تركيا تدعو دول المنطقة إلى موقف موحد تجاه «وحشية إسرائيل»

رئيس برلمانها يحذّر من إشعال فتيل صراع يمهّد لـ«حرب عالمية ثالثة»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يطالب بموقف موحد من «وحشية إسرائيل» (أ.ف.ب)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يطالب بموقف موحد من «وحشية إسرائيل» (أ.ف.ب)
TT

تركيا تدعو دول المنطقة إلى موقف موحد تجاه «وحشية إسرائيل»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يطالب بموقف موحد من «وحشية إسرائيل» (أ.ف.ب)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يطالب بموقف موحد من «وحشية إسرائيل» (أ.ف.ب)

أكدت تركيا أنها لا يمكن أن تبقى صامتة حيال الاستهداف الشامل لغزة بدعوى تدمير حركة «حماس»، داعية دول المنطقة إلى اتخاذ موقف موحد تجاه «وحشية» إسرائيل.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان: إن بلاده تقوم بحراك دبلوماسي مكثف منذ اليوم الأول للأزمة بين إسرائيل و«حماس» من أجل وقف المجزرة المستمرة وإنهاء «الوحشية» ومنع تصاعد التوتر في المنطقة بشكل أكبر.

وأكد فيدان، في كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الخارجية والمؤسسات التابعة لها لعام 2024 في لجنة التخطيط والموازنة بالبرلمان التركي، الاثنين، أهمية إبداء دول المنطقة رد فعل بـ«صوت واحد» تجاه إسرائيل لممارسة ضغط جماعي عليها.

وأضاف فيدان، أن الشعب الفلسطيني يعيش مأساة إنسانية بسبب «الوحشية الإسرائيلية» في غزة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، و«لا يمكننا أن نبقى صامتين حيال الاستهداف الشامل لغزة وقصف المستشفيات والمدارس والمساجد بذريعة تدمير (حماس)».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع وزير الصحة التركي فخر الدين خوجة يزوران مريضاً فلسطينياً تم إجلاؤه من غزة للعلاج في أنقرة يوم الخميس الماضي (الرئاسة التركية - رويترز)

ولفت وزير الخارجية التركي إلى أن بلاده أرسلت حتى الآن 11 طائرة محمّلة بمساعدات إنسانية إلى مصر لإيصالها إلى غزة، كما أرسلت سفينة كبيرة محمّلة بالمساعدات، ومن بينها مستشفيات ميدانية ومستلزمات طبية وأدوية وغيرها من المساعدات.

وذكر فيدان، أن تركيا تقوم باتصالات مكثفة بشأن علاج الجرحى الموجودين في مستشفى الصداقة التركي - الفلسطيني بقطاع غزة، مضيفاً أنه تم نقل 27 مريضاً مع 12 مرافقاً من غزة وصلوا إلى أنقرة بالتنسيق مع مصر الأسبوع الماضي، كما وصل 61 مريضاً مع 49 مرافقاً إلى أنقرة الاثنين، قادمين من مصر وجرى نقلهم للمستشفيات للعلاج.

وأشار إلى أنه تم إخراج 170 من المواطنين الأتراك وذويهم من قطاع غزة منذ اندلاع الحرب، وأن عمليات الإجلاء مستمرة.

مسعفون ينقلون مريضة فلسطينية تم إجلاؤها من قطاع غزة للعلاج في تركيا يوم الخميس الماضي (أ.ف.ب)

وأعلنت وزارة الخارجية التركية، الأحد، وصول مجموعة من 87 شخصاً يحملون جنسية تركيا و«جمهورية شمال قبرص التركية» وأقاربهم إلى مصر قادمين من غزة؛ تمهيداً لنقلهم إلى تركيا.

في السياق ذاته، عدّ رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، عدم السماح للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بدخول قطاع غزة من خلال معبر رفح، إعلاناً صريحاً بأن المنظمة الدولية «مُزّقت وألقيت في سلة المهملات». ونقلت وسائل الإعلام التركية عن كورتولموش، في كلمة ألقاها خلال مشاركته الاثنين في الاجتماع التاسع لرؤساء برلمانات مجموعة «ميكتا» بالعاصمة الإندونيسية جاكرتا، أن النظام العالمي الحالي غير فعال في حل المشاكل القائمة، وأن الأزمة الراهنة في منطقة الشرق الأوسط ستؤدي إلى أزمات عالمية وتمهد الطريق لصراعات جديدة.

