سياسة تعتيم إسرائيلية صريحة تحجب مشاهدة أوضاع غزة

وسائل الإعلام ترفض بث أشرطة «حماس» والجمهور لا يعرف أن أسرى قُتلوا بالقصف

جنازة الجندي الإسرائيلي راز أبو العافية الذي قُتل في شمال قطاع غزة وسط العملية البرية للجيش ضد «حماس» الثلاثاء (رويترز)
جنازة الجندي الإسرائيلي راز أبو العافية الذي قُتل في شمال قطاع غزة وسط العملية البرية للجيش ضد «حماس» الثلاثاء (رويترز)
TT

سياسة تعتيم إسرائيلية صريحة تحجب مشاهدة أوضاع غزة

جنازة الجندي الإسرائيلي راز أبو العافية الذي قُتل في شمال قطاع غزة وسط العملية البرية للجيش ضد «حماس» الثلاثاء (رويترز)
جنازة الجندي الإسرائيلي راز أبو العافية الذي قُتل في شمال قطاع غزة وسط العملية البرية للجيش ضد «حماس» الثلاثاء (رويترز)

تتّبع المؤسسات الإسرائيلية السياسية والعسكرية والإعلامية سياسة تعتيم على كل ما يتعلق بآثار الغارات على المدنيين، وتحجب كل بيانات «حماس» والأشرطة المصورة حول المخطوفين، إلى جانب السياسة الضبابية تجاه مجريات العمليات الإسرائيلية في قطاع غزة، بوصفها جزءاً من التكتيك الحربي.

وبسبب هذه السياسة، لا يعرف الإسرائيليون تفاصيل عن آلاف الأطفال والنساء من ضحايا الغارات التي يشنها سلاح الجو وسلاح البحرية وسلاح البرية من بعيد، ووسائل الإعلام العبرية تعلن صراحة أنها لا تنشر البيانات التي تصدرها حركة «حماس»، ولا تبث ظهور الناطق الرسمي بلسان الحركة، أبو عبيدة، ولا تنشر إعلانات «حماس» عن عدد الأسرى الذين قُتلوا من جراء الغارات، وأن عددهم ارتفع إلى 60.

وفي ليلة الاثنين - الثلاثاء، عندما أعلنت «حماس» عن مقتل الجندية نوعا مرتسيانو جراء القصف الإسرائيلي، أبلغ الجيش أهلها أنها قُتلت في غزة، وأكد أن معلوماته مأخوذة من معلومات استخبارية (وليس من الشريط الذي بُث لدى «حماس» بهذا الخصوص، ولم تُبَثّ كلماتها قبل موتها). وتبرر وسائل الإعلام هذا القرار بأنها لا تريد أن تكون أداة بأيدي الحملة الدعائية للحركة.

أبو عبيدة الناطق باسم «كتائب القسام»

وبسبب هذه السياسة، يُضطر الإسرائيليون إلى اللجوء إلى الشبكات الاجتماعية لمعرفة مصائر أولادهم. وحتى هنا، تتدخل وحدات «السايبر» في المخابرات الإسرائيلية، وتحجب عنهم الرؤية أحياناً، فيشاهدون بيانات «حماس» عن طريق قناة الـ«يوتيوب».

تخلق هذه السياسة تذمراً في صفوف عائلات المخطوفين، لكنها تتقبل الأمر مرغمة. ويزداد لديها الشعور بأن قضية الأسرى ليست في رأس سلم الاهتمام؛ ولذلك يصعّد أفرادها من نشاطهم الاحتجاجي، فقد انطلقوا، الثلاثاء، في مسيرة 5 أيام متواصلة، من «ساحة المخطوفين» في تل أبيب، وفي ظل موجة أمطار غزيرة، وستنتهي المسيرة السبت المقبل أمام بيت رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.

