الاستهداف الإسرائيلي للمدنيين يثير مخاوف لبنانية

مسيّرات لـ«حزب الله» في عكا ونهاريا والجولان

ركام منزل استهدفته غارة إسرائيلية ليل الجمعة في بلدة عدلون (أ.ب)
ركام منزل استهدفته غارة إسرائيلية ليل الجمعة في بلدة عدلون (أ.ب)
TT

الاستهداف الإسرائيلي للمدنيين يثير مخاوف لبنانية

ركام منزل استهدفته غارة إسرائيلية ليل الجمعة في بلدة عدلون (أ.ب)
ركام منزل استهدفته غارة إسرائيلية ليل الجمعة في بلدة عدلون (أ.ب)

أثار التركيز الإسرائيلي خلال الأسبوع الأخير على استهداف المدنيين في جنوب لبنان، مخاوف لبنانية من مساعٍ إسرائيلية لإفراغ المنطقة الحدودية بالكامل من سكانها، وتحويلها إلى منطقة عسكرية، وذلك إثر مقتل 10 مدنيين خلال 8 أيام، باستهداف دراجات نارية ومستشفى، وأخيراً فلاحين اثنين قُتلا، الأحد.

وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية أن «شهيدين مدنيّين سقطا في غارة جوية» على بلدة حولا «استهدفت منزلهما». وقال مسؤول محلي من جهته لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن القتيلين هما «شقيقان يعملان في رعي الأغنام»، مضيفاً أن الغارة «أدت إلى تدمير المنزل» الذي يقطنان فيه «بالكامل».

وقالت مصادر ميدانية في الجنوب لـ«الشرق الأوسط» إن منطقة الشريط الحدودي التي تمتد مسافة نحو 100 كيلومتر، «لم يبقَ فيها إلا المئات من سكانها المدنيين»، وسط نزوح نحو 100 ألف مدني، وإحجام نحو 200 ألف آخرين عن ارتياد المنطقة، وهم ممن يمتلكون منازل كانوا يرتادونها في عطلة نهاية الأسبوع أو في المناسبات. ولفتت المصادر إلى أن المدنيين الباقين في القرى والبلدات الحدودية «هم من الفلاحين والعجائز الذين لا يمتلكون قدرات مالية تمكنهم من استئجار المنازل خارج المنطقة، ويرفضون أن يقطنوا في المدارس والمجمعات».

مشيعون يسيرون في جنازة مواطنة لبنانية قُتلت بغارة إسرائيلية استهدفت منزلها في عدلون (أ.ف.ب)

منطقة عسكرية

ركز الجيش الإسرائيلي خلال الأسبوع الفائت على استهداف المدنيين ممن يزورون المنطقة، أو يقيمون فيها، وأدى الاستهداف المباشر إلى مقتل 10 مدنيين، هم 4 في مطلع الأسبوع الماضي في حولا وعيتا الشعب، ثم اثنان أمام مستشفى غندور في بنت جبيل، ومدنية في عدلون، ومسعف، واثنان آخران في حولا، الأحد.

وقالت المصادر إن هذه الاستهدافات المباشرة «تثير المخاوف من أن إسرائيل تسعى لتحويل المنطقة إلى منطقة عسكرية بالكامل، وتستهدف كل من يقيم فيها بذريعة ملاحقة المقاتلين، وتمنع أي وجود لمظاهر الحياة المدنية في تلك البلدات»، مضيفة: «ذلك واضح من الملاحقات والتدمير الممنهج للمنازل والمنشآت حتى الفارغة منها».

وأعلن الجيش الإسرائيلي، مساء السبت، أنه نفذ خلال 72 ساعة 40 استهدافاً في جنوب لبنان، بينها مقرات قيادية لـ«حزب الله»، وذلك في أوسع موجة تصعيد بين الطرفين طالت أهدافاً أكثر عمقاً على ضفتي الحدود، وأعلن «حزب الله» خلالها عن إسقاط مسيّرة إسرائيلية، وقصْف أهداف في الجولان، بينما استهدفت الغارات الإسرائيلية منطقتي عدلون وحومين القريبتين من ثيدا، فضلاً عن تنفيذ غارات في بعلبك شرق لبنان.

