مصدر أوروبي لـ«الشرق الأوسط»: التقدم المحرز بين وكالة الطاقة الذرية وطهران ليس كبيراً

غروسي لـ«مجلس المحافظين»: كنا نطمح أن يكون التعاون أكثر تقدماً في هذه المرحلة

غروسي في افتتاح الاجتماع الفصلي بفيينا اليوم (الوكالة الدولية)
غروسي في افتتاح الاجتماع الفصلي بفيينا اليوم (الوكالة الدولية)
TT

مصدر أوروبي لـ«الشرق الأوسط»: التقدم المحرز بين وكالة الطاقة الذرية وطهران ليس كبيراً

غروسي في افتتاح الاجتماع الفصلي بفيينا اليوم (الوكالة الدولية)
غروسي في افتتاح الاجتماع الفصلي بفيينا اليوم (الوكالة الدولية)

مع انطلاق أعمال مجلس المحافظين التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، قال دبلوماسي أوروبي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن التقدم المحرز بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية «ليس كبيراً» وإن برنامجها النووي «ما زال يتقدم بشكل سريع ومثير للقلق».

وأضاف المصدر الأوروبي أنه رغم التقدم الذي أبلغ به الأمين العام للوكالة الدولية رافاييل غروسي المجلس، فإن «الإشارات بشكل عام غير مشجعة».

وأبلغ غروسي مجلس المحافظين بحدوث تقدم في التعاون مع إيران، ولكنه اعترف في كلمة افتتاحية أمام المجلس بأن هذا التقدم «ليس كافياً»، وبأن الوكالة «كانت تطمح أن يكون التعاون أكثر تقدماً في هذه المرحلة».

وقال غروسي في كلمته إن برنامج إيران النووي ما زال يتقدم بشكل سريع، وإن «مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بدرجتي 20 و60 في المائة ارتفع بنسبة الربع خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ومخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة أصبح يزيد على 100 كيلوغرام».

ويقدر خبراء أن إيران تملك مخزون يورانيوم مخصب بنسبة 60 في المائة كافياً لإنتاج 3 قنابل نووية إذا تم تخصيبه بنسبة أعلى تصل الى 90 في المائة، وأن هذا يمكن أن يحدث خلال شهر واحد.

وقال غروسي أمام مجلس المحافظين إن الوكالة أعادت تركيب بعض كاميرات المراقبة في منشأة «أصفهان»، وإنها ركبت أجهزة مراقبة في منشأتي «فوردو» و«نطنز». وأشار الى أن هذا «سيسمح بمراقبة أسرع لأي تحولات في مستوى التخصيب في هاتين المنشأتين».

صورة نشرتها وكالة الطاقة الذرية من افتتاح الاجتماع ربع السنوي في فيينا اليوم

وأبلغ غروسي المجلس كذلك في كلمته الافتتاحية أن إيران أعطت «تفسيراً ممكناً» حول وجود آثار لليورانيوم المخصب في أحد المواقع النووية السرية الثلاثة التي فتحت الوكالة فيها تحقيقاً عام 2018.

وأضاف أن التحقيق في المواقع السرية «ما زال مستمراً» وحض إيران على التعاون «لتثبت أن برنامجها النووي سلمي».

ورفض غروسي في مؤتمر صحافي، الرد على اتهامات نتنياهو وقال إنه لا يدخل في جدل مع رؤساء دول أعضاء في مجلس المحافظين.

وأوضح غروسي أن «هناك آراء وتعليقات، ونحن معتادون على ذلك… أحياناً نتعرض لانتقاد من طرف، وأحياناً أخرى من طرف مختلف. عملنا تقني وحيادي، ودائماً سنقول الأشياء كما هي، ولن أعلق أبداً على تقييم الحكومات لعملنا». ونفى الاتهامات بأنه يضر بمصداقية الوكالة، وقال: «لا أخفض مطلقاً من معايير الوكالة. دائماً تتبع المعايير نفسها». 

ودافع كذلك عن تقييمه حول رد إيران على النشاطات المشتبه في حدوثها في مريوان بمدينة آباده، وقال: «حصلنا على رد معقول، ولهذا قلنا إنه لم تعد لدينا أسئلة حول هذه النقطة تحديداً ضمن مسألة هي أوسع بكثير». وشدد على أن الوكالة مستمرة في «إجراء تقييم» للنشاطات السرية السابقة التي تشتبه في أنها حصلت ولم تعلن إيران عنها، مضيفاً: «كل ما حدث أننا حصلنا على رد يمكن أن يكون معقولاً، ولا يمكن أن نكذب ما قالوه لنا أو نثبت العكس».

ورداً على سؤال حول زيادة مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بمستوى 60 في المائة وما اذا كانت الوكالة قد قبلت بهذا الواقع رغم أن الاتفاق النووي لا يسمح لإيران بالتخصيب إلا بنسبة أقل من 4 في المائة، قال غروسي: «عمل الوكالة أن تبلغ المجتمع الدولي بمستوى التخصيب الموجود. التخصيب ليس ممنوعاً، وما نقوم به التأكد من الذي يحدث ونبلغ».

