طهران لمفاوضات نووية على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة

المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني
المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني
TT

طهران لمفاوضات نووية على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة

المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني
المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني

تركت طهران الباب مفتوحاً لاستئناف الجهود الدبلوماسية لإحياء المفاوضات النووية المتعثرة، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك نهاية الشهر المقبل.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني خلال مؤتمر صحافي أسبوعي (الاثنين)، إن على «الحكومة الأميركية أن تثبت أنها طرف موثوق به للاتفاق والحوار»، مكرراً انتقادات إيرانية لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2015، بعد قرار اتخذه الرئيس السابق دونالد ترمب بفرض استراتيجية الضغوط القصوى على طهران.

وقال كنعاني إن «أميركا أثبتت مرة أخرى أنها طرف غير موثوق به، وعليهم تعويض نكث العهود، وأن يثبتوا أنهم طرف موثوق به، لكننا في الوقت الحالي لا نرى هذه الميزة لديهم».

لكنه تحدث عن تقدم في صفقة تبادل السجناء مقابل الإفراج عن أصول إيرانية مجمدة في بنوك كوريا الجنوبية والعراق، والتي من المقرر أن تكتمل في غضون شهرين.

لكن كنعاني قال: «رغم هذا التفاهم لكننا لا نزال نرى بعض الخطوات الاستفزازية من جانب أميركا لزيادة العقوبات، وكذلك حجز الشحنات النفطية الإيرانية»، وقال: «هذه الخطوة لا تتسق مع الرسائل الأميركية للحوار والاتفاق، ويجب على الأميركيين إعادة النظر في تعاملهم مع إيران».

ووضع احتجاج كنعاني حداً لصمت طهران، حيال مصادرة شحنة نفط إيرانية في هيوستن، وأعلن عن تقديم مذكرة احتجاج إلى السفارة السويسرية التي ترعى المصالح الأميركية في إيران، منذ قطع العلاقات قبل 4 عقود.

وقال كنعاني إن تلك الخطوة «لن تمر دون رد، وإن تصرفات (الولايات المتحدة) تتعارض مع اتفاق تبادل السجناء الأميركيين مع إيران».

وسئل كنعاني عن احتمال عودة طهران وأطراف الاتفاق النووي إلى طاولة المفاوضات على هامش الجمعية العامة في نيويورك، فقال: «أجرينا مفاوضات مباشرة مع أطراف الاتفاق النووي، وغير مباشرة مع الأميركيين في العام الماضي، على هامش أعمال الجمعية العامة، نظراً لرغبة الأطراف الأخرى واهتمامنا بإبطال مفعول العقوبات».

وأضاف: «إيران لن تفوت أي فرصة دبلوماسية لرفع العقوبات الظالمة على الشعب الإيراني، وهذه واحدة من أولويات الجهاز الدبلوماسي».

جاء ذلك بعد أسبوع من نفي كنعاني إمكانية انخراط طهران في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، أو أن يكون لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن، على جدول أعمال الرئيس الإيراني عندما يشارك في أعمال الجمعية العامة في نيويورك.

وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قد أعلن (الجمعة) عن عزم حكومته مواصلة المحادثات الهادفة «لرفع العقوبات» في إشارة إلى المفاوضات النووية. والخميس، قال كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني في تصريحات تلفزيونية إن طهران رفضت مفاوضات أوروبية وأميركية بإضافة ملف الأنشطة الإقليمية الإيرانية إلى مفاوضات إحياء الاتفاق النووي.

في شأن آخر، طالب كنعاني الولايات المتحدة بتوضيح صلتها بالمواطن الإيراني الألماني جمشيد شارمهد المحكوم عليه بالإعدام في إيران على ما أفادت به «رويترز».

جاءت تصريحات كنعاني بعد أن التقى المبعوث الأميركي الخاص بإيران أبرام بالي يوم الجمعة بأسرة شارمهد الذي أدين بقيادة جماعة مؤيدة للملكية متهمة بتفجير دموي عام 2008.

وحكمت محكمة ثورية إيرانية على شارمهد، وهو حاصل أيضاً على إقامة في الولايات المتحدة، بالإعدام في فبراير (شباط) بتهمة «الإفساد في الأرض».

وحثت ابنته واشنطن على عدم استبعاده من اتفاق تبادل السجناء الذي يجري بحثه حالياً بين الدولتين، وبموجبه سيجري أيضاً الإفراج عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية.

وقال كنعاني إنه جرى إحراز تقدم في ما يتعلق بتنفيذ الاتفاق، وأثنى على «الدور البنّاء» لقطر وسلطنة عُمان في تسهيل الاتفاق.


مقالات ذات صلة

إيران أمام تحدي مواصلة سياساتها أو التفاوض مع ترمب

تحليل إخباري ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

إيران أمام تحدي مواصلة سياساتها أو التفاوض مع ترمب

من غير الواضح حتى الآن طبيعة السياسة التي سيعتمدها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تجاه إيران، لكن احتمال عودته إلى سياسات عهده الأول قد يكون الأكثر ترجيحاً.