الدخان يتصاعد في شمال إسرائيل إثر صواريخ أطلقها «حزب الله» من لبنان (رويترز)

مسيّرات على الجولان

تَوَاصَلَ التصعيد يوم الأحد، حيث أعلن «حزب الله» في بيان عن «هجوم جوي بِسرب من المسيّرات الانقضاضية» شنّه «على مقر كتيبة ‏الجمع الحربي في ثكنة (يردن) في الجولان المحتل، حيث استهدفت رادار القبة الحديدية فيها وأماكن ‏استقرار وتموضع ضباطها وجنودها، وأصابت أهدافها بدقة؛ ما أدى إلى تدمير الرادار، وتعطيله، ‏وإيقاع الضباط والجنود بين قتيل وجريح»، وذلك غداة قصف الجيش الإسرائيلي مواقع لـ«حزب الله» في منطقة بعلبك شرق لبنان.

وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي في حولا وبنت جبيل وميس الجبل، بينما سقطت قذائف مدفعية في أكثر من موقع في القطاعين الشرقي والغربي.

وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان، صباح الأحد، أنه رداً على إسقاط طائرة دون طيار تابعة للجيش الإسرائيلي كانت تعمل في سماء لبنان بصاروخ أرض - جو أطلقه «حزب الله»، «هاجمت طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو مجمعاً عسكرياً يستخدمه (حزب الله) في منطقة البقاع (شرق لبنان)». وأضاف البيان: «قصفت طائرات مقاتلة ليلاً، مقراً عسكرياً آخر للتنظيم في منطقة بنت جبيل بجنوب لبنان، إلى جانب مقر التنظيم في منطقة قانا».

وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية عن إطلاق أكثر من 15 صاروخاً من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأعلى. وشهدت موشاف مرجليوت انفجارات عنيفة عقب إطلاق رشقة صاروخية من لبنان، وأشارت إلى أن الحريق اندلع جراء إطلاق الصواريخ من لبنان في كيبوتس يفتاح، كما انفجرت صواريخ اعتراضية عدة فوق ميس الجبل وحولا والعديسة.

الساحل الشمالي

وبعد الظهر، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بدويِّ صافرات إنذار في جديدة المكر وعكا وشمال حيفا على الساحل الشمالي الحدودي مع لبنان، كما في الجولان، وتحدثت عن نزول نحو 100 ألف إسرائيلي إلى الملاجئ. وأفادت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية بأن 4 مسيّرات اقتحمت أجواء إسرائيل من جهة لبنان، وقد جرى إسقاط إحداها بمنطقة المطلة والأخريات بالجولان.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن طائرتين مسيّرتين حلقتا فوق عكا ونهاريا، و«لم يجرِ اعتراضهما، إنما انفجرتا على الأرض». كما سقطت صواريخ في كسترين بجنوب هضبة الجولان، حيث اندلعت الحرائق في القاعدة العسكرية في كسترين نتيجة صواريخ الحزب.


مقالات ذات صلة

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

المشرق العربي مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

قُتل شخصان في قصف إسرائيلي استهدف دراجة نارية كانا يستقلانها في النبطية، في جنوب لبنان بعد ساعات على مقتل 3 أشخاص هم عنصر في «حزب الله» وشقيقتاه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)

تحليل إخباري «حزب الله» يعود إلى لغة التهديد: أزمة داخلية أم استثمار مسبق للحرب؟

عاد المسؤولون في «حزب الله» للغة التهديد والوعيد و«تخوين المعارضين» على خلفية مواقف عدة مرتبطة بالحرب الدائرة في الجنوب من جهة وبالاستحقاق الرئاسي من جهة أخرى.

