عبداللهيان: الاتفاق النووي وثيقة دولية لإلغاء العقوبات

وزير الخارجية الإيراني تحدث عن رسائل متبادلة مع الجانب الأميركي

عبداللهيان يتحدث إلى حسن خميني حفيد المرشد الإيراني الأول (جماران)
عبداللهيان يتحدث إلى حسن خميني حفيد المرشد الإيراني الأول (جماران)
TT

عبداللهيان: الاتفاق النووي وثيقة دولية لإلغاء العقوبات

عبداللهيان يتحدث إلى حسن خميني حفيد المرشد الإيراني الأول (جماران)
عبداللهيان يتحدث إلى حسن خميني حفيد المرشد الإيراني الأول (جماران)

دافع وزیر الخارجیة الإيراني حسین أمیر عبداللهیان اليوم (الخميس)، عن الإبقاء على مفاوضات الاتفاق النووي، واصفاً إياه بـ«وثيقة دولية لإلغاء العقوبات»، وقال إن بلاده مستمرة في تبادل الرسائل غير المباشرة مع واشنطن منذ أسابيع، متهماً الأطراف الغربية بـ«إدمان العقوبات»، في حين يواصل الطرفان المسار الدبلوماسي لإحياء الاتفاق النووي.

وقال عبداللهيان على هامش مرافقة منتسبي الوزارة الخارجية في زيارة قبر المرشد الإيراني الأول (الخميني) في طهران «بينما نحن في خضم مفاوضات غير مباشرة مع أميركا ومباشرة مع الأطراف الأخرى من أجل إلغاء العقوبات، في الوقت ذاته، يفرضون عقوبات على الكيانات والأفراد الإيرانيين».

ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن عبداللهيان قوله إن «بعض الأوقات يقال لنا إن الاتفاق النووي انتهى، ويجب أن نترك الأمر جانباً. أقول لهؤلاء الأعزاء إن الاتفاق النووي هو وثيقة دولية أمامنا اليوم سواء كان جيداً أم سيئاً، أو فيه نقاط ضعف وقوة».

وتابع عبداللهيان «اليوم أمّنّا وثيقة لإلغاء العقوبات، لقد أجرينا مفاوضات على مدى أشهر ليس من أجل التفاوض، الحكومة مصممة وخطتنا هي أن نواصل الجهود بقدر ما يمكن أن تكون عودة جميع الأطراف للالتزام بالاتفاق النووي مؤثراً».

وتعرّضت حكومة إبراهيم رئيسي خلال الأيام الأخيرة لانتقادات من حلفائها المحافظين بأنها تسعى من جانب واحد لإحياء الاتفاق النووي.

وقال عبداللهيان «منذ أسابيع نتبادل الرسائل غير المباشرة من أجل إلغاء العقوبات، ويسعى وزراء خارجية بعض الدول للتوصل إلى إجماع على المسودة الأولى».

لكنه أضاف «نحن لا نعلن لحفظ الهدوء بين الناس، لكننا أحرزنا تقدماً جيداً ونأمل أن نتوصل إلى نقاط جيدة».

وبالإضافة إلى تبعات كورونا والعقوبات الاقتصادية، أشار عبداللهيان إلى تأثير الحرب الأوكرانية على الوضعين الاقتصادي والمعيشي في إيران. وقال «من أجل هذا نركّز على الدبلوماسية الاقتصادية وتنمية التجارة الخارجية».

وأشار عبداللهيان إلى ضغوط تتعرض لها الحكومة الإيرانية من الشارع الإيراني بشأن تحسين الوضع المعيشي، في وقت قال مركز الإحصاء الإيراني إن تضخم أسعار السلع الغذائية بلغ 76 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي.

وقال عبداللهيان «اليوم يطالبنا الناس بتحسين الوضع المعيشي، وفي هذا الإطار، جميع زملائنا مصممون على استخدام قدرات السياسة الخارجية، يعمل الجهاز الدبلوماسي والحكومة على إبطال مفعول العقوبات».

وبدأت إيران وأطراف الاتفاق، بتنسيق من الاتحاد الأوروبي ومشاركة أميركية غير مباشرة، مباحثات لإحيائه في أبريل (نيسان) 2021. وبدأت طهران منذاك تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة؛ ما يمكّنها حالياً من الوصول إلى كميات لتطوير أسلحة نووية.

