في رسالة ردع لإيران... قادة البحرية الأميركية والبريطانية والفرنسية يعبرون مضيق هرمز

قائد القوات البحرية للقيادة الوسطى في الشرق الأوسط، ونظيراه الفرنسي والبريطاني خلال دورية في مضيق هرمز اليوم (الأسطول الأميركي الخامس)
قائد القوات البحرية للقيادة الوسطى في الشرق الأوسط، ونظيراه الفرنسي والبريطاني خلال دورية في مضيق هرمز اليوم (الأسطول الأميركي الخامس)
TT

في رسالة ردع لإيران... قادة البحرية الأميركية والبريطانية والفرنسية يعبرون مضيق هرمز

قائد القوات البحرية للقيادة الوسطى في الشرق الأوسط، ونظيراه الفرنسي والبريطاني خلال دورية في مضيق هرمز اليوم (الأسطول الأميركي الخامس)
قائد القوات البحرية للقيادة الوسطى في الشرق الأوسط، ونظيراه الفرنسي والبريطاني خلال دورية في مضيق هرمز اليوم (الأسطول الأميركي الخامس)

عبَر قادة القوات البحرية الأميركية والبريطانية والفرنسية، المتمركزون في الشرق الأوسط، مضيق هرمز، يوم الجمعة، على متن سفينة حربية أميركية؛ تأكيداً لنهجهم الموحد للإبقاء على الممر المائي المهمّ مفتوحاً، وردع التهديدات، بعدما استولت إيران على ناقلتين للنفط.

كانت التوترات في الخليج العربي متقلبة منذ انهيار «الاتفاق النووي الإيراني» مع القوى العالمية، في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة، أحادي الجانب، قبل 5 سنوات من «الاتفاق النووي» لعام 2015.

وفي الرحلة المشتركة النادرة جداً بين قادة «البحرية» الثلاثية على متن المدمِّرة «يو إس إس بول هاملتون» من طراز «آرلي بيرك»، شُوهد 3 قوارب سريعة، تابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، تقترب من السفينة، في وقت ما، وفقاً لما أفادت به وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية.

وقف رجال الحرس على متن القوارب، وهم يحملون مدافع رشاشة مكشوفة، بينما وقف البحّارة، الذين كانوا على متن السفينة «بول هاملتون»، بالقرب من مدافعهم الرشاشة المحملة، بينما كان آخرون يلتقطون صوراً فوتوغرافية ومقاطع فيديو للسفن.

وفي حين حافظ الحرس على مسافة بين المدمرة «بول هاملتون»، والفرقاطة البريطانية «إتش إم إس لانكستر» العابرة، أظهر وجودهم مدى توتر مرور السفن في مضيق هرمز؛ المصبّ الضيق للخليج العربي الذي تمر عبره خُمس إمدادات النفط العالمية.

قال نائب الأدميرال براد كوبر، الذي يشرف على الأسطول الخامس للبحرية الأميركية في الشرق الأوسط، لوكالة «أسوشيتد برس»، إن إيران «استولت على أو هاجمت 15 سفينة، خلال العامين الماضيين، منها 8 مصادَرات، و7 هجمات، لذا فإن صناعة النقل البحري تعي تماماً ما يبدو عليه الوضع الأمني في المنطقة، ولدينا القدرة للتأثير الإيجابي على هذا النفوذ، وهذا ما نفعله الآن».

وأوضح كوبر أن الرحلة المشتركة في المضيق على متن المدمرة «بول هاملتون»، تمثل جزءاً من تلك الدفعة؛ بهدف السماح لمزيد من سفن التحالف بالمرور عبر المضيق بصورة منتظمة، مضيفاً «إن حجم التجارة التي تتدفق عبر مضيق هرمز أمر بالغ الأهمية لاقتصاد العالم».

ولفت إلى أن قوارب «الحرس الثوري» الإيراني وصلت، الجمعة، إلى مسافة 1000 ياردة (915 متراً) من المدمرة «بول هاملتون»، التي تتخذ من سان دييغو مقراً لها.

تعتبر الولايات المتحدة تأمين الممرات المائية في الشرق الأوسط، وخصوصاً مضيق هرمز، أمراً أساسياً منذ خطاب الرئيس جيمي كارتر عام 1980، الذي تعهّد فيه باستخدام القوة العسكرية لحماية المصالح الأميركية في الخليج العربي الأوسع.