كارولين عاكوم (بيروت)
يوميات الشرق ممثلون معروفون يشاركون في المسرحية (روان حلاوي)

روان حلاوي لـ«الشرق الأوسط»: موضوع «يا ولاد الأبالسة» شائك ويحاكي الإنسانية

تحكي المسرحية قصص 4 رجال يمثلون نماذج مختلفة في مجتمعنا. لم تقارب في كتابتها موضوعات محرّمة (تابوات)، وتعدّها تحاكي الإنسانية لدى الطرفين.

فيفيان حداد (بيروت)
المشرق العربي نساء وأطفال ورجل عجوز ضمن موجة النازحين السوريين الأخيرة إلى الأراضي اللبنانية (الشرق الأوسط)

تردُّد الوزراء يعوق تفعيل لجنة التنسيق اللبناني - السوري في ملف النازحين

رغم مرور نحو شهرين على توصية البرلمان بتفعيل عمل اللجنة الوزارية لوضع برنامج زمني وتفصيلي لإعادة النازحين، لم تفعّل حتى الساعة هذه اللجنة أو تشكَّل لجنة جديدة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي دمار في بلدة كفركلا بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

مقتل ثلاثة مدنيين في ضربة إسرائيلية على جنوب لبنان

قُتل ثلاثة مدنيين وأصيب ثلاثة آخرون في غارة إسرائيلية على مبنى في بلدة بنت جبيل بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«هدنة غزة»: الوسطاء يبحثون عن «حلحلة» قبل زيارة نتنياهو لواشنطن

جثة مغطاة لأحد الفلسطينيين قُتل في غارات إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)
جثة مغطاة لأحد الفلسطينيين قُتل في غارات إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: الوسطاء يبحثون عن «حلحلة» قبل زيارة نتنياهو لواشنطن

جثة مغطاة لأحد الفلسطينيين قُتل في غارات إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)
جثة مغطاة لأحد الفلسطينيين قُتل في غارات إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

يواصل الوسطاء محادثاتهم على أمل إقرار هدنة ثانية في قطاع غزة، قبل زيارة تحمل مخاوف على المسار التفاوضي، سيجريها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو لواشنطن، بعد أقل من أسبوعين، وسط تبادل طرفي الحرب المستعرة منذ 10 أشهر اتهامات بالمسؤولية عن عرقلة المفاوضات.

مسار التفاوض، وفق خبراء في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بات أمام نقطة مفصلية هامة قبل زيارة نتنياهو الوشيكة لإلقاء خطاب أمام الكونغرس، التي قد يعود بعدها مدفوعاً بإتمام اتفاق الهدنة أو نسفه، لافتين إلى أن جهود الوسطاء ستستمر في «سياق حلحلة» أي أزمة تعوق التوصل لاتفاق لإنجاز المرحلة الأولى من المراحل الثلاث التي طرحها الرئيس الأميركي جو بايدن.

جهود تتواصل

الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي تقود بلاده الوساطة في أزمة حرب غزة، شدد خلال اتصال هاتفي مع نظيره التشيكي بيتر بافل، على ضرورة تكاتف الجهود الدولية للتوصل لوقف فوري لإطلاق النار بقطاع غزة، وفق بيان للرئاسة المصرية، الثلاثاء.

بينما اجتمع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في واشنطن، مع كل من وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، وركزت المحادثات، على «الجهود المبذولة راهناً للتوصل لوقف لإطلاق النار بين إسرائيل و(حماس)»، وفق ما ذكره المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين.

وتأتي زيارة هذين المسؤولين قبل أيام من زيارة سيقوم بها نتنياهو إلى واشنطن، وسيلقي خلالها في 24 يوليو (تموز) كلمة أمام الكونغرس بمجلسيه.

مناورات دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود مع غزة (رويترز)

التحركات المصرية والأميركية تأتي في إطار «حلحلة» العقبات إزاء المفاوضات وفق ما يراه مساعد وزير الخارجية الأسبق المصري، علي الحنفي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، معتقداً أن الوسطاء يريدون تكثيف الجهود وإنجاحها قبل أي متغيرات تمس مسار التفاوض.

