«طوفان الأقصى» يهز علاقة تركيا و«حماس»

أصوات في إعلام حزب إردوغان اتهمت الحركة بـ«الإرهاب» و«جرائم حرب»

إردوغان من لقاء سابق مع إسماعيل هنية بمقر الرئاسة التركية في أنقرة (الرئاسة التركية)
إردوغان من لقاء سابق مع إسماعيل هنية بمقر الرئاسة التركية في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

«طوفان الأقصى» يهز علاقة تركيا و«حماس»

إردوغان من لقاء سابق مع إسماعيل هنية بمقر الرئاسة التركية في أنقرة (الرئاسة التركية)
إردوغان من لقاء سابق مع إسماعيل هنية بمقر الرئاسة التركية في أنقرة (الرئاسة التركية)

رغم نفي تركيا الطلب من قيادات في حركة «حماس» مغادرة أراضيها، إلا أن مؤشرات عدة تؤكد أن علاقة الحركة بأنقرة تضررت بفعل «طوفان الأقصى».

وقال «مركز مكافحة التضليل التابع» لدائرة الاتصال في الرئاسة التركية، في بيان عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»، مساء الاثنين، إن «الادعاءات بأن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمر كبار المسؤولين في (حماس) بمغادرة تركيا على الفور عارية تماماً عن الصحة».

وأرفق نسخة من تقرير نشره موقع «المونيتور» الأميركي، تحدث فيه عن طلب تركيا «بلطف» من رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية وقيادات في الحركة مغادرة البلاد.

وكان هنية المقيم بين قطر وتركيا، متواجداً في الأخيرة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) يوم اندلاع عملية «طوفان الأقصى». وأفادت تقارير بأن ممثلين للمخابرات التركية التقوا قيادات «حماس» صباح 7 أكتوبر، وأبلغوهم بأن السلطات التركية لن تتمكن من ضمان أمنهم في ظل تهديدات إسرائيل. وبعد ذلك قرر قادة «حماس» المغادرة «بشكل مستقل».

نفي بالعربية فقط

ولاحظ الكاتب والمحلل السياسي التركي مراد يتيكين، أن نفي الرئاسة التركية، «نُشر على استحياء» عبر «إكس» باللغة العربية فقط، ولم يُنشر باللغة التركية، مفسراً ذلك بأن أنقرة أرادت توجيه رسالة إلى الشارع العربي وفي الوقت ذاته محاولة إخفاء الأمر عن الشارع التركي.

ورأى أن «حماس» فشلت في تقدير ما إذا كان استهدافها مدنيين في هجومها على إسرائيل قد يسبب «انزعاجاً خطيراً» في أنقرة. ومع هذا التطور، أصبح مفهوماً أن أنقرة التي اتهمت إسرائيل دائماً بقتل المدنيين عشوائياً في عملياتها، لم ترغب في أن يُنظر إليها على أنها ترعى قتل المدنيين من جانب «حماس».

لكن يتكين أكد أن تركيا لم تقطع اتصالاتها مع الحركة، بدليل أن إردوغان ناقش في اتصال هاتفي مع هنية، السبت، تبادل الرهائن ووقف إطلاق النار وتسليم المساعدات للمدنيين، أتبعه باتصال مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «ناتو» ينس ستولتنبرغ، حول القضايا ذاتها.

إردوغان بحث مع الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ تطورات الحرب في غزة وتبادل الأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية (الرئاسة التركية)

وذهب المحلل التركي إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتوقعان أن تبذل تركيا، إلى جانب مصر وقطر، جهوداً لإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم «حماس»، لكنهما يعارضان في الوقت نفسه اتصالاتها مع الحركة.

«غضب» تركي من «حماس»

ورجحت مصادر تركية أن تكون «التكهنات» بمطالبة قادة «حماس» بالخروج من تركيا، «مبنية على الموقف الذي التزمت به أنقرة منذ البداية برفض قتل المدنيين تحت أي مبرر».

وعبّر إردوغان عن رفضه لاستهداف المدنيين مهما كانت الجهة التي تقوم بذلك، ودعا كلاً من إسرائيل و«حماس» إلى ضبط النفس، قائلاً: «نعارض الأعمال العشوائية ضد السكان المدنيين الإسرائيليين وعلى الطرفين احترام أخلاق الحرب».

وأغضب الموقف التركي حركة «حماس» وحركات فلسطينية أخرى، اعتبرت أن تصريحات مسؤوليها والهدوء الذي التزمه الرئيس التركي، خلافاً لمواقفه السابقة، لا تخدم القضية الفلسطينية.

