إسرائيل تتجه نحو أزمة دستورية حادة

الحكومة تهدد بإقالة المستشارة القضائية وتسعى لسحب صلاحيات من المحكمة العليا

مظاهرة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقرب من القصر الرئاسي في نيقوسيا حيث يقوم بزيارة رسمية
مظاهرة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقرب من القصر الرئاسي في نيقوسيا حيث يقوم بزيارة رسمية
TT

إسرائيل تتجه نحو أزمة دستورية حادة

مظاهرة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقرب من القصر الرئاسي في نيقوسيا حيث يقوم بزيارة رسمية
مظاهرة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقرب من القصر الرئاسي في نيقوسيا حيث يقوم بزيارة رسمية

يجمع المراقبون في الدولة العبرية على أن التدهور نحو أزمة دستورية قد بدأ، وأن الشهر الحالي سيشكل «مفترق طرق» قد يجعلها تخسر أهم مكونات الديمقراطية، أي تحطيم استقلالية القضاء.

التنبؤات ظهرت في ظل اشتباك متصاعد بين الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو ووزير القضاء لديه ياريف لفين، من جهة، وبين المحكمة العليا والنيابة العامة والنيابة العسكرية والمستشارة القضائية للحكومة ونقابة المحامين وعملياً جميع المؤسسات القضائية، من جهة ثانية، إضافة للنقص الشديد في عدد القضاة ومنع لجنة تعيين القضاة من الالتئام.

وقد كشفت جهات في جهاز القضاء، أمام مؤتمر نقابة المحامين، الاثنين، أن الحكومة لا تتجاهل النواقص الشديدة في عدد القضاة فحسب، بل تستخدم هذا النقص للتحريض على الجهاز وعلى المحكمة العليا من فوقه.

وتبين أن هناك 55 ألف ملف في المحاكم عالقة بلا علاج معقول، بسبب النقص في عدد القضاة والضغط الذي يرزح تحته نحو 800 قاضٍ فاعلين اليوم. وباتت المدة التي ينهي فيها الملف في المحكمة تصل إلى 3 سنوات، أي ضعفي المدة المتبعة في دول غربية.

إستر حايوت رئيسة المحكمة العليا في إسرائيل خلال جلسة استماع لالتماس ضد قانون يحد من عزل رئيس الوزراء من منصبه 3 أغسطس (أ.ب)

وأكدت تلك الجهات أن هناك 21 قاضياً أنهوا الخدمة ولم يتم تعيين قضاة مكانهم. وهناك 22 قاضياً سيخرجون إلى التقاعد نهاية السنة الحالية. وهذا يعني أن تعيين قضاة مكانهم لا يحتاج إلى زيادة في الميزانية. ومع ذلك، فإن وزير القضاء لفين يتعمد إبقاء الوضع كما هو رغم المعاناة التي يسببها هذا النقص للمواطنين، ويرفض دعوة لجنة تعيين القضاة إلى الالتئام، حتى يعمق الكراهية تجاههم. وهو يفعل ذلك بوعي تام وتخطيط مسبق، ضمن خطته للانقلاب على منظومة الحكم وإضعاف القضاء.

عدم تعيين القضاة، هو عنصر واحد في هذا المسار الذي يقوده لفين بدعم تام من نتنياهو، لإتمام الانقلاب.

وبحسب رؤساء حملة الاحتجاج، فإن خطة الحكومة مؤلفة من 225 مشروع قانون أو تعديلاً قانونياً بشكل جوهري؛ منها 84 قانوناً يهدف إلى تحطيم سلطة القضاء وإجهاض قدرته على فرض التوازن في منظومة الحكم. البقية تشمل 53 قانوناً ترمي للمساس بحقوق الإنسان بشكل عام، و37 قانوناً تعزز نهج الإكراه الديني، و30 قانوناً تهدف إلى التراجع عن الأسس الديمقراطية وضمان نزاهة الانتخابات، و21 قانوناً تمس بحرية التعبير والإعلام الحر.

وزير القضاء ياريف لفين يتحدث أمام الكنيست في القدس أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وكشفت حملة الاحتجاج أن الحكومة تعتزم سنّ قانون يسلب رئيسة المحكمة العليا أبرز صلاحياتها، المتمثلة باختيار تركيبة هيئة القضاة التي تنعقد للنظر في الملفات والقضايا المختلفة المطروحة أمام المحكمة، واستبدال منظومة إلكترونية بها يتم فيها تحديد هوية القضاة الذين سينظرون في مختلف الملفات عبر نظام محوسب يختار القضاة عشوائياً.

ويسود اعتقاد لدى مسؤولين في المعارضة، أن هذا الاقتراح جاء ليوجه ضربة مباشرة للقاضية إستر حايوت، وللقاضي يتسحاق عميت، الذي سيحل محلها في رئاسة المحكمة، منتصف الشهر المقبل.

وجاء هذا النشر تحذيراً للمحكمة العليا، التي يفترض أن تلتئم في يوم الخميس بعد 9 أيام، في جلسة تاريخية للبت في الدعاوى المقدمة ضد خطة الحكومة، إذ ستتألف هيئة المحكمة من جميع القضاة فيها (15 قاضياً)، وذلك لأول مرة منذ تأسيس إسرائيل.

المستشارة القانونية للحكومة الإسرائيلية غالي بهاراف- ميارا (فيسبوك)

وقد أعلنت المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهارف ميارا، موقفها الرسمي للمحكمة العليا، قبيل النظر في الالتماسات المقدمة ضد الخطة، وأوصت المحكمة بشكل صريح بأن تشطب الخطة.