فلا يمكن الجزم بما يمكن أن تسفر عنه زيارة نتنياهو لواشنطن على مسار المفاوضات، وفق الحفني، الذي أوضح أن نتنياهو لا يقبل بالضغوط وليس بالضرورة يعود ويغير موقفه مباشرة، ويجمد المفاوضات.

ويعتقد أن الزيارة ستحمل مناقشات سيناريوهات كثيرة بشأن الحرب والمسار التفاوضي، واصفاً نتنياهو بأنه «طرف لا يتنازل عن عناده بسهولة بمواجهة جهود الوسطاء في حل أزمة غزة».

وتهدف جهود الوسطاء، حسب المحلل السياسي الأردني، منذر الحوارات، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى التوصل لاتفاق يهدئ الأوضاع في المنطقة، متوقعاً أن تغير زيارة نتنياهو لواشنطن، مشهد المفاوضات، مع وجود شواهد على أن واشنطن تريد الذهاب لإبرام اتفاق بشأن غزة في مقابل رغبة من نتنياهو لإطالة أمد الحرب لما بعد وصول دونالد ترمب للرئاسة المحتمل في نوفمبر (تشرين الثاني).

ويوم الخميس، قال بايدن عقب أيام من سلسلة اجتماعات بين القاهرة والدوحة: «لا تزال هناك فجوات»، لكننا «نحرز تقدماً، والاتجاه إيجابي»، وأنا مصمم على إنجاز هذه الصفقة، ووضع نهاية لهذه الحرب التي «يجب أن تنتهي الآن».

ويواجه نتنياهو ضغوطاً داخلية تطالب بالتوصل إلى اتفاق يعيد الرهائن المتبقين المحتجزين في غزة، وذلك عبر احتجاجات منتظمة ومتواصلة من آلاف المتظاهرين الإسرائيليين بشوارع تل أبيب.

بينما قدرت وكالة المخابرات المركزية الأميركية أن زعيم «حماس» في غزة، يحيى السنوار، يتعرض لضغوط داخلية كبيرة لقبول اتفاق وقف إطلاق النار، وفق ما أفاد به تقرير نشرته شبكة «سي إن إن»، الثلاثاء، نقلاً عن تصريحات حديثة بمؤتمر مغلق أدلى بها مدير الاستخبارات الأميركية، بيل بيرنز.

جاء ذلك مع تأكيد صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين ودبلوماسي غربي كبير أن إسرائيل ومصر ناقشتا بشكل خاص انسحاباً محتملاً للقوات الإسرائيلية من حدود غزة مع مصر بوصفه جزءاً من اتفاق وقف إطلاق النار مع «حماس».

ووفق «نيويورك تايمز»، فإن استعداد إسرائيل للقيام بذلك يمكن أن «يزيل إحدى العقبات الرئيسية» أمام الهدنة مع «حماس»، التي قالت إن انسحاب إسرائيل من المناطق، بما في ذلك الحدود، شرط أساسي لوقف إطلاق النار.

وفي ظل سيطرة نتنياهو ميدانياً بغزة على مجريات الأمور، سيحاول الوسطاء، وفق منذر الحوارات، الضغط أكثر على «حماس»، مع إصرار نتنياهو على تعظيم مكاسبه وتهميش ورقة الأسرى التي لدى «حماس»، وجعلها ورقة ليست ذات أولوية لديه.

وسيتجه نتنياهو إلى «وضع عراقيل أكبر» سواء بالبقاء في معبر رفح ومحور فيلادلفيا، أو رفض عودة سكان لشمال غزة وغيرها، يضيف المحلل السياسي منذر الحوارات، «لكن هذا يتوقف على رد الفعل المصري» الذي قال إن إسرائيل تضع له «ألف حساب».

ومحادثات الوضع النهائي في معبر رفح ومحور فيلادلفيا تحمل قدراً من الأهمية مثل مفاوضات هدنة غزة، ويجب حلهما معها سواء على طاولة تفاوض واحدة أم مباحثات منفصلة، وفق المصري الحنفي.