عبداللهيان يبلغ قطر وجهة نظر بلاده لوقف النار في غزة

طهران تعتبر من الطبيعي ألّا تسكت المجموعات الموالية لها عن الحرب

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يستقبل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في الدوحة اليوم (أ.ف.ب)
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يستقبل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في الدوحة اليوم (أ.ف.ب)
TT

عبداللهيان يبلغ قطر وجهة نظر بلاده لوقف النار في غزة

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يستقبل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في الدوحة اليوم (أ.ف.ب)
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يستقبل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في الدوحة اليوم (أ.ف.ب)

أبلغ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، كبار المسؤولين القطريين، وجهة نظر بلاده حول وقف الحرب على قطاع غزة، لكنه عدَّ أنه «من الطبيعي ألّا تسكت» المجموعات الموالية لطهران في المنطقة على تصاعد حدّة الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس»، داعياً إلى اغتنام «آخر الفرص السياسية» لوقف التصعيد.

وأجرى عبداللهيان مشاورات مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حيث نقل رسالة شفوية من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، قبل أن يلتقي نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.

وهذه الزيارة الثانية لوزير الخارجية الإيراني إلى الدوحة منذ اندلاع الحرب بين حركة «حماس» وإسرائيل.

وذكرت وكالة الأنباء القطرية أن وزيري خارجية البلدين بحثا «التعاون بين البلدين لدفع جهود وقف فوري لإطلاق النار في الأراضي الفلسطينية وحماية المدنيين ومنع اتساع نطاق العنف والنزاع في المنطقة، مما ستكون له عواقب وخيمة على الجميع».

وقال وزير الخارجية القطري إنه بحث مع عبداللهيان تصعيد المواجهات في غزة والضفة، ودفع جهود وقف إطلاق النار. وكتب في منشور على منصة «إكس»: «أكدنا على ضرورة تكثيف الجهود الإقليمية لمنع اتساع نطاق العنف والنزاع في المنطقة، مما سيكون له عواقب وخيمة على الجميع».

ونقل بيان للخارجية الإيرانية عن عبداللهيان قوله: «نتيجة استمرار جرائم النظام الصهيوني ضد الشعب الأعزل والحصار المطبق على غزة، فإننا نشهد تدريجياً زيادة في ردود الفعل وتكثيفاً واتساعاً لنطاق النزاعات في المنطقة».

وأضاف عبداللهيان: «من الطبيعي أّلا تسكت مجموعات وحركات المقاومة على كل هذه الجرائم، وأيضاً على دعم أمريكا الكامل للكيان الصهيوني». ودعا إلى «اغتنام آخر الفرص السياسية لوقف الحرب»، محذّراً من أنه «إذا خرج الوضع عن السيطرة فلن يسلم أي طرف من عواقب ذلك».

وقبل مغادرته الدوحة إلى أنقرة، التقى عبداللهيان، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، للمرة الثانية هذا الشهر. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن عبداللهيان قوله إن «المنطقة في مرحلة اتخاذ قرار مهم جداً، وجماعات المقاومة تقرر في مناطقها ولا تنتظر بالضرورة قرارات سياسية». وأضاف: «في حال استمرت جرائم الحرب الصهيونية، واتساع نطاق الحرب، لن يكون هناك أي طرف بمنأى عن نطاق آثاره وتبعاته». وقال: «الحكومة الأميركية على الرغم من توصيتها للآخرين بضبط النفس، هي عملياً طرف في الحرب وليست في وضع يسمح لها بدعوة الآخرين إلى ضبط النفس».

من جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، في تصريحات للصحافيين، إن «المسألة المطروحة على جدول الأعمال للبلدين هي وقف فوري لإطلاق النار ووضع حد لهجمات الكيان الصهيوني، ووقف جميع الهجمات وإرسال المساعدات الإنسانية».

