إيران تلامس مستويات الأسلحة النووية مع اقتراب انتخابات أميركا

ليس لدى واشنطن وحلفائها كثير من الخيارات المعقولة مع احتدام حرب غزة

رسم توضيحي يجمع رمز وکالة الطاقة الذرية والعلمين الإيراني والأميركي (رويترز)
رسم توضيحي يجمع رمز وکالة الطاقة الذرية والعلمين الإيراني والأميركي (رويترز)
TT

إيران تلامس مستويات الأسلحة النووية مع اقتراب انتخابات أميركا

رسم توضيحي يجمع رمز وکالة الطاقة الذرية والعلمين الإيراني والأميركي (رويترز)
رسم توضيحي يجمع رمز وکالة الطاقة الذرية والعلمين الإيراني والأميركي (رويترز)

لا تملك الولايات المتحدة وحلفاؤها الكثير من السبل المتاحة لكبح أنشطة إيران النووية؛ فقد توارت منذ فترة طويلة احتمالات نجاح المحادثات في إحراز تقدم، كما يحمل تشديد الإجراءات بحق إيران في طياته خطر تأجيج التوتر في منطقة مشتعلة بالفعل بسبب حرب غزة.

وتحد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة، العام المقبل، من المساحة المتاحة للمناورة لدى واشنطن، ورسم 4 دبلوماسيين حاليين و3 سابقين صورة قاتمة لمساعي كبح البرنامج النووي الإيراني الذي تقول تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إن تطوره مستمر، حسبما نقلت «رويترز».

وجاء في أحد تقريرين سريين للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن إيران خصبت الآن كميات من اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60 في المائة، بما يكفي لتصنيع 3 قنابل نووية. وأكد التقرير أن المخزون مستمر في الزيادة رغم أن إيران تنفي باستمرار رغبتها في امتلاك أسلحة نووية.

وبموازاة انطلاق المحادثات لإحياء الاتفاق النووي في أبريل (نيسان) 2021، باشرت إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، في مستوى يقترب من درجة نقاء لازمة لتصنيع أسلحة، وتقول القوى الغربية إنه ليس له استخدام مدني. وتبلغ درجة النقاء المطلوب تخصيب اليورانيوم إليها لتصنيع الأسلحة النووية نحو 90 في المائة.

وبعد فشله في إحياء الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية الذي انسحب منه الرئيس الأمیركي السابق دونالد ترمب في عام 2018، لا مجال الآن أمام الرئيس جو بايدن حتى لدراسة الوصول إلى «تفاهم» غير الرسمي للحد من أنشطة إيران النووية في ظل احتدام الصراع، وتصاعد التوتر في المنطقة.

وقال دبلوماسي أوروبي كبير طلب من وكالة «رويترز» عدم ذكر اسمه، إن «هناك نوعاً من الشلل خصوصاً بين الأميركيين... لأنهم لا يريدون صب الزيت على النار».

وأي مفاوضات بهدف الوصول إلى «تفاهم» مع إيران ستتطلب تقديم واشنطن تنازلات، مثل تخفيف نظام العقوبات الصارمة المفروضة على طهران مقابل الحد من أنشطتها النووية.

تقارير وكالة الطاقة الذرية تظهر تقدماً في عمل إيران النووي

ويبدو أن مثل هذه الخطوة غير واردة الآن بعد أن شنت حركة «حماس» المدعومة من إيران هجوماً في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل حليفة الولايات المتحدة. وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن جماعات مسلحة مدعومة من إيران في المنطقة شنت منذ ذلك الحين عشرات الهجمات على القوات الأميركية وقوات التحالف في العراق وسوريا.

وقد نشرت الولايات المتحدة حاملتي طائرات في المنطقة وطائرات حربية في شرق البحر المتوسط لأسباب منها تحذير إيران، لكن مسؤولين أميركيين أوضحوا أيضاً أنهم لا يريدون التصعيد، وطالبوا الجماعات المسلحة المدعومة من إيران بالتوقف عما تفعل.