وتعثر المسار التفاوضي مطلع سبتمبر (أيلول) 2022، مع تأكيد الأطراف الغربيين أن الرد الإيراني على مسودة تفاهم كان «غير بنّاء». وشكّلت قضية عثور الوكالة الدولية للطاقة الذرية على آثار لمواد نووية في مواقع غير مصرّح عنها، نقطة تباين أساسية خلال المباحثات لإحياء الاتفاق. وينتقد الغربيون طلب إيران إغلاق ملف المواقع قبل إحياء اتفاق 2015، ودعوها للتعاون مع الوكالة لحلها من خلال توفير أجوبة تقنية موثوقة. من جهتها، تعتبر طهران القضية «مسيّسة».

طهران لا تعترف بـ«طالبان»

في سياق آخر، قال عبداللهيان إن إيران «لا تعترف بالهيئة الحاكمة الحالية في أفغانستان»، مشدداً على أن طهران «تصرّ على ضرورة تشكيل حكومة شاملة في أفغانستان».

ونقلت وكالة «أرنا» الرسمية عن عبداللهيان قوله إن «(طالبان) جزء من واقع أفغانستان وليست كله».

وكان عبداللهيان يشير إلى تجدد الخلاف بين إيران وأفغانستان بشأن حصة المياه في نهر هلمند.

وقال «لقد قلنا لمسؤولي أفغانستان إن مشكلة حق المياه لا يمكن أن تُحلّ عبر البيانات السياسية، ويجب أن تتخذ خطوات قانونية في هذا الصدد».

كما أعرب عبداللهيان عن قلق بلاده من «النزاعات الحدودية المتقطعة على حدود البلدين خلال الأشهر الماضية».

وكانت الخارجية الإيرانية قد أصدرت بياناً الجمعة قالت فيه إنها «تحتفظ بحقها في اتخاذ التدابير اللازمة» في ظل تصاعد حدة نزاعها مع أفغانستان بشأن سد على نهر يؤثر على تدفق المياه إلى الجمهورية الإسلامية... واتهمت السلطات الأفغانية بعدم الإيفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في اتفاق وقع عام 1973 بشأن «حصة» إيران من نهر هلمند الحدودي.

وقال الناطق باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد في تغريدة إن كابول «متمسكة بالإيفاء بالتزاماتها»، لكنه أشار إلى أن منسوب المياه تراجع نتيجة «الجفاف الشديد».

وأضاف بأن «التصريحات غير المناسبة» الصادرة عن الجانب الإيراني في هذا الصدد يمكن أن تضر بالعلاقات بين البلدين، وبالتالي ينبغي «عدم تكرارها».


مقالات ذات صلة

روسيا تُجري تجارب إطلاق صواريخ في محاكاة لرد على هجوم نووي

أوروبا جانب من التجارب الروسية على إطلاق صواريخ لمحاكاة رد نووي هائل (رويترز)

روسيا تُجري تجارب إطلاق صواريخ في محاكاة لرد على هجوم نووي

أجرت روسيا، الثلاثاء، تجارب إطلاق صواريخ على مسافات تصل إلى آلاف الأميال لمحاكاة رد نووي «هائل» على ضربة أولى للعدوّ.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
آسيا كيم جونغ أون يراقب إحدى التجارب الصاروخية (أرشيفية - رويترز)

هل يدفع الاستعراض النووي لزعيم كوريا الشمالية واشنطن لإعادة حساباتها؟

هناك إجماع مزداد بين المتخصصين في السياسات بواشنطن، حول ضرورة أن تعيد الإدارة الأميركية المقبلة التفكير في أهدافها الأساسية بشأن كوريا الشمالية

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي تشييع قتلى سقطوا بتفجير أجهزة البيجر التابعة لـ«حزب الله» في ضواحي بيروت (إ.ب.أ)

تفجير أجهزة «حزب الله»... مقارنة بعمليات الموساد الشهيرة

تكشف عمليتا التفجير لأجهزة اتصالات «حزب الله»، الثلاثاء والأربعاء، القدرات الكبيرة للاستخبارات الإسرائيلية. ولكن كيف يُقارن هذا النجاح بعمليات الموساد السابقة؟