وصرح كنعاني للصحافيين الذين يرافقون الوفد الإيراني بأن «الزيارة تأتي في سياق المشاورات الإقليمية الإيرانية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وإيجاد نقطة لإنهاء جرائم الكيان الصهيوني». وتابع: «في محادثات اليوم، تمت مناقشة آخر التطورات في فلسطين».

وحسب المتحدث الإيراني، اتفق البلدان على أن «الوضع الراهن غير مقبول، وهناك وجهة نظر مشتركة بأن توسيع نطاق الصراع يمكن أن يؤثر على الجميع، وهو أمر غير مقبول لدى العالم ودول المنطقة»، لافتاً إلى أن «أوضاع المنطقة بسبب جرائم الكيان الصهيوني على وشك الانفجار، ومن المحتمل أن تخرج عن السيطرة في أي لحظة».

وأشار إلى احتمال نقل رسالة إيرانية عبر قطر إلى أطراف معنية، وقال: «اتفقنا على ضرورة نقل الأوضاع المتفجرة إلى الأطراف المعنية، نقلت إيران وجهة نظرها، وبالنسبة لها فإن وقف إطلاق النار والهدنة نقطة إنسانية مهمة». وقال: «بعض الدول تطلب مساعدة إيران وقطر في إطلاق مواطنيهما»، لكنه استدرك بأن «الأوضاع في قطاع غزة لا تسمح بإطلاق بعض الأسرى».

واتهم كنعاني، الولايات المتحدة، بعرقلة الجهود للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بسبب استخدامها حق نقض الفيتو ضد قرار روسي وآخر برازيلي في مجلس الأمن. ونقلت وكالة «أرنا» الرسمية قوله: «على أميركا ألا تضحى بمصالحها من أجل الأطماع غير المشروعة للصهاينة».

وتطلق إيران يومياً وابلاً من التحذيرات والتهديدات إلى إسرائيل والولايات المتحدة، لكنها تمتنع حتى الآن عن كشف موقفها حال تحولت الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» إلى نزاع إقليمي، وفقاً لتحليل نشرته وكالة الصحافة الفرنسية.

توسيع الجبهات

وأكد علي باقري كني، نائب وزير الخارجية الإيراني، أن «توسيع جبهات الحرب لن يبقي شيئاً من إسرائيل». ورأى أن ما حدث (عملية طوفان الأقصى) في 7 أكتوبر «زلزال مفاجئ في المنظومة العسكرية والأمنية للكيان الصهيوني».

وأضاف باقري في تصريحات لقناة «أفق» المملوكة لـ«الحرس الثوري» أن «هذا الزلزال أصاب المنظومة الفكرية الأميركية». وتابع : «الأميركيون والصهاينة يفتقرون لاستراتيجية الخروج من هذا الوضع الناجم من الضربة المدمرة».

وعلى الرغم من وابل التحذيرات والتهديدات التي تطلقها إيران نحو إسرائيل وأميركا، وامتناعها مع ذلك حتى الآن عن كشف موقفها من تحول الحرب إلى نزاع إقليمي، فإنه بمعزل عن الكلمات، تتقرر الاستراتيجية التي تتبناها إيران في الظل، الأمر الذي يدفع خصميها المعلنين إسرائيل والولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلى محاولة تخمين نياتها الحقيقية، وفق ما يقول تحليلٌ نشرته وكالة الصحافة الفرنسية.

ويعتقد الخبراء الإيرانيون أن الحكومة تبقي خياراتها مفتوحة للتكيف مع تطور الحرب التي اشتدت حدتها السبت في غزة مع عمليات قصف عنيفة واشتباكات برية بين مقاتلي «حماس» والجنود الإسرائيليين.

وحمّلت الولايات المتحدة جماعات مسلحة موالية لإيران مسؤولية ازدياد الهجمات المنفّذة بصواريخ ومسيّرات في سوريا والعراق. ووجه الرئيس الأميركي جو بايدن «رسالة مباشرة» إلى المرشد الإيراني علي خامنئي لتحذيره من أي هجمات أخرى لتلك المجموعات.