وفي الوقت ذاته، رفضت إسرائيل أن تلعب تركيا دور الوسيط لإنهاء الأزمة مع «حماس». وقالت السفيرة الإسرائيلية لدى أنقرة إيريت ليليان، إن تركيا لا يمكنها القيام بذلك، مشيرة إلى أن القيادي البارز في «حماس» صالح العاروري يُشاهد أحيانا في فعاليات بتركيا، «بينما يجب محاكمته بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية».

وقالت المصادر التركية لـ«الشرق الأوسط» إن أنقرة «لم يكن بوسعها أن تبرر قتل المدنيين من جانب (حماس)، فيما تندد بوحشية إسرائيل في قتل المدنيين». وأكدت أن «سقوط مدنيين إسرائيليين في هجمات (حماس) الأخيرة أغضب تركيا».

علاقات متطورة مع إسرائيل

وأدى هجوم «حماس» إلى تعطيل الخطط والتوازنات في علاقات تركيا الخارجية، وكذلك على المستوى العالمي. وأشار تقرير «المونيتور» الذي كتبه الصحافي التركي فهيم طاشتكين، إلى أن تركيا «تحاول موازنة موقفها بعناية في مواجهة الحرب»، إذ حافظت على مناصرتها للقضية الفلسطينية مع تهدئة العلاقات مع الحركة والسعي لتجنب تداعيات جديدة مع إسرائيل.

ولفت إلى أن الأزمة جاءت في وقت يسعى فيه إردوغان إلى التطبيع مع القوى الإقليمية، بما في ذلك إسرائيل، مضيفاً: «للوهلة الأولى، يمكن للمرء أن يشير إلى أن العلاقات الوثيقة بين حكومة إردوغان و(حماس) قد تم حصرها في زاوية، وعلاوة على ذلك، يمكن للمرء أن يتوقع ضغوطاً أميركية متزايدة على أنقرة لقطع العلاقات مع حماس بعد أن تستقر الأوضاع».

والمعروف أن تركيا أطلقت، أخيراً، عملية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. والتقى إردوغان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للمرة الأولى منذ سنوات، في نيويورك في 20 سبتمبر (أيلول) الماضي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ولو لم تشن «حماس» هجومها في 7 أكتوبر، لكان وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار قد ذهب إلى إسرائيل في ذلك الأسبوع لمناقشة مشروع خط الأنابيب الذي سينقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا عبر تركيا.

انتقادات لافتة من حزب إردوغان

ولم يقتصر التحول في الموقف التركي على الرئاسة فقط، فللمرة الأولى وصف كتاب في الصحف الموالية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، ومتحدثون في القنوات التليفزيونية المحسوبة عليه التي تشكل أكثر من 90 في المائة من وسائل الإعلام في تركيا، ما قامت به «حماس» بأنه «إرهاب»، وأن استهدافها المدنيين هو «جريمة حرب» لا تختلف عن ممارسات إسرائيل المتكررة بحق الفلسطينيين.

ومع التصعيد الإسرائيلي رداً على هجمات «حماس»، تحول الموقف التركي إلى التنديد برد الفعل الإسرائيلي غير المتكافئ وقصف المستشقيات والمدارس ودور العبادة، فضلاً عن تركيز الضوء على الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل وزيارة الرئيس جو بايدن.

متظاهرون يرفعون علماً فلسطينياً في إسطنبول يوم الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

وبعد تصاعد الغضب في الشارع التركي، على الرغم من الهدوء الرسمي، قررت إسرائيل سحب جميع دبلوماسييها من تركيا لأسباب أمنية. وجسد مدير «مركز الأبحاث السياسية والاقتصادية» (سيتا) القريب من الحزب الحاكم برهان الدين دوران، الموقف التركي وتطوراته، قائلاً إن «تركيا التي زرعت الاعتدال في نفوس الأطراف بعد الهجوم الذي شنته (حماس) في 7 أكتوبر، تحولت إلى لهجة الانتقاد عندما تحولت إسرائيل إلى سياسة العقاب الجماعي في غزة».

«نهج أكثر منطقية»

ولفت دوران إلى أن الحزب الحاكم أعلن أنه سيعقد مؤتمراً جماهيرياً حاشداً في إسطنبول، السبت المقبل، لدعم غزة، بالتزامن مع إعلان الرئاسة التركية توقيع إردوغان على بروتوكول انضمام السويد إلى «الناتو» وإرساله إلى البرلمان، وأن هذين الخبرين يظهران أن جدلاً واسع النطاق ينتظرنا حول مكانة تركيا في النظام الدولي، وماذا تريد أن تفعل، وعلاقاتها مع الغرب، وما هي السياسة التي تنتهجها تجاه الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.