وأضاف كورتولموش، أنه «إذا لم يكن من الممكن إنهاء القمع الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في الشرق الأوسط، وإذا امتدت هذه الحرب إلى البلدان المحيطة، فقد يشعل ذلك فتيل صراع عالمي يمهد البنية التحتية للحرب العالمية الثالثة؛ ولهذا السبب يتعين علينا طرح هيكل سياسي جديد في النظام العالمي وإنشاء نظام جديد يقوم على السلام والمساواة».

وشدد كورتولموش على أنه من الواجب المشترك للمجتمع الدولي إعلان وقف عاجل وفعال لإطلاق النار لإنهاء المأساة الإنسانية في غزة، وإرسال احتياجات السكان الأساسية بشكل عاجل، وخاصة الإمدادات الطبية في المستشفيات.


مقالات ذات صلة

كيف أثرت حرب لبنان على جهود التهدئة في غزة؟

تحليل إخباري رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أقاربها عقب غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)

كيف أثرت حرب لبنان على جهود التهدئة في غزة؟

بينما تراوح مفاوضات الهدنة في غزة مكانها منذ عدة أسابيع، تزداد وتيرة الحرب المشتعلة في لبنان، وتتسارع نداءات إطفائها عبر مقترح أميركي - عربي - أوروبي بوقفها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان يتحدث خلال اجتماع لوزراء خارجية «مجموعة العشرين» في نيويورك (واس)

السعودية تدعو «العشرين» لاعتماد مسار موثوق لقيام الدولة الفلسطينية

دعت السعودية أعضاء مجموعة العشرين إلى تكثيف الجهود المشتركة لتجاوز العجز الدولي في التصدي لانتهاكات إسرائيل، واعتماد مسار موثوق لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون الأضرار التي لحقت بمخيم المغازي للاجئين بعد غارة إسرائيلية في 25 ديسمبر 2023 وسط معارك مستمرة بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف.ب)

في قطاع غزة المدمر... إحصاء ضحايا الحرب يشكل تحدياً حقيقياً

يشكل إحصاء الضحايا تحدّياً حقيقياً يومياً في قطاع غزة الذي يتعرّض للقصف منذ قرابة السنة والذي تحوّل جزء كبير منه إلى دمار.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية 
بزشكيان يتحدّث إلى ممثّلي وسائل الإعلام الأميركية في نيويورك (الرئاسة الإيرانية)

جدل بعد «تصريحات» بزشكيان عن استعداد لخفض التوتر مع إسرائيل

أثارتْ تصريحاتٌ منسوبةٌ للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بشأن استعداد بلاده لخفض التوتر مع إسرائيل، جدلاً واسعاً في إيران، رغم نفي الحكومة الإيرانية صحتها.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
الولايات المتحدة​ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش متحدثاً في «قمة المستقبل» داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)

حرب غزة والتصعيد الإسرائيلي في لبنان يسبقان بايدن إلى الجمعية العامة

يبدأ زعماء العالم الثلاثاء مناقشاتهم في اجتماعات الأمم المتحدة، وسط تزايد أخطار اتساع حرب غزة والتصعيد الإسرائيلي في لبنان، قبل خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن.

علي بردى (نيويورك)

الدبلوماسية الفرنسية تنشط لتجنب الحرب الواسعة والرئيس ماكرون يسير على خُطى سلفه جاك شيراك

البحث عن ناجين بعد ضربة جوية إسرائيلية شمال بيروت الخميس (رويترز)
البحث عن ناجين بعد ضربة جوية إسرائيلية شمال بيروت الخميس (رويترز)
TT

الدبلوماسية الفرنسية تنشط لتجنب الحرب الواسعة والرئيس ماكرون يسير على خُطى سلفه جاك شيراك

البحث عن ناجين بعد ضربة جوية إسرائيلية شمال بيروت الخميس (رويترز)
البحث عن ناجين بعد ضربة جوية إسرائيلية شمال بيروت الخميس (رويترز)

كثّفت الدبلوماسية الفرنسية نشاطها في نيويورك؛ حيث حضر في وقت واحد الرئيس إيمانويل ماكرون ومستشاروه وكذلك وزير الخارجية الجديد جان نويل بارو. وبذلت باريس جهوداً في العمل من أجل احتواء التصعيد العسكري بين «حزب الله» وإسرائيل، والتوصل إلى وقف للعمليات العسكرية.