إسرائيليون على طريق سريعة بتل أبيب باتجاه البرلمان الإسرائيلي في القدس الثلاثاء من أجل إطلاق سراح المحتجزين في هجوم 7 أكتوبر (أ.ف.ب)

وقد شارك فيها 200 شخص فقط، لكنهم دعوا الجمهور للانضمام إليهم، «حتى لا تفهم الحكومة أن الشعب لا يقف إلى جانب هذه المعركة»، كما قال يوفال هران، الذي قُتل والده في هجوم «حماس» وأُسِرت والدته و6 آخرون من أفراد العائلة، تابع: «هذه ليست معركتنا وحدنا، بل إنها معركة شعب إسرائيل. نقول فيها إن الدولة تهتم بأبنائها وبناتها الأسرى؛ لذلك أدعو الجمهور وأعضاء الكنيست وقادة المجتمع المدني إلى مشاركتنا في إطلاق هذه الصرخة».

وقد أغلق المحتجون جانباً من شارع تل أبيب - القدس، ورفعوا شعارات تطالب بإطلاق سراح الأسرى «الآن... الآن وليس غداً».

وقالت شيلي يوم طوف، التي خُطف ابنها الشاب عومر: «ابني يعاني من مرض الربو، ولا أدري كيف حاله، وماذا يفعلون به. هل يأكل؟ هل يتناول الدواء؟ هل يتعرض للضرب؟ لمن أتوجه حتى يفهموا كيف ينبض قلب الأم في مثل هذه الحالة؟ إنني أتهم حكومة إسرائيل بأنها أهملت ابني».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت في جلسة سابقة لتقييم أمني بمقر الجيش الإسرائيلي (د.ب.أ)

ويطالب أهالي الأسرى قادة مجلس إدارة الحرب، الذي يضم نتنياهو والوزيرين يوآف غالانت وبيني غانتس، بأن يجتمعوا بهم ويخبروهم: أين وصلت المفاوضات؟ ولماذا لم يُطْلَق سراح الأسرى حتى الآن؟

يُذكر أنه في إطار رفض سياسة التعتيم من أوساط إسرائيلية عدة، بدأت وسائل الإعلام تطرح تساؤلات، وتشكك في روايات الجيش الإسرائيلي عن هذه الحرب. وقد ألمح محللون عسكريون إسرائيليون، الثلاثاء، إلى أن ما ينشره الجيش حول «نجاح» عملياته في قطاع غزة، خصوصاً في مدينة غزة، «ليس دقيقاً»، وأن هناك مقاومة شديدة، مشددين على أن «استسلام» «حماس» ليس وارداً حالياً.

دخان يتصاعد فوق غزة نتيجة العمليات الإسرائيلية في القطاع 14 نوفمبر (رويترز)

ووفقاً للمحلل العسكري في صحيفة «معاريف»، طال ليف رام، فإنه «رغم أن الجيش الإسرائيلي يسيطر عسكرياً على معظم مناطق مدينة غزة وأطرافها، فإن العمل فيها لا يزال طويلاً ومعقداً». والعمل الذي يقصده هو «تطهير الأحياء من البنية التحتية الإرهابية مواقع وشققاً ومخازن أسلحة وفتحات أنفاق. والقتال الآن يتميز بأنه حرب عصابات في منطقة مبنية».

وأشار ليف رام إلى أن «الاعتقاد في الجيش الإسرائيلي هو أن معظم كتائب (حماس) في شمال القطاع لم تعد تعمل، لكن في الأماكن التي هُزمت فيها وقُتل قادة كتائب وسرايا، يستمر القتال؛ ولذلك من السابق لأوانه التحدث عن استسلام».

وأضاف أنه «من خلال محادثات مع ضباط إسرائيليين شاركوا في القتال في الأيام الأخيرة، يتبين أن ثمة إدراكاً عميقاً أن القتال في مدينة غزة سيستغرق أسابيع. وبيت حانون، الخالية كلياً من السكان، ورغم أن قوات الجيش احتلتها، فإنها لا تزال بعيدة عن أن تكون مطهرة، وتدور فيها معارك يومياً، ويطلق على القوات قذائف مضادة للمدرعات ونيران قناصة، وفي بعض الحالات تكون المعارك ضارية».