وفي حين ركزت نظرية كارتر آنذاك على غزو الاتحاد السوفياتي لأفغانستان، فإنّ تعهد الولايات المتحدة بالسماح «بحُرّية انتقال نفط الشرق الأوسط» يحثّها الآن على مهاجمة إيران، التي استولت على سلسلة من ناقلات النفط منذ انهيار اتفاقها النووي مع القوى العالمية.

وصرح المتحدث باسم «مجلس الأمن القومي»، التابع لـ«البيت الأبيض»، جون كيربي، للصحافيين، الأسبوع الماضي، بأن الولايات المتحدة تعتزم اتخاذ «سلسلة من التحركات لتعزيز موقفنا الدفاعي» في الخليج العربي، في حين انتقد مصادرة إيران، مؤخراً، ناقلات نفط.

من جانبها، لطالما انتقدت إيران الوجود الأميركي في المنطقة.

وبعد تصريحات كيربي، أصدر المتحدث باسم وزارة «الخارجية» الإيرانية ناصر كنعاني، بياناً مطوَّلاً اتهم فيه الولايات المتحدة «بخلق وتكثيف عدم الاستقرار وانعدام الأمن في منطقة الخليج العربي على مدى عقود من الزمن، عبر سياساتها التدخلية والتدميرية».

ومع ذلك، ذكر كنعاني أيضاً، على وجه التحديد، أن الولايات المتحدة «استولت وصادرت بعض شحنات النفط الإيرانية في المياه الدولية».

ومن المرجح أن يكون احتجاز الأميركيين المشتبه به لناقلة «سويز راجان»، التابعة لشركة أسهم أميركية خاصة، يُعتقد أنها كانت تحمل النفط الخام الإيراني، الخاضع للعقوبات قبالة سنغافورة، قد دفع طهران إلى الاستيلاء مؤخراً على الناقلة «أدفانتج سويت»، التي ترفع عَلَم جُزر مارشال. وقد حملت تلك السفينة النفط الخام الكويتي لشركة «شيفرون كورب للطاقة» في سان رامون، بكاليفورنيا.

لم يكن هناك رد فعل فوري في وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، ولا من «الحرس الثوري»، بشأن رحلة «بول هاملتون» من الخليج العربي عبر المضيق، إلى خليج عمان.

ومع ذلك لم يكن من المحتمل أن يعلم الإيرانيون على الفور أن القادة الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين كانوا على متن السفينة، رغم أن واحداً على الأقل من أفراد الحرس على متن القوارب السريعة كان يراقب المدمرة «بول هاملتون» بالمناظير المقرِّبة.

ولم تردَّ البعثة الإيرانية لدى «الأمم المتحدة» على الفور، على طلب التعليق بشأن الرحلة البحرية المذكورة.

في الرحلة عبر مضيق هرمز، راقبت طائرة إيرانية مسيَّرة واحدة على الأقل، تحرك المدمرة «بول هاملتون». وفي الوقت نفسه، كانت طائرة «بوينغ بي-8 بوسيدون»، التابعة لـ«البحرية الأميركية»، تحلِّق في الأجواء.

وتقوم القوات الأميركية بدوريات عبر الطائرات المسيَّرة بصفة روتينية في المنطقة، وأطلقت قوة خاصة تابعة للبحرية بعض الطائرات المسيَّرة في البحر.

كان تأمين مضيق هرمز تحدياً بارزاً، وربما قاتلاً، منذ «مبدأ كارتر»، وشمل ما أطلق عليه «حرب الناقلات»، في الثمانينات، مرافقة سفن بحرية أميركية ناقلات نفط كويتية، التي تُغير الأعلام المرفوعة على متنها، عبر الخليج والمضيق، بعد أن ألحقت الألغام الإيرانية أضراراً بالسفن في المنطقة، حتى إن البحرية الأميركية خاضت معركة بحرية استمرت يوماً واحداً ضد إيران في ذلك الوقت، وكذلك أسقطت بالخطأ طائرة تجارية إيرانية، مما أسفر عن مقتل 290 شخصاً.

وأثار قرار الرئيس السابق دونالد ترمب بالانسحاب من «اتفاق طهران النووي» مع القوى العالمية في 2018، تحديات جديدة لدى إيران في المنطقة.