وحذر كبار المسؤولين في إدارة بايدن، بمن فيهم وزير الدفاع لويد أوستن، من خطر حدوث تصعيد كبير في الهجمات على القوات الأميركية في الشرق الأوسط، وأن إيران قد تسعى إلى توسيع نطاق الحرب بين إسرائيل و«حماس».

تقود حاملة طائرات أميركية ثانية «يو إس إس دوايت آيزنهاور» سفناً حربية ترافقها في مضيق جبل طارق السبت الماضي (أ.ف.ب)

وقال باقري كني إن بلاده ردت على رسالة أميركية، وأضاف: «قلنا لهم بأنهم ليسوا في موقع يسمح لهم بالوساطة أو التحكيم»، وزاد: «الأميركيون ليسوا في موضع يهددون منه إيران... لقد أكدنا أن المقاومة تتصرف وفقاً لما تحدده، والأميركيون ليسوا في موضع توجيه الأوامر للمقاومة، يجب أن يكفوا عن دعم إسرائيل إذا لديهم إرادة جدية لإنهاء هذا الوضع».

وحول احتمال توسع نطاق الحرب، قال باقري إنه «لا توجد إمكانية لتوسع الحرب على يد الأميركيين»، وأضاف: «أي قرار يريد تيار المقاومة أن يتخذ، هذا يعود لقرارهم، وأنهم سيتخذون القرار عندما يقتضي الأمر. اتخاذ القرار بشأن ما يريدون فعله بأيديهم».

من جهته، ادعى غلام علي رشيد، قائد غرفة عمليات في هيئة الأركان المسلحة الإيرانية، وجود «قادة القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) والقوات البرية والجوية الأميركية في قاعدة تحت الأرض في تل أبيب»، وقال: «هذا الأمر يظهر أن الإجراءات الأميركية لمنع توسيع الحرب في المنطقة لا تتماشى مع إرسال آلاف الصواريخ والقنابل وتقديم الدعم اللوجيستي».

في السياق نفسه، قال المنسق العام في «الحرس الثوري»، محمد رضا نقدي، إن «أميركا بحضورها في حرب غزة تربط مصيرها بالكيان الصهيوني». وأضاف: «نشكر الله الذي أوقع أميركا في فخ أظهر وجه أميركا الحقيقي للعالم، ودفع الشعوب للرد على أميركا». وتابع: «ما يحدث في قطاع غزة يحمل رائحة ظهور (المهدي المنتظر)»، حسب وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري».

شبح الحرب الإيرانية - الأميركية

وتحمل الهجمات المتكررة على الجنود الأميركيين في الشرق الأوسط خطر جرّ الولايات المتحدة إلى نزاع مع إيران رغم سعي واشنطن لمنع حرب إقليمية.

وعلى الرغم من امتلاكها قدرة هائلة على الرد، إلا أن ردّها العسكري على الهجمات بقي مقتصراً على هذه الضربات التي أفاد البنتاغون بأنها لم تؤد إلى سقوط ضحايا على ما يبدو، في مسعى لتجنّب نزاع أوسع نطاقاً.

وقال مسؤول أميركي رفيع في وزارة الدفاع، الاثنين: «نشعر بالقلق من تكثيف جميع العناصر في شبكة التهديد الإيرانية هجماتها بشكل يحمل خطر وقوع أمر غير محسوب النتائج أو يجرّ المنطقة إلى حرب».

وتابع: «الجميع يخسر في حرب إقليمية، وهو السبب الذي يدفعنا للعمل عبر شركاء ومع حلفاء وتكثيف الاتصالات وتحسين تموضعنا لتوضيح رغبتنا في منع اندلاع نزاع إقليمي».

في وقت سابق، حذر المندوب الإيراني لدى بعثتها في الأمم المتحدة، سعيد إيرواني، من أن إيران «لن تتردد في استخدام حقها الذاتي للرد الحازم على أي تهديد وفقاً لميثاق الأمم المتحدة».