جنود إسرائيليون يقومون بتأمين المنطقة في كيبوتس كفار عزة بالقرب من الحدود مع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

ووفقاً للمحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، فإن «إسرائيل لا تزال بعيدة عن هزيمة (حماس)». وإن مقاتلي الحركة يواجهون ضغطاً عسكرياً إسرائيلياً شديداً، لكن «تقدم الجيش الإسرائيلي مقرون بإصابات وقتلى إسرائيليين، وأحياناً بمقاومة شديدة من جانب (حماس) التي يبدو الآن أنها غير قادرة على وقف أو عرقلة، لفترة طويلة، الفرق العسكرية الإسرائيلية عندما تدخل إلى منشأة عسكرية (لحماس) أو إلى أحد الأحياء».

وأشار هرئيل إلى أن «إسرائيل فرضت هجرة جماعية لـ900 ألف فلسطيني بالقوة، وسيستغرق الفلسطينيون سنوات كثيرة في محاولة تغيير النتائج. وتدرب الجيش الإسرائيلي على هذه الخطة في الماضي. ومعظم منطقة المعارك في شمال القطاع لن تكون صالحة للسكن أشهراً طويلة، إن لم يكن سنوات».


مقالات ذات صلة

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

المشرق العربي دبابة إسرائيلية بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، أن أحد عناصرها فجّر نفسه بقوة إسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لجلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» حول التزامات إسرائيل بشأن المساعدات للفلسطينيين

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات للفلسطينيين من المنظمات الدولية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية جنديان إسرائيليان يحرسان معبراً في غزة الخميس (أ.ب)

جنود إسرائيليون يعترفون: قتلنا أطفالاً فلسطينيين ليسوا إرهابيين

تحقيق صحافي نشرته صحيفة «هآرتس»، الخميس، جاء فيه أن قوات الاحتلال المرابطة على محور «نتساريم»، رسموا خطاً واهياً، وقرروا حكم الموت على كل من يجتازه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيان ينقلان بسيارة إسعاف جثث قتلى سقطوا بضربة إسرائيلية في جباليا الخميس (أ.ف.ب)

مقتل العشرات بهجمات في قطاع غزة

تستغل إسرائيل المماطلة بإبرام اتفاق لوقف النار في قطاع غزة لشن هجمات تُودي بحياة العشرات كل يوم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون بالقرب من معبر كرم أبو سالم في الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)

جنود إسرائيليون يكشفون عن عمليات قتل عشوائية في ممر نتساريم بغزة

يقول جنود إسرائيليون خدموا في قطاع غزة، لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إنه «من بين 200 جثة (لأشخاص أطلقوا النار عليهم)، تم التأكد من أن 10 فقط من أعضاء (حماس)».

«الشرق الأوسط» (غزة)

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

TT

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

قُتل 28 فلسطينياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء، في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل السبت - الأحد في قطاع غزة، استهدفت إحداها منزل عائلة واحدة، ومدرسة تؤوي نازحين قال الجيش الإسرائيلي إن «حماس» تستخدمها.

وكثّف الطيران الحربي غاراته على جباليا في شمال قطاع غزة، ما حولها إلى مدينة أشباح. وجاء هذا وسط انتقادات إسرائيلية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشن سياسة متناقضة تشمل تصعيداً ميدانياً، وفي الوقت ذاته إدارة مفاوضات لإبرام صفقة تشمل إطلاق سراح الأسرى المحتجزين في غزة. وينتقد أهالي الأسرى نتنياهو بالتخلي عنهم.

مسعفون ينقلون فلسطينياً أصيب بغارة إسرائيلية على سيارة بعد وصوله لتلقي الرعاية في المستشفى الأهلي العربي بمدينة غزة الأحد (أ.ف.ب)

وقال الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل إن الدفاع المدني أحصى «28 شهيداً وعشرات المصابين، إثر مواصلة الاحتلال للعدوان والقصف الجوي والمدفعي على قطاع غزة الليلة الماضية وصباح الأحد»؛ حسبما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية».