كميل الطويل (لندن)
آسيا زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون يزور يتفقد أجهزة الطرد المركزي بمنشأة لتخصيب اليورانيوم (إ.ب.أ)

منشأة تخصيب يورانيوم زارها كيم هي على الأرجح موقع «كانجسون» المُشيَّد حديثاً

قال محللون إن صور منشأة لتخصيب اليورانيوم في كوريا الشمالية ربما تظهر موقعاً غير معلن لصنع قنابل نووية خارج العاصمة مباشرة

«الشرق الأوسط» (سول)
شؤون إقليمية رافاييل غروسي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً الاثنين للإعلام مع بدء أعمال مجلس المحافظين في فيينا (رويترز)

«ليّ ذراع» بين طهران والغرب بشأن الملف النووي

الأميركيون والأوروبيون يندّدون بمواصلة إيران تطوير برنامجها النووي، والسفيرة الأميركية لدى «الوكالة الدولية» تحث طهران على «خطوات لبناء الثقة الدولية».

ميشال أبونجم (باريس)

الرئيس الإيراني: علينا أن ندير العلاقة والمواجهة مع أميركا بأنفسنا

صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية اليوم من اجتماع ترأسه بزشكيان وبجواره نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف
صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية اليوم من اجتماع ترأسه بزشكيان وبجواره نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف
TT

الرئيس الإيراني: علينا أن ندير العلاقة والمواجهة مع أميركا بأنفسنا

صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية اليوم من اجتماع ترأسه بزشكيان وبجواره نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف
صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية اليوم من اجتماع ترأسه بزشكيان وبجواره نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف

دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، اليوم الثلاثاء، إلى «إدارة» العلاقات المتوترة بين طهران وواشنطن، مشدداً على ضرورة «التعامل مع الأعداء بالصبر»، وذلك بعد أسبوع من فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية.

ونقلت وسائل إعلام رسمية عن بزشكيان قوله لكبار المسؤولين الحاليين والسابقين في الجهاز الدبلوماسي، إن بلاده لن تتمكن من تجاهل عدوها اللدود الولايات المتحدة.

وقال بزشكيان: «شئنا أم أبينا، سيتعين علينا التعامل مع الولايات المتحدة على الساحتين الإقليمية والدولية؛ لذا من الأفضل أن ندير هذه العلاقة والمواجهة بأنفسنا».

علي أكبر ولايتي مستشار المرشد للشؤون الدولية خلال اجتماع بشأن السياسة الخارجية (الرئاسة الإيرانية)

وكان بزشكيان يتحدث في لقاء «استشاري» عقده مع وزراء خارجية إيران السابقين وعدد من مسؤولي إدارته، بشأن السياسية الخارجية، وشارك في اللقاء علي أكبر ولايتي وكمال خرازي، أكبر مستشاري المرشد الإيراني في الشؤون الدولية والسياسة الخارجية، وعلي أكبر صالحي وزير الخارجية الأسبق ومدير المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية.

ونقل موقع الرئاسة الإيرانية عن بزشكيان قوله إن نهج الحكومة في السياسة الخارجية سيكون «في إطار استراتيجية، والتوجهات الشاملة لنظام الحكم»، في إشارة ضمنية إلى المرشد علي خامنئي.

وقال الرئيس المدعوم من الإصلاحيين: «يتعين علينا أن نتعامل مع أصدقائنا بكرم، وأن نتعامل مع أعدائنا بالصبر»، مشدداً على ضرورة تنظيم العلاقات الخارجية وحل التوترات الدولية من أجل معالجة المشكلات الداخلية والتنمية.

كمال خرازي كبير مستشاري المرشد الإيراني في السياسة الخارجية (الرئاسة الإيرانية)

وأرسل العديد من المسؤولين في حكومة بزشكيان، والصحف المؤيدة للحكومة، إشارات عن مناقشة إمكانية التفاوض مع إدارة ترمب على أعلى المستويات.

في وقت سابق اليوم، قالت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني إن إيران ستسعى لتحقيق كل ما يحقق «مصالحها»، وذلك رداً على سؤال عن احتمال إجراء محادثات مباشرة مع إدارة ترمب.