وكتبت المستشارة في ردها، حول قانون المعقولية، أنه «يغلق أبواب المحكمة العليا على مصراعيها بوجه كل شخص أو مجموعة تضرروا جراء تعامل الحكومة معهم من دون معقولية، بصورة متطرفة، في أي سياق كان. وبذلك فقد تمت مصادرة وسيلة ذات أهمية كبرى من أيدي الجمهور للدفاع عن نفسه ضد ممارسة السلطة الحكومية بشكل تعسفي وفي غير صالحه».

ودعت المحكمة، أيضاً، إلى إلزام وزير القضاء بجمع لجنة تعيين القضاة. وقد انزعج الوزير لفين من هذا الموقف ولمّح إلى أن «يوم إقالة المستشارة بات قريباً». وهاجمها وزراء آخرون مثل بتسلئيل سموترتش وإيتمار بن غفير. وطالب محامو الدفاع عن الحكومة بتأجيل جلسة المحكمة لأشهر عدة حتى يستطيعوا إعطاء رد موضوعي ومهني.

وبعد رفض المحكمة إجراء أي تأجيل، راح الوزراء يهددون بعدم احترام قراراتها، وهو الأمر الذي سيدخل إسرائيل في أزمة دستورية خطيرة؛ حيث إن كل طرف وكل فرد يستطيع عندها أن يتمرد على المحكمة وعلى القوانين «تماماً مثل الحكومة». وفي هذه الحالة لا تعود هناك دولة ذات نظم وقوانين. ولهذا الأمر تبعات واسعة، ليس في إسرائيل وحدها بل في مكانتها الدولية أيضاً.


مقالات ذات صلة

حكومة نتنياهو تعدُّ 38 قانوناً جديداً لإضعاف القضاء

المشرق العربي بنيامين نتنياهو خلال كلمة في «الكنيست» يوم الاثنين (إ.ب.أ)

حكومة نتنياهو تعدُّ 38 قانوناً جديداً لإضعاف القضاء

عادت حكومة اليمين الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو إلى خطتها لإضعاف منظومة الحكم والقضاء، وبدأت التشريع لقوانين جديدة تؤدي إلى هذه الغاية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية متظاهر إسرائيلي خلال احتجاج ضد بنيامين نتنياهو في تل أبيب 5 نوفمبر الماضي (أ.ب)

اتهام 3 إسرائيليين هاجموا منزل نتنياهو بـ«الإعداد لانقلاب عسكري»

وجَّه وزير القضاء الإسرائيلي ياريف ليفين، تهمة «الإعداد لانقلاب عسكري» إلى 3 موقوفين إسرائيليين أطلقوا قنبلتين ضوئيتين على منزل لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

نظير مجلي (تل ابيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل مؤتمر صحافي بالقدس في سبتمبر الماضي (أ.ب)

بينها «عزل مؤقت»... ما مسارات قضية «فساد» نتنياهو؟

بعد يوم من رفض القضاء الإسرائيلي لطلب بنيامين نتنياهو تأجيل شهادته باتهامه بـ«الفساد» لوّحت النيابة بأنها تقترب من المطالبة بإخراجه لـ«عزل قسري مؤقت» من مهامه.

نظير مجلي (تل ابيب)
شؤون إقليمية متظاهر يحمل علماً في نفق بالقرب من مظاهرة ضد الإصلاح القضائي للحكومة الإسرائيلية (أرشيفية - رويترز)

ما قصة «الجبهة الثامنة» التي يحارب فيها نتنياهو؟

في الوقت الذي يسعى فيه بنيامين نتنياهو إلى إخافة الإسرائيليين بالقتال مع إيران على «7 جبهات»، تزداد القناعة بين مواطنيه بأنه ثمة «جبهة ثامنة» يحارب فيها.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

يتناول الفيلم تأثير فساد نتنياهو على قراراته السياسية والاستراتيجية، بما في ذلك من تخريب عملية السلام، والمساس بحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إطلاق 200 صاروخ من لبنان على إسرائيل اليوم

جانب من الدمار جراء عملية إطلاق صواريخ من لبنان تجاه إسرائيل اليوم (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء عملية إطلاق صواريخ من لبنان تجاه إسرائيل اليوم (أ.ف.ب)
TT

إطلاق 200 صاروخ من لبنان على إسرائيل اليوم

جانب من الدمار جراء عملية إطلاق صواريخ من لبنان تجاه إسرائيل اليوم (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء عملية إطلاق صواريخ من لبنان تجاه إسرائيل اليوم (أ.ف.ب)

أفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بأن نحو 200 صاروخ أُطلقت من لبنان على إسرائيل، اليوم الأحد. ونقلت الصحيفة عن مصادر القولَ إن تلك الصواريخ تسببت في وقوع إصابات وتلفيات في مناطق بوسط وشمال إسرائيل.

وأعلن «حزب الله» اللبناني، في وقت سابق اليوم، استهداف هدف عسكري في تل أبيب بالصواريخ والطائرات المُسيرة، وذلك بعد أن استهدف أيضاً قاعدة أسدود البحرية الإسرائيلية.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن خمسة أشخاص أُصيبوا في وسط إسرائيل نتيجة سقوط شظايا صاروخ أطلقه «حزب الله».

كما قال الجيش الإسرائيلي إنه رصد إطلاق 30 مقذوفاً من لبنان باتجاه إسرائيل، في أقل من عشر دقائق، مؤكداً أنه جرى اعتراض بعضها. وأضاف الجيش أن صاروخين سقطا في نهاريا بشمال إسرائيل ولم يسفرا عن إصابات.