نساء وأطفال ضمن الضحايا

وأوضح أنه «تم نقل 4 شهداء وعدد من المصابين إثر استهداف طائرة مسيّرة إسرائيلية سيارة مدنية في شارع الجلاء في مدينة غزة، ونقلوا إلى مستشفى المعمداني» في المدينة. وأضاف أن «13 شهيداً سقطوا في استهداف الطيران الحربي الليلة الماضية منزلاً مكوّناً من ثلاثة طوابق في دير البلح وسط القطاع»، مشيراً إلى أن غالبية القتلى من عائلة «أبو سمرة، وبينهم ثلاث نساء وأطفال». وتابع: «8 شهداء على الأقل، وعدد من المصابين سقطوا في مدرسة موسى بن نصير التي تؤوي آلاف النازحين في حي الدرج» في شمال شرقي مدينة غزة. وأضاف: «تم انتشال جثث 3 شهداء جميعهم في العشرينات من العمر، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منزلاً في شرق مدينة رفح» بجنوب قطاع غزة.

طفل فلسطيني يجري بين أنقاض منزل مدمر وسيارات متضررة في أعقاب غارات إسرائيلية على دير البلح وسط قطاع غزة الأحد (إ.ب.أ)

«ضربة دقيقة»

من جانبه، أكد الجيش الإسرائيلي تنفيذ «ضربة دقيقة» خلال الليل استهدفت مسلحين من (حماس) يعملون هناك. وأفاد بيان عسكري بأن «مركز قيادة وسيطرة لـ(حماس)... كان داخل» مجمع المدرسة في شرق المدينة، مضيفاً أنه استخدم «للتخطيط وتنفيذ هجمات إرهابية» ضد القوات الإسرائيلية.

وتتصاعد في إسرائيل الانتقادات لسياسة رئيس الوزراء، على أساس أن حكومته تدير عمليات حربية في قطاع غزة تلائم «خطة الجنرالات»، وتشمل تسوية المباني بالأرض في المناطق الشمالية، وترحيل آخر من تبقى ممن يعيش فيها، وهو ما يشجع على عودة الاستيطان اليهودي إليها. كما تدعم الحكومة مشاريع اليمين لتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية، عبر إجراءات «قانونية» لمصادرة الأرض، وهدم البيوت الفلسطينية حتى في المناطق الخاضعة رسمياً للسلطة الفلسطينية، وتنفيذ عمليات ترحيل جماعي في عدة مناطق بشكل عام وفي مخيمات اللاجئين بشكل خاص، وتضع برامج تفصيلية تمهيداً لضم المستوطنات، ووضعها تحت السيادة الإسرائيلية.

فلسطينيون ينظرون إلى موقع غارة إسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط قطاع غزة الأحد (رويترز)

«مدينة أشباح»

وحتى بحسب بيانات الجيش، تجري هذه العمليات بطريقة جذرية ومثابرة، كما لو أنه لا توجد مفاوضات. فمثلاً، يكشف الجيش الإسرائيلي أنه تمكن من تدمير مخيم جباليا شمال غزة، وخلال عملياته التي بدأت في 6 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هدم بالكامل 70 في المائة من مباني المخيم، وتم إجلاء نحو 96 ألف شخص فلسطيني بالقوة من المخيم، وقتل أكثر من 2000 فلسطيني، معظمهم، حسب الجيش، من المسلحين، وتم اعتقال نحو 1500 شخص. ولم يبق في المخيم المدمر سوى 100 عنصر من «حماس»، والعدد نفسه من المدنيين، يختبئون بين الأنقاض. وأصبحت جباليا مدينة أشباح، تُشاهد فيها فقط قطعان الكلاب التائهة التي تبحث عن بقايا جثث آدمية للطعام.

ويرى المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن الثمن الذي دفعه الجيش الإسرائيلي في هذه المنطقة خلال الشهرين الماضيين هو مقتل 35 جندياً وإصابة المئات، وهو ما جعل الجيش يتبع طريقة عمل مختلفة، أكثر بطئاً وحذراً، وأضخم دماراً وأقل إصابات. وما دام تجري مفاوضات لوقف النار، فإن الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته بشراسة، على أساس أن هذه العمليات تشكل ضغطاً على قيادة «حماس»، حتى تقدم مزيداً من التنازلات. وفي هذه الأثناء، يرتفع الثمن الذي يُدفع من الطرفين.