ومن المفهوم أن الرسائل التي سيوجهها أردوغان بشأن غزة والسويد في اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه، الأربعاء، ستحدد جدول الأعمال. ويسود اعتقاد لدى مراقبين ومحللين مهتمين بالشأن التركي، بأن إردوغان والدائرة التي تؤثر عليه، حالياً، لديهم طريقة في التفكير «تقوم على نهج أكثر منطقية» تجاه ما يحدث في غزة والأحداث في العالم، ويعتقدون أن هذا سيؤدي إلى نتائج أكثر إيجابية للناس الذين يعيشون هناك، فهم يتساءلون: «هل تصرخ أم تجلس إلى الطاولة؟».


مقالات ذات صلة

«حماس» تدين «العدوان» الإسرائيلي على الحوثيين في اليمن

المشرق العربي عمود من النيران في أعقاب ضربات على مدينة الحديدة الساحلية التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون 20 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

«حماس» تدين «العدوان» الإسرائيلي على الحوثيين في اليمن

أدانت حركة «حماس» الفلسطينية التي تخوض حرباً مع إسرائيل في قطاع غزة، الخميس، الضربات الإسرائيلية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي قذيفة مورتر أطلقها جنود إسرائيليون على غزة (رويترز) play-circle 03:06

تقرير: الجيش الإسرائيلي خفف قواعد الاشتباك مع بداية الحرب في غزة

ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، اليوم الخميس، أن الجيش الإسرائيلي خفف قواعد الاشتباك في بداية الحملة العسكرية بقطاع غزة؛ لتمكين القادة من إصدار أوامر بشن هجمات.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي قال مسعفون إن الصحافيين الخمسة كانوا ضمن 26 شخصاً على الأقل قتلوا في غارات جوية إسرائيلية قبل الفجر (إ.ب.أ) play-circle 00:37

مقتل 5 صحافيين بضربة إسرائيلية في غزة... وإسرائيل تقول إنها استهدفت مسلحين

قال مسؤولون في قطاع غزة إن غارة جوية إسرائيلية قتلت خمسة صحافيين فلسطينيين أمام مستشفى، اليوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية كشافة يستقبلون الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا بلافتات تقول إحداها: «نريد الحياة لا الموت» في بيت لحم الثلاثاء (رويترز)

توتر في العلاقات بين إسرائيل والفاتيكان بسبب قتل الأطفال في القطاع

تطرّق رجال الدين في معظم الكنائس المسيحية في العالم، خلال كرازة عيد الميلاد المجيد، للأوضاع في غزة، متعاطفين مع الضحايا الفلسطينيين.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي فتاة تراقب الناس وهم يتفقدون موقع القصف الإسرائيلي على الخيام التي تؤوي الفلسطينيين النازحين من بيت لاهيا في مخيم بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

«حماس»: إسرائيل وضعت شروطاً جديدة أدت لتأخير التوصل لاتفاق وقف النار في غزة

قالت حركة «حماس»، في بيان لها، اليوم الأربعاء، إن إسرائيل وضعت شروطاً جديدة مما أدى إلى تأخير التوصل للاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة.


الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخا بالستيا أطلق من اليمن تجاه تل أبيب

صورة وزّعها الحوثيون لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (أرشيفية - رويترز)
صورة وزّعها الحوثيون لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (أرشيفية - رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخا بالستيا أطلق من اليمن تجاه تل أبيب

صورة وزّعها الحوثيون لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (أرشيفية - رويترز)
صورة وزّعها الحوثيون لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (أرشيفية - رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، اعتراض صاروخ بالستي أطلق من اليمن قبل دخوله إلى وسط البلاد.

وأفاد الإسعاف الإسرائيلي عن إصابة 18 شخصا خلال التدافع وهم في طريقهم إلى المنطقة المحمية، فيما ذكرت يديعوت أحرونوت أن هبوط الطائرات إلى مطار بن غوريون توقف أثناء تفعيل صفارات الإنذار.

وكانت الجبهة الداخلية الإسرائيلية قالت إن صفارات الإنذار دوت في عشرات المناطق وسط إسرائيل إثر رصد إطلاق صاروخ من اليمن.