد وأربيل. وأعلن عن تطورات إيجابية فيما يتعلق بتصدير نفط الإقليم.

وقال فيدان إن الحديث عن «تركيا الحامي الوحيد للكرد عبر الحدود ليس له معنى»، وأضاف: «إننا الحامي الوحيد والداعم الحقيقي للبوسنيين والألبان في البلقان، وإننا أيضاً نحمي التركمان والكرد... هؤلاء موجودون في شرقنا وجنوبنا، هذا هو التاريخ، ونحن لا نغيره».

وتابع أن «تركيا ضد تجنيد الكرد في سوريا في صفوف حزب (العمال)، ويجب إبعاد جميع كوادره من تركيا والعراق وإيران، وأن يبقى السوريون هناك». وقال: «لدينا دائماً حساسية تجاه المسلحين الكرد عبر الحدود».

تركيا تواصل عملياتها ضد «العمال الكردستاني» في شمال العراق (وزارة الدفاع التركية)

وبالنسبة لمشروع «طريق التنمية»، قال فيدان إن تركيا تولي أهمية كبيرة للمشروع، واعتبر أنه بهذا المشروع تم طرح قضية إيجابية على جدول الأعمال للمرة الأولى مع العراق.

وأضاف أن تركيا لا يمكنها فرض خيار ضد تفضيل العراق بالنسبة للبوابة الحدودية لمرور «طريق التنمية»، ويجب على بغداد وأربيل أن تجتمعا معاً وتقررا أي بوابة حدودية ستكون مفضلة.

وعن استئناف تصدير نفط إقليم كردستان، عبر خط الأنابيب الذي ينقله إلى ميناء جيهان جنوب تركيا (خط كركوك - يمورتاليك) لتصديره، قال فيدان إن هناك أخباراً جيدة، ونتوقع تطورات جيدة قريباً، وبخاصة فيما يتعلق بافتتاح خط الأنابيب.

وأضاف: «لقد قمنا باستعداداتنا. نأمل أن يتم فتح خط الأنابيب. (طريق التنمية) مهم للغاية، وقد يشمل أيضاً شمال روسيا، عبر وصله بممر الجنوب اللوجستي في مرحلة معينة. يبدو أنه يمكن أن يتحول إلى مشروع أفضل. نحن جادون في هذا الأمر».