وقال النائب الإسرائيلي بيني غانتس، وزير الدفاع الأسبق في حكومتين سابقتين تحت قيادة نتنياهو، إنه يلمس بشكل واضح أن الحكومة لا تنوي إعادة كل المخطوفين. وأضاف، في بيان مصور، أن نتنياهو لا يكترث لحقيقة أن 80 في المائة من الشعب يؤيد صفقة شاملة توقف الحرب، وتنهي ملف الأسرى، ويسعى الآن إلى إجهاض الصفقة، كما فعل عدة مرات خلال الشهور الأخيرة. فبعدما تتقدم المفاوضات وتقترب من نهايتها الإيجابية نراه يخربها في اللحظة الأخيرة، لأغراضه الحزبية.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأحد، عن مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع أبلغ عائلات المحتجزين بأن «الأيام المقبلة بالغة الأهمية من حيث تأثيرها على مصير الرهائن، فهناك صفقة تبادل أسرى جزئية، ولا تشمل التزاماً إسرائيلياً واضحاً بمواصلة المفاوضات مع (حماس) لاحقاً، ووقف الحرب على غزة، وهي أيضاً ليست قريبة كما يوهمونكم، ولن تُنفذ حتى نهاية العام، وثمة احتمال كبير ألا تنفذ حتى نهاية ولاية الإدارة الأميركية الحالية، في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل. وإذا نفذت فسوف تشمل في أحسن الأحوال 50 شخصاً من المخطوفين، فإذا كان هناك احتمال ما لتغييرها إلى صفقة واحدة، فإن هذا سيحدث فقط إذا أطلقتم صرخة كبيرة. وإذا لم يحدث هذا الآن، فإن وضع الرهائن قد يبقى عالقاً لأشهر طويلة جداً».

وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو، يتخوف من أن صفقة كاملة، تشمل تنفيذ مطالب «حماس» بوقف الحرب، ستؤدي إلى نهاية ولاية حكومته، إثر معارضة الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، لوقف الحرب.

وقال رجل الأعمال يونتان زايغن، الذي قتلت والدته المسنة فيفيان سلبر (74 عاماً)، خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر 2023 إن «الحكومة تفرط العقد المبرم منذ 76 عاماً بين الدولة والمواطنين، فتضع قيمة حياة المواطنين بعد قيمة كرسي رئيس الحكومة».

ووالدة زايغن كانت معروفة بقيادتها نضالات كثيرة في إسرائيل من أجل السلام، ووقفت على رأس حركة «نساء يصنعن السلام»، التي كانت تساعد المرضى من أهل غزة في المستشفيات الإسرائيلية. وبعد أن قتلها رجال «حماس»، قرّر زايغن أن يواصل كفاحها لأجل السلام، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني شيء، و«حماس» شيء آخر. ويسعى إلى «إعادة صوت السلام إلى الأجندة الإسرائيلية بعدما أغرقناه في بحر الدماء»، وقال إن «الإسرائيليين يخرجون إلى الحرب من خلال القناعة بأنها السبيل الوحيد لأمنهم. ولكن ما يجري اليوم يبدو مختلفاً». وأضاف: «هناك شيء يقف أمامي كل صباح، هو السؤال الذي يفرض نفسه على أي شخص قتل له عزيز أو أنه هو نفسه اضطر أو اختار أن يقتل. من أجل ماذا؟ على مدى التاريخ، بعد انتهاء المعارك وبعد النتيجة المحتمة لنهاية كل نزاع طويل، فإن القاتل وعائلة المقتول يقومان بالبكاء ويطرحان الأسئلة: لأجل ماذا؟ وبعد التوقيع على الاتفاق يخلق ذلك واقعاً جديداً يصبح السؤال: لماذا الآن بعد الخسارة؟ لماذا ليس قبلها، عندما كان الجميع ما زالوا على قيد الحياة ونفسيتنا لم تفسد؟».