ومع تكثيف العقوبات النفطية على إيران، في مايو (أيار) 2019، استولت طهران على ناقلات النفط، في حين ألقت القوات البحرية اللوم على إيران؛ لاستخدامها الألغام مرة أخرى ضد الشحن. وقد أطلقت إدارة ترمب برنامجها «سنتينل»، الذي اشتمل أيضاً على الولايات المتحدة والدول الشريكة لها، لمرافقة السفن في المنطقة. لكن التوترات مع أوروبا، بعد انهيار الاتفاق النووي، لم تشهد قبولاً واسع النطاق لذلك البرنامج.

يبدو أن هذا الجهد المتجدد في عهد الرئيس جو بايدن لا ينطوي على مرافقة السفن الفردية، وإنما محاولة وضع المزيد من القوات الحليفة في المنطقة. وبالفعل، نقلت الولايات المتحدة طائرات «إيه-10 ثندربولت»، وغواصة حربية، إلى المنطقة؛ في محاولة لردع إيران.

كما تستطيع الولايات المتحدة أيضاً جلب المزيد من السفن إلى الخليج العربي، فقد تسبَّب انتهاء الحروب في أفغانستان والعراق، فضلاً عن الحرب في أوكرانيا، والقلق الأميركي إزاء توسع الصين في بحر الصين الجنوبي، في توقف عمليات النشر الروتينية لحاملات الطائرات، في السنوات الأخيرة.

في الوقت الراهن، أشار كوبر إلى وجود زميليه البريطاني والفرنسي - العميد بحري فيليب دنيس، قائد قيادة المكون البحري البريطاني، ونائب الأدميرال إيمانويل سلارز، القائد المشترك للقوات الفرنسية المنتشرة في المحيط الهندي - باعتبار ذلك دليلاً على عزم الولايات المتحدة وشركائها.

وقال كوبر إن هذا «جزء من تعزيز وجودنا في المنطقة، وهو ما أشار إليه البيت الأبيض، في الأسبوع الماضي، وبات الآن قيد التنفيذ».


مقالات ذات صلة

إيران تكشف عن «باليستي» ومسيّرة انتحارية مع تصاعد التوترات الإقليمية

شؤون إقليمية قائد الوحدة الصاروخية أمير علي حاجي زاده يتحدث إلى بزشكيان خلال مرور شاحنة تحمل صاروخ «عماد» الباليستي خلال عرض عسكري في طهران (أ.ف.ب)

إيران تكشف عن «باليستي» ومسيّرة انتحارية مع تصاعد التوترات الإقليمية

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن بلاده ستمضي قدماً في توسع «قوة الردع»، وذلك خلال عرض عسكري سنوي بطهران شمل طائرة انتحارية، وصاروخاً باليستياً جديدين.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرها إعلام «الحرس الثوري» من جولة تنغسيري بجزيرة أبو موسى اليوم

«الحرس الثوري»: قواتنا في أفضل حالاتها العملياتية بمضيق هرمز

قال قائد «الوحدة البحرية» في «الحرس الثوري»، علي رضا تنغسيري، إن قواته بمضيق هرمز «في أفضل حالاتها العملياتية» في خضم تصاعد التوترات مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وسائل إعلام إيرانية لفرقاطة «سهند» الأحد الماضي قبل أن تغرق بالكامل قبالة ميناء بندر عباس

الفرقاطة الإيرانية «سهند» تغرق بالكامل رغم جهود إعادة توازنها

ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن الفرقاطة «سهند» غرقت بالكامل في مياه ضحلة، اليوم الثلاثاء، قبالة مضيق هرمز، بميناء بندر عباس جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
الاقتصاد سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس (الموقع الإلكتروني لقناة السويس المصرية)

الاضطرابات في الممرات البحرية تُلقي بظلالها على أمن الطاقة العالمي

بينما تتجه الأنظار إلى البحر الأحمر للوقوف على حركة التجارة بعد ازدياد الهجمات على السفن العابرة، حذَّر متخصصون من التحديات التي تحيط بالممرات المائية بالمنطقة.