مهام وكالة الطاقة الذرية

وستركز الولايات المتحدة وحلفاؤها في فرنسا وبريطانيا وألمانيا من أطراف الاتفاق النووي المبرم عام 2015 على اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المقبل.

في داخل أميركا، تقيد الانتخابات الرئاسية، التي لم يبق عليها سوى عام واحد، إدارة بايدن. وقد يستغل ترمب، الذي يبدو في الوقت الحالي أنه سيكون المنافس الأرجح لبايدن، أي تعامل مع طهران ويصوره على أنه ضعف.

الرئيس الأميركي جو بايدن يلقي تصريحات في منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC) في كاليفورنيا 16 نوفمبر (رويترز)

وقال روبرت أينهورن المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأميركية: «في الأجواء الحالية من غير الممكن سياسياً السعي إلى تسوية مع إيران بشأن المسألة النووية». وأضاف: «الجدل السياسي لن يدور حقاً حول التفاوض مع إيران، بل سيكون حول مواجهة إيران».

وأظهر تقريران من الوكالة هذا الأسبوع أن إيران تحرز تقدماً نووياً مطرداً، وأشارت إلى أن طهران تواصل عرقلة مراقبة الوكالة لعملها.

ولم يحظ اتفاق جرى التوصل إليه في مارس (آذار) لإعادة تركيب معدات مراقبة تشمل كاميرات أزيلت العام الماضي بطلب من إيران إلا بتنفيذ جزئي.

كما أغضبت طهران الوكالة الدولية للطاقة الذرية أيضاً في سبتمبر (أيلول) بسحب تصاريح العمل من بعض أكثر مفتشي الوكالة خبرة بما منعهم عملياً من العمل داخل إيران.

وهذه هي المرة الثانية على التوالي تشير فيها تقارير ربع سنوية لوكالة الطاقة الذرية إلى عدم إحراز تقدم في أي من القضيتين. وذكر التقرير أن مدير عام الوكالة رافائيل غروسي كتب إلى إيران يطلب منها إعادة النظر في سحب الاعتماد، واكتفت إيران في ردها الأربعاء بالقول إنها «تبحث إمكانية تلبية الطلب».

غروسي وإسلامي على هامش محادثات في طهران يوم 4 مارس 2023 (رويترز)

وقال تقرير للوكالة: «على الرغم من أن هذا الإجراء مسموح به رسمياً... فقد مارسته إيران بطريقة تؤثر مباشرة وبشكل خطير على قدرة الوكالة على الاضطلاع بفاعلية بأنشطة التحقق في إيران، وفي منشآت التخصيب بصفة خاصة».
وأضاف أن «المدير العام (غروسي) ما زال يندد بقوة بسحب إيران المفاجئ لأسماء عدد من مفتشي الوكالة ذوي الخبرة».

وهددت قوى غربية في سبتمبر بإصدار قرار ملزم يأمر إيران بالتراجع عن مسارها، ويعد ذلك إحدى أقوى العقوبات في جعبة مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

مجلس محافظي الوكالة يتجنب خطوات ستؤجج التوتر

وقال 4 دبلوماسيين إن من المستبعد التوصل إلى قرار الآن؛ لأن من الضروري تجنب التصعيد الدبلوماسي والنووي مع إيران في الوقت الذي ينصب فيه الاهتمام على الصراع بين إسرائيل و«حماس».

وذكر الدبلوماسيون أن من المرجح أكثر في الوقت الحالي التحرك بشكل أقل صدامية، مثل إصدار بيان شديد اللهجة لكنه غير ملزم بما يهدد باتخاذ إجراءات أكثر صرامة في الاجتماع المقبل لمجلس محافظي الوكالة في مارس (آذار).

وقال الدبلوماسي الأوروبي البارز: «لا يمكننا أن نستصدر قراراً... إذا مررنا قراراً... سيخاطر ذلك بدفعهم (الإيرانيين) صوب الحافة... للتخصيب إلى 90 في المائة».

