بعد إخفاق عسكري واستخباراتي... هل استعدت إسرائيل لـ«الحرب الخطأ»؟

الغارات الجوية الإسرائيلية تضرب قطاع غزة (إ.ب.أ)
الغارات الجوية الإسرائيلية تضرب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

بعد إخفاق عسكري واستخباراتي... هل استعدت إسرائيل لـ«الحرب الخطأ»؟

الغارات الجوية الإسرائيلية تضرب قطاع غزة (إ.ب.أ)
الغارات الجوية الإسرائيلية تضرب قطاع غزة (إ.ب.أ)

أمضت إسرائيل 3 سنوات في بناء السياج الحدودي مع غزة، وبمواصفات أمنية متطورة لكشف أي اخترق أو عمليات محتملة لحفر أنفاق جديدة، باحتوائه على أجهزة استشعار وتزويده برادار يكشف حتى دبيب النمل.

ويوم السبت، اخترق مقاتلو «حماس» الذين وصلوا على متن مركبات وقوارب وطائرات شراعية آلية، بالجرافات، السياج الحدودي الذي أقامته إسرائيل حول القطاع، وهاجموا المواقع العسكرية والمدنيين في طريقهم بهجوم مباشر على جنوب إسرائيل كان أكبر خرق منذ عام 1973، أي حرب «6 أكتوبر»، فيما وصف بأنه إخفاق عسكري واستخباراتي كبير.

ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن ما حصل يعد مثالاً صارخاً لتحول تركيز الجيش الإسرائيلي عن القدرات السيبرانية وجمع المعلومات الاستخبارية والأسلحة المتقدمة وتركيزه على مكافحة الهجمات الإرهابية، إذ فوجئ بهجوم بري «منخفض التقنية».

وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعد الآن لشن عملية واسعة النطاق في غزة، حيث سيتعين عليه الاعتماد بشكل أكبر على فرق المشاة والمدفعية التقليدية، في مناطق لم تعط الأولوية في السنوات الأخيرة، وحيث يمكن أن يتحول القتال إلى حرب شوارع.

في هذا الإطار، قال آفي جاغر، الباحث في «المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب» ومقره إسرائيل، إن «الجيش الإسرائيلي كان يستعد للحرب الخطأ».

وفي الآونة الأخيرة، تم توجيه الاهتمام العسكري نحو الضفة الغربية، حيث نشرت إسرائيل قواتها لقمع الفصائل الفلسطينية، وقال محللون عسكريون إن تحذيرات المخابرات الإسرائيلية من أي حرب محتملة ركزت على الشمال الإسرائيلي (جنوب لبنان) والتهديد الذي يمثله «حزب الله» اللبناني حليف «حماس»، حسب الصحيفة.

وحتى يوم السبت الماضي، كان المسؤولون الإسرائيليون يعتقدون أن سياسة تعزيز اقتصاد غزة تعني أن قادة «حماس» ليست لديهم مصلحة في شن هذا النوع من الهجوم.

والسبت، شنت «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكرية لحركة «حماس»، هجوماً غير مسبوق على إسرائيل جواً وبحراً وبراً، وقال دانييل ليفي، مفاوض السلام الإسرائيلي السابق مع الفلسطينيين ورئيس مشروع الولايات المتحدة/ الشرق الأوسط، الذي يعمل على تطوير المشروع: «لقد عانت إسرائيل من مفاجأة استراتيجية، رغم كل ما لديها من تقنيات متطورة وأسلحة وبرامج تجسس ووكالة استخبارات ذات شهرة عالمية».

وعن إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، عدَّ أنه «لا يمكن لإسرائيل أن تحافظ على سلامة شعبها بعد الآن - وسيكون من الصعب التعافي من ذلك».

ولفتت الصحيفة إلى أنه «في حين ركزت إسرائيل منذ فترة طويلة على اكتساب ميزة تكنولوجية تتفوق بها على أعدائها، تحول الجيش الإسرائيلي للبحث عن أنظمة جوية ودفاعية واستخباراتية متقدمة على مدى العقدين الماضيين».

وحسب جاغر: «بدأت القيادة الإسرائيلية تعتقد أن التهديدات الرئيسية للأمن لم تعد تتمثل في الغزوات البرية مثلما شهدته البلاد في الحروب السابقة مع الدول العربية مثل مصر والأردن - التي وقعت معها معاهدات السلام - ولكن التهديدات غير التقليدية من الصواريخ وهجمات المتمردين من قبل الجماعات غير الحكومية مثل (حزب الله) و(حماس)».

ولتحقيق هذه الغاية، استثمر الجيش في القدرات الاستخباراتية والسيبرانية والدفاعية للتعامل مع التهديد الذي يمثله «حزب الله» و«حماس» والتخفيف من مخاطر الترسانة الصاروخية المتنامية في إيران. ونشر نظام القبة الحديدية عام 2011، الذي يستهدف الصواريخ قصيرة المدى، واستثمر في تطوير أنظمة أخرى للتصدي للصواريخ الأطول مدى.