صبري ناجح (القاهرة)
شؤون إقليمية قوارب سريعة تابعة لـ«الحرس الثوري» خلال مناورات في جزيرة أبو موسى أغسطس الماضي (تسنيم)

«الحرس الثوري» يعلن استعراضا لـ«الباسيج البحري في محور المقاومة»

أعلن قائد بحرية «الحرس الثوري» علي رضا تنغسيري عن استعراض لـ«الباسيج البحري» في «دول محور المقاومة» الجمعة المقبل، لافتاً إلى أن قواته ستشارك بـ3 آلاف سفينة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

إيران أمام تحدي مواصلة سياساتها أو التفاوض مع ترمب

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
TT

إيران أمام تحدي مواصلة سياساتها أو التفاوض مع ترمب

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

من غير الواضح حتى الآن طبيعة السياسة التي سيعتمدها الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، تجاه إيران. غير أن مواقفه التي رددها خلال حملته الانتخابية تشير إلى أن احتمال عودته إلى سياسات عهده الأول قد يكون الأكثر ترجيحاً. ورغم أنه غالباً ما يتحدث عن قدرته على عقد «الصفقات»، فإنه قال بعد الإدلاء بصوته في الانتخابات، الأسبوع الماضي، إنه «لا يسعى إلى إلحاق الضرر بإيران»، إلا أنه أضاف: «شروطي سهلة للغاية. لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي. أود منهم أن يكونوا دولة ناجحة للغاية».

وفيما تبدو خيارات إيران ضيقة في هذا المجال، يرى باحثون أميركيون حاورتهم «الشرق الأوسط» أن الأمر يعتمد على استجابة طهران للضغوط، في ظل فريق متشدد عينه ترمب لإدارة ملف الأمن القومي وسياساته الخارجية.

يقول الدكتور ماثيو ليفيت، الباحث في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى»، إن ترمب لم يوضح بعد سياساته، لكن تعييناته الجديدة تبدو متشددة ضد إيران. ومن جهته، يرجح برايان كاتوليس، الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، أن تستمر طهران في سياساتها للحفاظ على الضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية.

في المقابل، يقول بهنام بن طالبلو، الباحث في الشأن الإيراني بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن المحسوب على الجمهوريين: «علينا ألا نخطئ؛ فالنظام مرعوب مما قد يعنيه استئناف سياسة الضغط الأقصى، حتى لو اقتصر الأمر على العقوبات الاقتصادية».

هيمنت صورة ترمب على الصحف الإيرانية الصادرة الخميس وعنونت صحيفة «همشهري» بـ«عودة القاتل» في إشارة إلى أوامر الرئيس الأميركي بقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني

خيارات مكلّفة

وفي تفسيرهم لمعنى «الدولة الناجحة»، بدا الارتباك واضحاً في تصريحات المسؤولين الإيرانيين؛ خصوصاً أن التنازلات التي يمكن تقديمها لعقد صفقة كهذه مع ترمب تبدو كلها خيارات صعبة ومكلفة، وقد تعرِّض طهران في نهاية المطاف لمخاطر جسيمة، في حال تخليها عن المشروع النووي أو عن الجماعات المسلحة الحليفة.

بالنسبة لبقية العالم، قد تبدو الصورة أكثر وضوحاً؛ فشعار «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» سيتحدد بناءً عليه السياسة الخارجية للولايات المتحدة، على مدى السنوات الأربع المقبلة. ورغم أن البعض يعتقد أن ولاية ترمب الأولى توضِّح تفضيلاته، فإنه من المرجح أن تكون هناك اختلافات مع ولايته الثانية؛ خصوصاً من خلال تشكيل فريق أمنه القومي وإدارة ملف سياساته الخارجية، الذي سيأخذ في اعتباره تغيُّر العالم عمَّا كان عليه عند بدء ولايته الأولى، بالإضافة إلى الجهات الفاعلة التي نما دورها مؤخراً.

صقور في السياسة الخارجية

في ولايته الأولى، انسحب ترمب من الاتفاق النووي مع إيران، وفرض عليها عقوبات اقتصادية صارمة، وأمر بتوجه ضربة جوية قضت على الجنرال قاسم سليماني العقل المدبر لعمليات «الحرس الثوري» في الخارج. وعكست تعيينات فريق أمنه القومي وسياساته الخارجية أن الخط تجاه إيران قد يكون أقسى، بالنظر إلى سجلات هذه الشخصيات؛ خصوصاً السيناتور ماركو روبيو، الذي قد يعينه ترمب وزيراً للخارجية؛ فقد بنى روبيو سمعته باعتباره أحد صقور السياسة الخارجية في الحزب الجمهوري، وعبَّر عن مواقف صارمة تجاه الصين وإيران وفنزويلا وكوبا، ما عكس نهجاً «هجومياً»، لا سيما فيما يتعلق بالشرق الأوسط. وفي مقابلة أُجريت معه في وقت سابق من العام الحالي، قال روبيو إن سياسته الخارجية تطوَّرَت؛ إذ «يبدو العالم مختلفاً عما كان عليه قبل 5 أو 10 أو 15 عاماً»، وأصبح أكثر انسجاماً مع رؤية ترمب.