وذكر دبلوماسيان أن كل ما يمكن القيام به في الأشهر المقبلة هو دعم جهود رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي لتعزيز الرقابة على برنامج إيران النووي. ويسعى رئيس الوكالة إلى إعادة إمكانية عمل المفتشين في إيران قبل نهاية العام.

وقال أحد الدبلوماسيين: «من السابق لأوانه القول ما إذا كانت إيران ستصبح دولة نووية أم أنها ستبقى دولة على أعتاب ذلك كما هي الحال الآن... لكنها ستستمر في الوقت الحالي في التخصيب».


مقالات ذات صلة

دوافع إيران لطرح برنامجها النووي على طاولة الحوار الأوروبية

تحليل إخباري رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)

دوافع إيران لطرح برنامجها النووي على طاولة الحوار الأوروبية

7 أسباب رئيسية تدفع إيران اليوم لتغليب الحوار مع «الترويكا» الأوروبية على السير بسياسة المواجهة مع الولايات المتحدة والغرب بشكل عام.

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

لوّحت بريطانيا، الأحد، بتفعيل آلية «سناب باك» لمواجهة الخروقات الإيرانية في الاتفاق النووي لعام 2015؛ ما يعرض طهران لخطر العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

لاريجاني: تحضيراتنا مستمرة للرد على إسرائيل

أكد علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس، استمرار التحضيرات لهجوم ثالث على إسرائيل، وذلك بعد تراجع نسبي في تهديدات طهران بتوجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

تعتزم إيران إجراء محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في جنيف.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

يمثل الصعود العسكري النووي للصين هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي بأميركا في ظل التقارب بكين وموسكو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بوريل: لا عذر لإسرائيل لرفض اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

صورة تظهر الدمار في موقع غارة جوية إسرائيلية ليلية استهدفت مدينة النبطية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
صورة تظهر الدمار في موقع غارة جوية إسرائيلية ليلية استهدفت مدينة النبطية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

بوريل: لا عذر لإسرائيل لرفض اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

صورة تظهر الدمار في موقع غارة جوية إسرائيلية ليلية استهدفت مدينة النبطية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
صورة تظهر الدمار في موقع غارة جوية إسرائيلية ليلية استهدفت مدينة النبطية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

 

طالب جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي اليوم الثلاثاء إسرائيل بالموافقة على اتفاق مقترح لوقف إطلاق النار في لبنان قال إنه يشتمل على كل الضمانات الأمنية اللازمة لإسرائيل.

وقال بوريل في اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع إنه لا يوجد عذر يبرر عدم تنفيذ الاتفاق مع جماعة «حزب الله» المدعومة من إيران، مضيفاً أنه يتعين ممارسة ضغط على إسرائيل للموافقة عليه اليوم.

وذكر مسؤول إسرائيلي كبير أن إسرائيل تبدو مستعدة للموافقة على خطة أميركية لوقف إطلاق النار مع «حزب الله» اليوم الثلاثاء.

وأعلن في الولايات المتحدة وفرنسا أمس (الاثنين) أن المفاوضات تسير في الاتجاه الصحيح وأن الدولتين توشكان على إصدار بيان مشترك تعلنان فيه وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وبينما تضاربت التصريحات ومعلومات المصادر حول موعد إعلان البيان، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر واسعة الاطلاع في واشنطن أن الجانبين الأميركي والفرنسي يستعدان لإعلان هدنة بين لبنان وإسرائيل لمدة 60 يوماً تتضمن بدءاً فورياً بإجلاء عناصر «حزب الله» وأسلحتهم من المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني «بشكل يمكن التحقق منه»، مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها منذ بدء الغزو البري المحدود للأراضي اللبنانية. وسيستند الإعلان المرتقب إلى القرار 1701 وسيتضمن إنشاء «آلية مراقبة».