غروسي خلال مؤتمر صحافي في فيينا اليوم (رويترز)

واعترف غروسي بأن التعاون مع إيران في مسألة إعادة تركيب كاميرات المراقبة وفق اتفاق مع الوكالة في مارس (آذار) الماضي، يسير «بصورة بطيئة جداً»، وقال: «لا يمكن القول إنه ليس هناك أي تقدم. لقد ركبنا كاميرات وأجهزة مراقبة، ولكن ما زال هناك الكثير للقيام به، لذلك أسعى لتركيب الأجهزة بأسرع وقت ممكن؛ لأن التخصيب مستمر والمخزون يزداد».

وأشار الى أن أجهزة المراقبة في «نطنز» و«فوردو» سيكون للوكالة وصول للمعلومات التي تبثها فوراً؛ لأن هذا يحدث عبر الإنترنت، ولكنه تحدث عن «ثغرة» في المعلومات؛ خصوصاً بين يونيو (حزيران) العام الماضي ومطلع يونيو الحالي؛ حيث لم تكن هناك أي كاميرات مراقبة مركبة. وتحدث أيضاً عن «ثغرة» أخرى في المعلومات في منشآت نووية فيها كاميرات مراقبة ولكن إيران تحتفظ بالتسجيلات في الوقت الحالي. 

وكان غروسي قد ذكر في تقريره المفصل للمجلس الأسبوع الماضي أن الرد جاء حول موقع «مريوان» بمدينة آباده في محافظة فارس الجنوبية، وأن الوكالة «لم تعد لديها أسئلة حول هذا الموقع» بعد التفسير الإيراني «الممكن».

وعرض ذلك غروسي لانتقادات كبيرة؛ خصوصاً من إسرائيل التي قالت إن الوكالة توشك أن تفقد مصداقيتها بسبب قبولها تفسير إيران. ووصف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو رد إيران بأنه «غير ممكن تقنياً».

وقالت إيران إن الآثار التي عُثر عليها تعود لنشاطات «دولة ثالثة» كانت تدير برنامجاً في إيران آنذاك، وتقصد بهذه الدولة التي لم يسمها غروسي الاتحاد السوفياتي آنذاك. وتعود التحقيقات لمواقع لم تكشف عنها إيران بين عامي 2003 و2005 بعد الكشف عن برنامجها النووي العسكري.

وكانت وكالة الطاقة الذرية قد علمت بوجود أنشطة في الموقع بعدما حصلت إسرائيل على وثائق الأرشيف النووي في عملية معقدة وسط طهران في يناير (كانون الثاني) عام 2018، قبل أن تكشف عن الوثائق في أبريل (نيسان) من العام نفسه، أي قبل أيام من انسحاب دونالد ترمب من الاتفاق النووي.

وفتحت الوكالة تحقيقاً حينذاك بعد حصولها على معلومات عن مواقع إضافية شهدت نشاطات سرية لم تعلن عنها إيران. ومنذ ذلك الحين، أصدر مجلس المحافظين 3 قرارات يدين فيها عدم تعاون إيران مع الوكالة وعدم إعطائها تفسيراً حول العثور على يورانيوم في هذه المواقع. وحتى إنها ربطت إغلاق هذا التحقيق بالعودة إلى الاتفاق النووي الذي كانت خرجت منه واشنطن عام 2018.

لكن غروسي بقي متمسكاً بالتحقيق، وقال إن الوكالة عملها غير مسيس، وإنها تخاطر بمصداقيتها لو خضعت للضغوط السياسية لإغلاق التحقيق. وما زالت الوكالة لم تغلق التحقيق بشكل كامل بسبب استمرار وجود أسئلة حول موقعين آخرين لم تعط إيران بعد ردوداً شافية عنهما.


مقالات ذات صلة

«عسكرة» النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية

شؤون إقليمية  منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

«عسكرة» النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية

«عسكرة» البرنامج النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حاول، دون طائل، تجنب التصعيد بين الغربيين وإيران.

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية محسن نذیري أصل مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية يحمل لوحة باسم بلاده في الاجتماع الفصلي في فيينا اليوم (الذرية الدولية)

الغرب يحرّك قراراً ضد «نووي إيران»

طرحت القوى الأوروبية بدعم من الولايات المتحدة قراراً يدين تحدي إيران لمطالب الحد من برنامجها النووي، في حين دعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، طهران إلى

ميشال أبونجم (باريس)
تحليل إخباري محسن نذیري أصل مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية يحمل لوحة باسم بلاده في الاجتماع الفصلي في فيينا اليوم (الذرية الدولية)

تحليل إخباري البرنامج النووي الإيراني يجتاز مرحلة حساسة

إيران واقعة بين خيار الإذعان لمطالب الغربيين أو مواجهة التصعيد، وذلك على خلفية اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية واحتمال صدور قرار متشدد بحقها.