إيلي يوسف (واشنطن)
شؤون إقليمية غروسي (وسط) ونائبه ماسيمو أبارو الذي يترأس إدارة الضمانات في «الذرية الدولية» على هامش مباحثات مع إسلامي في أصفهان مايو الماضي (إ.ب.أ)

إيران تتطلع لـ«مسار جديد» مع «الذرية الدولية»

تتطلع طهران إلى وضع مسار جديد للتعاون مع مدير «الذرية الدولية»، رافائيل غروسي، غداة تحذيره من أن «هوامش المناورة بدأت تتقلص»، بشأن البرنامج الإيراني.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية عراقجي في لحظة تأمل خلال مشاركة في اجتماع الحكومة اليوم (الرئاسة الإيرانية)

إيران تُحذر ترمب من العودة إلى استراتيجية «الضغوط القصوى»

حذرت طهران الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أن تجريب نسخة ثانية من استراتيجية «الضغوط القصوى» سيؤدي إلى «فشل أكبر».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية اليوم من اجتماع ترأسه بزشكيان وبجواره نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف

الرئيس الإيراني: علينا أن ندير العلاقة والمواجهة مع أميركا بأنفسنا

دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى «إدارة» العلاقات المتوترة بين إيران والولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي

مدير «الذرية الدولية» يحذر: «هامش المناورة» بشأن النووي الإيراني يتقلص

حذَّر مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، من أن «هامش المناورة» بشأن البرنامج النووي الإيراني «بدأ بالتقلص»، وذلك عشية زيارته لطهران.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

​إردوغان يُبقي على آماله بلقاء الأسد واحتمال شنّ عملية عسكرية شمال سوريا

أحد لقاءات الأسد وإردوغان في عام 2010 (أرشيفية - الرئاسة التركية)
أحد لقاءات الأسد وإردوغان في عام 2010 (أرشيفية - الرئاسة التركية)
TT

​إردوغان يُبقي على آماله بلقاء الأسد واحتمال شنّ عملية عسكرية شمال سوريا

أحد لقاءات الأسد وإردوغان في عام 2010 (أرشيفية - الرئاسة التركية)
أحد لقاءات الأسد وإردوغان في عام 2010 (أرشيفية - الرئاسة التركية)

جدّدت تركيا رغبتها في تطبيع العلاقات مع سوريا من دون تحقيق شرط الانسحاب العسكري لقواتها الموجودة في مناطق الشمال السوري، حتى يتم التأكد من عدم وجود خطر على أمنها القومي.

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه لا يزال متفائلاً بشأن اللقاء مع الرئيس بشار الأسد، ووضع العلاقات التركية - السورية على المسار الصحيح.

ونفى ما تردد في وسائل إعلام محلية وعربية وأجنبية، عن مغادرة القاعة عمداً أثناء إلقاء الأسد كلمته أمام القمة العربية الإسلامية في الرياض، الاثنين الماضي، قائلاً: «لم تتح لي الفرصة للاستماع إلى خطاب الأسد، خرجت للقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان».

القمة العربية الإسلامية في الرياض شهدت وجود إردوغان والأسد في مكان واحد للمرة الأولى منذ 13 عاماً (الرئاسة التركية)

وأضاف إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه في رحلة عودته من أذربيجان التي توجه إليها عقب قمة الرياض: «ما زلت متفائلاً بشأن الأسد، لا يزال لدي أمل في أن نتمكن من الاجتماع معاً، ونأمل أن نضع العلاقات السورية - التركية على المسار الصحيح، لأننا بحاجة إلى تدمير الهياكل الإرهابية بين سوريا وتركيا، وهناك أساس للسلام العادل والدائم في سوريا، والخطوات التي يتعين اتخاذها لتحقيق ذلك واضحة أيضاً».

التطبيع واللاجئون والإرهاب

وأضاف إردوغان: «مددنا يدنا إلى الجانب السوري فيما يتعلق بالتطبيع، ونعتقد بأنه سيفتح الباب للسلام والهدوء، ولسنا من يهدد سلامة الأراضي السورية، وحدة وسلامة الأراضي السورية مهددة من قبل التنظيمات الإرهابية: (حزب العمال الكردستاني) وحزب (الاتحاد الديمقراطي)، وذراعه العسكرية وحدات حماية الشعب الكردية (أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية قسد)، وليس من تركيا أو السوريين المنتشرين في بلدان أخرى».

وتابع أن «على الأسد أن يدرك ذلك، ويتخذ خطوات لتهيئة مناخ جديد في بلاده وحمايتها، فالتهديد الإسرائيلي الذي يواجه سوريا ليس قصة خيالية، والحرائق تنتشر بسرعة في البيئة غير المستقرة».