ويأتي هذا الحراك الدبلوماسي بدفع من الرئيس ماكرون، الذي يريد أن يكون لبلاده دور في حماية لبنان، بعد الإخفاق الذي واجهه منذ العام 2020 وقت انفجاري المرفأ، ورغم الزيارتين اللتين قام بهما إلى بيروت خلال أقل من شهر (في 6 أغسطس «آب» والأول من سبتمبر «أيلول»)، مقدماً خطة إنقاذ اقتصادية وسياسية ومالية واجتماعية، ودفع الطبقة السياسية من أجل التفاهم فيما بينها لإخراج البلاد من ورطتها متعددة الأشكال.

بيد أن شيئاً من هذا لم يتحقق، كما لم تنجح الجهود الفرنسية في الدفع لملء الفراغ على رأس المؤسسات اللبنانية، رغم تعاقب زيارات وزراء الخارجية الفرنسيين من جان إيف لودريان إلى كاترين كولونا وستيفان سيجورنيه، إضافة إلى المكلفين في قصر الإليزيه بالملف اللبناني.

سيجورنيه زار لبنان 3 مرات، بتكليف من ماكرون، ومنذ زيارته الأولى، بداية العام 2024، حمل خطة مفصلة لخفض التصعيد على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، وعمد إلى صياغة بعض فقراتها نزولاً عن طلب رئيس الوزراء المستقيل نجيب ميقاتي، الذي استقبله ماكرون في قصر الإليزيه، كما استقبل قائد الجيش العماد جوزيف عون، والرئيس السابق للحزب الاشتراكي، وليد جنبلاط، وشخصيات لبنانية أخرى.

وخلال أشهر طويلة، كانت رسالة باريس للسلطات والسياسيين اللبنانيين، بمن فيهم مسؤولون من «حزب الله»، دعوتهم إلى التنبه من المخططات الإسرائيلية، ومن أن «حرب الإسناد» التي يقوم «حزب الله» «لن تبقى محصورة الإطار، ويمكن أن تتطور في أي يوم»، وفق تأكيدات مصادر فرنسية واكبت الجهود الدبلوماسية. كذلك نبهت باريس من «الخفة» التي يتعامل بها اللبنانيون مع المخاطر المقبلة.

ورغم التنافس بين باريس وواشنطن، التي قدمت هي الأخرى بشخص مبعوثها الرئاسي، آموس هوكشتاين، خطة موازية، فإن العاصمتين توصلتا، في النهاية، إلى العمل معاً، وفي اتجاه واحد. إلا أن النتيجة جاءت مخيبة، إلى أن حلّ التصعيد الأخير.

على خطى شيراك

اليوم تغير الوضع، والكارثة حلّت، ويمكن أن تتبعها كوارث أكبر، ومن عناوينها قد تكون الحرب البرية، وسعي إسرائيل لاحتلال أقسام من الجنوب اللبناني (وهو ما فعلته سابقاً) وتمددها لتتحول إلى حرب إقليمية مع احتمال أن تتدخل بها إيران المتأرجحة حالياً بين رغبتها في الانفتاح على الغرب، وعدم التصادم مع إسرائيل والقوات الأميركية المنتشرة بقوة في المنطقة وبين «واجبها» دعم «حزب الله» ومنع هزيمته.

من هنا، فإن الحراك الفرنسي ارتقى إلى درجة أعلى، فالرئيس ماكرون لم يتردد في بث شريط فيديو قبل 5 أيام وجهه إلى «اللبنانيين واللبنانيات الأعزاء»، ليؤكد «مساندتهم في أي محنة يمرون بها»، وليشدد على أن لبنان «لا يمكن أن يعيش في حالة التخوف من حرب مقبلة».

ومع انتقاله إلى نيويورك، كان ماكرون الرئيس الغربي الوحيد الذي التقى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان؛ حيث عمد إلى «تسليط الضوء على مسؤولية إيران في دعم تهدئة عامة (في الشرق الأوسط بما فيه لبنان) واستخدام نفوذها في هذا الاتجاه لدى الأطراف المزعزعة للاستقرار التي تتلقى دعمها».