وقالت مهاجراني: «الحكومة ستسعى إلى تحقيق كل ما يضمن مصالح البلاد وقيم الثورة»، بحسب وكالة «إيسنا» الحكومية.

ونبهت إلى أن القرار النهائي للمحادثات يتخذه المرشد علي خامنئي والمجلس الأعلى للأمن القومي الخاضع له.

وأضافت مهاجراني: «فشلت حملة الضغوط القصوى التي شنها ترمب، حتى لو أثقلت كاهل الناس. المهم هو الأفعال وليس الأقوال، لكننا نوصي ترمب بأخذ فشل سياساته السابقة في الاعتبار».

ومع إعلان فوز ترمب بالانتخابات، أظهرت إيران لامبالاة وأعلنت رسمياً أنها لا تتوقع أي تحول جوهري في السياسة الأميركية، وخصوصاً فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة عليها أو حروب الشرق الأوسط.

وقالت مهاجراني، الأسبوع الماضي، تعليقاً على فوز ترمب إن «السياسات العامة للجمهورية الإسلامية الإيرانية ثابتة».

ورأت الخارجية الإيرانية في أول تعليق أن فوز ترمب في الانتخابات يشكّل فرصة للولايات المتحدة «لمراجعة التوجهات غير الصائبة السابقة». وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في تصريحات نقلتها «إرنا»، الخميس: «لدينا تجارب مريرة جداً مع السياسات والتوجهات السابقة للإدارات الأميركية المختلفة».

وعاد بقائي للتعليق على العلاقة الشائكة بين طهران وواشنطن، بعدما أعلنت وزارة العدل الأميركية، الجمعة، توجيه اتهامات إلى رجل خطط لاغتيال ترمب، بأمر من «الحرس الثوري» الإيراني.

وقال بقائي في مؤتمر صحافي أسبوعي، إن توقيت نشر الاتهامات «يثير الشكوك»، واصفاً الكشف عن محاولة الاغتيال بأنها «ألغام تُعيق العلاقات».

ولا تربط إيران والولايات المتحدة علاقات دبلوماسية، منذ 45 عاماً على خلفية اقتحام السفارة الأميركية في طهران، واحتجاز دبلوماسيين رهائن على يد أنصار المرشد الإيراني الأول (الخميني).

وتخلى ترمب، الرئيس في 2018، عن الاتفاق النووي لعام 2015، الذي وقّعته طهران مع قوى عالمية، وأعاد فرض عقوبات قاسية في إطار استراتيجية «الضغط الأقصى» على إيران.

وفي مطلع 2020، قضى العقل المدبر للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني بضربة أميركية قرب مطار بغداد، وسارع ترمب لإعلان مسؤوليته عن توجيه الأوامر.

ولا تزال إيران رسمياً جزءاً من الاتفاق الذي قلصت التزاماتها الأساسية بموجبه بشكل كبير، رداً على العقوبات. وينتهي القرار 2231 الذي يتبنى الاتفاق النووي في أكتوبر (تشرين الأول) من العام المقبل.

وتقوم إيران حالياً بتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60 في المائة، القريبة من نسبة 90 في المائة المطلوبة لإنتاج أسلحة نووية.

وزير الخارجية عباس عراقجي يشارك في اجتماع استشاري برعاية الرئيس مسعود بزشكيان وبحضور وزراء خارجية سابقين (الرئاسة الإيرانية)

وأعرب بزشكيان الذي تولى منصبه في يوليو (تموز) عن تأييده لإحياء هذا الاتفاق، داعياً إلى إنهاء عزلة بلاده.

والشهر الماضي، قال وزير الخارجية عباس عراقجي إن المحادثات النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة، عبر عُمان، توقفت بسبب التوترات الإقليمية.

ولم ترد تقارير تفيد بأن إدارة ترمب تعتزم إجراء محادثات مع طهران بعد توليها السلطة في يناير (كانون الثاني)، لكن ترمب قال في أثناء حملته الانتخابية: «لا أريد أن ألحق الضرر بإيران، لكن لا يمكنهم أن يمتلكوا أسلحة نووية».

وبدأت محادثات غير مباشرة بين واشنطن وطهران لإحياء الاتفاق النووي تحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لكنها تعثرت. ولا تزال إيران رسمياً جزءاً من الاتفاق لكنها قلصت التزاماتها بسبب العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها عليها.