محرّك عدم الاستقرار

خلال مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، قال المبعوث الأميركي السابق لشؤون إيران، برايان هوك، الذي شغل منصبه خلال إدارة ترمب الأولى، ويُعتقد أنه سيعود إليه مجدداً، إن الرئيس المنتخَب «ليست لديه مصلحة في تغيير النظام بإيران»، لكنه «مقتنع أيضاً بأن المحرك الرئيسي لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط هو النظام الإيراني».

ويقول الدكتور ماثيو ليفيت إنه لا يزال من غير الواضح كيف ستبدو سياسة إدارة ترمب الجديدة تجاه إيران. وأضاف، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أنه يبدو أن ترمب يعين أشخاصاً لديهم آراء صارمة بشأن إيران في مناصب رئيسية. ومع ذلك، قال ترمب إنه يريد إنهاء الحروب، وليس خوضها، وأكد أثناء حملته الانتخابية أنه سيتفاوض على صفقة مع إيران.

من ناحيته، يقول براين كاتوليس، إن التعيينات المختلفة لفريق الأمن القومي قد تشير إلى «صقور معيَّنين» في النهج المقبل من إدارة ترمب الجديدة، عندما يتعلق الأمر بإيران. ويضيف، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أنه من الصعب التأكد بدرجة عالية من اليقين، لأن ترمب هو صانع القرار النهائي، وقد يكون غير متوقَّع ومتقلباً في بعض الأحيان.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح السيناتور ماركو روبيو خلال مناسبة انتخابي في رالي بنورث كارولاينا (أ.ب)

هل تغيّر إيران سياساتها؟

ينقل عن مسؤولين إيرانيين قولهم بوجود «استراتيجيتين متنافستين» في دوائر السياسة الإيرانية؛ إحداهما تدعو إلى المضي قدماً في التحدي وتعزيز ميليشياتها بالوكالة في الشرق الأوسط، والأخرى تدعو إلى التفاوض مع ترمب. يرى كاتوليس أنه من المرجح أن «تستمر إيران في استخدام شبكتها الواسعة من الجماعات الإرهابية والميليشيات للحفاظ على الضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية». وأضاف أن إيران قد تتبنى نبرة مختلفة، وتشير إلى استعدادها للتعامل مع فريق ترمب في مواجهة الضغوط، لكن «من الصعب تصور أن النظام الحالي، الذي تحركه آيديولوجية ولاية الفقيه، سيغير استراتيجيته الأساسية التي حافظ عليها لعقود من الزمن».

مخاوف في طهران

في المقابل، يقول بهنام بن طالبلو: «علينا ألّا نخطئ؛ فالنظام مرعوب مما قد يعنيه استئناف سياسة الضغط الأقصى، حتى لو اقتصر الأمر على العقوبات الاقتصادية».

ويضيف طالبلو في حوار مع «الشرق الأوسط»: «في نهاية المطاف، هذا نظام كان يحاول قتل الرئيس المنتخَب عندما كان مرشحاً، ومن غير المرجح أن تتفاوض طهران بحسن نية مع إدارة ترمب».

بل من المحتمل أن «تحاول طهران تنفيذ سياسة الضغط الأقصى الخاصة بها، من خلال التهديد بصراع أوسع والتصعيد، كما فعل في مايو (أيار) 2019. في محاولة لإجبار إدارة ترمب على التخلي عن سياسة الضغوط أو استيعاب تصعيد إيران».

ويرجح طالبلو أن تكون إدارة ترمب مأهولة بآراء وأصوات مختلفة تمثل الحزب الجمهوري المتنوّع اليوم، ولكن كيف ستتقاطع هذه الأصوات بعضها مع بعض، في ظل تباين مواقف بعضها منفتح دولياً وبعضها انعزالي، فهذا ما ستكشفه الأيام.