وزاد ماكرون: «نحضّ إسرائيل على وقف هذا التصعيد في لبنان، ونحضّ (حزب الله) على وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل. نحضّ كل من يزوّد (حزب الله) الوسائل اللازمة للقيام بذلك على التوقف»، عادّاً في الوقت نفسه أنّه لا يمكن لإسرائيل أن «توسّع عملياتها في لبنان من دون عواقب».

ونبه ماكرون، متحدثاً عن التطورات على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية من أن «الخطر الرئيسي راهناً هو (خطر) التصعيد» في الشرق الأوسط، معرباً عن تعاطفه مع لبنان والشعب اللبناني. وإذ انتقد «حزب الله» الذي «يجازف منذ وقت طويل جداً بجر لبنان إلى الحرب»، دعا جميع الفرقاء إلى الوفاء بالتزاماتهم على طول الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة بين إسرائيل ولبنان.

وأكد أن باريس ستتحرك «من أجل بلورة مسار دبلوماسي لا غنى عنه، يهدف إلى تحييد السكان المدنيين والحؤول دون انفجار إقليمي». وأعلن أنه طلب من وزير خارجيته التوجه إلى لبنان نهاية الأسبوع. وبطلب من فرنسا، عقد مجلس الأمن لبحث التصعيد العسكري والتطورات الخطيرة.

باريس تسعى لدفع واشنطن للتحرك الجدي

لم يتوقف الحراك الفرنسي عند هذا الحد، إذ إن باريس ترى أن مساعيها لا يمكن أن تؤتي أُكلها من غير مشاركة أميركية فاعلة. من هنا، انكب فريقا البلدين على بلورة مبادرة مشتركة، كشف عنها وزير الخارجية في كلمته أمام مجلس الأمن؛ حيث قال إن «فرنسا عملت، في الأيام الأخيرة، مع شركائنا الأميركيين على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 21 يوماً لإفساح المجال أمام المفاوضات»، مضيفاً أن اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل و«حزب الله» «ليس حتمياً» بشرط أن تنخرط كل الأطراف «بحزم» في إيجاد حلّ سلمي للنزاع.

ووفق القراءة الفرنسية، فإن «التوترات بين (حزب الله) وإسرائيل اليوم تُهدّد بدفع المنطقة إلى صراع شامل لا يمكن التكهن بعواقبه». وما كان للمبادرة المشتركة المستعجلة أن ترى النور من غير حصول اجتماع في نيويورك بين الرئيسين الفرنسي والأميركي. وما تتخوف منه باريس، وفق مصادرها، أن يكون الانخراط الأميركي في الملف اللبناني - الإسرائيلي شبيهاً بانخراطها فيما خص حرب غزة، حيث «الخطوط الحمراء» التي وضعتها واشنطن لإسرائيل ول نتنياهو تهاوت تباعاً، ولم تنجح واشنطن في إلزام الأخير بهدنة دعت إليها مراراً وتكراراً وتوقعت حصولها.

ويتضح مما سبق أن الرئيس ماكرون يريد أن يكون له دور فاعل في الأزمة الراهنة، وربما أنه استوحى الدور الذي لعبه جاك شيراك، الرئيس الأسبق، في وضع حد للحربين اللتين شنتهما إسرائيل على لبنان في 1996 وفي 2006. ففي الأولى، أرسل شيراك وزير خارجيته هيرفيه دو شاريت إلى المنطقة، وطلب منه البقاء فيها حتى انتزاع اتفاق. وفي الثانية، كان لباريس دور كبير في دفع مجلس الأمن لتبين القرار الشهير 1701 الذي وضع حدّاً للحرب، ولكن ليس للنزاع المستمر بين إسرائيل ولبنان، الذي ما زال الأساس الذي تدور حوله المناقشات في الأمم المتحدة.

وثمة أسئلة كثيرة تطرح نفسها؛ أولها يتناول مدى الجدية الأميركية، وثانيها الطريق إلى بلورة آلية تمكن من تنفيذ القرار المذكور، وثالثها الموقف الإيراني ورغبة طهران في المساعدة، ورابعها المدة الزمنية اللازمة للحصول على موافقة الأطراف المعنية المبادرة المشتركة، وآخرها معرفة ما يريده حقيقة نتنياهو من حربه الراهنة على لبنان، والأهداف التي يريد تحقيقها قبل أن يقبل الهدنة.