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية غروسي يتحدث أمام الاجتماع ربع السنوي لمجلس المحافظين في فيينا اليوم (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

غروسي يدعو إيران للالتزام بسقف مخزون اليورانيوم عالي التخصيب

رحب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بخطوة إيران «الملموسة» المتمثلة في موافقتها على الحد من مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

إسرائيل: لائحة الاتهام تشير إلى أن نتنياهو كان على علم بتسريب مساعده لمعلومات سرية

المتحدث إيلي فيلدشتاين يظهر في حدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الجيش الإسرائيلي)
المتحدث إيلي فيلدشتاين يظهر في حدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الجيش الإسرائيلي)
TT

إسرائيل: لائحة الاتهام تشير إلى أن نتنياهو كان على علم بتسريب مساعده لمعلومات سرية

المتحدث إيلي فيلدشتاين يظهر في حدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الجيش الإسرائيلي)
المتحدث إيلي فيلدشتاين يظهر في حدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الجيش الإسرائيلي)

كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على علم بأن أعضاء في طاقمه قاموا بتسريب «وثيقة سرية» إلى الصحافة الأجنبية، فيما أصبح يعرف باسم «فضيحة الوثائق الأمنية»، حسبما تشير تفاصيل لائحة الاتهام لأحد هؤلاء المساعدين، التي نقلتها صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

واتُهم إيلي فيلدشتاين، أحد مساعدي نتنياهو، بالحصول على معلومات عسكرية حساسة بطرق غير قانونية وتسريبها للتأثير على الرأي العام على أمل تخفيف الضغط الذي يتعرض له نتنياهو لتقديم تنازلات كبيرة مقابل تحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة.

وتوضح لائحة الاتهام المقدمة ضد فيلدشتاين كيف قام ضابط صف احتياطي في الجيش الإسرائيلي بتسريب وثيقة سرية للغاية تتضمن تفاصيل استراتيجية حركة «حماس» الفلسطينية في مفاوضات الرهائن إلى فيلدشتاين ليريها لرئيس الوزراء.

ويعتقد أن الوثائق تشير إلى أن مقاتلي «حماس» يريدون بث الفتنة في المجتمع الإسرائيلي بحيث يستفيدون من ذلك من خلال إبرام صفقة جيدة بالنسبة لهم بشأن الرهائن.

لكن فيلدشتاين سرب الوثيقة لمراسل القناة «12» الإخبارية في 2 سبتمبر (أيلول)، بعد أيام فقط من مقتل 6 رهائن على يد «حماس»، للتأثير على التغطية الإعلامية والخطاب العام الذي تحول بشكل حاد ضد نتنياهو نتيجة قتل الأسرى، وفق ما تقوله لائحة الاتهام.

وبعد تسريب الوثيقة، أخبر فيلدشتاين المتحدث باسم نتنياهو، يوناتان أوريش، ما فعله في رسالة عبر تطبيق «واتساب»، مضيفاً: «و(نحن) بحاجة إلى رئيس الوزراء لهذا الغرض».

ولم يتمكن مراسل القناة «12» من نشر الوثيقة لأن الرقيب العسكري منع نشرها، لذلك أرسل فيلدشتاين الوثيقة إلى صحيفة «بيلد» الألمانية من خلال أحد شركاء أوريش في 4 سبتمبر (أيلول) من أجل التحايل على الرقيب العسكري.

ونشرت صحيفة «بيلد» مقالها في 6 سبتمبر مع اقتباسات مباشرة من الوثيقة السرية. وبعد النشر، كتب أوريش إلى فيلدشتاين «الرئيس سعيد»، في إشارة واضحة إلى نتنياهو، الذي يبدو أنه كان على اطلاع بشأن التسريب.

وتلقى فيلدشتاين أيضاً وثيقتين سريتين أخريين من ضابط الصف في أوائل سبتمبر، وعندما جمع الوثائق الثلاث معاً، أخبر متحدثاً آخر باسم نتنياهو، وهو عوفر جولان، في 9 سبتمبر أن لديه هذه الوثائق وأنهم «بحاجة إلى إحضارها للرئيس (نتنياهو)».

ولم يتم إرسال هذه الوثائق في النهاية إلى وسائل الإعلام، لأن فيلدشتاين والآخرين قرروا أنها لا علاقة لها بالخطاب الإعلامي في ذلك الوقت.

ووُجهت لفيلدشتاين تهمة نقل معلومات سرية تهدف إلى الإضرار بأمن الدولة. وتم استجواب أوريش من قبل الشرطة تحت التحذير، وقد يكون موضوع لائحة اتهام، في حين من المحتمل أيضاً أن يتم توجيه لائحة اتهام إلى مشتبه بهم آخرين.

وينفي الرجلان التهم الموجهة إليهما، والتي يُعاقَب عليها بالسجن لفترات طويلة.
ولم يتم توجيه اتهامات إلى نتنياهو نفسه، لكن أنصاره يتهمون المدعين العموم بقيادة حملة شعواء ذات دوافع سياسية في وقت حالة طوارئ في إسرائيل.