وقال إيرواني، في بيان، إن «الحضور غير القانوني للقوات الأميركية في سوريا، السبب الأساسي لزعزعة الاستقرار في هذا البلد، ويمهد لتغذية المنظمات الإرهابية في سوريا والمنطقة». وأضاف: «الإجراءات الإرهابية للكيان الصهيوني في الأراضي السورية تستهدف المدنيين الأبرياء والبنية التحتية الحيوية».


مقالات ذات صلة

عراقجي يستنكر الشكوك حول نفي اللقاء مع إيلون ماسك

شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من تكريم عراقجي من قبل «الحرس الثوري»

عراقجي يستنكر الشكوك حول نفي اللقاء مع إيلون ماسك

استنكر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي استمرار الشكوك بشأن عقد اجتماع بين مبعوث طهران لدى الأمم المتحدة والملياردير الأميركي إيلون ماسك، رغم نفي طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع مائدة مستديرة في مبنى مجلس الكتلة في بروكسل (أ.ب)

أوروبا تعاقب الشحن البحري الإيراني بتهمة دعم روسيا

شدد الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، الاثنين، العقوبات على إيران المتهمة بدعم المجهود الحربي الروسي ضد أوكرانيا من خلال إرسال طائرات مسيَّرة وصواريخ.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
شؤون إقليمية ولايتي يستقبل السفير الصيني لدى طهران (إيسنا)

مستشار خامنئي: عودة ترمب لن تؤثر على علاقة طهران وبكين

أبلغ كبير مستشاري المرشد الإيراني، السفير الصيني لدى طهران، بأن وصول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لن يؤثر على علاقات إيران والصين.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية عراقجي (يسار) في مقابلة مع التلفزيون الرسمي مساء الأحد (الخارجية الإيرانية)

إيران تخشى تفعيل آلية لإعادة العقوبات الأممية

تخشى إيران تفعيل القوى الأوروبية آلية «سناب باك» لإعادة العقوبات الأممية، في حال عدم التوصل إلى صفقة دبلوماسية قبل أكتوبر 2025.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية وزير الخارجية عباس عراقجي يشارك في اجتماع استشاري برعاية الرئيس مسعود بزشكيان وبحضور وزراء خارجية سابقين (الرئاسة الإيرانية)

طهران: هناك فرصة «محدودة» للدبلوماسية في معالجة الملف النووي

عدَّ وزير الخارجية الإيراني، السبت، أن هناك فرصة لمعالجة قضية البرنامج النووي لبلاده عبر الدبلوماسية، لكنها «محدودة».

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصدر دبلوماسي تركي ينفي انتقال مكتب «حماس» إلى أنقرة

تركيا تنتقد بشدة إسرائيل بسبب الحملة العسكرية في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
تركيا تنتقد بشدة إسرائيل بسبب الحملة العسكرية في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

مصدر دبلوماسي تركي ينفي انتقال مكتب «حماس» إلى أنقرة

تركيا تنتقد بشدة إسرائيل بسبب الحملة العسكرية في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
تركيا تنتقد بشدة إسرائيل بسبب الحملة العسكرية في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

قال مصدر دبلوماسي تركي لوكالة «رويترز»، الاثنين، إن ما يتردد عن أن مكتب حركة «حماس» انتقل إلى تركيا لا يعكس الحقيقة، مضيفاً أن أعضاء في الحركة يزورون البلاد من وقت إلى آخر.

وقالت الدوحة الأسبوع الماضي إنها أبلغت «حماس» وإسرائيل بأنها ستجمد جهودها للوساطة الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن لحين إظهارهما الجدية والإرادة الحقيقية لاستئناف المحادثات. وقالت أيضاً إن تقارير إعلامية عن أن الدوحة أبلغت «حماس» بمغادرة البلاد غير دقيقة.

وتنتقد تركيا بشدة إسرائيل بسبب الحملة العسكرية في قطاع غزة وفي لبنان ولا تعدّ «حماس» منظمة إرهابية. وتزور قيادات سياسية من «حماس» تركيا بشكل متكرر.