وقال الرئيس التركي إن «الخطوات التي ناقشناها بشأن سوريا سواء في قمة المناخ الـ29 في أذربيجان، أو في الاجتماعات التي عقدناها في الرياض، لها أهمية كبيرة، وبمجرد أن تحل المشاكل سنحقق تقدماً كبيراً في شمال سوريا».

ولفت إلى أن تركيا نفذت عمليات في شمال سوريا: «لتأمين منطقة بعمق 30 كيلومتراً خالية من الإرهاب، وكان هدفها تدمير التنظيمات الإرهابية داخل سوريا من جانب، وتمهيد الطريق لعودة طوعية وآمنة وكريمة للسوريين الذين قدموا إلى تركيا، من جانب آخر»، مضيفاً: «قمنا بتحقيق مسافة معينة في هذا الصدد، يستمر بناء المساكن في شمال سوريا، ومهدنا الطريق لعودة إخواننا السوريين ببناء المساكن هناك».

قصف تركي على مواقع لـ«قسد» في شمال شرقي سوريا أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

وتطرق إردوغان إلى احتمالات شنّ عملية عسكرية تركية جديدة في شمال سوريا، قائلاً: «لنتأمل منطقة القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، لماذا نتخذ الخطوات اللازمة مع قواتنا الأمنية في القامشلي؟ لأننا نقول: دعونا ندمر جذور هذه المنظمة الإرهابية (العمال الكردستاني - وحدات حماية الشعب الكردية) هناك، وحققت قواتنا ومخابراتنا تقدماً كبيراً ونتائج جيدة للغاية هناك».

وأضاف: «عملياتنا عبر الحدود تكون دائماً على جدول أعمالنا من أجل أمن بلادنا وسلام مواطنينا، إذا شعرنا بالتهديد، فنحن على استعداد لبدء عمليات عبر الحدود في أي وقت».

تعزيزات عسكرية

في السياق ذاته، استبعد وزير الدفاع التركي يشار غولر انسحاب تركيا عسكرياً من شمال سوريا قبل تحقيق شروطها المتمثلة في «القضاء التام على التنظيمات الإرهابية، وتهيئة الظروف للعودة الآمنة للاجئين عبر التسوية السياسية، ووضع الدستور، وإجراء الانتخابات بمشاركة مختلف الأطراف».

وزير الدفاع التركي يشار غولر (وزارة الدفاع التركية)

وقال غولر، في مقابلة تلفزيونية: «تركيا لن تتخلى عن أمنها القومي، ولن تسمح بإنشاء ممر إرهابي على حدودها الجنوبية، انسحاب قواتنا مرتبط بتحقيق هذه الأهداف، بالتنسيق مع الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية».

وتشترط دمشق انسحاب القوات التركية من شمال سوريا قبل الحديث عن أي لقاءات أو مفاوضات لتطبيع العلاقات مع أنقرة.

في السياق ذاته، دفع الجيش التركي بتعزيزات جديدة إلى مدينة أعزاز في ريف حلب ضمن منطقة «درع الفرات»، التي تسيطر عليها القوات التركية، وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة.

ودخل رتل عسكري للقوات التركية، يتألف من 22 آلية من معبر «باب السلامة» الحدودي، يحمل مواد لوجيستية ومعدات عسكرية، إلى أعزاز، في إطار تعزيز الوجود العسكري في المناطق التي تسيطر عليها قوات أنقرة.

تركيا تواصل تعزيز قواتها في سوريا (إعلام تركي)

وعن احتمالات عقد لقاء بين إردوغان والأسد، قال غولر: «أرى أن دعوة رئيسنا (إردوغان) للأسد هي فرصة لبلاده الممزقة، يجب عليه أن يقيمها بشكل جيد».

وحول مصير «الجيش الوطني السوري» حال تطبيع العلاقات التركية السورية، قال غولر: «أعتقد بأن هذا أمر إيجابي للغاية بالنسبة للأسد، ليس لدى الأسد وجود في مناطق الجيش الوطني السوري. على أي حال، وإذا وجدت الدولة السورية فإن كل هؤلاء المواطنين سيكونون جزءا منها».

وبالنسبة للتهديدات على الحدود، قال غولر: «نقوم بعمليات ضد التنظيمات الإرهابية داخل الأراضي السورية، ولدينا نظام أمن حدودي مذهل، هناك جدار يبلغ ارتفاعه 4 أمتار، وأسوار شائكة بارتفاع متر بطول الجدار، ونظام مراقبة على أعلى المستويات، لا يمكن لأحد أن يعبر الحدود».

تركيا أنشأت جداراً على طول حدودها مع سوريا لمنع أي عمليات تسلل (وزارة الدفاع التركية)

وعما إذا كانت أميركا ستسحب جنودها من سوريا، قال غولر: «لقد أعطى الرئيس المنتخب دونالد ترمب بالفعل تعليمات بسحب جنوده من سوريا 3 مرات خلال فترة رئاسته الأولى، لكن بقي الأمر على حاله، أعتقد بأنه سيؤكد بقوة على هذا خلال ولايته الجديدة، وربما يسحب القوات الأميركية من سوريا والمنطقة».