ومع دخول إيران الحرب الأهلية السورية، نفذ الطيارون الإسرائيليون آلاف الغارات الجوية في سوريا، مما أدى إلى تعطيل جهود طهران لتزويد حليفها في لبنان «حزب الله» بالصواريخ المتقدمة. أصبحت وحدة استخبارات الإشارات الإسرائيلية، المعروفة باسم «8200» واحدة من أكبر وأشهر الوحدات العسكرية، وساعدت أيضاً في دفع اقتصاد البلاد عن طريق زرع أطفال خبراء في الكمبيوتر بقطاع التكنولوجيا.

ومع ذلك، عام 2014، فاجأت «حماس» الجيش الإسرائيلي بشن هجمات على أراضيها من غزة عبر شبكة من الأنفاق محفورة تحت الجدار. وخاض الجانبان صراعاً استمر 50 يوماً، حيث شنت إسرائيل عمليات برية في غزة لتدمير الأنفاق.

ورداً على ذلك، تحول الجيش الإسرائيلي مرة أخرى إلى التكنولوجيا. وبدأ العمل على نظام يسمى «العقبة» يمكن أن يساعد في كشف الأنفاق، ثم كشفت لاحقاً عن نظام السياج الحدودي. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت، بيني غانتس، إنه تم بناء «جدار حديدي» حول غزة لحماية الإسرائيليين من مقاتلي «حماس»، تماماً كما كان نظام القبة الحديدية الشهير المضاد للصواريخ يحميهم من الصواريخ.

وفي عام 2015، بدأ الجيش العمل على خطة تجديد من شأنها خفض القوات المقاتلة وجنود الاحتياط، وفقًا لجاغر.

ومع تقدم الجيش الإسرائيلي في مجال التكنولوجيا المتقدمة، قامت «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة لأكثر من عقد من الزمان، ببناء مجموعة من القواعد تحت الأرض لتكون مركزاً للقيادة والسيطرة في أي صراع مستقبلي، وأصبحت أكثر دقة في إطلاق الصواريخ على إسرائيل.


مقالات ذات صلة

الرئيس اللبناني: لن نتهاون مع أي جهة تحاول زعزعة الاستقرار

المشرق العربي جال الإطفاء يخمدون سيارة محترقة تابعة لليونيفيل (أ.ف.ب)

الرئيس اللبناني: لن نتهاون مع أي جهة تحاول زعزعة الاستقرار

دان الرئيس اللبناني جوزيف عون أحداث طريق المطار أمس الجمعة، وشدد على أنه  ولا يمكن السماح بتكرارها، منددا بالهجوم على قافلة «اليونيفيل».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أنصار «حزب الله» يحرقون إطارات خلال احتجاج أمام مدخل مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت (إ.ب.أ)

مناصرو «حزب الله» يصعّدون تحركاتهم الميدانية في محيط مطار بيروت

صعّد مناصرو «حزب الله» اللبناني من تحركاتهم الميدانية في محيط مطار بيروت، في امتداد لاحتجاجات بدأت، الخميس، على خلفية منع هبوط طائرات إيرانية في بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود لبنانيون يشرفون على فتح الطرقات في بلدة رب تلاتين بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

اسرائيل ترفض مقترحاً فرنسياً يضمن انسحابها الكامل في 18 فبراير

أعلن رئيس لجنة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز، أن «الجيش اللبناني سيسيطر على جميع المراكز السكانية قبل الثلاثاء»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام اللبنانية أثناء تجمعهم لإحياء الذكرى العشرين لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري (رويترز)

مشاركة حاشدة في الذكرى العشرين لاغتيال رفيق الحريري

تجمّع الآلاف من اللبنانيين في وسط بيروت اليوم لإحياء الذكرى العشرين لاغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)

غارات إسرائيلية على مجرى نهر الليطاني وبلدتي زبقين وياطر جنوب لبنان

قالت وسائل إعلام لبنانية إن إسرائيل شنت غارات على مجرى نهر الليطاني وبلدتي زبقين وياطر بجنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

غروسي يحذر من «نفاد الوقت» بشأن إيران

مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي (د.ب.أ)
مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي (د.ب.أ)
TT

غروسي يحذر من «نفاد الوقت» بشأن إيران

مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي (د.ب.أ)
مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي (د.ب.أ)

حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس، من نفاد الوقت أمام التوصل إلى اتفاق يكبح جماح البرنامج النووي الإيراني الذي يشهد تسارعاً في تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تقترب من المستوى اللازم لصنع الأسلحة.

وأقر مدير الوكالة رافائيل غروسي بأنه «لم يتمكن بعد من إجراء مشاورات سياسية مع الإدارة الأميركية الجديدة بشأن إيران»، بحسب «رويترز». ورجح أن يؤجل إصدار تقرير شامل عن أنشطة طهران النووية؛ نظراً لأنه لن يضيف قيمة كبيرة لما تم الإبلاغ عنه بالفعل.

وأكد غروسي أن مخزون إيران من اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60 في المائة سيقترب من 250 كيلوغراماً بحلول الشهر المقبل 2025، مضيفاً: «لا ينبغي أن نهدر مزيداً من الوقت، ويجب أن نركز على إيران».